تشكل العودة المدرسية سنويا أهمية كبرى في حياة المجتمع والأسر في مملكة البحرين شأنها في ذلك شأن جميع الأسر في العالم فهذه العودة بعد إجازة طويلة نسبيا تتراوح بين شهرين وثلاثة أشهر لها بعدان رئيسيان:
الأول: البعد المادي الذي يُبنى على الميزانية الكبيرة نسبيا والتي تستدعيها هذه العودة لإعداد الأبناء سواء بالنسبة إلى الزي المدرسي أو بالنسبة إلى القرطاسية وغيرها من مستلزمات هذه العودة مما يزيد من الأعباء المالية على الأسر التي تكون في العادة قد أنفقت ميزانيتها بالكامل خلال الإجازة الصيفية، ولذلك ترتفع الشكوى كل سنة بسبب هذا الوضع الناجم وسط ظروف مادية صعبة لأسر ذات دخل محدود بل وحتى ذوي دخل متوسط، ومن هنا جاءت المبادرة الكريمة بتقديم العون لأولياء الأمور لمواجهة هذا الوضع المتكرر سنويا، إضافة إلى جهود وزارة التربية والتعليم بالتنسيق مع عديد من المؤسسات التجارية لتوفير قسائم للمستلزمات المدرسية في سبيل التخفيف عن أولياء الأمور وهي من الجهود المباركة التي تستحق كل الشكر والثناء والامتنان لكل من أسهم في هذا الدعم السخي.
الثاني: البعد التنظيمي والاجتماعي ففي كل عام يشكل هذا الجانب أهمية كبرى سواء للمجتمع أو لوزارة التربية والتعليم أو للمدرسة والطلبة فالعودة المدرسية تعيد الحياة إلى المجتمع ككل وتؤثر في إيقاعه سواء من خلال عودة الازدحامات المرورية وتغير برنامج العمل الأسري وجداول دراسة الطلاب وغيرها من الجوانب تعيد للمجتمع الإيقاع السابق عن الإجازة الصيفية.
ومن المهم هنا الإشادة بتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء لإقامة يوم تعريفي لكل المدارس الحكومية لأولياء الأمور يقدم فيه أعضاء الهيئات الإدارية والتعليمية بالمدارس شرحا عن العام الدراسي الجديد، وقد كلف سموه وزارة التربية والتعليم بالاستعداد لهذا اللقاء وتوفير كل المعلومات الخاصة بالمدارس والعودة المدرسية تأكيدا لما يحظى به التعليم لدى سموه من اهتمام ورعاية كبيرين حيث إن البحرين منذ القدم أقامت نهضتها على التعليم الذي لايزال إلى يومنا هذا هو العمود الفقري للتنمية وبازدهاره تزدهر البحرين.
ولا شك أن العودة المدرسية الجديدة تطرح علينا كمجتمع وكأسر وكأولياء أمور العديد من المسؤوليات، حيث إن مسؤولية التربية والتعليم لا تعود إلى المدرسة فقط أو للوزارة وإنما تعود بالضرورة إلى المجتمع ككل وخاصة للأسرة التي لها دور جوهري وكبير في مجال التربية، كما في مجال التعليم مسؤولية الأسرة في هذين المجالين أساسية وهي أعمق وأكبر من مسؤولية المدرسة، فالطفل منذ ولادته الأولى يتعلم ويتربى من خلال القدوة ويعتبر والديه المعلمين الأوليين والقدوة الصالحة التي تعد من أهم الوسائل الفعالة في التربية الأخلاقية والروحية على حد سواء، بل ربما التأثير الكبير في الطفل كطفل وكطالب في مختلف المراحل الدراسية وخاصة المرحلة الابتدائية ولذلك يجب أن نغير مفاهيمنا السائدة حول أن المدرسة هي التي تقوم بجميع الأدوار فدور المدرسة تعليمي وتربوي نعم ولكن الأساس هو دور الأسرة الداعم الأول للطفل وللطالب كما أن الفرق بين الطلبة والأداء التعليمي وفي نتائج التحصيل العلمي يتأثر كثيرا بمستوى الآباء والأمهات وعبر اهتمامهم ومتابعتهم المستمرة، ولسنا هنا في حاجة إلى التذكير بالواجب التربوي للأسرة لأنه معروف ومعلوم ومنه غرس القيم والتعليم الأخلاقي وتعليم الطفل العادات السليمة ومنحه الحرية للتعبير عن رأيه وعدم التضييق على الطفل أو الانتقاص من مكانته وإعداده الجيد للعودة المدرسية.
وإضافة إلى دور الأسرة والمدرسة والوزارة فإن هنالك أدوارا لا تقل أهمية لمؤسسات المجتمع المدني من أندية رياضية وثقافية ومجتمعية وأدوارا للمؤسسات الدينية والروحية في التهذيب والتوجيه للمساهمة في إعداد الطلبة الإعداد الجيد.
نتمنى لأبنائنا الطلبة والطالبات في مختلف المراحل الدراسية عودة مدرسية وجامعية ناجحة وموفقة بإذن الله وأن تكون مكللة بالنجاح في آخر العام الدراسي وكل عام وأبناؤنا وبناتنا بخير.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك