العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مغامرة التوغل الأوكراني في كورسك

بقلم: د. نبيل العسومي

الأربعاء ٢٨ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

بعد‭ ‬فشل‭ ‬الهجوم‭ ‬الأوكراني‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬صيف‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬وبعد‭ ‬الصمود‭ ‬الروسي‭ ‬أمام‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬7000‭ ‬عقوبة‭ ‬شملت‭ ‬مختلف‭ ‬جوانب‭ ‬الحياة‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الجوانب‭ ‬الثقافية‭ ‬والفنية‭ ‬والرياضية‭ ‬وبعد‭ ‬الهزائم‭ ‬التي‭ ‬تلقاها‭ ‬الجيش‭ ‬الأوكراني‭ ‬على‭ ‬الجبهة‭ ‬الشرقية‭ ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬أعدت‭ ‬القيادة‭ ‬العسكرية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬بدعم‭ ‬ومساندة‭ ‬من‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬وتحديدا‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وبريطانيا‭ ‬العظمى‭ ‬وبولندا‭ ‬خطة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الأشهر‭ ‬الماضية‭ ‬لاختراق‭ ‬الحدود‭ ‬الروسية‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬كورسك،‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬ليست‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬فقط‭ ‬وانما‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬والغرب‭ ‬الجماعي‭ ‬كما‭ ‬يسميهم‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬بهدف‭ ‬إلحاق‭ ‬الأذى‭ ‬بروسيا‭ ‬بل‭ ‬وتدمير‭ ‬الدولة‭ ‬الروسية‭ ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬العسكريين‭ ‬الروس‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة‭ ‬لإثارة‭ ‬البلبلة‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭ ‬والفوضى‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬يائسة‭ ‬لتحريض‭ ‬الناس‭ ‬ضد‭ ‬الرئيس‭ ‬بوتين‭ ‬وحكومته‭ ‬وللتغطية‭ ‬على‭ ‬الخسائر‭ ‬الفادحة‭ ‬التي‭ ‬تلقاها‭ ‬الجيش‭ ‬الأوكراني‭ ‬في‭ ‬الأرواح‭ ‬والتي‭ ‬بلّغت‭ ‬بالآلاف‭ ‬المؤلفة‭ ‬بين‭ ‬قتيل‭ ‬وجريح‭ ‬ومعوق‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تدمير‭ ‬اعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬زود‭ ‬بها‭ ‬الغرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بل‭ ‬ومصادرة‭ ‬كميات‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬وهي‭ ‬سليمة‭ ‬تركها‭ ‬الجيش‭ ‬الأوكراني‭ ‬قبل‭ ‬انسحابه‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬دخلها‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭.‬

لقد‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬أفضل‭ ‬العناصر‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬الأوكراني‭ ‬والنخبة‭ ‬من‭ ‬الضباط‭ ‬والقادة‭ ‬العسكريين‭ ‬تجاوزت‭ ‬أعدادهم‭ ‬الآلاف‭ ‬قامت‭ ‬بالتوغل‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الروسية‭ ‬المتاخمة‭ ‬للحدود‭ ‬الأوكرانية‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القرى‭ ‬الواقعة‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬وداخل‭ ‬الأراضي‭ ‬الروسية‭ ‬وهي‭ ‬حادثة‭ ‬لم‭ ‬تشهدها‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬أيام‭ ‬الحرب‭ ‬الوطنية‭ ‬العظمى،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬مضي‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسابيع‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التوغل‭ ‬الأوكراني‭ ‬داخل‭ ‬الأراضي‭ ‬الروسية‭ ‬هذا‭ ‬التوغل‭ ‬الذي‭ ‬سخر‭ ‬له‭ ‬الغرب‭ ‬آلته‭ ‬الإعلامية‭ ‬بمختلف‭ ‬أشكالها‭ ‬وأنواعها‭ ‬من‭ ‬صحافة‭ ‬وتلفزيون‭ ‬وقنوات‭ ‬فضائية‭ ‬وكأنه‭ ‬النصر‭ ‬المبين‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬وهزيمة‭ ‬ساحقة‭ ‬ومدوية‭ ‬لروسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأوكراني‭ ‬ذهب‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬عندما‭ ‬أعلن‭ ‬أنه‭ ‬سيتم‭ ‬قريبا‭ ‬تعيين‭ ‬حاكم‭ ‬لمقاطعة‭ ‬كورسك‭ ‬وضمها‭ ‬الى‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬مخالفة‭ ‬واضحة‭ ‬وأكيدة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬وان‭ ‬القوات‭ ‬الأوكرانية‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬المقاطعة‭ ‬هي‭ ‬قوات‭ ‬احتلال‭ ‬على‭ ‬شاكلة‭ ‬القوات‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬العربية‭ ‬المحتلة‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭ ‬تؤكد‭ ‬كل‭ ‬المؤشرات‭ ‬والتقارير‭ ‬والتحليلات‭ ‬والتصريحات‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬أقدمت‭ ‬عليه‭ ‬كييف‭ ‬بتوغلها‭ ‬داخل‭ ‬الحدود‭ ‬الروسية‭ ‬هو‭ ‬خطأ‭ ‬كبير‭ ‬وفادح‭ ‬ومغامرة‭ ‬غير‭ ‬مبررة‭ ‬سوف‭ ‬تدفع‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ثمنها‭ ‬غاليا‭ ‬بعد‭ ‬التقارير‭ ‬التي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬قد‭ ‬أوقف‭ ‬التوغل‭ ‬الأوكراني‭ ‬وتمت‭ ‬محاصرة‭ ‬القوات‭ ‬الأوكرانية‭ ‬داخل‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬دخلتها،‭ ‬فالجيش‭ ‬الأوكراني‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬التوغل‭ ‬أكثر‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬كورسك‭ ‬وان‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬قضى‭ ‬على‭ ‬نصف‭ ‬القوات‭ ‬وان‭ ‬النصف‭ ‬الثاني‭ ‬المتبقي‭ ‬أمامه‭ ‬خيارين‭ ‬إما‭ ‬الموت‭ ‬أو‭ ‬الاستسلام‭ ‬وهما‭ ‬خياران‭ ‬أحلاهما‭ ‬مر،‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬تعاملت‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬التوغل‭ ‬وفق‭ ‬خطة‭ ‬عسكرية‭ ‬محكمة‭ ‬بمقتضى‭ ‬حالة‭ ‬الطوارئ‭ ‬التي‭ ‬أعلنتها‭ ‬تضمنت‭ ‬إجلاء‭ ‬السكان‭ ‬من‭ ‬كورسك‭ ‬وبيلغورود‭ ‬وتقديم‭ ‬معونات‭ ‬مالية‭ ‬لهم‭ ‬ومحاصرة‭ ‬الجيش‭ ‬الاوكراني‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬ضحية‭ ‬لهذه‭ ‬العملية‭ ‬الانتحارية‭ ‬التي‭ ‬اقدمت‭ ‬عليها‭ ‬القيادة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬بتوجيه‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الناتو،‭ ‬هذه‭ ‬القيادة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تعط‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭ ‬لهؤلاء‭ ‬العساكر‭ ‬عندما‭ ‬زج‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬معروفة‭ ‬نتيجتها‭ ‬سلفا،‭ ‬وخصوصا‭ ‬ان‭ ‬احتلال‭ ‬أو‭ ‬ضم‭ ‬مناطق‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إمكانيات‭ ‬هائلة‭ ‬للمحافظة‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬أولها‭ ‬توفير‭ ‬الحماية‭ ‬اللازمة‭ ‬لها‭ ‬للمحافظة‭ ‬عليها‭ ‬وتوفير‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬ودمج‭ ‬الأراضي‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬أجزاء‭ ‬البلاد‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أوكرانيا‭ ‬القيام‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المتدهور‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬وحالة‭ ‬اليأس‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬الجيش‭ ‬الأوكراني‭ ‬وعدم‭ ‬التكافؤ‭ ‬بين‭ ‬الجيشين‭ ‬الروسي‭ ‬والأوكراني‭.‬

والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬ويحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إجابة‭ ‬ماذا‭ ‬جنت‭ ‬أوكرانيا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التوغل‭ ‬الذي‭ ‬ورطها‭ ‬الغرب‭ ‬فيه؟‭!!‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا