من الأمور المهمة وذات الطابع الاستراتيجي ما قررته مملكة البحرين من فرض ضريبة على الشركات الكبرى متعددة الجنسيات والعاملة في البحرين اعتبارا من الأول من يناير 2025 كما أكد الجهاز الوطني للإيرادات تطبيق الضريبة على الشركات الكبرى العالمية والتي تتجاوز إراداتها السنوية 750 مليون يورو وهذا القرار خطوة مهمة يجب أن يشاد بها خاصة في ضوء ارتفاع الدين العام البحريني وقلة الموارد التي تتغذى منها الميزانية العامة للدولة في ضوء الالتزامات الثقيلة على الحكومة في مختلف المجالات وخاصة التزاماتها في مجال التعليم النظامي المجاني وتوفير الخدمات الصحية المجانية وتوفير الخدمات الإسكانية للمواطنين. وهذه الخطوة تتماشى مع متطلبات التنمية الاقتصادية بتنويع مصادر الدخل للميزانية وتماشيا مع انضمام مملكة البحرين من الناحية القانونية إلى الإطار الشامل لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ودعما لمشروع الإصلاح الضريبي والذي وافقت عليه أكثر من 140 دولة من دول العالم ويقضي هذا القرار بدفع معدل ضريبة لا يقل عن 15% من أرباح هذه الشركات الكبرى في كل دولة تعمل فيها.
وإن كان هذا القرار خطوة ضرورية وحتمية وإن تأخر عدة سنوات فإن العبرة بكم الإيرادات التي ستجنيها ميزانية الدولة من هذه الضريبة والأموال المتوقعة وهل تطبيق مثل هذه الضريبة سوف يؤثر أو لا يؤثر في استقرار هذه الشركات في مملكة البحرين فهذا السؤال مهم يجب الإجابة عنه وإنارة الرأي العام بشأنه لتتضح الصورة.
وإذا كانت هذه الضريبة مهمة وضرورية فإن الخطوة التالية المطلوبة من وجهة نظري المتواضعة أن يتم التشاور مع الشركات الوطنية الكبرى بشأن دعم الميزانية والاتفاق على صيغة معينة بحيث لا تتأثر الشركات الوطنية من هذه الضريبة بحيث تكون هذه الضريبة فقط على الأرباح الصافية فقط والتي يتم إعلانها باستمرار فلا بأس أن تسهم هذه الشركات بجزء من أرباحها لدعم الميزانية العامة للدولة لتعزيز هذه الميزانية التي تعاني من ضغوطات كبيرة منذ فترة ولا نظن أن هذه النسبة سوف تؤثر في أوضاع الشركات الوطنية الكبرى أو تقلل من أرباحها لأن مساهمتها في العملية الوطنية ضرورية في ظل هذه الظروف الصعبة التي تواجهنا سنويا لتوفير الموارد اللازمة للميزانية العامة.
إن هذا الشركات الوطنية الكبرى تأسست منذ سنوات طويلة وأسهمت بشكل جدي في بناء الاقتصاد الوطني وفي توفير الوظائف للمواطنين وتدريبهم وتأهيلهم بل وكان لها الدور الأبرز في تطوير الصناعة والتجارة وجعل البحرين مركزا اقتصاديا وتجاريا مهما في المنطقة وفي العالم ولذلك ومع إشادتنا بدور هذه الشركات الوطني ووظيفتها فلا بد أن نؤكد أنها استفادت مما وفرته الدولة من بنية تحتية وخدمات خلال عقود من الزمان من مطارات وخدمات لوجستية وكل ما يحتاجه التجار أو أصحاب الصناعة من إمكانيات أساسية للعمل ومع ذلك لم تطلب الدولة شيئا من هذه الشركات ولم تفرض عليها ضرائب.
كان ذلك أيام الرخاء والوفرة ولم تلجأ الجهات الرسمية إلى تاريخه إلى فرض ضريبة أو ضرائب على الشركات الوطنية الكبرى فما بالك بالمتوسطة والصغرى أما اليوم فقد تغيرت الظروف واشتد عود هذه الشركات والمؤسسات وأصبحت الميزانية العامة للدولة في حاجة إلى الدعم بمزيد من الموارد لتحقيق المزيد من التطور والتنمية لشعب البحرين ولذلك قد يكون آن الأوان لفرض مثل هذه الضريبة على الأرباح الصافية للشركات الوطنية الكبرى حتى تتجاوز الدولة هذه الظروف المالية الصعبة من خلال الاتفاق مع القطاع الخاص كما أسلفنا أسوة بالقيمة المضافة التي فرضت على الجميع والله من وراء القصد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك