العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

غزة.. وحملات الرئاسة الأمريكية

بقلم: د. منار الشوربجي

السبت ٢٤ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تعاني‭ ‬فيه‭ ‬استراتيجية‭ ‬حملة‭ ‬ترامب‭ ‬ارتباكًا‭ ‬ملحوظًا،‭ ‬فإن‭ ‬استراتيجية‭ ‬حملة‭ ‬هاريس،‭ ‬رغم‭ ‬عدم‭ ‬جدتها،‭ ‬قد‭ ‬تعوق‭ ‬فوزها‭.‬

فعندما‭ ‬انسحب‭ ‬بايدن،‭ ‬ارتبكت‭ ‬حملة‭ ‬ترامب‭ ‬ارتباكًا‭ ‬وصفه‭ ‬نائبه‭ ‬بـ«اللكمة‭ ‬المفاجئة‮»‬‭ ‬لأنها‭ ‬فرضت‭ ‬على‭ ‬الحملة‭ ‬تغيير‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬بالكامل‭ ‬لتناسب‭ ‬المنافسة‭ ‬الجديدة‭. ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬نقطة‭ ‬الضعف‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬حملة‭ ‬ترامب‭ ‬هي‭ ‬ترامب‭ ‬شخصيًّا‭!‬،‭ ‬فالرجل‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التنبؤ‭ ‬بأفعاله،‭ ‬ونادرًا‭ ‬ما‭ ‬يستمع‭ ‬إلى‭ ‬مستشاريه،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬أنه‭ ‬يعشق‭ ‬الهجوم‭ ‬الشخصي‭ ‬على‭ ‬خصومه‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬القضايا،‭ ‬فلأن‭ ‬الأمريكيين‭ ‬لا‭ ‬يشعرون‭ ‬بتحسن‭ ‬أحوالهم‭ ‬المعيشية،‭ ‬يظل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬بايدن‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬نقاط‭ ‬قوة‭ ‬ترامب‭. ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يقدم‭ ‬سوى‭ ‬بعض‭ ‬الخطوط‭ ‬العامة‭ ‬لسياسته،‭ ‬ويتهرب‭ ‬من‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬تفاصيلها‭. ‬أما‭ ‬نقطة‭ ‬القوة‭ ‬الثانية‭ ‬فهي‭ ‬قضية‭ ‬الهجرة‭ ‬لسبب‭ ‬بسيط،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬قد‭ ‬صار‭ ‬ينحو‭ ‬يمينًا‭ ‬تجاه‭ ‬القضية‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭. ‬لكن‭ ‬من‭ ‬نقاط‭ ‬ضعف‭ ‬ترامب‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬المرشح‭ ‬الأصغر‭ ‬سنًّا،‭ ‬ولا‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬التغيير‮»‬‭ ‬كونه‭ ‬كان‭ ‬رئيسًا‭ ‬أصلًا‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬أهم‭ ‬نقاط‭ ‬ضعفه‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يُعرف‭ ‬بـ«مشروع‭ ‬2025‮»‬‭. ‬والمشروع‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬922‭ ‬صفحة،‭ ‬وأعدته‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮«‬هيريتيدج‮»‬،‭ ‬أحد‭ ‬مراكز‭ ‬الفكر‭ ‬اليمينية‭. ‬والمشروع‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬مخطط‭ ‬تفصيلي‭ ‬لحكم‭ ‬البلاد‭ ‬فور‭ ‬تولى‭ ‬ترامب،‭ ‬ويتناول‭ ‬كافة‭ ‬القضايا،‭ ‬بل‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭. ‬والمشروع‭ ‬شديد‭ ‬الجدلية،‭ ‬إذ‭ ‬يمثل‭ ‬غلوًّا‭ ‬يمينيًّا،‭ ‬ويغير‭ ‬وجه‭ ‬أمريكا‭ ‬تمامًا،‭ ‬ويحولها‭ ‬إلى‭ ‬بلد‭ ‬أوتوقراطي‭ ‬بامتياز‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬أنكر‭ ‬مؤخرًا‭ ‬أي‭ ‬علاقة‭ ‬بالمشروع،‭ ‬فقد‭ ‬أثنى‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬سنوات،‭ ‬بينما‭ ‬أكد‭ ‬رئيس‭ ‬‮«‬هيريتيدج‮»‬‭ ‬أن‭ ‬هدف‭ ‬المشروع‭ ‬هو‭ ‬‮«‬مأسسة‭ ‬الترامبية‮»‬‭! ‬وقد‭ ‬تحول‭ ‬المشروع‭ ‬إلى‭ ‬عبء‭ ‬على‭ ‬ترامب،‭ ‬إذ‭ ‬كلما‭ ‬ازدادت‭ ‬معرفة‭ ‬الناخبين‭ ‬بتفاصيله‭ ‬تراجع‭ ‬دعمهم‭ ‬للمشروع،‭ ‬حتى‭ ‬إنه‭ ‬انخفض‭ ‬بواقع‭ ‬17‭ ‬نقطة‭ ‬في‭ ‬أسابيع‭ ‬قليلة،‭ ‬فقد‭ ‬هالت‭ ‬الناخبين،‭ ‬مثلًا،‭ ‬دعوة‭ ‬المشروع‭ ‬إلى‭ ‬طرد‭ ‬الموظفين‭ ‬الفيدراليين‭ ‬ليحل‭ ‬محلهم‭ ‬مَن‭ ‬يعينهم‭ ‬ترامب‭ ‬شخصيًّا،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬يعنى‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬بيروقراطية‭ ‬الدولة،‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬دومًا‭ ‬ذات‭ ‬طابع‭ ‬غير‭ ‬حزبي،‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬بيروقراطية‭ ‬مُسيَّسة،‭ ‬مما‭ ‬يقوض‭ ‬العدل‭ ‬والحريات‭.‬

أما‭ ‬استراتيجية‭ ‬هاريس،‭ ‬فهي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اختارت‭ ‬تيم‭ ‬والز‭ ‬بهدف‭ ‬استمالة‭ ‬التيار‭ ‬التقدمي‭ ‬والاتحادات‭ ‬العمالية‭ ‬والمهنية،‭ ‬عادت‭ ‬بسرعة‭ ‬إلى‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الأصلية،‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬نفسها‭ ‬كمعبرة‭ ‬عن‭ ‬الوسط‭ ‬السياسي‭. ‬وتلك‭ ‬استراتيجية‭ ‬ليست‭ ‬جديدة،‭ ‬إذ‭ ‬باتت‭ ‬معتمدة‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬نفذها‭ ‬كلينتون‭ ‬عام‭ ‬1992‭. ‬وهي‭ ‬في‭ ‬جوهرها‭ ‬تسعى‭ ‬لاجتذاب‭ ‬قطاعات‭ ‬الوسط‭ ‬والمستقلين،‭ ‬بينما‭ ‬تعامل‭ ‬أصوات‭ ‬الأقليات‭ ‬والتقدميين‭ ‬باعتبارها‭ ‬مسلمًا‭ ‬بها‭ ‬كونهم‭ ‬لا‭ ‬يمكنهم‭ ‬التصويت‭ ‬للجمهوريين‭. ‬لكن‭ ‬تلك‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬التي‭ ‬تعنى‭ ‬عمليًّا‭ ‬تجاهل‭ ‬قضايا‭ ‬التقدميين‭ ‬والأقليات،‭ ‬قد‭ ‬تعوق‭ ‬‮«‬هاريس‮»‬‭ ‬فيما‭ ‬يُعرف‭ ‬بـ«الولايات‭ ‬المتأرجحة‮»‬،‭ ‬خصوصًا‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬أثبت‭ ‬آخر‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬في‭ ‬أريزونا‭ ‬وجورجيا‭ ‬ومتشيجان‭ ‬وبنسلفانيا‭ ‬أن‭ ‬أغلبية‭ ‬كاسحة‭ ‬من‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬ونسبة‭ ‬معتبرة‭ ‬من‭ ‬المستقلين،‭ (‬أحيانًا‭ ‬ما‭ ‬تزيد‭ ‬عن‭ ‬الأغلبية‭ ‬البسيطة‭)‬،‭ ‬سوف‭ ‬‮«‬يتحمسون‮»‬‭ ‬للتصويت‭ ‬لـ«هاريس‮»‬‭ ‬لو‭ ‬حققت‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬وقفًا‭ ‬دائمًا‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬بل‭ ‬أثبت‭ ‬استطلاع‭ ‬آخر‭ ‬أن‭ ‬57%‭ ‬من‭ ‬‮«‬عموم‮»‬‭ ‬ناخبي‭ ‬أريزونا،‭ (‬أي‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬والجمهوريين‭) ‬و50%‭ ‬من‭ ‬‮«‬عمومهم‮»‬‭ ‬في‭ ‬جورجيا،‭ ‬و48%‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬بنسلفانيا‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬دعم‭ ‬أمريكا‭ ‬لإسرائيل‭ ‬‮«‬مبالغ‭ ‬فيه‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬هناك‭ ‬مَن‭ ‬يطالبون‭ ‬بفرض‭ ‬حظر‭ ‬على‭ ‬تصدير‭ ‬السلاح‭ ‬لها‭. ‬وتلك‭ ‬النسب‭ ‬المئوية‭ ‬ذات‭ ‬مغزى‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية،‭ ‬فارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬التصويت‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتأرجحة‭ ‬هو‭ ‬الذى‭ ‬سيحسم‭ ‬النتيجة‭ ‬لصالح‭ ‬‮«‬هاريس‮»‬،‭ ‬فتفوز‭ ‬بالرئاسة،‭ ‬فإذا‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬الأقليات‭ ‬والتقدميون‭ ‬حافزًا‭ ‬للتصويت،‭ ‬وقبعوا‭ ‬في‭ ‬بيوتهم‭ ‬يوم‭ ‬الاقتراع‭ ‬العام،‭ ‬فاز‭ ‬ترامب‭!‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا