العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ملك الإنسانية وبلد التعايش والسلام

بقلم: عبدالهادي الخلاقي

الجمعة ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

المتأمل‭ ‬لنهج‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬يرى‭ ‬فيه‭ ‬تغليب‭ ‬الجانب‭ ‬الإنساني‭ ‬والأبوي‭ ‬والتسامح‭ ‬والإحسان‭ ‬والعدالة‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬إدارة‭ ‬الدولة‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يخل‭ ‬بهيبة‭ ‬الدولة‭ ‬وتطبيق‭ ‬القانون،‭ ‬وهذه‭ ‬الصفات‭ ‬الحميدة‭ ‬من‭ ‬شيم‭ ‬الكرام‭ ‬ومن‭ ‬سجايا‭ ‬النفوس‭ ‬العظام‭ ‬وهذه‭ ‬من‭ ‬أجلِّ‭ ‬الصفات‭ ‬وما‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬قائد‭ ‬إلا‭ ‬زادته‭ ‬عزاً‭ ‬ورفعة‭ ‬ومكانة‭ ‬بين‭ ‬شعبه‭ ‬وخارج‭ ‬حدود‭ ‬وطنه‭ ‬وإنّ‭ ‬من‭ ‬الفضائل‭ ‬الأخلاقية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يصل‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬مراتب‭ ‬الكمال‭ ‬دونها‭ ‬هي‭ ‬صفة‭ ‬العفو‭ ‬عن‭ ‬زلّات‭ ‬الآخرين‭ ‬وهفواتهم‭ ‬وعدم‭ ‬الانتقام‭ ‬منهم‭. ‬

جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬قائد‭ ‬حكيم‭ ‬نشأ‭ ‬وترعرع‭ ‬على‭ ‬الفضيلة‭ ‬والقيم‭ ‬وسمو‭ ‬الأخلاق‭ ‬في‭ ‬مجالس‭ ‬القادة‭ ‬والحكماء‭ ‬وصفوة‭ ‬رجال‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬أسرة‭ ‬كريمة‭ ‬توارثت‭ ‬الخصال‭ ‬الحميدة‭ ‬جيلاً‭ ‬بعد‭ ‬جيل‭ ‬حتى‭ ‬أضحت‭ ‬سمة‭ ‬ومنهج‭ ‬حياة‭ ‬انعكس‭ ‬أثرها‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬أطياف‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬الكريم،‭ ‬ملك‭ ‬أحب‭ ‬شعبه‭ ‬وبادله‭ ‬شعبه‭ ‬الحب‭ ‬والولاء‭ ‬المطلق‭ ‬وإذا‭ ‬أحب‭ ‬الناس‭ ‬ولي‭ ‬أمرهم‭ ‬أعانوه‭ ‬وشاركوه‭ ‬المسؤولية،‭ ‬فكانوا‭ ‬لمروءته‭ ‬أوفياء‭ ‬وعلى‭ ‬عهده‭ ‬أمناء‭ ‬يدينون‭ ‬له‭ ‬بالولاء‭ ‬في‭ ‬حضوره‭ ‬وغيابه‭ ‬ورحمة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬جعلته‭ ‬أكثر‭ ‬التصاقا‭ ‬بشعبه‭.‬

المبادرات‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬تؤكد‭ ‬حرص‭ ‬جلالته‭ ‬على‭ ‬إعلاء‭ ‬قيم‭ ‬التسامح‭ ‬والعدالة والتسامح،‭ ‬إنه‭ ‬الصفح‭ ‬والعفو‭ ‬والإحسان،‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬نزعات‭ ‬التعصب‭ ‬والتطرف‭ ‬والغلو،‭ ‬والتسامح‭ ‬خلق‭ ‬إسلامي‭ ‬أصيل،‭ ‬حث‭ ‬عليه‭ ‬ديننا‭ ‬الإسلامي‭ ‬الحنيف‭ ‬وحبب‭ ‬المكلفين‭ ‬فيه،‭ ‬وجعله‭ ‬منهاجًا‭ ‬لتعامل‭ ‬المسلم‭ ‬مع‭ ‬إخوانه،‭ ‬والأعظم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬التسامح‭ ‬من‭ ‬الحاكم‭ ‬تجاه‭ ‬رعيته‭ ‬هنا‭ ‬تكتمل‭ ‬عظمة‭ ‬القائد‭ ‬فيستقر‭ ‬الحكم‭ ‬ويرتقي‭ ‬الوطن‭ ‬والرحمة‭ ‬أساس‭ ‬الملك،‭ ‬وبركة‭ ‬الحاكم‭ ‬سبب‭ ‬لالتفاف‭ ‬الشعوب‭ ‬حول‭ ‬قادتهم،‭ ‬ولنا‭ ‬في‭ ‬رسولنا‭ ‬الكريم‭ ‬أسوة‭ ‬حسنة‭ ‬قال‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬كان‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‭ ‬نادى‭ ‬مناد‭ ‬يقول،‭ ‬أين‭ ‬العافون‭ ‬عن‭ ‬الناس‭ ‬هلموا‭ ‬إلى‭ ‬ربكم‭ ‬وخذوا‭ ‬أجوركم‭ ‬وحق‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬أمرئ‭ ‬مسلم‭ ‬إذا‭ ‬عفا‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬الجنة‮»‬،‭ ‬وقال‭ ‬تعالى‭: (‬والكاظمين‭ ‬الغيظ‭ ‬والعافين‭ ‬عن‭ ‬الناس‭ ‬والله‭ ‬يحب‭ ‬المحسنين‭).‬

العفو‭ ‬عن‭ ‬المسيئين‭ ‬والمخطئين‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬القوة‭ ‬وعلوّ‭ ‬الإنسان‭ ‬ورفعة‭ ‬مكانته‭ ‬ومقامه،‭ ‬فالعفو‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬قائد‭ ‬حكيم‭ ‬والعفو‭ ‬يحتاج‭ ‬قوة‭ ‬عظيمة‭ ‬لا‭ ‬يمتلكها‭ ‬إلا‭ ‬العظماء،‭ ‬في‭ ‬العفو‭ ‬قوة‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الانتقام،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الصفات‭ ‬التي‭ ‬حرص‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬التحلي‭ ‬بها،‭ ‬والتغني‭ ‬بصاحبها،‭ ‬فهو‭ ‬خلق‭ ‬كريم‭ ‬يرتقي‭ ‬بالمرء‭ ‬إلى‭ ‬سماء‭ ‬الفضيلة‭ ‬والشموخ‭ ‬وحسن‭ ‬الخلق‭ ‬يقول‭ ‬الإمام‭ ‬الشافعي‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬قصيدته‭:‬

الناس‭ ‬للناس‭ ‬مادام‭ ‬الوفاء‭ ‬بهم‭ ‬

‭ ‬والعسر‭ ‬واليسر‭ ‬أوقات‭ ‬وساعات‭ ‬

وأكرم‭ ‬الناس‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الورى‭ ‬رجل‭ ‬

‭ ‬تُقضى‭ ‬على‭ ‬يده‭ ‬للناس‭ ‬حاجات‭ ‬

لا‭ ‬تقطعن‭ ‬يد‭ ‬المعروف‭ ‬عن‭ ‬أحد‭ ‬

‭ ‬ما‭ ‬دمت‭ ‬تقدر‭ ‬والأيام‭ ‬تارات‭ ‬

واذكر‭ ‬فضيلة‭ ‬صنع‭ ‬الله‭ ‬إذ‭ ‬جعلت‭ ‬

‭ ‬إليك‭ ‬لا‭ ‬لك‭ ‬عند‭ ‬الناس‭ ‬حاجات

قد‭ ‬مات‭ ‬قوم‭ ‬وما‭ ‬ماتت‭ ‬فضائلهم‭ ‬

‭ ‬وعاش‭ ‬قوم‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬الناس‭ ‬أموات‭ ‬

في‭ ‬نهج‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬العفو‭ ‬على‭ ‬المحكوم‭ ‬عليهم‭ ‬بعقوبات‭ ‬السجن،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬قضايا‭ ‬كثيرة‭ ‬وكبيرة‭ ‬يعفو‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬شعبه‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬نسمع‭ ‬بأكثرها‭ ‬ولا‭ ‬يعلم‭ ‬بها‭ ‬عامة‭ ‬الشعب‭ ‬ولكن‭ ‬بين‭ ‬الحاكم‭ ‬وشعبه‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬تفريجات‭ ‬الهموم‭ ‬والصفح‭ ‬لا‭ ‬يدرك‭ ‬أثرها‭ ‬وعظمتها‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬أزيح‭ ‬عنه‭ ‬همّ‭ ‬أو‭ ‬فُرجت‭ ‬عنه‭ ‬كربة‭ ‬أو‭ ‬أعفي‭ ‬من‭ ‬مخالفة‭ ‬أقضت‭ ‬منامه‭ ‬ويمكن‭ ‬تصنيفها‭ ‬في‭ ‬باب‭ ‬الرفق‭ ‬بالرعية‭ ‬وهذا‭ ‬يعكس‭ ‬حرص‭ ‬جلالته‭ ‬على‭ ‬تماسك‭ ‬وصلابة‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬فالاهتمام‭ ‬بالشعب‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬مصالحة‭ ‬تاجٌ‭ ‬حمله‭ ‬جلالته‭ ‬فتوجه‭ ‬ملكاً‭ ‬على‭ ‬عرش‭ ‬القلوب‭ ‬وأكسبه‭ ‬الحب‭ ‬والتعاطف‭ ‬والولاء‭ ‬التام‭ ‬الذي‭ ‬تجلى‭ ‬في‭ ‬أجمل‭ ‬صورة‭.‬

الرؤية‭ ‬الحكيمة‭ ‬والمستنيرة‭ ‬لصاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬منذ‭ ‬توليه‭ ‬مقاليد‭ ‬الحكم‭ ‬منذ‭ ‬25‭ ‬عاما‭ ‬كانت‭ ‬زاخرة‭ ‬بالقيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬النبيلة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬روابط‭ ‬التسامح‭ ‬والوئام‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬والمجتمعات‭ ‬والتي‭ ‬بدورها‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬بلدا‭ ‬صانعا‭ ‬للأمن‭ ‬والسلام‭ ‬والطمأنينة‭ ‬والوئام‭ ‬والتعايش‭ ‬السلمي‭ ‬وهذه‭ ‬البذرة‭ ‬الطيبة‭ ‬التي‭ ‬غرسها‭ ‬جلالته‭ ‬وتوارثها‭ ‬حكام‭ ‬مملكتنا‭ ‬الحبيبة‭ ‬منذ‭ ‬قديم‭ ‬الزمان‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عالم‭ ‬يسوده‭ ‬السلام‭ ‬والمحبة‭ ‬والتعايش‭ ‬السلمي‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا