تعطل المكيف في منزلي، مما اضطرني الوضع إلى التفكير في شراء مكيف جديد، لأني – كما الكثيرون – حاولت إصلاحه عدة مرات إلا أنه لم يستجب لمفك ورش العمل ولا حتى للرجاءات المتعددة التي بثثتها في الهواء.
رحت أجوب السوق، من محل إلى آخر، أرشدني أحد الأخوة إلى الشركة (ودعوني أتحفظ على اسم الشركة مؤقتًا)، علمًا أني قد تعاملت مع هذه الشركة من قبل، فذهبت وأنا كلي رجاء أن أجد المكيف المناسب والخدمة المناسبة، ومن الأكيد السعر المناسب.
دخلت الشركة، سألت عن المكيفات، فأرشدني شاب بحريني وشرح لي مواصفات وجميل مزايا هذا المكيف الذي لديهم، وبدأت عمليات التسويق الجميلة المزينة بالألوان الزاهية، وقبل أن أتخذ القرار، قال الشاب: من الأفضل أن نرسل لك أحد العاملين من قسم المكيفات حتى يعاين المكان الذي تريد وضع المكيف فيه وبقية الأمور اللوجستية حتى نتأكد أن المكان مناسب، والطاقة مناسبة، وكل الأمور مضبوطة.
وبالفعل بعد عدة أيام، اتصل بي أحدهم من طرف الشركة، وطلب مني موقع المنزل، فأرسلته له، وما هي إلا سويعات وكان عند باب المنزل، أدخلته المنزل وأرشدته إلى المكان الذي أريد أن أضع فيه المكيف.
جال ببصره في الصالة، وضرب الجدار بيده عدة مرات، ثم نظر هنا وهناك، وذهبنا إلى الموضع الذي من المقترح أن نضع فيه آلة التشغيل (الكمبرسر)، وبعد حوالي نصف ساعة من الاختبارات التي لم أعرف منها ما يفعل، قال لي: تمام، المكيف يمكن أن يركب بكل سهولة ويسر، ثم غادر.
وبعد حوالي ربع ساعة، جاءتني رسالة عبر الواتساب بسعر المكيف والإجراءات التي ينبغي إكمالها، وما إلى ذلك، طبعًا تم الموافقة. وبعد عدة أيام ذهبت إلى الشركة لإتمام الإجراءات ودفعت المبلغ المطلوب وما إلى ذلك، وكل ذلك بحسب الأصول المتبعة.
بعدها بحوالي ساعة جاءني اتصال من أحد العاملين في الشركة، حيث أشار أنه يمكنهم تركيب المكيف في نفس هذا اليوم لأنه لا عمل لديهم بعد الظهر، ومن المؤكد أن أوافق فهذا أمر سريع جدًا، وفي الوقت المحدد جاء (3) عمال من القارة الهندية أو من الذي يشابهونهم، فلم أسأل عن جنسيتهم.
طلب مني مسؤولهم أن يعاين المكان، حتى يعرف كيف يعمل، فلم أجادل، فأنا أريد أن يكون العمل ذا جودة حتى لا أتعب بعد ذلك، دخل المنزل، وبدأت عملية المعاينة، وبعد حوالي ربع ساعة قال بلكنته الهندية: إنه لا يمكن تركيب المكيف في هذا المكان. سألته: لماذا؟ قال وبكل وقاحة وصلافة: هذا المكان لا يصلح، خلاص. وبدأ يشرح عن نوعية الجدار وطرق توصيل الأنابيب وما إلى ذلك من أمور فنية لا أعرف منها شيئا، ولكني قلت: ولكن مندوب الشركة الذي جاء منذ يومين قال إنه يمكن التركيب والتثبيت. فصرخ في وجهي وقال: أنا أقول لا يمكن يعني لا يمكن. ثم سأل: ما اسم الشخص الذي جاءك؟ قلت: لا أعرف، فليس من مسؤوليتي أن أعرف أسماء الأشخاص، يكفيني أنه من الشركة.
صرخ، وصرخ عدة مرات. في تلك اللحظة حاولت أن أتصل بالشخص الذي أرسل لي رسالة يطلب مني استكمال الإجراءات عدة مرات، إلا أنه لم يجب، حاولت أن أتصل بالشخص الذي جاء لمعاينة المكان، وكذلك لم يجب، ثم سألت نفسي: ماذا يمكنني أن أفعل؟ لا شيء.
قلت للشخص الذي جاء لتركيب المكيف: خلاص، إن كنت لا تريد تركيب المكيف، اتصل بالشخص المسؤول في شركتكم وقل له ذلك، مع ذكر الأسباب حتى أذهب في الغد وأستعيد المبلغ الذي دفعته للمكيف. أعتقد أن هذه الكلام استفزه بشدة لأنه أصبح بعدها لا يطاق من شدة الصراخ والوقاحة، ولكني أتذكر أنه قال: هذا ليس من مسؤوليتي، اذهب أنت بنفسك.
عند هذا الحد، أغلقت الباب ودخلت المنزل، اعتقادًا مني أن كل شيء يجب أن يتوقف عند هذا الحد، فلا أرغب في الصراخ في الشارع، وأمام الناس. ولكن بعد حوالي دقائق اتصل بي الشخص الذي حاولت أن أكلمه وهو الذي أرسل لي سابقًا عبر الواتساب تعليمات الدفع واستكمال الإجراءات، وهو يستفسر عن السبب في الاتصال، فشرحت له كل الذي جرى، فطلب مني أن أحول الهاتف إلى العامل الذي جاء يركب المكيف، وبالفعل جرى حديث لا أعرف فحواه، ولكن يبدو أنه أمره أن يركب المكيف. وعلى الرغم من ذلك أعاد لي الهاتف، وابتعد مع رفاقه، ودخلت المنزل مرة أخرى، وأغلقت الباب.
بعد حوالي ربع ساعة اتصل بي وقال إنه سيحاول أن يركب المكيف.
وبالفعل بدأ العمل، ولا أريد أن أصف طريقة عمله وأسلوبه في الكلام، وكأني به أن المكيف الذي سيقوم بتركيبه مسروق أو هدية أو حتى صدقة، ولكن دعوني أذكر أمرين فقط:
الأمر الأول: عندما قام بالتوصيلات الكهربائية، ترك السلك من غير تثبيت، فقلت له: هل ستترك السلك هكذا؟ فقال بلكنته الهندية: أنا لست كهربائيًا، ولا أعرف في الكهرباء، يمكنك إحضار كهربائي يركب لك السلك بالطريقة التي تريد. طبعًا هذا الكلام بصراخ واستحقار وكأني أطلب منه معروفا.
ومن الظريف أنه عندما قام بمد السلك الكهربائي، لم يطفئ الكهرباء من المصدر الأساسي، لذلك حدث ماس كهربائي وانطفأت الكهرباء عن المنزل تمامًا، وهي يقول لي: لماذا لم تقل لي أن الكهرباء موصلة، علمًا أننا كنا نعمل في غرفة مضاءة والتلفزيون يعمل، عجبي.
الأمر الثاني: عندما قام بمد خرطوم الماء، حتى يتسرب ماء المكيف للخارج، ذهبت لمعاينة خرطوم الماء، فكان الخرطوم غير مثبت في الجدار، وإنما تركه هكذا في الجو، علمًا أن المكيف في الدور الأول من المنزل، وهذا يعني أن الماء يتساقط من الدور الأول إلى الأرض من غير أي تحكم أو حتى مراعاة للشارع أو المارة، إذ يمكن أن يتساقط الماء على السيارات أو المارة أو أي شيء يسير تحت منزلي، عجبي.
فطلبت منه أن يضع قطعة خرطوم أخرى فهذا المنظر ليس حضاريًا ولا حتى مراعيًا للنواحي البيئية والصحية، ثم يثبته في الجدار، أو بطريقة يمكن توصيله ببعض الأنابيب الموجودة سابقًا التي تتسرب منها مياه المكيفات إلى شبكة المجاري مباشرة.
وهنا حدث الكارثة، انفجر هذا الشخص وكأني طلبت منه المستحيل، وبدأ يصرخ ويقول لي: أنت لا تفهم، وأنا لست سباكًا، اذهب وأحضر سباكا حتى ينهي لك كل ما تريد، وأنا لا أعمل عندك حتى تأمرني بكل هذا، وكلام كثير وقح لا أحب ذكره. ومرة أخرى حاولت أن أتصل بالشخص الذي اتصل بي، وفي هذه المرة استجاب بسرعة، فشرحت له كل الأمور، فقال لي: صور الأخطاء، ثم سجل لي بصوتك شكوتك وأنا أوصلها إلى المسؤولين. وبالفعل فعلت ما أراد، وحتى كتابة هذا المقال لم يحدث شيء، ولا توجد استجابة من الشركة.
عمومًا، قال الشخص الذي جاء لتركيب المكيف إنه يريد مبلغا قدره (...) من أجل التركيب وزيادة في كمية الأنابيب وما إلى ذلك، فرفضت في البداية، ولكن خوفًا من الله، أرسلت له المبلغ عبر البنفت.
عمومًا، عملية بسيطة كان من المفترض أن تنتهي ببساطة، إلا أنها لم تجر كما كان المرغوب، لذلك وفي اليوم الثاني اتصلت بالسباك والكهربائي لتعديل الأخطاء التي كان من المفروض ألا تحدث، إلا أنها حدثت، ومن الطبيعي فإن الكهرباء والسباك أخذوا نصيبهم المالي أيضًا فلا أحد يعمل مجانًا.
هذا الموضوع، وهذا الأحداث أثارت في نفسي الكثير من التساؤل، وخاصة تلك المتعلقة بإدارة الجودة الشاملة، وخدمة العملاء، ومنظومة الكايزن للتحسين المستمر وما إلى ذلك من أمور كثير متعلقة بالإدارة والتسويق وخدمة ما بعد البيع ما إلى ذلك من أمور، ودعونا نتوجه للسادة أصحاب الشركة ومثلهم الكثير، ونسأل:
{ أليس من الأجدى أن تقوم الشركات بإنشاء قسم يعرف بإدارة الجودة الشاملة، للتدقيق على ما يفعله عمالها الذين ليس لديهم من أخلاقيات المهنة ولا حتى الأخلاقيات العامة؟
{ أليس من المفروض أن تقوم المؤسسات بإجراء اختبارات مهنية للعاملين لديها في المجالات المهنية، وعندما ينجح العامل يمكن إرساله بعد ذلك إلى منازل العملاء لإنجاز المهمة المطلوبة، والتي قام بدفع مبلغ من المال من أجلها؟
{ أيها السادة، أيتها المؤسسات، هل تفهمون أن العميل هو من يدفع رواتبكم وأعمالكم ويفتح مشاريعكم وذلك نظير شراء مكيف أو أي جهاز كهربائي، أو أي سلعة؟
{ هل تؤمنون أن العميل هو من ينبغي أن تعملون لأجله، فهو محور عملكم؟
{ هل تعرفون أو هل اطلعتم على منظومة التحسين المستمر (الكايزن)، وهذا يعني إن قام أي عامل أو فرد في الشركة بخطأ ما فإنه من المفروض أن يتم تعديل هذا الخطأ في أقرب وقت ممكن، من أجل ألا تتراكم الأخطاء ومن أجل رضا وسعادة العميل؟
هل تفهمون ماذا يعني التحسين المستمر، إدارة الجودة الشاملة، خدمة العملاء والتمحور حول العميل، لا أعتقد ذلك، ربما أنا شخص واحد وهذا صوتي فقط، فماذا يحدث لو فتحنا الباب للعملاء للتحدث ترى ماذا يمكن أن يقولوا؟ هل تتوقعون الثناء، ربما، ولكن صوت عميل غاضب أو غير راض سوف يفسد عليكم الكثير.
Zkhunji@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك