العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

كلمة السر في فوز ترامب

في‭ ‬أمريكا‭ ‬وخارجها‭ ‬فوجئ‭ ‬الكل‭ ‬بالفوز‭ ‬الساحق‭ ‬الذي‭ ‬حققه‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬الكثيرين‭ ‬اعتبروه‭ ‬بمثابة‭ ‬زلزال‭ ‬سياسي‭.‬

فوز‭ ‬ترامب‭ ‬اعتبره‭ ‬الكثيرون‭ ‬مفاجئا‭ ‬وغريبا‭ ‬وحاروا‭ ‬في‭ ‬تفسيره‭. ‬لماذا؟

وراء‭ ‬ذلك‭ ‬سببان‭ ‬أساسيان‭:‬

الأول‭: ‬أن‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬والمرشحة‭ ‬كامالا‭ ‬هاريس‭ ‬بنوا‭ ‬حملتهم‭ ‬الانتخابية‭ ‬على‭ ‬تصوير‭ ‬ترامب‭ ‬بأبشع‭ ‬صورة‭ ‬ممكنة‭. ‬وجهوا‭ ‬إليه‭ ‬أشنع‭ ‬الاتهامات‭ ‬بأنه‭ ‬ديكتاتور‭ ‬فاشي‭ ‬ومعجب‭ ‬بهتلر،‭ ‬واعتبروا‭ ‬أنه‭ ‬يمثل‭ ‬خطرا‭ ‬على‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وتهديدا‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‭.. ‬وهكذا‭.‬

وبالطبع‭ ‬تصور‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الاتهامات‭ ‬سوف‭ ‬تخيف‭ ‬الناخبين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬من‭ ‬ترامب‭ ‬وتبعدهم‭ ‬عنه‭.‬

والثاني‭: ‬أن‭ ‬تقديرات‭ ‬المحللين‭ ‬ونتائج‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬قبل‭ ‬الانتخابات‭ ‬لم‭ ‬تتوقع‭ ‬أبدا‭ ‬فوز‭ ‬ترامب‭ ‬وكانت‭ ‬أميل‭ ‬إلى‭ ‬ترجيح‭ ‬كفة‭ ‬هاريس،‭ ‬وأقصى‭ ‬ما‭ ‬ذهبت‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬المنافسة‭ ‬محتدمة‭ ‬جدا‭ ‬وحظوظ‭ ‬المرشحين‭ ‬متساوية‭.‬

إذن،‭ ‬لهذين‭ ‬السببين‭ ‬كان‭ ‬فوز‭ ‬ترامب‭ ‬مفاجئا‭ ‬ومحيرا‭. ‬وبالطبع‭ ‬بدأ‭ ‬الكثيرون‭ ‬يتبارون‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬تفسير‭ ‬ما‭ ‬حدث‭.‬

محللون‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬تفسير‭ ‬فوز‭ ‬ترامب‭ ‬تحدثوا‭ ‬عن‭ ‬جوانب‭ ‬كثيرة‭ ‬منها‭ ‬مثلا،‭ ‬عدم‭ ‬الرضا‭ ‬الشعبي‭ ‬العام‭ ‬عن‭ ‬السياسات‭ ‬الداخلية‭ ‬للديمقراطيين‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬مثل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والهجرة‭ ‬وغيرها،‭ ‬واعتبروا‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الداخلية‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬حسم‭ ‬الفوز‭ ‬لترامب‭.‬

محللون‭ ‬اعتبروا‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬ليست‭ ‬مستعدة‭ ‬بعد‭ ‬لقيادة‭ ‬امرأة‭ ‬للبلاد‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬المواقف‭ ‬والسياسات‭.‬

البعض‭ ‬اعتبر‭ ‬أن‭ ‬قطاعا‭ ‬لا‭ ‬يستهان‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬وخصوصا‭ ‬الناخبين‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬عاقبوا‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬بسبب‭ ‬موقفها‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة‭.‬

بالطبع‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬مهمة‭ ‬بهذا‭ ‬القدر‭ ‬أو‭ ‬ذاك،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬تقديرنا‭ ‬أن‭ ‬كلمة‭ ‬واحدة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تفسر‭ ‬أساسا‭ ‬هذا‭ ‬الفوز‭ ‬التاريخي‭ ‬وعودة‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭. ‬هذه‭ ‬الكلمة‭ ‬هي‭ ‬‮«‬القوة‮»‬‭.‬

الذي‭ ‬حدث‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬من‭ ‬أضعف‭ ‬الإدارات‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬أمريكا‭. ‬وفشل‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الوعود‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬عندما‭ ‬تولى‭ ‬السلطة‭ ‬وأثبت‭ ‬أنه‭ ‬أضعف‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬هذه‭ ‬الوعود‭.‬

وعد‭ ‬مثلا‭ ‬بأن‭ ‬يستعيد‭ ‬مكانة‭ ‬أمريكا‭ ‬كقوة‭ ‬قائدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬ولم‭ ‬يتحقق‭ ‬هذا‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬انهارت‭ ‬مصداقية‭ ‬أمريكا‭ ‬ومكانتها‭ ‬العالمية‭.‬

ووعد‭ ‬مثلا‭ ‬بأن‭ ‬يوحد‭ ‬صفوف‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬وينهي‭ ‬الانقسامات‭ ‬الحادة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وأيضا‭ ‬لم‭ ‬يتحقق‭ ‬هذا‭.‬

وبشكل‭ ‬عام‭ ‬بدت‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مع‭ ‬بايدن‭ ‬ضعيفة‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬ما‭ ‬تصرح‭ ‬به‭ ‬أو‭ ‬تعد‭ ‬به‭. ‬ولعل‭ ‬أبلغ‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة‭.‬

على‭ ‬امتداد‭ ‬عام‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬أطلق‭ ‬بايدن‭ ‬وعودا‭ ‬كثيرة‭ ‬جدا‭ ‬منها‭ ‬مثلا‭ ‬أنه‭ ‬سوف‭ ‬يضغط‭ ‬على‭ ‬نتنياهو‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬والتوصل‭ ‬إلى‭ ‬صفقة‭ ‬تسوية‭. ‬وحاول‭ ‬إظهار‭ ‬أنه‭ ‬حازم‭ ‬في‭ ‬الضغط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حماية‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وتأمين‭ ‬المساعدات‭ ‬له،‭ ‬وغير‭ ‬هذا‭. ‬وكما‭ ‬نعلم‭ ‬فشل‭ ‬بايدن‭ ‬فشلا‭ ‬ذريعا‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬أيًّا‭ ‬من‭ ‬هذا‭. ‬بالعكس‭ ‬أكد‭ ‬للعالم‭ ‬كله‭ ‬أنه‭ ‬شريك‭ ‬كامل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬جرائم‭ ‬إسرائيل‭.‬

بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬بمن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬حتى‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يتعاطفون‭ ‬بالضرورة‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬بدا‭ ‬بايدن‭ ‬رئيس‭ ‬أكبر‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬خائفا‭ ‬أمام‭ ‬مجرم‭ ‬حرب‭ ‬مثل‭ ‬نتنياهو،‭ ‬وأضعف‭ ‬بكثير‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬تحدث‭ ‬هو‭ ‬عنه‭ ‬وعن‭ ‬أن‭ ‬يفرض‭ ‬كلمة‭ ‬أمريكا‭.‬

في‭ ‬المقابل،‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬ان‭ ‬خطاب‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬لاقى‭ ‬قبولا‭ ‬لدى‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭. ‬نعني‭ ‬حديثه‭ ‬عن‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وفي‭ ‬أوكرانيا‭ ‬أيضا،‭ ‬وانه‭ ‬عازم‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬لتورط‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحروب‭.. ‬وهكذا‭. ‬

وحين‭ ‬قدم‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬كامالا‭ ‬هاريس‭ ‬مرشحة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬ترامب‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تمثل‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الأمريكيين‭ ‬نموذج‭ ‬القيادة‭ ‬القوية‭ ‬التي‭ ‬يتطلع‭ ‬اليها‭. ‬هاريس‭ ‬عاشت‭ ‬كل‭ ‬حياتها‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬الصف‭ ‬الثاني‭ ‬الخلفي‭. ‬وأثناء‭ ‬حملتها‭ ‬الانتخابية‭ ‬عجزت‭ ‬تماما‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬تثبت‭ ‬أن‭ ‬لديها‭ ‬شخصية‭ ‬قوية‭ ‬مستقلة‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬نموذج‭ ‬قيادة‭ ‬بايدن‭ ‬الضعيف‭ ‬المتردد‭.‬

باختصار‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬مثل‭ ‬أمريكا،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬العالم‭ ‬المضطرب‭ ‬أثبت‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬أنه‭ ‬يريد‭ ‬قيادة‭ ‬قوية‭ ‬حازمة‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظره‭ ‬يتصور‭ ‬أنها‭ ‬قادرة‭ ‬فعلا‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬مصالح‭ ‬أمريكا‭ ‬وعلى‭ ‬تحقيق‭ ‬ما‭ ‬تعد‭ ‬به‭. ‬ولهذا‭ ‬اختار‭ ‬ترامب‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا