العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

القرآن.. ومتعة الصحبة!

بقلم: عبدالرحمن علي البنفلاح

الأحد ٢٥ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

ما‭ ‬أمتع‭ ‬الخلوة‭ ‬بالقرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬وهو‭ ‬لسان‭ ‬الله‭ ‬الناطق‭ ‬بالحق،‭ ‬قال‭ ‬عنه‭ ‬العلماء‭: ‬إذا‭ ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬تخاطب‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬فادخل‭ ‬في‭ ‬الصلاة،‭ ‬يقول‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬الحمد‭ ‬لله‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭ (‬‮٢‬‭) ‬الرحمن‭ ‬الرحيم‭ (‬‮٣‬‭) ‬مالك‭ ‬يوم‭ ‬الدين‭ (‬‮٤‬‭) ‬إياك‭ ‬نعبد‭ ‬وإياك‭ ‬نستعين‭ (‬‮٥‬‭) ‬اهدنا‭ ‬الصراط‭ ‬المستقيم‭ (‬‮٦‬‭) ‬صراط‭ ‬الذين‭ ‬أنعمت‭ ‬عليهم‭ ‬غير‭ ‬المغضوب‭ ‬عليهم‭ ‬ولا‭ ‬الضالين‭ (‬‮٧‬‭) ‬‮»‬‭ ‬الفاتحة‭. ‬

أمَّا‭ ‬إذا‭ ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬يخاطبك‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬وتكون‭ ‬قريبًا‭ ‬منه‭ ‬سبحانه‭ ‬يناجيك‭ ‬وتناجيه،‭ ‬فاقرأ‭ ‬القرآن،‭ ‬يقول‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬يا‭ ‬أيها‭ ‬الذين‭ ‬آمنوا‭ ‬اتقوا‭ ‬الله‭ ‬حق‭ ‬تقاته‭ ‬ولا‭ ‬تموتن‭ ‬إلا‭ ‬وأنتم‭ ‬مسلمون‮»‬‭ ‬آل‭ ‬عمران‭ / ‬‮١٠٢‬‭. ‬وكل‭ ‬نداء‭ ‬بـ‮«‬يا‭ ‬أيها‭ ‬الذين‭ ‬آمنوا‭.. ‬‮»‬‭ ‬هو‭ ‬نداء‭ ‬تكليف‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬لعباده‭ ‬المؤمنين،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬بهذا‭ ‬النداء‭ ‬العظيم‭ ‬والجليل‭ ‬يخاطب‭ ‬المؤمنين،‭ ‬ويفرض‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬التكاليف‭ ‬والأوامر‭ ‬والنواهي‭ ‬التي‭ ‬تضبط‭ ‬حركتهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة،‭ ‬أمَّا‭ ‬حينما‭ ‬تكون‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬يطرحها‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬على‭ ‬عبيده‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يصلوا‭ ‬إلى‭ ‬مرتبة‭ ‬الإيمان،‭ ‬فيكون‭ ‬خطابه‭ ‬لهم‭ ‬هو‭: ‬‮«‬يا‭ ‬أيها‭ ‬الناس‭.. ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬يا‭ ‬أيها‭ ‬الناس‭ ‬ضرب‭ ‬مثل‭ ‬فاستمعوا‭ ‬له‭ ‬إن‭ ‬الذين‭ ‬تدعون‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الله‭ ‬لن‭ ‬يخلقوا‭ ‬ذبابًا‭ ‬ولو‭ ‬اجتمعوا‭ ‬له‭ ‬وإن‭ ‬يسلبهم‭ ‬الذباب‭ ‬شيئًا‭ ‬لا‭ ‬يستنقذوه‭ ‬منه‭ ‬ضعف‭ ‬الطالب‭ ‬والمطلوب‭ (‬‮٧٣‬‭) ‬ما‭ ‬قدروا‭ ‬الله‭ ‬حق‭ ‬قدره‭ ‬إن‭ ‬الله‭ ‬لقوي‭ ‬عزيز‭(‬‮٧٤‬‭)‬‮»‬‭ ‬سورة‭ ‬الحج‭.‬

والنداء‭ ‬هنا‭ ‬موجه‭ ‬إلى‭ ‬الذين‭ ‬يعبدون‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الله‭ ‬آلهة،‭ ‬فوافق‭ ‬أن‭ ‬يناديهم‭ ‬بـ‮«‬يا‭ ‬أيها‭ ‬الناس‭.. ‬‮»‬‭ ‬لأنه‭ ‬نداء‭ ‬للعموم‭ ‬يصلح‭ ‬للمؤمن‭ ‬والكافر،‭ ‬وللتأكيد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ ‬‮«‬يا‭ ‬أيها‭ ‬الناس‭ ‬إن‭ ‬خلقناكم‭ ‬من‭ ‬ذكر‭ ‬وأنثى‭ ‬وجعلناكم‭ ‬شعوبًا‭ ‬وقبائل‭ ‬لتعارفوا‭ ‬إن‭ ‬أكرمكم‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬أتقاكم‭ ‬إنَّ‭ ‬الله‭ ‬عليم‭ ‬خبير‮»‬‭ ‬الحج‭ / ‬‮١٣‬‭.‬

إذًا،‭ ‬فللإنسان‭ ‬حق‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬ينال‭ ‬حظه‭ ‬من‭ ‬خطاب‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬له،‭ ‬فإذا‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يرتقي‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬خالقه‭ ‬سبحانه،‭ ‬فعليه‭ ‬أن‭ ‬يؤمن‭ ‬بهذا‭ ‬الإله،‭ ‬ويخلص‭ ‬في‭ ‬الخضوع‭ ‬والعبودية‭ ‬له،‭ ‬لكنه‭ ‬في‭ ‬الحالين‭ ‬لن‭ ‬يحرم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬قليلًا‭ ‬أو‭ ‬كثيرا‭ ‬لأنه‭ ‬المخلوق‭ ‬الذي‭ ‬استدعاه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬إلى‭ ‬الوجود‭ ‬ليكون‭ ‬خليفة‭ ‬في‭ ‬الأرض،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬وإذ‭ ‬قال‭ ‬ربك‭ ‬للملائكة‭ ‬إني‭ ‬جاعل‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬خليفة‭ ‬قالوا‭ ‬أتجعل‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬يفسد‭ ‬فيها‭ ‬ويسفك‭ ‬الدماء‭ ‬ونحن‭ ‬نسبح‭ ‬بحمدك‭ ‬ونقدس‭ ‬لك‭ ‬قال‭ ‬إني‭ ‬أعلم‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تعلمون‮»‬‭ ‬البقرة‭ / ‬‮٣٠‬‭.‬

وكإجراء‭ ‬عملي‭ ‬علم‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬آدم‭ ‬الأسماء‭ ‬كلها‭ ‬ثم‭ ‬عرضها‭ ‬على‭ ‬الملائكة‭ ‬فأقروا‭ ‬بعجزهم‭ ‬عن‭ ‬معرفتها،‭ ‬فأثبت‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬للملائكة‭ ‬استحقاق‭ ‬آدم‭ ‬لهذه‭ ‬المهمة‭ ‬أن‭ ‬ابتلاه‭ ‬بذكر‭ ‬أسمائهم،‭ ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬أمرهم‭ ‬بالسجود‭ ‬له،‭ ‬سجود‭ ‬تكريم‭ ‬لا‭ ‬سجود‭ ‬عبادة،‭ ‬لأن‭ ‬سجود‭ ‬العبادة‭ ‬خاص‭ ‬بالله‭ ‬تعالى‭ ‬لا‭ ‬يشاركه‭ ‬فيها‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬خلقه،‭ ‬‮«‬فسجد‭ ‬الملائكة‭ ‬كلهم‭ ‬أجمعون‮»‬‭ ‬سورة‭ ‬ص‭. ‬

إذًا،‭ ‬فللقرآن‭ ‬مع‭ ‬الإنسان‭ ‬شأن‭ ‬عظيم‭ ‬لا‭ ‬يجاريه‭ ‬شأن‭ ‬آخر،‭ ‬ومتعة‭ ‬في‭ ‬صحبته‭ ‬لا‭ ‬تعادلها‭ ‬متعة‭ ‬لأنه‭ ‬خطاب‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬لسيد‭ ‬مخلوقاته،‭ ‬للإنسان‭ ‬وما‭ ‬أدراك‭ ‬ما‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬احتفى‭ ‬به‭ ‬رب‭ ‬الأرباب‭ ‬وأقام‭ ‬له‭ ‬مهرجانًا‭ ‬عظيمًا‭ ‬حفته‭ ‬به‭ ‬الملائكة‭ ‬أجمعون،‭ ‬وسوف‭ ‬يندم‭ ‬إبليس‭ ‬ندمًا‭ ‬عظيمًا‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‭ ‬حين‭ ‬يُبْعَث‭ ‬آدم‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‭ ‬وحوله‭ ‬أبناؤه‭ ‬من‭ ‬الرسل‭ ‬والأنبياء‭ ‬الكرام‭ ‬تحفهم‭ ‬الملائكة‭ ‬بينما‭ ‬سوف‭ ‬يُبْعَث‭ ‬إبليس‭ ‬مجللا‭ ‬بالعار‭ ‬ومعه‭ ‬أتباعه‭ ‬من‭ ‬الإنس‭ ‬والجن‭.‬

إن‭ ‬صحبة‭ ‬المؤمن‭ ‬لكتاب‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬ليست‭ ‬مقصورة‭ ‬على‭ ‬الاستجابة‭ ‬لأوامر‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬ونواهيه،‭ ‬بل‭ ‬هناك‭ ‬متعة‭ ‬عظيمة‭ ‬يطمئن‭ ‬إليها‭ ‬القلب،‭ ‬وترتاح‭ ‬إليها‭ ‬النفس‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬الذين‭ ‬آمنوا‭ ‬وتطمئن‭ ‬قلوبهم‭ ‬بذكر‭ ‬الله‭ ‬ألا‭ ‬بذكر‭ ‬الله‭ ‬تطمئن‭ ‬القلوب‮»‬‭ ‬الرعد‭ / ‬‮٢٨‬‭. ‬والعجيب‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الآية‭ ‬الجليلة‭ ‬المباركة‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬اسمها‭ ‬سورة‭ ‬الرعد،‭ ‬وكلنا‭ ‬يعرف‭ ‬معنى‭ ‬كلمة‭ ‬الرعد‭ ‬الذي‭ ‬يثير‭ ‬الرعب‭ ‬والهلع‭ ‬للذين‭ ‬استكبروا‭ ‬في‭ ‬الأرض،‭ ‬وطغوا‭ ‬طغيانا،‭ ‬تأتي‭ ‬هذه‭ ‬الطمأنينة‭ ‬حين‭ ‬يستقبلها‭ ‬المؤمن‭ ‬الطائع،‭ ‬الخاضع‭ ‬لأوامر‭ ‬مولاه‭ ‬سبحانه،‭ ‬المقر‭ ‬له‭ ‬وحده‭ ‬بالألوهية‭ ‬والربوبية‭ ‬دون‭ ‬سواه‭ ‬يتحول‭ ‬الرعد‭ ‬إلى‭ ‬رحمة،‭ ‬وراحة،‭ ‬وطمأنينة‭.!‬

وتأملوا‭ ‬أن‭ ‬مصدر‭ ‬هذه‭ ‬الطمأنينة‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬انشراح‭ ‬الصدر،‭ ‬وراحة‭ ‬النفس‭ ‬في‭ ‬الإسلام،‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬من‭ ‬يرد‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يهديه‭ ‬يشرح‭ ‬صدره‭ ‬للإسلام‭ ‬ومن‭ ‬يرد‭ ‬أن‭ ‬يضله‭ ‬يجعل‭ ‬صدره‭ ‬ضيقًا‭ ‬حرجًا‭ ‬كأنما‭ ‬يَصَّعَّدُ‭ ‬في‭ ‬السماء‭ ‬كذلك‭ ‬يجعل‭ ‬الله‭ ‬الرجس‭ ‬على‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يؤمنون‮»‬‭ ‬الأنعام‭ / ‬‮١٢٥‬‭.‬

وليست‭ ‬الطمأنينة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬وحسب،‭ ‬بل‭ ‬تدبروا‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬سبحانه‭ : ‬‮«‬أَمَّنْ‭ ‬خلق‭ ‬السموات‭ ‬والأرض‭ ‬وأنزل‭ ‬من‭ ‬السماء‭ ‬ماءً‭ ‬فأنبتنا‭ ‬به‭ ‬حدائق‭ ‬ذات‭ ‬بهجة‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬لكم‭ ‬أن‭ ‬تنبتوا‭ ‬شجرها‭ ‬أَإله‭ ‬مع‭ ‬الله‭ ‬بل‭ ‬هم‭ ‬قوم‭ ‬يعدلون‮»‬‭ ‬النمل‭ / ‬‮٦٠‬‭.‬

وتأملوا‭ ‬هذا‭ ‬البيان‭ ‬الإلهي‭ ‬المعجز‭ ‬وهو‭ ‬يشرح‭ ‬لنا‭ ‬هذا‭ ‬الجمال‭ ‬الموحي‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭: ‬‮«‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬أنزل‭ ‬من‭ ‬السماء‭ ‬ماءً‭ ‬فأخرجنا‭ ‬به‭ ‬نبات‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬فأخرجنا‭ ‬منه‭ ‬خضرًا‭ ‬نخرج‭ ‬منه‭ ‬حبًا‭ ‬متراكبًا‭ ‬ومن‭ ‬النخل‭ ‬من‭ ‬طلعها‭ ‬قنوان‭ ‬دانية‭ ‬وجنات‭ ‬من‭ ‬أعناب‭ ‬والزيتون‭ ‬والرمان‭ ‬مشتبها‭ ‬وغير‭ ‬متشابه‭ ‬انظروا‭ ‬إلى‭ ‬ثمره‭ ‬إذا‭ ‬أثمر‭ ‬وينعه‭ ‬إن‭ ‬في‭ ‬ذلكم‭ ‬لآيات‭ ‬لقوم‭ ‬يؤمنون‮»‬‭ ‬الأنعام‭ / ‬‮٩٩‬‭. ‬

والتفتوا‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الجمال‭ ‬الباهر‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬والأنعام‭ ‬خلقها‭ ‬لكم‭ ‬فيها‭ ‬دفء‭ ‬ومنافع‭ ‬ونها‭ ‬تأكلون‭ (‬‮٥‬‭) ‬ولكم‭ ‬فيها‭ ‬جمال‭ ‬حين‭ ‬تريحون‭ ‬وحين‭ ‬تسرحون‭ (‬‮٦‬‭)‬‮»‬‭ ‬النحل‭. ‬

وانظروا‭ ‬إلى‭ ‬السماء‭ ‬وما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬جلال‭ ‬وجمال،‭ ‬وكيف‭ ‬رفعها‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬بغير‭ ‬عمد‭ ‬نراها،‭ ‬والجبال‭ ‬أرساها‭ ‬وجعلها‭ ‬أوتادًا‭ ‬في‭ ‬الأرض،‭ ‬ورُغمَ‭ ‬ذلك‭ ‬فهي‭ ‬تتحرك‭ ‬لتثبت‭ ‬حركة‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬يظن‭ ‬البعض‭ ‬أنها‭ ‬ثابتة،‭ ‬يقول‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬وترى‭ ‬الجبال‭ ‬تحسبها‭ ‬جامدة‭ ‬وهي‭ ‬تمر‭ ‬مر‭ ‬السحاب‭ ‬صنع‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬أتقن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬إنه‭ ‬خبير‭ ‬بما‭ ‬تفعلون‮»‬‭ ‬النمل‭ / ‬‮٨٨‬‭.‬

وتأملوا‭ ‬التوازن‭ ‬العجيب‭ ‬والباهر‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬والسماء‭ ‬رفعها‭ ‬ووضع‭ ‬الميزان‭ (‬‮٧‬‭) ‬ألا‭ ‬تطغوا‭ ‬في‭ ‬الميزان‭ (‬‮٨‬‭) ‬وأقيموا‭ ‬الوزن‭ ‬بالقسط‭ ‬ولا‭ ‬تخسروا‭ ‬الميزان‭ (‬‮٩‬‭)‬‮»‬‭ ‬الرحمن‭. ‬

وتدبروا‭ ‬قول‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭: ‬‮«‬والقمر‭ ‬قدرناه‭ ‬منازل‭ ‬حتى‭ ‬عاد‭ ‬كالعرجون‭ ‬القديم‭ (‬‮٣٩‬‭) ‬لا‭ ‬الشمس‭ ‬ينبغي‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تدرك‭ ‬القمر‭ ‬ولا‭ ‬الليل‭ ‬سابق‭ ‬النهار‭ ‬وكل‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬يسبحون‭ (‬‮٤٠‬‭)‬‮»‬‭ ‬سورة‭ ‬يس‭. ‬

هذا‭ ‬شيء‭ ‬يسير‭ ‬من‭ ‬المتعة‭ ‬التي‭ ‬يستشعرها‭ ‬المؤمن‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬صحبة‭ ‬كتاب‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬الذي‭ ‬وصفه‭ ‬العلماء‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يدركوا‭ ‬مداه،‭ ‬قالوا‭: ‬إنه‭ ‬كتاب‭ ‬لا‭ ‬يخلق‭ ‬على‭ ‬كثرة‭ ‬الرد،‭ ‬ولا‭ ‬تنقضي‭ ‬عجائبه،‭ ‬ولا‭ ‬يشبع‭ ‬منه‭ ‬العلماء،‭ ‬من‭ ‬حكم‭ ‬به‭ ‬عدل،‭ ‬ومن‭ ‬عمل‭ ‬به‭ ‬أجر،‭ ‬ووصفه‭ ‬أحدٍ‭ ‬أساطين‭ ‬البيان‭ ‬والبلاغة‭ ‬قال‭: ‬لقد‭ ‬سمعت‭ ‬كلامًا‭ ‬ليس‭ ‬بالشعر،‭ ‬وليس‭ ‬بالنثر،‭ ‬ولا‭ ‬بالكهانة،‭ ‬ولا‭ ‬بالسحر‭.. ‬إن‭ ‬أعلاه‭ ‬لمثمر،‭ ‬وإن‭ ‬أسفله‭ ‬لمغدق،‭ ‬وإن‭ ‬له‭ ‬لحلاوة‭ ‬وإن‭ ‬عليه‭ ‬لطلاوة‭ ‬وإنه‭ ‬يعلو‭ ‬ولا‭ ‬يعلى‭ ‬عليه‭!‬

هذا‭ ‬شيء‭ ‬يسير‭ ‬من‭ ‬المتعة‭ ‬التي‭ ‬يرفل‭ ‬فيها‭ ‬قارئ‭ ‬القرآن،‭ ‬المتدبر‭ ‬لآياته‭ ‬وسوره،‭ ‬وهو‭ ‬يتلوه‭ ‬بالليل‭ ‬والنهار،‭ ‬وهو‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬أنه‭ ‬يملك‭ ‬المعجزة‭ ‬الوحيدة‭ ‬الباقية‭ ‬من‭ ‬معجزات‭ ‬الأنبياء‭ ‬والرسل‭ ‬الكرام‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬الصلاة‭ ‬السلام‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا