يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
الإمام الأكبر و«الجدار الواقي»
الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور احمد الطيب على أعلى درجة من الوعي بالمخططات التي تستهدف الأمة العربية والإسلامية على كل المستويات السياسية والاجتماعية. والمتابع لخطابات وأحاديث الإمام الأكبر في السنوات الماضية يلاحظ أنه يعطي أولوية كبرى للمخططات التي تستهدف هويتنا العربية والإسلامية، والمخاطر التي تتهددها، وينبه إلى سبل مواجهة هذه المخططات والأخطار والحفاظ على هويتنا.
أقول هذا بمناسبة ما قاله الإمام الأكبر قبل أيام أثناء استقباله لوزير التربية والتعليم المصري.
الإمام الأكبر أثار في اللقاء قضية دور التعليم في مواجهة الأخطار الجسيمة التي تهدد هويتنا وفي حمايتها. ما قاله يستحق التوقف عنده والتنويه به.
في حديثه اعتبر الإمام الأكبر أن التعليم هو: «أحد أهم الأعمدة لتعزيز الهوية الدينية والثقافية لدى النشء والشباب». ووصف دور التعليم بأنه «الجدار الواقي لتحصين أبنائنا من مخاطر الفكر المتطرف والغزو الثقافي الذي يستهدف تشويه منظومة القيم والأخلاق، وتطبيع الأمراض المجتمعية الخبيثة والسلوكيات التي تتنافى مع الفطرة الإنسانيَّة السليمة؛ كالشذوذ الجنسي والعلاقات الجنسية خارج إطار منظومة الزواج».
الإمام الأكبر لم يكتف بهذا التحذير من الأخطار التي تتهدد هويتنا، والتنبيه إلى الدور الحاسم للتعليم، وإنما قدم عددا من الجوانب الأساسية المطلوبة كي يقوم التعليم بدوره المفترض على هذا النحو، هي على النحو التالي:
1 – أن التعليم في عالمنا العربي لا بد أن يكون ذا خصوصية وشخصية مستقلة، وأن يتناسب مع تطلعات الأمة وعلى قدر توقعاتها لخلق كوادر شبابية قادرة على حمل راية القيادة في المستقبل.
2 – أن نتنبه إلى خطورة الانسياق خلف ما يعرف بـ«الأنظمة والأساليب التعليمية الحديثة» التي تحمل أهدافا غير معلنة لإقصاء هويتنا العربية والدينية، وضرورة التنبه لمخططات اختطاف التعليم العربي بما يخدم أجندات الغزو الثقافي.
3- ضرورة استعادة المدرسة لدورها المرموق ورونقها المعهود، وألَّا يكون التعليم عبئا على عاتق الأسر، وأن تتضمن المناهج التعليمية ما يضمن بناء وتخريج شباب قادر على التمسك بقيم الدين والأخلاق.
وفي هذا السياق الى التحذير من النيل من قيمة العلم والمعلم، كما تفعل بعض الأعمال الدرامية مثلا، ولا بد من توفير البيئة المناسبة لاحترام المعلم وتقديره وتقديمه للطلاب والمجتمع بوصفه قدوة وأنموذجًا، وتشجيعه على البذل والعطاء، والوقوف أمام محاولات التجرؤ عليه أو الاستهزاء بدوره.
4- أنه لهذا يجب أن يكون لدينا في دولنا العربية «مشروع مستدام يهتم بخلق قدوات قادرة على إلهام الشباب والتأثير فيهم إيجابيًّا». وقال: «أتذكر وقت أن كنت طالبًا، كان لدينا إمام وأساتذة، وكانت أقصى أمانينا أن نصبح مثلهم لما وجدناه فيهم من ثقافة واحترام وحب وتواضع وإخلاص، وما زلنا نحفظ ونتذكَّر ما درَّسوه لنا وستظل هذه الذكريات محفورة في ذاكرتنا».
كما نرى، ما ذكره الإمام الأكبر على هذا النحو هو بمثابة أجندة وخريطة طريق للمسئولين عن التعليم في دولنا العربية من أجل أن يقوم التعليم بدوره المنشود في حماية هويتنا، وفي تربية جيل عربي جديد واع معتز بهويته وبأمته وقادر على الدفاع عن ثوابتنا وهويتنا وقضايانا بشكل عام.
وحديث الإمام الأكبر هو تنبيه للحكومات العربية بشكل عام لإعطاء الأولوية للحفظ على الهوية الوطنية ومواجهة الأخطار التي تتهددها، والغزو الثقافي الذي نتعرض له.
القضية التي يثيرها الإمام الأكبر من أخطر القضايا التي نتعرض لها اليوم.. قضية الهوية الوطنية ووعي وإدراك الأجيال العربية الجديدة. هي قضية حاسمة لمستقبلنا العربي كله.
ومع الأهمية الكبرى للتعليم الذي وصفه الإمام الأكبر بـ«الجدار الواقي»، إلا أنه من الظلم أن نحمل التعليم والقائمين عليه في دولنا العربية المسئولية وحدهم. القضية أكبر وأبعد من هذا بكثير.
للحديث بقية بإذن الله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك