عالم يتغير
فوزية رشيد
7 أكتوبر وبعد عام.. من تفكيك المليشيات إلى تفكيك الشرق الأوسط!
{ على ضوء مناسبتين مهمتين أو مفصليتين في المنطقة العربية هما ذكرى أكتوبر 73، وقد مر عليها (51عاما) ومناسبة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، التي أنهت بالأمس عاما كاملا من ردة فعل الكيان الصهيوني عليها، متمثلة في حرب الإبادة التي رآها العالم بالبث المباشر! يتضح أن هذا الكيان الصهيوني لم تنجح دول المنطقة في التعامل معه بالحرب، مثلما هي غير قادرة على فرض السلام عليه، رغم الاتفاقيات منذ كامب ديفيد بين الكيان ودول عربية! ورغم مبادرة السلام العربية «التي تم طرحها 2002! لحل القضية الفلسطينية! لأن الجميع يعرف أن لا سلام ولا استقرار في هذه المنطقة من دون حل عادل لقضية شعب اغتصبت أرضه، ولا يراد من المجتمع الاستعماري الغربي حتى إعادة بعض حقوقه إليه منذ 1948!
{ خلال 76 عاما وبعد اتفاقيات (كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة) واتفاقيات أخرى مع دول عربية، توجه العرب تحت اختلال موازين القوى على المستوى العالمي، ووقوف الغرب الاستعماري حامياً لظهر الكيان الصهيوني، إلى معادلة السلام، التي وبعد مرور أكثر من سبعة عقود لا يريد الكيان الصهيوني الاعتراف بها لحل القضية الفلسطينية في ظل السلام مقابل الأرض، لأنه يريد الاستمرار وفق معادلته الخاصة وهي السلام المجاني مع كل العرب، وفي الوقت ذاته التوسع في الجغرافيا العربية!
{ في عام 1979 حدث أمر مفصلي آخر غيَّر بدوره من وجه المنطقة، وهو قيام الثورة الإيرانية التي انتهت بصعود «النظام الثيوقراطي» «أو حكم الملالي» منذ مجيء «الخميني»، مستنداً على رؤية خطيرة حول تصدير الثورة إلى دول المنطقة العربية! وسرعان ما أنشأ المليشيات لذلك وكان أولها «حزب إيران اللبناني» ليتناسل (التأسيس المليشياوي) إلى دول أخرى منها العراق واليمن ودول خليجية، والأساس فيها هو مشروع الحلم الفارسي في استعادة إمبراطوريته الغابرة! إلى هنا والجميع يعرف ذلك، ويعرف أيضاً أن المنطقة واجهت مشروعين يراهما البعض متنافسين. ويراهما البعض الآخر «متخادمين» في ظل الصهيونية العالمية! فيما مشاريع الغرب الاستعمارية تواصلت عبر العقود، وأنتجت الكثير من الحروب والتدخلات وإقامة القواعد العسكرية، وصولاً إلى احتلال العراق، ثم حيثيات ما سُمي بالربيع العربي! لتدخل المنطقة العربية في حالة ضعف متواصل في ظل غياب مشروع عربي إستراتيجي، لمواجهة المخططات الاستعمارية، وأطماع المشروعين الصهيوني والإيراني! والأخير أي «الإيراني» بعد تسليم العراق له من جانب المحتل الأمريكي عمل على تفكيك دول عربية بالطائفية وبالمليشيات، ما جعل الأرض ممتدة ليعاود الكيان الصهيوني حلمه التوسعي خلال الفترة الأخيرة والراهنة، وبدعم أمريكي بريطاني!
{ اعتقد البعض ولا يزال يعتقد أن هدف الكيان الصهيوني هو تفكيك المليشيات، خاصة بعد 7 أكتوبر، وحيث كان الشعار هو القضاء على حماس وتفكيكها، وصولاً منذ أسابيع إلى الحرب على لبنان وتفكيك «حزب إيران اللبناني» ورفع سقف التفكيك إلى مليشيات العراق واليمن، ولكن يبدو أن هذا الاعتقاد تنافسه رؤيةٌ صهيونية جديدة منذ حلم «بيريز» في شرق أوسط جديد، ثم مشروع أمريكا الذي طرحته «كوندليزا رايس» حول «الشرق الأوسط الكبير»، لتعود ذات النغمة القديمة الجديدة على لسان «نتنياهو» اليوم في تغيير وجه الشرق الأوسط! وهو التغيير الذي يتضح في الخريطة التي يحملها مرتين إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وسبق أن علقنا عليها!
{ الآن القصة تجاوزت كما يبدو من التصريحات الصهيونية في الكيان وفي أمريكا، مسألة القضية الفلسطينية ومسألة المليشيات التي يستمر الكيان الصهيوني في حرب إبادته على غزة والضفة ونقلها إلى لبنان، بأن الهدف الصهيوني هو (تفكيك دول المنطقة العربية) حسب خارطة التوسع الصهيوني!، وليس فقط تفكيك المليشيات والقضاء على أية مقاومة شعبية أخرى في البلاد العربية، إن أنجز هذا الكيان مهمة القضاء على أذرع إيران كما يقول!
{ في الأيام الأخيرة تصاعدت النبرة الأمريكية أيضاً حول ضرورة التوسع الإسرائيلي في دول المنطقة كحصيلة أبعد! «ترامب» صرح علانية بذلك، ويراهن الكيان على فوزه لتنفيذ مخطط التوسع! وهناك متنفذون أمريكيون يصرحون بذات المعنى، (توسع الكيان الصهيوني وإنه ضرورة اساسية) بالنسبة إلى الولايات المتحدة! مما يضع المشهد العربي في ظل التوافق الأمريكي (جمهوريون وديموقراطيون) ليس فقط على الحروب التي تشنها «إسرائيل» اليوم، وهي حروب إبادة بحجة القضاء على المليشيات!، بل يتفقون على «التوسع الجغرافي» الكيان الذي لن يقتصر على فلسطين كلها ولبنان، بل سوريا والعراق والأردن، ليجر «الحبل الجغرافي» امتداده إلى دول عربية أخرى، حسب الخرافة والأساطير الصهيونية!
{ وبعد «ترامب» قال المرشح الرئاسي «تيم والز» حاكم «مينيسوتا» ونائب المرشحة الرئاسية «كاميلا هاريس» قال مؤكدا: (ان توسع دولة الاحتلال أمر ضروري للولايات المتحدة) فيما «نتنياهو» ومنذ مدة طويلة يعزف على ذات اللحن التوسعي بحجة وراء حجة وكأنه يمهد للاستعمار الصهيوني لعديد من دول المنطقة وللحديث بقية!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك