العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الاندماج والتعدد الثقافي بين دول الغرب والدول العربية

بقلم: الدكتور زكريا الخنجي

الأحد ٠١ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

ربما‭ ‬نعتقد‭ ‬أنه‭ ‬فجأة‭ ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬مقدمات‭ ‬تنفجر‭ ‬الشعوب‭ ‬الغربية‭ ‬ويتزايد‭ ‬بينها‭ ‬العداء‭ ‬للمهاجرين،‭ ‬وتتبنى‭ ‬الجماهير‭ ‬الغربية‭ ‬خطابات‭ ‬التطرف‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬العرق‭ ‬والدين‭ ‬وكراهية‭ ‬الآخر،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تتزايد‭ ‬مخاوف‭ ‬الأقلية‭ ‬وترفض‭ ‬الذوبان‭ ‬والاندماج‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬لذلك‭ ‬تتمايز‭ ‬وتنطوي‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬وتنكمش‭. ‬حينئذ‭ ‬يتزايد‭ ‬العنف‭ ‬وتتزايد‭ ‬الكراهية‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬الواحد‭ ‬حتى‭ ‬تصل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المراحل‭ ‬إلى‭ ‬استعمال‭ ‬الأيدي‭ ‬والأسلحة،‭ ‬ليس‭ ‬ذلك‭ ‬فحسب،‭ ‬وإنما‭ ‬هذه‭ ‬المفاهيم‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬انتشار‭ ‬الفاشية‭ ‬والنازية‭ ‬والأحقاد‭ ‬والكراهيات‭ ‬التي‭ ‬تسود‭ ‬العالم‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬التاريخية‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬يأتي‭ ‬مفهوم‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية‭ ‬لمعالجة‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الظواهر،‭ ‬فما‭ ‬المقصود‭ ‬بالتعددية‭ ‬الثقافية؟‭ ‬وما‭ ‬النقيض‭ ‬لهذا‭ ‬المفهوم؟‭ ‬وهل‭ ‬تؤمن‭ ‬الشعوب‭ ‬الغربية‭ ‬بهذا‭ ‬المصطلح،‭ ‬وتعيشها‭ ‬وتتعايش‭ ‬معها،‭ ‬أم‭ ‬مجرد‭ ‬أنها‭ ‬حبر‭ ‬على‭ ‬ورق؟‭ ‬وهل‭ ‬يوجد‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي؟

يشير‭ ‬اندرو‭ ‬هيود‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ (‬الأيدولوجيات‭ ‬السياسية‭) ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مفهوم‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية‭ ‬استخدم‭ ‬أول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬كندا‭ ‬عام‭ ‬1965،‭ ‬باعتباره‭ ‬اقترابا‭ ‬لمعالجة‭ ‬التنوع‭ ‬الثقافي،‭ ‬وفى‭ ‬عام‭ ‬1971‭ ‬تم‭ ‬تبنيه‭ ‬رسميا‭ ‬كسياسة‭ ‬عامة‭ ‬في‭ ‬كندا،‭ ‬ما‭ ‬شكل‭ ‬أساسًا‭ ‬لتمرير‭ ‬قانون‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية‭ ‬عام‭ ‬1988،‭ ‬كما‭ ‬أعلنت‭ ‬استراليا‭ ‬نفسها‭ ‬رسميا‭ ‬متعددة‭ ‬الثقافات‭ ‬منذ‭ ‬أوائل‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬لكن‭ ‬المفهوم‭ ‬لم‭ ‬يبرز‭ ‬في‭ ‬الأدبيات‭ ‬السياسية‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬تسعينيات‭ ‬القرن‭ ‬المنصرم‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2001‭ ‬تم‭ ‬الإعلان‭ ‬العالمي‭ ‬بشأن‭ (‬التنوع‭ ‬الثقافي‭) ‬الذي‭ ‬اعتمدته اليونسكو،‭ ‬هو‭ ‬صك‭ ‬قانوني‭ ‬يعترف‭ ‬بالتنوع‭ ‬الثقافي‭ ‬باعتباره‭ (‬تراثًا‭ ‬مشتركًا‭ ‬للإنسانية‭)‬،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬واجبًا‭ ‬ملموسة‭ ‬وأخلاقيًا‭ ‬لا‭ ‬ينفصل‭ ‬عن‭ ‬احترام‭ ‬كرامة‭ ‬الإنسان‭. ‬

وتجد‭ ‬بعض‭ ‬الدراسات‭ ‬أن‭ ‬تعريفات‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية‭ ‬تختلف‭ ‬باختلاف‭ ‬نوعية‭ ‬التخصص‭ ‬الذي‭ ‬نتحدث‭ ‬فيه،‭ ‬فمن‭ ‬ناحية‭ ‬الانثروبولوجيا‭ ‬يستخدم‭ ‬مفهوم‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية‭ ‬للدلالة‭ ‬على‭ ‬جماعات‭ ‬تختلف‭ ‬أنماط‭ ‬الحياة‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬اختلافًا‭ ‬شاسعًا‭ ‬عن‭ ‬غيرها‭ ‬ولكنهم‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬واحد‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬فتستعمل‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬جماعات‭ ‬ذات‭ ‬فروقات‭ ‬ومميزات‭ ‬ملحوظة‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬جغرافية‭ ‬محددة،‭ ‬وتشكل‭ ‬هذه‭ ‬المميزات‭ ‬الملحوظة‭ ‬قاعدة‭ ‬لقوتها‭ ‬السياسية‭. ‬

وفى‭ ‬تعريف‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬فهي‭ ‬رغبة‭ ‬بعض‭ ‬الجماعات‭ ‬في‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬أوجه‭ ‬الشبه‭ ‬فيما‭ ‬بين‭ ‬أفرادها‭ ‬لاعتقادهم‭ ‬أن‭ ‬الصفات‭ ‬والقيم‭ ‬والمعتقدات‭ ‬المشتركة‭ ‬تشكل‭ ‬مصدر‭ ‬شعور‭ ‬الأفراد‭ ‬بالفخر‭ ‬والثقة‭ ‬بالنفس‭ ‬والصحة‭ ‬العقلية‭ ‬والتماسك‭.‬

ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يُعرَّفُ‭ ‬التعدد‭ ‬الثقافي‭ ‬أو‭ ‬التنوع‭ ‬الثقافي‭ ‬على‭ ‬أنّه‭ ‬عملية‭ ‬تعايش‭ ‬عدد‭ ‬مختلف‭ ‬من‭ ‬الثقافات‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬ذاته‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬محيط‭ ‬جغرافي‭ ‬واحد،‭ ‬بطريقة‭ ‬تجعل‭ ‬كلّ‭ ‬طرفٍ‭ ‬يحترم‭ ‬ثقافة‭ ‬الآخر‭ ‬ويقدّرها‭. ‬ويرجع‭ ‬هذا‭ ‬التقدير‭ ‬والاحترام‭ ‬إلى‭ ‬تعريف‭ ‬الثقافة‭ ‬نفسها‭ ‬الذي‭ ‬يتفق‭ ‬العاملون‭ ‬في‭ ‬حقله‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬مجموعة‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬والممارسات‭ ‬المجتمعية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬تفاصيل‭ ‬استخدام‭ ‬اللغة‭ ‬التي‭ ‬يتحلى‭ ‬بها‭ ‬أفراد‭ ‬مجتمع‭ ‬معين،‭ ‬لتصبح‭ ‬بمثابة‭ ‬سمات‭ ‬مميِّزَةٍ‭ ‬لهم،‭ ‬باعتبار‭ ‬الإنسان‭ ‬أساسًا‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬عليها‭ ‬الدول‭ ‬والحكومات‭ ‬جميعًا‭.‬

وتكمن‭ ‬أهمية‭ ‬التعدد‭ ‬الثقافي‭ ‬في‭ ‬احتياج‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬العيش‭ ‬معًا‭ ‬وفق‭ ‬مفاهيم‭ ‬متقدمة‭ ‬تجعل‭ ‬الحياة‭ ‬أفضل‭ ‬وأرقى،‭ ‬وهي‭ ‬الممارسات‭ ‬التي‭ ‬تُحِلُّ‭ ‬السلام‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬الحروب،‭ ‬أي‭ ‬قمة‭ ‬ما‭ ‬يسعى‭ ‬إليه‭ ‬المجتمع‭ ‬الإنساني،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬نتمكّن‭ ‬من‭ ‬قراءة‭ ‬التعدد‭ ‬الثقافي‭ ‬وأهمية‭ ‬ممارسته‭ ‬فعلاً‭ ‬وتطبيقًا،‭ ‬عبر‭ ‬الاعتراف‭ ‬بتغير‭ ‬أشكال‭ ‬التعبير‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬كلّ‭ ‬فردٍ‭ ‬على‭ ‬حدة،‭ ‬مع‭ ‬التسليم‭ ‬بأن‭ ‬الحياة‭ ‬مشاركةٌ‭ ‬تُعنى‭ ‬بالممارسة‭ ‬الحياتية‭ ‬وثقافة‭ ‬الفرد‭.‬

وتهتم‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية‭ ‬بالتنوع‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الوحدة،‭ ‬وتستلزم‭ ‬التمسك‭ ‬الإيجابي‭ ‬بالتنوع‭ ‬بين‭ ‬الجماعات‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬الجماعات‭ ‬الثقافية‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬الاعتراف‭ ‬والاحترام،‭ ‬وفى‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬تقر‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية‭ ‬بأهمية‭ ‬المعتقدات‭ ‬والقيم‭ ‬وطرق‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬الإحساس‭ ‬بالقيمة‭ ‬الذاتية‭ ‬للفرد‭ ‬والجماعة‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬وهكذا‭ ‬تستحق‭ ‬الثقافات‭ ‬المتمايزة‭ ‬أن‭ ‬تتمتع‭ ‬بالحماية‭ ‬والدعم،‭ ‬مع‭ ‬تجنب‭ ‬الهيمنة‭ ‬أو‭ ‬الانصهار‭ ‬ضمن‭ ‬ثقافة‭ ‬سائدة‭ ‬معينة،‭ ‬وهي‭ ‬تضفي‭ ‬الشرعية‭ ‬على‭ ‬الانتماء‭ ‬الثقافي‭ ‬المختلف‭ ‬وتمنح‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالخصائص‭ ‬الثقافية‭ ‬المتمايزة‭.‬

ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬فكرة‭ ‬ومفهوم‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬الناطقة‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬كسياسة‭ ‬وطنية‭ ‬رسمية‭ ‬في‭ ‬كندا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1971،‭ ‬تليها‭ ‬أستراليا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1973،‭ ‬كما‭ ‬اعتمدت‭ ‬بسرعة‭ ‬كسياسة‭ ‬رسمية‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬أعضاء‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬ألغت‭ ‬في‭ ‬مراكزها‭ ‬الحكومية‭ ‬تلك‭ ‬السياسة‭ ‬الوطنية‭ ‬وعادت‭ ‬إلى‭ ‬ثقافتها‭ ‬الرسمية‭ ‬الأحادية‭ ‬الثقافة،‭ ‬فأصبحت‭ ‬سياسة‭ ‬ومفهوم‭ (‬التعددية‭ ‬الثقافية‭) ‬موضوع‭ ‬النقاش‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬مثلاً،‭ ‬بسبب‭ ‬الأدلة‭ ‬المتوافرة‭ ‬على‭ ‬بداية‭ ‬التمييز‭ ‬العنصري‭ ‬والقلق‭ ‬بشأن‭ ‬الإرهاب‭ ‬الداخلي‭ ‬كما‭ ‬تدعي‭ ‬تلك‭ ‬الحكومات‭. ‬وقد‭ ‬أعرب‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬رؤساء‭ ‬الدول‭ ‬عن‭ ‬الشكوك‭ ‬حول‭ ‬نجاح‭ ‬سياسة‭ ‬تعدد‭ ‬الثقافات،‭ ‬منهم‭: ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‮ ‬‭(‬ديفيد‭ ‬كاميرون‭) ‬و‭(‬المستشارة‭ ‬الألمانية أنجيلا‭ ‬ميركل‭) ‬و‭(‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬أستراليا‭ ‬السابق جون‭ ‬هوارد‭) ‬و‭(‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬إسبانيا‭ ‬السابق خوسيه‭ ‬ماريا‭ ‬أثنار‭) ‬و‭(‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬السابق‮ ‬نيكولا‭ ‬ساركوزي‭) ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬أعرب‭ ‬عن‭ ‬المخاوف‭ ‬بشأن‭ ‬فعالية‭ ‬سياساتها‭ ‬متعددة‭ ‬الثقافات‭ ‬لدمج‭ ‬المهاجرين‭.‬

عندئذ‭ ‬انبثقت‭ ‬فكرة‭ ‬ومصطلح‭ ‬جديد‭ ‬وفي‭ ‬الغرب‭ ‬ذاته‭ ‬وهو‭ (‬الثقافة‭ ‬الأحادية‭ ‬أو‭ ‬الاندماج‭ ‬الثقافي‭)‬،‭ ‬فماذا‭ ‬يعني‭ ‬ذلك؟

دعونا‭ ‬نأخذ‭ ‬مثالين؛‭ ‬وهما‭:‬

أولاً‭: ‬في‭ ‬ألمانيا،‭ ‬قالت‭ ‬أنجيلا‭ ‬ميركل‭ ‬في‭ ‬لقاء‭ ‬الأعضاء‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬عام‭ ‬2010،‭ ‬في‭ ‬حزبها‭ ‬الاتحاد‭ ‬الديمقراطي‭ ‬المسيحي‭ ‬المحافظ‭ (‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬المسيحي‭) ‬في‭ ‬بوتسدام‭ ‬قرب برلين،‭ ‬الذي‭ ‬يحاول‭ ‬بناء‭ ‬مجتمع‭ ‬متعدد‭ ‬الثقافات‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬قد‭ ‬‮«‬فشل‭ ‬تمامًا‮»‬‭ ‬وذلك‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭: ‬‮«‬إن‭ ‬مفهوم‭ ‬التعايش‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬ونحن‭ ‬سعداء‭ ‬بهذا‭ ‬التعايش‭ ‬لا‭ ‬يعمل‮»‬،‭ ‬وتابعت‭ ‬القول‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬يجب‭ ‬دمج‭ ‬وتكييف‭ ‬المهاجرين‭ ‬مع‭ ‬الثقافة‭ ‬والقيم‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬أضاف‭ ‬هذا‭ ‬القول‭ ‬على‭ ‬الجدل‭ ‬المتنامي‭ ‬داخل‭ ‬ألمانيا‭ ‬عن‭ ‬مستويات‭ ‬الهجرة،‭ ‬وأثرها‭ ‬على‭ ‬ألمانيا‭ ‬ودرجة‭ ‬اندماج‭ ‬المهاجرين‭ ‬المسلمين‭ ‬‭ ‬تحديدًا‭ ‬‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الألماني‭. ‬والجماعة‭ ‬الأحمدية‭ ‬المسلمة‭ ‬من‭ ‬ألمانيا‭ ‬هي‭ ‬الجماعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬مُنحت‭ (‬شركة‭ ‬تحت‭ ‬وضع‭ ‬القانون‭ ‬العام‭)‬،‭ ‬ووضع‭ ‬المجتمع‭ ‬على‭ ‬قدم‭ ‬المساواة‭ ‬مع‭ ‬الكنائس‭ ‬المسيحية‭ ‬الكبرى‭ ‬والجاليات‭ ‬اليهودية‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭.‬

ثانيًا‭: ‬في‭ ‬هولندا،‭ ‬بدأت‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية‭ ‬في‮ ‬هولندا‭ ‬مع‭ ‬زيادات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الهجرة‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الخمسينيات‭ ‬والستينيات‭. ‬ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬تم‭ ‬اعتماد‭ ‬سياسة‭ ‬وطنية‭ ‬رسمية‭ ‬من‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الثمانينات،‭ ‬اُعطت‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬سياسات‭ ‬الاستيعاب‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬التسعينيات‭. ‬بعد‭ ‬قتل‭ ‬بيم‭ ‬فورتين‭ (‬في‭ ‬عام‭ ‬2002‭) ‬وثيو‭ ‬فان‭ ‬جوخ‭ (‬في‭ ‬عام‭ ‬2004‭) ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬النقاش‭ ‬السياسي‭ ‬حول‭ ‬دور‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية‭ ‬في‭ ‬هولندا‭. ‬وأدلى الحاخام الأكبر‭ ‬للعبرية‭ ‬بأن‭ ‬التجمعات‭ ‬في‭ ‬الكومنولث‭ ‬صنعت‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬التسامح‭ ‬الثقافي،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الشعب‭ ‬الهولندي‭ (‬متسامح‭) ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬مجتمع‭ ‬متعدد‭ ‬الثقافات،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأول‭ ‬إن‭ ‬هولندا‭ ‬تبتعد‭ ‬عن‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية‭: ‬‮«‬الثقافة‭ ‬الهولندية‭ ‬وقيمها‭ ‬وأعرافها‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مهيمنة‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬حسبما‭ ‬قال‭ ‬الوزير‭ ‬دونر‭ ‬يونيو‭ ‬عام‭ ‬2011‭.‬

وهذا‭ ‬يعني‭ ‬بكل‭ ‬بساطة‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يهاجر‭ ‬إلى‭ ‬الغرب‭ ‬فعليه‭ ‬أن‭ ‬يترك‭ ‬قيمه‭ ‬ودينه‭ ‬وفكره‭ ‬وثقافته‭ ‬في‭ ‬بلاده‭ ‬الأم،‭ ‬ثم‭ ‬يهاجر‭ ‬ليندمج‭ ‬وينصهر‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المجتمعات‭ ‬ويأخذ‭ ‬من‭ ‬فكرها‭ ‬وقيمها‭ ‬وثقافتها‭ ‬ودينها،‭ ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬استثناء،‭ ‬فإن‭ ‬كنت‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تربي‭ ‬أطفالك‭ ‬على‭ ‬قيمك‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الغرب‭ ‬فيمكن‭ ‬أن‭ ‬يعزل‭ ‬ابناؤك‭ ‬عنك‭ ‬لتقوم‭ ‬الدولة‭ ‬بتربيتهم‭ ‬حسبما‭ ‬تراه‭ ‬مناسبًا‭ ‬لها،‭ ‬وليس‭ ‬لك‭. ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬أنت‭ ‬ليس‭ ‬لك‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الاعتراض‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬الاعتراض،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬دول‭ ‬تدعي‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬عجبي‭.‬

وبهذه‭ ‬العقلية‭ ‬الجماعية‭ ‬شهدنا‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬حوادث‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬الأقليات‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬الغربية،‭ ‬وحوادث‭ ‬حرق‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬ونزع‭ ‬الحجاب‭ ‬عن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬نساء‭ ‬المسلمين‭ ‬وهم‭ ‬يسيرون‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فهل‭ ‬هذه‭ ‬المجتمعات‭ ‬تتقبل‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية،‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تفرض‭ ‬ثقافتها‭ ‬وفكرها‭ ‬على‭ ‬الآخر؟

حسنا،‭ ‬يبقى‭ ‬السؤال‭ ‬الأخير،‭ ‬ماذا‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬تنوع‭ ‬ثقافي؟‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬يذكر‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬الإسلامي‭ ‬مصطلح‭ (‬التعدد‭ ‬الثقافي‭)‬،‭ ‬هذه‭ ‬الموضوعات‭ ‬سنخصص‭ ‬لها‭ ‬مقالا‭ ‬آخر‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭. ‬

Zkhunji@hotmail‭.‬com

 

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا