أطلقت دولة الاحتلال والعدوان والأبارتهايد يوم الأربعاء الماضي 28 أغسطس 2024م عمليتها العسكرية الواسعة في شمال الضفة الغربية المحتلة التي أطلقت عليها اسم «مخيمات الصيف»، واستهدفت بها «مخيم جنين» في مدينة جنين ومخيمي «طولكرم» و«نور شمس» في مدينة طولكرم وكذلك مخيم «الفارعة» في مدينة طوباس الفلسطينية ومخيمي «بلاطة» و«عين الماء» في مدينة نابلس.
في اجتياحه الهمجي للمخيمات الفلسطينية شمال الضفة الغربية جرف جيش الاحتلال الشوارع ودمر محطات الكهرباء وآبار المياه وهدم العديد من المنازل جزئيًا وطالب السكان بإخلاء منازلهم مؤقتًا، والمؤقت دائم في عرف الاحتلال، وأقام الجيش نقاطًا عسكرية سرعان ما تحولت إلى مراكز تحقيق وتعذيب للفلسطينيين.
يهدف جيش الاحتلال من اجتياحه المخيمات في شمال الضفة الغربية المحتلة إلى تدمير المخيمات الشاهدة على النكبة الفلسطينية، والمخيم هو من يذكر العالم بحق الشعب الفلسطيني بالعودة إلى أرضه التي طرد منها بالقوة عام 1948م، وهناك هدف القضاء على روح المقاومة المتجذرة في المخيمات والهدف الحقيقي للاحتلال يتمثل في تهجير سكان المخيمات.
سبق عملية الاجتياح لمخيمات شمال الضفة الغربية المحتلة مطالبة وزير الخارجية الإسرائيلي «إسرائيل كاتس» بتنفيذ أمر إخلاء لسكان المخيمات مقدمة لتهجيرهم القسري واستكمالاً لحرب الإبادة التي تشنها دولة الكيان على الشعب العربي الفلسطيني في قطاع غزة.
ومن أهداف العملية العسكرية الواسعة التي يشارك بها 15 ألف جندي من كل التشكيلات العسكرية فصل المدن الفلسطينية عن بعضها بعضا ومنع تواصلها الجغرافي ومحاولة إبعاد هذه المدن عن مدن الداخل الفلسطيني الملاصقة لها حدوديًا بإقامة المستوطنات الجديدة وإعادة إحياء المستوطنات التي فككت منذ أعوام بأمر المحكمة العليا وبالحواجز العسكرية التي وصلت إلى 700 حاجز في كل الضفة الغربية المحتلة.
يتزامن كل هذا الفعل مع منع العمال الفلسطينيين من الوصول إلى أماكن عملهم في الداخل الفلسطيني ونصب حواجز حديدية على مداخل القرى والمدن الفلسطينية تغلق وتفتح بأمر الجيش، وإخلاء يد المستوطنين المسلحين لممارسة أعمال العربدة والقتل للمواطنين الفلسطينيين بحماية كاملة من جيش الاحتلال!
علينا عدم الاستهانة بما يجري في الضفة الغربية المحتلة، فحرب الإبادة تجري في قطاع غزة والهدف هو ضم وتهويد الضفة الغربية المحتلة ومدينة القدس. في يوم 9 أغسطس 2024م اقتحم وزير الأمن الداخلي «بن غفير» المسجد الاقصى المبارك هو ولفيف من الوزراء وأعضاء الكنيست والحاخامات وأكد أن الأقصى هو «جبل الهيكل» وأقدس مكان عند اليهود ويجب أن يدرج كأحد أهم الأماكن المقدسة اليهودية، ومارس هو ومن معه الصلوات التلمودية والتوراتية فردية وجماعية ومارسوا العديد من طقوس إحياء الهيكل بما فيها «السجود الملحمي»، وكلنا شاهدنا هذا الفعل على شاشات التلفزة وكم أصبنا بالمرارة والحنق لما يجري!
وزيادة في التصعيد، أعلن الوزير المنفلت «بن غفير» يوم الإثنين 26 أغسطس 2024م أنه سيعمل على بناء كنيس يهودي في قلب الأقصى هادفًا إلى نزع تمام القدسية الإسلامية عن المسجد الأقصى المبارك وإجبار العالم على التعامل مع الأقصى كمقدس مشترك إسلامي يهودي كخطوة أولى متقدمة على درب التهويد الكامل للأقصى!
ويخرج علينا وزير التراث الصهيوني «إلياهو» صاحب التصريح المروع بضرورة ضرب قطاع غزة بالقنبلة النووية بداية الحرب على القطاع، الذي تبعه بتصريح آخر طالب فيه بقتل الأسرى الفلسطينيين، هذه المرة يصرح بأن وزارته ستعمل على تنظيم رحلات وجولات تلمودية وتوراتية في الأقصى لعشرات الآلاف من اليهود والسياح الأجانب تقدم لهم السردية والرواية اليهودية التلمودية والتوراتية!
هل تصريحات ثلاثة وزراء في الحكومة الإسرائيلية الفاشية تأتي صدفة؟ لا، إنها حكومة فاشية بامتياز تهدف إلى ضم ما تبقى من الضفة الغربية وتهويد القدس وتهجير الشعب العربي الفلسطيني حيث أمكن بالعمل على تدمير كل مقومات الحياة في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة!
وتأتينا نقطة ضوء من المجمع الأكليروسي المقدس وهو مكون من رؤساء الكنائس المسيحية المجتمعين بدعوة من الفاتيكان ويعلن المجمع الأكليروسي بصوت عال أنه ليس ممكنا استخدام مفهوم أرض الميعاد كأساس لتبرير عودة اليهود إلى إسرائيل وتهجير الفلسطينيين من وطنهم، ومبررات احتلال إسرائيل لأرض فلسطين لا يمكن أن تستند إلى الكتب المقدسة الموجهة إلى فلسطين ولتبرير عودة اليهود إلى إسرائيل!
الشعب العربي الفلسطيني متجذر فوق ثرى وطنه، وسيبقى يناضل بكل الوسائل التي كفلتها له الشرائع السماوية والقوانين الدولية لتحرير وطنه وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، ولن ننكسر ولن نهزم وسنحقق حلمنا بالحرية مهما طال الزمن.
{ كاتب فلسطيني مقيم في مملكة البحرين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك