الأمة الإسلامية التي أذن الله تعالى لها أن تكون خاتمة الأمم، ورسولها هو خاتم الأنبياء، ومعجزته خاتمة المعجزات، أنزلها الله تعالى، وأظهرها على على يد رسوله محمد (صلى الله عليه وسلم)، لتثبت صدق الرسول في بلاغه عن الله تعالى أسوة بإخوانه الرسل الكرام، وكما امتازت معجزة رسول الإسلام بأنها المعجزة الوحيدة الباقية والخالدة، بأنها سجل حافل بأنباء من سبق من الأنبياء، وقصصهم مع أقوامهم، كما أن معجزة الإسلام جمعت بين المعجزة والمنهاج بينما كانت الكتب المنزلة على الأنبياء السابقين المنهاج فيها غير المعجزة، يقول تعالى: (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقًا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عمَّا جاءك من الحق لكلٍ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعًا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون) المائدة/ 48.
هذه هي الأمة بكل ما حباها الله تعالى من قوة بعد ضعف، وقدرة بعد عجز، وتقدم بعد تخلف، فهي ليست بدعًا بين الأمم تجري عليها السنن كما تجري على غيرها، وهي قادرة إذًا أخذت بأسباب النهوض أن تنهض من جديد، وأن تكون قوية إذًا أخذت بأسباب القوة، متقدمة إذًا أخذت بأسباب التقدم، وحرصت على التزام الصراط المستقيم الذي دلت عليه الآيات المباركات التي وضحته آيات من سورة الأنعام، قال تعالى: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون) الأنعام (151) (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا تكلف نفسًا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون (152) وأن هذا صراطي مستقيمًا فًاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون (153)) سورة الأنعام.
وأما عن تحقيق هذه المعاني، وتمثلها سلوكًا في الحياة حتى صارت أمثلة يشار إليها بالبنان، فقد جاء ذلك في سورة النساء في قوله تعالى: (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا) النساء / 69.
إذًا، فالقرآن الحكيم يرسم لنا معالم الطريق السوي، ويحدد لنا سمات المجتمع الفاضل الذي تنشده البشرية وتسعى إليه، ولقد تحقق هذا المجتمع في دولة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ودولة الخلافة الراشدة، وأثبت الخلفاء الراشدون إمكانية قيام دولة على أسس من الشريعة الإلهية الخالصة، والمعاصرة وألا تكون بينهما خصومة أو تنازع.
والأمة الإسلامية أمة معدة إعدادًا بحيث تكون هذه الأمة قادرة على الاستجابة إلى متطلبات العصر دون الجور أو التعدي على حدود الإسلام وقيمه التي قَعَّدَ لها الإسلام القواعد المنظمة والحامية لها من أي اعتداء.
فالأمة الإسلامية تستمد شرائعها من وحي منزل، فوحدتها تنبع من عقيدتها الراسخة، يقول تعالى: (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) الأنبياء / 92. كما أنها تستمد وسطيتها من قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا …) البقرة /143. أما عن المهمة الجليلة والعظيمة التي اختارها الله تعالى لها، فنجدها في قوله سبحانه: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله …) آل عمران / 110.
هذه هي الأمة التي اختارها الله تعالى لحمل رسالة الإسلام، واختار الإسلام لها، فامتازت عن غيرها بأنها أتباع النبي الخاتم، قال تعالى: (ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما) الأحزاب / 40.
وهي فوق ذلك الأمة الوحيدة التي تملك المعجزة التي أظهرها الله تعالى على يد رسوله ونبيه محمد (صلى الله عليه وسلم)، وهي القرآن الكريم الذي تثوب إليه كلما عصفت بها العواصف، وادلهمت بها الخطوب والمحن.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك