العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

«قمة المستقبل» وتحدي مواجهة الهيمنة الأمريكية

بقلم: جميل مطر {

السبت ٢١ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

عاشت‭ ‬البشرية‭ ‬حوالي‭ ‬قرن،‭ ‬أو‭ ‬أقل‭ ‬قليلا،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مرحلة‭ ‬نشأنا‭ ‬على‭ ‬تسميتها‭ ‬بمرحلة‭ ‬‮«‬السلم‭ ‬الأمريكي‮»‬‭. ‬الزعم‭ ‬سائد‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬التسمية‭ ‬مدينة‭ ‬بابتكارها‭ ‬لصاحب‭ ‬إحدى‭ ‬أشهر‭ ‬مجلات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬وهي‭ ‬مجلة‭ ‬لايف‭ ‬الأمريكية‭. ‬الحقيقة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬قرأ‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‭ ‬وقتذاك‭ ‬واحتمالات‭ ‬تطورها‭ ‬ما‭ ‬ينبئ‭ ‬بقرب‭ ‬نهاية‭ ‬مرحلة‭ ‬بالغة‭ ‬الأهمية‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‭ ‬سميت‭ ‬وبحق‭ ‬مرحلة‭ ‬السلم‭ ‬البريطاني‭. ‬وهذه‭ ‬بدورها‭ ‬مستقاة‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬أسبق‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬القديم‭ ‬وهي‭ ‬مرحلة‭ ‬السلم‭ ‬الروماني‭ ‬نسبة‭ ‬إلى‭ ‬قرون‭ ‬عاش‭ ‬العالم‭ ‬المعروف‭ ‬وقتها‭ ‬تحت‭ ‬هيمنة‭ ‬قوانين‭ ‬وسلطات‭ ‬إمبراطورية‭ ‬روما‭. ‬

يشهد‭ ‬التاريخ‭ ‬بأن‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التجارب‭ ‬في‭ ‬الهيمنة‭ ‬مرت‭ ‬بفترات‭ ‬صعود‭ ‬وفترات‭ ‬انحدار‭ ‬وفترات‭ ‬خضوع‭ ‬واستسلام‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الشعوب‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الهيمنة‭ ‬وفترات‭ ‬نضال‭ ‬واستئساد‭. ‬يشهد‭ ‬أيضا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬التجارب‭ ‬وعندما‭ ‬لاح‭ ‬على‭ ‬شؤون‭ ‬إمبراطورية‭ ‬الهيمنة‭ ‬دخولها‭ ‬منحنى‭ ‬التراخي‭ ‬والانحدار‭ ‬أقدم‭ ‬القائمون‭ ‬عليها‭ ‬وبتردد‭ ‬شديد‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬وابتكار‭ ‬سياسات‭ ‬توقف‭ ‬بها‭ ‬الانحدار‭ ‬أو‭ ‬تدخل‭ ‬بها‭ ‬إصلاحات‭ ‬جوهرية‭ ‬وأحيانا‭ ‬أو‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬شكلية‭ ‬ومتأخرة‭.‬

اليوم‭ ‬وغدا‭ ‬يجتمع‭ ‬زعماء‭ ‬العالم‭ ‬لمناقشة‭ ‬ما‭ ‬أطلق‭ ‬عليه‭ ‬الخبراء‭ ‬‮«‬أجندة‭ ‬للمستقبل‮»‬‭. ‬قمة‭ ‬لعلها‭ ‬الأهم‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬طويل‭. ‬أخيرا‭ ‬انتبه‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حاضره‭ ‬سيئ،‭ ‬بل‭ ‬بالغ‭ ‬السوء‭. ‬هناك‭ ‬خشية‭ ‬حقيقية‭ ‬وهائلة‭ ‬منتشرة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أرجاء‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬المستقبل‭ ‬مثل‭ ‬الحاضر‭ ‬أو‭ ‬أسوأ‭ ‬لو‭ ‬ترك‭ ‬يتطور‭ ‬بدون‭ ‬تدخل‭ ‬حاسم‭ ‬من‭ ‬الجماعة‭ ‬الدولية‭.‬

‭ ‬وبالفعل‭ ‬تحرك‭ ‬الزعماء‭ ‬واجتمعوا‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬عواصم‭. ‬عقدت‭ ‬مؤتمرات‭ ‬عدة‭ ‬إقليمية‭ ‬واستضافت‭ ‬العواصم‭ ‬الكبرى‭ ‬مؤتمرات‭ ‬جرى‭ ‬تنظيمها‭ ‬وعقدها‭ ‬على‭ ‬عجل‭ ‬وانعقدت‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬دورة‭ ‬عادية‭ ‬لمجلس‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬دُعي‭ ‬لحضورها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬شخصية‭ ‬دولية‭ ‬مؤثرة‭. ‬كان‭ ‬واضحا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المؤتمرات‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬بأسره،‭ ‬بأغنيائه‭ ‬وفقرائه،‭ ‬ينشد‭ ‬التغيير‭ ‬إلى‭ ‬الأحسن‭. ‬كان‭ ‬واضحا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬أن‭ ‬الطرف‭ ‬المهيمن‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬حريص‭ ‬على‭ ‬ألا‭ ‬تجرفه‭ ‬وحلفاءه‭ ‬أمواج‭ ‬التغيير‭ ‬ونيته‭ ‬خالصة‭ ‬نحو‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القمة‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬قواعد‭ ‬الوضع‭ ‬القائم‭ ‬والتصدي‭ ‬لمحاولات‭ ‬تغييرها‭.‬

لا‭ ‬تنعقد‭ ‬القمة‭ ‬بهدف‭ ‬محاكمة‭ ‬طرف‭ ‬أو‭ ‬آخر‭ ‬عن‭ ‬مسؤوليته‭ ‬في‭ ‬التدهور‭ ‬الحاصل‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬وأمن‭ ‬ورخاء‭ ‬العالم‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الأجواء‭ ‬التي‭ ‬سادت‭ ‬قبيل‭ ‬انعقاد‭ ‬القمة‭ ‬وخاصة‭ ‬ما‭ ‬اتضح‭ ‬في‭ ‬سجالات‭ ‬القمم‭ ‬الإفريقية‭ ‬ومقالات‭ ‬الرأي‭ ‬في‭ ‬صحف‭ ‬أوروبا‭ ‬وفي‭ ‬دوائر‭ ‬التفكير‭ ‬الساكت‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬أن‭ ‬القطب‭ ‬المهيمن،‭ ‬وهو‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬صار‭ ‬محل‭ ‬اشتباه‭ ‬في‭ ‬مسؤوليته‭ ‬المباشرة‭ ‬عن‭ ‬أوضاع‭ ‬وقضايا‭ ‬تسببت‭ ‬فيما‭ ‬آل‭ ‬إليه‭ ‬حال‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬ما‭ ‬يلي‭:‬

أولا‭: ‬يحسب‭ ‬على‭ ‬القطب‭ ‬المهيمن‭ ‬أنه‭ ‬فرض‭ ‬العولمة‭ ‬نظاما‭ ‬يتضمن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المغريات‭ ‬ويجدد‭ ‬آمال‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬أفضل‭ ‬ثم‭ ‬عاد،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬حقق‭ ‬لأمريكا‭ ‬مصالح‭ ‬وامتيازات‭ ‬كبيرة،‭ ‬فانقلب‭ ‬عليه‭ ‬أيضا‭ ‬ليحقق‭ ‬لنفسه‭ ‬مكاسب‭ ‬أكثر‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬شعوب‭ ‬أخرى‭.‬

ثانيا‭: ‬أقدم‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬مغامرة‭ ‬كبرى‭ ‬حين‭ ‬قرر‭ ‬منفردا‭ ‬إنهاء‭ ‬حال‭ ‬الاستقرار‭ ‬الوليد‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‭ ‬بتدخله‭ ‬العسكري‭ ‬واحتلاله‭ ‬أراضي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬لأسباب‭ ‬غير‭ ‬مبررة‭. ‬لعله‭ ‬بررها‭ ‬سرا‭ ‬لبعض‭ ‬حلفائه‭ ‬الأوروبيين‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬إنما‭ ‬كان‭ ‬لضمان‭ ‬أمن‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬لإسرائيل‭.‬

ثالثا‭: ‬القطب‭ ‬الأمريكي‭ ‬المهيمن‭ ‬متهم‭ ‬بأنه‭ ‬عمل‭ ‬أو‭ ‬تسبب‭ ‬أثناء‭ ‬احتلاله‭ ‬أراضي‭ ‬عربية‭ ‬غنية‭ ‬استراتيجيا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬على‭ ‬تدشين‭ ‬منظمات‭ ‬إرهابية‭ ‬وتعزيز‭ ‬وجود‭ ‬القائم‭ ‬منها‭ ‬باستمراره‭ ‬احتلال‭ ‬أراضٍ‭ ‬عربية‭. ‬كل‭ ‬عربي‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬المسؤولية‭ ‬أو‭ ‬خارجها‭ ‬يعلم،‭ ‬ويهمس‭ ‬بما‭ ‬يعلم‭ ‬لمن‭ ‬يأتمنه،‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬مكلفة‭ ‬بألا‭ ‬تمس‭ ‬أمن‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالضرر‭ ‬ولا‭ ‬تضر‭ ‬بمصلحة‭ ‬أمريكية‭.‬

رابعا‭: ‬غريب‭ ‬حال‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والدبلوماسيين‭ ‬العرب‭. ‬أعرف‭ ‬العديد‭ ‬منهم‭ ‬وأحتفظ‭ ‬بصداقات‭ ‬مديدة‭ ‬مع‭ ‬بعضهم،‭ ‬هؤلاء‭ ‬لا‭ ‬يخفون‭ ‬في‭ ‬وجودي‭ ‬أنهم‭ ‬وقياداتهم‭ ‬يحملون‭ ‬واشنطن‭ ‬المسؤولية‭ ‬المباشرة‭ ‬عن‭ ‬استمرار‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬شعب‭ ‬فلسطين‭. ‬مازلت‭ ‬عند‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬القديمة‭ ‬ولكن‭ ‬غير‭ ‬البالية‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬إنما‭ ‬تفتقد‭ ‬الكثير‭ ‬والعظيم‭ ‬من‭ ‬ابتكارات‭ ‬دبلوماسييها‭ ‬بتطبيقها‭ ‬قواعد‭ ‬وأساليب‭ ‬لا‭ ‬تشجعهم‭ ‬على‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬مواهبهم‭ ‬ووطنيتهم‭ ‬الخلاقة‭ ‬عند‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مخالفات‭ ‬صهيونية‭ ‬أو‭ ‬أمريكية‭.‬

خامسا‭: ‬جيل‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬السياسيين‭ ‬والدبلوماسيين‭ ‬أصبح‭ ‬ينظر‭ ‬الى‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬دولة‭ ‬عظمى‭ ‬مهيمنة‭ ‬لا‭ ‬تتورع‭ ‬عن‭ ‬استخدام‭ ‬السلاح‭ ‬النووي،‭ ‬فقد‭ ‬استخدمته‭ ‬ولا‭ ‬عن‭ ‬التوصية‭ ‬باللجوء‭ ‬إلى‭ ‬حروب‭ ‬الإبادة‭ ‬إذا‭ ‬استدعى‭ ‬أمر‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬يسكنها‭ ‬شعب‭ ‬وبالفعل‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬لجأت‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬الوسيلة‭.‬

سادسا‭: ‬أمريكا‭ ‬الوريث‭ ‬الشرعي‭ ‬والفعلي‭ ‬لبريطانيا‭ ‬العظمى‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬للشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وربما‭ ‬للعالم‭ ‬بأسره‭. ‬يجب‭ ‬الاعتراف‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬حال،‭ ‬بواقع‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الثلاثي‭ ‬المهدد‭ ‬الأساسي‭ ‬لتحقيق‭ ‬حلم‭ ‬التكامل‭ ‬الأمني‭ ‬والاقتصادي‭ ‬العربي‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬مهدد‭ ‬في‭ ‬استمراره‭. ‬القطب‭ ‬المهيمن‭ ‬في‭ ‬انحدار‭ ‬متواصل‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬نسبة‭ ‬الإمكانات‭ ‬الكلية‭ ‬إلى‭ ‬إمكانات‭ ‬أقرب‭ ‬منافس‭ ‬ومن‭ ‬حيث‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الانفراد‭ ‬بحل‭ ‬أو‭ ‬تسوية‭ ‬نزاع‭ ‬دولي‭ ‬متفاقم‭. ‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخري‭ ‬كشفت‭ ‬التطورات‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬عن‭ ‬تعاظم‭ ‬نواحي‭ ‬القصور‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الحزبي‭ ‬للمملكة‭ ‬ونواحي‭ ‬الاقتصاد‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬وتراجع‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الهيبة‭ ‬والمكانة‭. ‬الطرف‭ ‬الثالث،‭ ‬وأقصد‭ ‬إسرائيل،‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬أقحم‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬أزمة‭ ‬متعددة‭ ‬الأوجه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مستعدا‭ ‬لها‭ ‬رغم‭ ‬اطمئنانه‭ ‬إلى‭ ‬صمود‭ ‬حليفيه‭.‬

يحسب‭ ‬لمرحلة‭ ‬القطبية‭ ‬الأحادية،‭ ‬وإن‭ ‬استعارت‭ ‬صفات‭ ‬وأساليب‭ ‬الهيمنة،‭ ‬أنها‭:‬

أولا‭: ‬حافظ‭ ‬القطب‭ ‬المهيمن‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬سبعين‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬السلم‭ ‬العالمي‭ ‬بعدم‭ ‬قيام‭ ‬حرب‭ ‬عالمية‭ ‬ثالثة،‭ ‬لعل‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬ليتحقق‭ ‬لو‭ ‬غاب‭ ‬الدور‭ ‬الأمريكي‭ ‬وفشل‭ ‬الآخرون‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬تعددية‭ ‬قطبية‭ ‬مناسبة‭ ‬وقادرة‭. ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬انعقاد‭ ‬قمة‭ ‬المستقبل‭ ‬فرصة‭ ‬أمام‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬المختلفة‭ ‬لدراسة‭ ‬بدائل‭ ‬مناسبة‭ ‬للهيمنة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والتصدي‭ ‬لجهود‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬لتعزيز‭ ‬الهيمنة‭ ‬وإحباط‭ ‬جهود‭ ‬إقامة‭ ‬البديل‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬نظام‭ ‬دولي‭ ‬ثنائي‭ ‬القطبية‭ ‬أو‭ ‬بأقطاب‭ ‬متعددة‭.‬

ثانيا‭: ‬لا‭ ‬أستبعد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الانحدار‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وعلاماته‭ ‬تزداد‭ ‬مع‭ ‬الأيام،‭ ‬وراء‭ ‬ظاهرة‭ ‬تردي‭ ‬مستوى‭ ‬كفاءة‭ ‬النخب‭ ‬الحاكمة‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬ظاهرة‭ ‬صعود‭ ‬بعض‭ ‬قوى‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬مهددا‭ ‬شرعية‭ ‬هذه‭ ‬النخب‭ ‬الحاكمة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تزايد‭ ‬اختلافات‭ ‬الرأي‭ ‬حول‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬والموقف‭ ‬من‭ ‬وحشية‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وسلاسل‭ ‬الاغتيالات‭.‬

ثالثا‭: ‬تأكد‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالا‭ ‬للشك‭ ‬أن‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬غير‭ ‬المشروط‭ ‬لإسرائيل‭ ‬والهيمنة‭ ‬الصهيونية‭ ‬على‭ ‬أعمال‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وعلى‭ ‬أداء‭ ‬أجهزة‭ ‬الإعلام‭ ‬ونفوذها‭ ‬المتزايد‭ ‬في‭ ‬دوائر‭ ‬وادي‭ ‬السيليكون‭ ‬وشركات‭ ‬صنع‭ ‬السلاح‭ ‬ووزارة‭ ‬الخارجية،‭ ‬كلها‭ ‬وغيرها‭ ‬كثير‭ ‬صار‭ ‬وربما‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬موضوع‭ ‬رأي‭ ‬عام‭ ‬علي‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬تريد‭ ‬منظمات‭ ‬الضغط‭ ‬الصهيوني‭ ‬وبعض‭ ‬دوائر‭ ‬الحكم‭ ‬باعتبار‭ ‬أنه‭ ‬يقيد‭ ‬حرية‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬ويقلل‭ ‬من‭ ‬هيبة‭ ‬أمريكا‭ ‬الدولية‭.‬

لم‭ ‬يخرج‭ ‬عن‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ما‭ ‬يفيد‭ ‬أن‭ ‬مجلس‭ ‬الجامعة‭ ‬ناقش‭ ‬باستفاضة‭ ‬أو‭ ‬اهتمام‭ ‬يذكر‭ ‬القضايا‭ ‬المطروحة‭ ‬في‭ ‬أجندة‭ ‬المستقبل‭ ‬على‭ ‬قادة‭ ‬العالم‭ ‬أو‭ ‬اتخذ‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬وفودنا‭ ‬العربية‭ ‬سوف‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬صوت‭ ‬أو‭ ‬أصوات‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬جميعها‭ ‬نحن‭ ‬منشغلون‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الأصعدة‭ ‬منها‭ ‬قضية‭ ‬مستقبل‭ ‬الشباب‭ ‬العربي،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬مستقبل‭ ‬أدوارنا‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬والنظام‭ ‬الإقليمي‭ ‬العربي‭ ‬أو‭ ‬محاولات‭ ‬الالحاح‭ ‬على‭ ‬اخراج‭ ‬نظام‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الجديد‭ ‬إلى‭ ‬النور‭.‬

{‭ ‬كاتب‭ ‬ومحلل‭ ‬سياسي‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا