العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الشراكة المجتمعية والانتماء الوطني

بقلم: عبدالهادي الخلاقي

الجمعة ٠٧ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

الخطة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتعزيز‭ ‬الانتماء‭ ‬الوطني‭ ‬وترسيخ‭ ‬قيم‭ ‬المواطنة‭ (‬بحريننا‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى،‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬بمبادرة‭ ‬وطنية‭ ‬متميزة‭ ‬من‭ ‬الفريق‭ ‬أول‭ ‬معالي‭ ‬الشيخ‭ ‬راشد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬عام‭ ‬2019م‭ ‬ضمن‭ ‬إطار‭ ‬الرؤية‭ ‬التنموية‭ ‬الشاملة‭  ‬والهادفة‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬احترام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وترسيخ‭ ‬روح‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬وقيم‭ ‬المواطنة‭ ‬الصالحة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الدولة‭ ‬المدنية‭ ‬الحديثة‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬العدل‭ ‬والمساواة‭ ‬وسيادة‭ ‬القانون‭.‬

هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬جاءت‭ ‬كوثيقة‭ ‬استرشادية‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬النهج‭ ‬الإصلاحي‭ ‬والفكر‭ ‬الإنساني‭ ‬والوطني‭ ‬الحكيم‭ ‬وإحدى‭ ‬مخرجات‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬لصاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المفدى،‭ ‬وبدعم‭ ‬من‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله،‭ ‬وترسيخ‭ ‬الهوية‭ ‬البحرينية‭ ‬الجامعة‭ ‬وحب‭ ‬الوطن‭ ‬والفخر‭ ‬بمنجزاته‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬مكتسباته‭ ‬وترسيخ‭ ‬قيم‭ ‬الولاء‭ ‬والانتماء‭ ‬والتسامح‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬وجد‭ ‬ليحتوي‭ ‬جميع‭ ‬أبنائه‭ ‬بمختلف‭ ‬انتماءاتهم‭ ‬العقدية‭ ‬والفكرية‭ ‬والعرقية‭ ‬في‭ ‬وطن‭ ‬يسوده‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والطمأنينة‭ ‬والتعددية‭ ‬وقبول‭ ‬الآخر‭ ‬والمسؤولية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

المميز‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬أنها‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬منذ‭ ‬إطلاقها‭ ‬ضمن‭ ‬خمسة‭ ‬مسارات؛‭ ‬الانتماء،‭ ‬العلاقات‭ ‬العامة،‭ ‬الإعلام،‭ ‬المناهج‭ ‬الدراسية‭ ‬والتشريعات‭ ‬القانونية،‭ ‬وشملت‭ ‬ثلاث‭ ‬مراحل؛‭ ‬اعتماد‭ ‬وتخطيط‭ ‬وتنفيذ‭ ‬المبادرات‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬خطط‭ ‬الاتصال‭ ‬الخاصة‭ ‬بها،‭ ‬فيما‭ ‬تضمنت‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬تنفيذ‭ ‬المبادرات‭ ‬الجارية‭ ‬والجديدة‭ ‬والمتابعة‭ ‬المستمرة‭ ‬وزيادة‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬الجمهور‭ ‬المستهدف،‭ ‬والمرحلة‭ ‬الثالثة‭ ‬مراجعة‭ ‬المبادرات‭ ‬واستعراض‭ ‬الأثر‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬مؤشرات‭ ‬الأداء‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬تحديدها،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬شملت‭ ‬المرحلة‭ ‬الأخيرة‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬لمبادرات‭ ‬الخطة‭ ‬الوطنية‭.‬

العمل‭ ‬بهذا‭ ‬المشروع‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬لينعكس‭ ‬أثره‭ ‬الإيجابي‭ ‬على‭ ‬المجتمع،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تحديات‭ ‬عديدة‭ ‬ومعوقات‭ ‬كثيرة‭ ‬تفرضها‭ ‬التغيرات‭ ‬الديمغرافية‭ ‬والانفتاح‭ ‬الفكري‭ ‬والمعرفي‭ ‬والانفلات‭ ‬الأخلاقي‭ ‬المكتسب‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الهابطة‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬في‭ ‬سلوك‭ ‬المجتمعات‭ ‬بصورة‭ ‬مباشرة‭ ‬وغير‭ ‬مباشرة‭.‬

عملية‭ ‬الوعي‭ ‬بأهمية‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬والالتزام‭ ‬بها‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬وإيمان‭ ‬المجتمع‭ ‬بضرورة‭ ‬التآزر‭ ‬مع‭ ‬بنية‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستقرار‭ ‬والنماء‭ ‬وهذا‭ ‬التوجه‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬قيم‭ ‬ومبادئ‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‮ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬مشروع‭ ‬وطني‭ ‬حقيقي‭ ‬للتنمية‭ ‬والنهوض‭ ‬بكل‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‭ ‬وتأكيد‭ ‬وجودها‭ ‬وتطورها،‭ ‬كما‭ ‬يؤكد‭ ‬أهمية‭ ‬الاعتراف‭ ‬بجميع‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الوطن‭ ‬والسعي‭ ‬للإدارة‭ ‬المثلى‭ ‬للتنوع‭ ‬البشري‭ ‬ومكوناته‭ ‬المجتمعية‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬الحرية‭ ‬والمساواة‭ ‬والمواطنة‭ ‬الكاملة‭ ‬الضامنة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭  ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬وتطوير‭ ‬السلوك‭ ‬والأداء‭ ‬المجتمعي‭ ‬وتحسين‭ ‬جودته‭ ‬باستمرار،‭ ‬كما‭ ‬يعزز‭ ‬الحصانة‭ ‬الذاتية‭ ‬ضد‭ ‬أية‭ ‬اختراقات‭ ‬أو‭ ‬توجهات‭ ‬تهدد‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬والسلم‭ ‬الأهلي‭ ‬واللحمة‭ ‬الوطنية‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬فكرة‭ ‬تشويه‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬إما‭ ‬بدوافع‭ ‬قوى‭ ‬داخلية‭ ‬أو‭ ‬بأجندات‭ ‬قوى‭ ‬خارجية‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تفكيك‭ ‬المجتمع‭ ‬وتقسيمه‭ ‬إما‭ ‬مذهبياً‭ ‬أو‭ ‬فئوياً‭ ‬أو‭ ‬أيديولوجياً‭.‬

الوطن‭ ‬بمفهومه‭ ‬الأساسي‭ ‬يقتضي‭ ‬تنازل‭ ‬الفرد‭ ‬لصالح‭ ‬الجماعة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يواجهها‭ ‬منفردا‭. ‬فلا‭ ‬تستوي‭ ‬الفئوية‭ ‬مهما‭ ‬تنوعت‭ ‬أشكالها،‭ ‬فالانتماء‭ ‬للوطن‭ ‬التزام‭ ‬أخلاقي‭ ‬لا‭ ‬يعترف‭ ‬بالتسويات‭ ‬والحلول‭ ‬الوسط‭ ‬لا‭ ‬لرمادية‭ ‬الانتماء‭ ‬ولا‭ ‬لضبابية‭ ‬الموقف‭ ‬فسفينة‭ ‬الوطن‭ ‬تحمل‭ ‬الجميع‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يحافظ‭ ‬عليها‭ ‬الجميع‭ ‬طالما‭ ‬وجد‭ ‬الوعي‭ ‬والإدراك،‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬يواجه‭ ‬تحديات‭ ‬ستؤثر‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬بوصلة‭ ‬التفكير‭ ‬لديه‭ ‬ربما‭ ‬تجذبه‭ ‬بعيداَ‭ ‬عن‭ ‬شاطئ‭ ‬الوطن‭ ‬الآمن،‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬تأتي‭ ‬أهمية‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬بأنها‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬العصر‭ ‬وهي‭ ‬مصدر‭ ‬وحدة‭ ‬المجتمع‭ ‬اذا‭ ‬ما‭ ‬أحسن‭ ‬توجيهها‭.‬

وحتى‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬التكامل‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬إدراك‭ ‬مفاهيم‭ ‬ومفردات‭ ‬الثقافة‭ ‬المدنية‭ ‬والتي‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الجماعي،‭ ‬المساواة،‭ ‬التسامح،‭ ‬احترام‭ ‬الآخر،‭ ‬تعددية‭ ‬الانتماء‭ ‬الفكري‭ ‬والسياسي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬إدارة‭ ‬الاختلافات‭ ‬بطرق‭ ‬سلمية‭ ‬رشيدة،‭ ‬نبذ‭ ‬العنف‭ ‬ثقافة‭ ‬وخطابا‭ ‬وممارسة،‭ ‬نبذ‭ ‬العصبوية‭ ‬بكل‭ ‬أشكالها،‭ ‬وأخيراً‭ ‬الوعي‭ ‬بحقوق‭ ‬المواطنة‭ ‬والمساواة‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع‭.‬

 

@Alkhalaqi‭_‬bh

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا