العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

شاهد على جريمة بريطانيا

المسؤول‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬البريطانية‭ ‬مارك‭ ‬سميث‭ ‬استقال‭ ‬من‭ ‬منصبه‭ ‬احتجاجا‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬بريطانيا‭ ‬في‭ ‬بيع‭ ‬الأسلحة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعتبر‭ ‬تواطؤا‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

المسؤول‭ ‬البريطاني‭ ‬شرح‭ ‬أسباب‭ ‬استقالته‭ ‬في‭ ‬رسالة‭ ‬مطولة‭ ‬أرسلها‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬البريطانيين‭ ‬وتم‭ ‬الكشف‭ ‬عنها‭.‬

الشهادة‭ ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬المسؤول‭ ‬البريطاني‭ ‬لها‭ ‬أهمية‭ ‬استثنائية‭ ‬لأسباب‭ ‬كثيرة،‭ ‬أهمها‭ ‬الموقع‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يشغله‭ ‬في‭ ‬الخارجية‭.‬

سميث‭ ‬شغل‭ ‬منصب‭ ‬سكرتير‭ ‬ثانٍ‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬ويصف‭ ‬نفسه‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬خبير‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬سياسة‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬‮«‬مسيرة‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬السلك‭ ‬الدبلوماسي‮»‬‭. ‬وعمل‭ ‬سابقاً‭ ‬في‭ ‬تقييم‭ ‬ترخيص‭ ‬تصدير‭ ‬الأسلحة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬للحكومة‭.‬

بحكم‭ ‬موقعه‭ ‬هذا،‭ ‬حين‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬موضوع‭ ‬تصدير‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬فإن‭ ‬لموقفه‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭.‬

المسؤول‭ ‬البريطاني‭ ‬كتب‭ ‬رسالة‭ ‬طويلة‭ ‬شرح‭ ‬فيها‭ ‬أسباب‭ ‬استقالته‭ ‬وأرسلها‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬البي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬بالبريد‭ ‬الإلكتروني‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬القوائم‭ ‬بمن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مئات‭ ‬المسؤولين‭ ‬الحكوميين‭ ‬وموظفي‭ ‬السفارة‭ ‬والمستشارين‭ ‬الخاصين‭ ‬لوزراء‭ ‬الخارجية‭.‬

في‭ ‬رسالته‭ ‬تطرق‭ ‬إلى‭ ‬جوانب‭ ‬أساسية‭ ‬تستحق‭ ‬تأملها،‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬ما‭ ‬يلي‭:‬

أولا‭: ‬أنه‭ ‬من‭ ‬موقعه‭ ‬تابع‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬يقول‭ ‬إنه‭ ‬وزملاءه‭ ‬شاهدوا‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬أمثلة‭ ‬واضحة‭ ‬لا‭ ‬جدال‭ ‬فيها‭ ‬لجرائم‭ ‬حرب‭ ‬وانتهاكات‭ ‬للقانون‭ ‬الإنساني‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

وأضاف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬كبار‭ ‬أعضاء‭ ‬الحكومة‭ ‬والجيش‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬أعربوا‭ ‬عن‭ ‬نية‭ ‬صريحة‭ ‬للإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬والجنود‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬يلتقطون‭ ‬مقاطع‭ ‬فيديو‭ ‬تتعمد‭ ‬حرق‭ ‬وتدمير‭ ‬ونهب‭ ‬الممتلكات‭ ‬المدنية‭. ‬هُدمت‭ ‬شوارع‭ ‬وجامعات‭ ‬بأكملها،‭ ‬وحُظرت‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وتُرك‭ ‬المدنيون‭ ‬بشكل‭ ‬منتظم‭ ‬دون‭ ‬مكان‭ ‬آمن‭ ‬للفرار‭ ‬إليه‭. ‬كما‭ ‬تعرضت‭ ‬سيارات‭ ‬الإسعاف‭ ‬التابعة‭ ‬للهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬للهجوم،‭ ‬واستهدفت‭ ‬المدارس‭ ‬والمستشفيات‭ ‬بانتظام،‭ ‬هذه‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‮»‬‭.‬

ثانيا‭: ‬أنه‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬كل‭ ‬جرائم‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬هذه‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬تماما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليه‭ ‬انه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬مبرر‭ ‬لاستمرار‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‭ ‬البريطانية‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬المبيعات‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتوقف‮»‬‭ ‬إذ‭ ‬يمثل‭ ‬هذا‭ ‬تواطؤا‭ ‬مع‭ ‬جرائم‭ ‬الإبادة‭.‬

ثالثا‭: ‬أنه‭ ‬أبلغ‭ ‬موقفه‭ ‬هذا‭ ‬لوزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬وأثار‭ ‬مخاوفه‭ ‬‮«‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‮»‬‭ ‬في‭ ‬الوزارة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬آلية‭ ‬رسمية‭ ‬للإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬المخالفات‭. ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬الاستجابة‭ ‬لموقفه‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الاهتمام‭ ‬به‭.‬

ويقول‭ ‬إن‭ ‬وزراء‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬يدعون‭ ‬أن‭ ‬‮«‬لدى‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬أحد‭ ‬أكثر‭ ‬أنظمة‭ ‬ترخيص‭ ‬تصدير‭ ‬الأسلحة‭ ‬صرامة‭ ‬وشفافية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬عكس‭ ‬الحقيقة‮»‬‭. ‬وهو‭ ‬يشير‭ ‬بهذا‭ ‬إلى‭ ‬تصريحات‭ ‬المسؤولين‭ ‬البريطانيين‭ ‬الذين‭ ‬يقولون‭ ‬باستمرار‭ ‬إن‭ ‬الحكومة‭ ‬ملتزمة‭ ‬بالتمسك‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬تصدير‭ ‬الأسلحة‭ ‬لإسرائيل‭.‬

المسؤول‭ ‬اختتم‭ ‬رسالته‭ ‬بالقول‭: ‬‮«‬بصفتي‭ ‬ضابطاً‭ ‬حاصلا‭ ‬على‭ ‬تصريح‭ ‬كامل‭ ‬وأثير‭ ‬مخاوف‭ ‬جدية‭ ‬بشأن‭ ‬عدم‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الوزارة،‭ ‬فإن‭ ‬تجاهلي‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬أمر‭ ‬مقلق‭ ‬للغاية‭. ‬ومن‭ ‬واجبي‭ ‬كموظف‭ ‬عام‭ ‬أن‭ ‬أثير‭ ‬الأمر‮»‬‭.‬

كما‭ ‬نرى،‭ ‬أهمية‭ ‬هذه‭ ‬الشهادة‭ ‬تنبع‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬هذا‭ ‬المسئول،‭ ‬ومما‭ ‬كشف‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬نبه‭ ‬الخارجية‭ ‬بالفعل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يمثله‭ ‬تصدير‭ ‬الأسلحة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬من‭ ‬جريمة‭ ‬ومن‭ ‬تواطؤ‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬إبادة‭.‬

بعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬هو‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬حين‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬الجرائم‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬عبر‭ ‬هذه‭ ‬الأسلحة،‭ ‬فإنها‭ ‬تفعل‭ ‬ذلك‭ ‬عن‭ ‬وعي‭ ‬وعن‭ ‬عمد،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬الجريمة‭ ‬البريطانية‭ ‬مضاعفة‭.‬

كما‭ ‬نعلم،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ينبهها‭ ‬أحد‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬الجرائم‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭ ‬يتابعها‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬لحظة‭ ‬بلحظة‭. ‬كل‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬والمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬وغيرها‭ ‬أدانت‭ ‬الدول‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬وطالبت‭ ‬بوقف‭ ‬أي‭ ‬أسلحة‭ ‬أو‭ ‬مساعدات‭ ‬لمرتكبي‭ ‬الجرائم‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

لكن‭ ‬بريطانيا‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬عن‭ ‬وعي‭ ‬تام‭ ‬وبكامل‭ ‬إرادتها‭.‬

وليس‭ ‬الأمر‭ ‬غريبا‭ ‬على‭ ‬بريطانيا‭ ‬بالذات،‭ ‬فهي‭ ‬صاحبة‭ ‬الجريمة‭ ‬الأصلية‭.. ‬جريمة‭ ‬وعد‭ ‬بلفور،‭ ‬ثم‭ ‬تمكين‭ ‬العصابات‭ ‬الإرهابية‭ ‬الصهيونية‭ ‬من‭ ‬اغتصاب‭ ‬فلسطين‭.‬

وشهادة‭ ‬المسئول‭ ‬البريطاني‭ ‬هي‭ ‬شهادة‭ ‬للتاريخ‭ ‬توثق‭ ‬الجريمة‭ ‬البريطانية‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا