العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

منقذ الفقراء هل ينقذ بنغلاديش؟!

بقلم: د. نبيل العسومي

الثلاثاء ٢٠ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

بعد‭ ‬مواجهات‭ ‬وصدامات‭ ‬عنيفة‭ ‬استمرت‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬بين‭ ‬طلاب‭ ‬الجامعات‭ ‬ورجال‭ ‬الشرطة‭ ‬في‭ ‬دكا‭ ‬العاصمة‭ ‬البنغلاديشية‭ ‬راح‭ ‬ضحيتها‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬القتلى‭ ‬والآلاف‭ ‬من‭ ‬الجرحى‭ ‬احتجاجا‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬الحصص‭ ‬في‭ ‬الوظائف‭ ‬الحكومية‭ ‬العامة‭ ‬والذي‭ ‬أقرته‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬رغم‭ ‬المعارضة‭ ‬الشعبية‭ ‬الشديدة‭ ‬والذي‭ ‬بموجبه‭ ‬تم‭ ‬تخصيص‭ ‬30%‭ ‬من‭ ‬الوظائف‭ ‬لعائلات‭ ‬المحاربين‭ ‬الذين‭ ‬قاتلوا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستقلال‭ ‬ضد‭ ‬باكستان‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬حيث‭ ‬حولت‭ ‬هذه‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬العاصمة‭ ‬دكا‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬للمنازلة‭ ‬بين‭ ‬الطلاب‭ ‬المحتجين‭ ‬وقوات‭ ‬الشرطة‭ ‬رغم‭ ‬قيام‭ ‬السلطات‭ ‬بتعطيل‭ ‬خدمة‭ ‬الإنترنت‭ ‬والرسائل‭ ‬النصية‭ ‬وإغلاق‭ ‬الجامعات‭ ‬والمعاهد‭ ‬والمؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة‭ ‬وفرض‭ ‬حظر‭ ‬التجول‭ ‬في‭ ‬عموم‭ ‬البلاد‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬الا‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬لم‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬وقف‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬وإعادة‭ ‬الهدوء‭ ‬إلى‭ ‬الشارع‭ ‬البنغلاديشي‭ ‬الذي‭ ‬انتفض‭ ‬ضد‭ ‬قرار‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬فكانت‭ ‬إرادة‭ ‬الشعب‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬اتخاذها،‭ ‬ما‭ ‬أجبر‭ ‬رئيسة‭ ‬الوزراء‭ ‬الشيخة‭ ‬حسينة‭ ‬إلى‭ ‬الهروب‭ ‬والفرار‭ ‬إلى‭ ‬الهند‭ ‬بطائرة‭ ‬هليكوبتر‭ ‬رغم‭ ‬فوزها‭ ‬بولاية‭ ‬رابعة‭ ‬على‭ ‬التوالي‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬جريت‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬الماضي‭.‬

لقد‭ ‬تسبب‭ ‬قرار‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬5‭ ‬يوليو‭ ‬الماضي‭ ‬الذي‭ ‬قضى‭ ‬إلى‭ ‬العودة‭ ‬لنظام‭ ‬الحصص‭ ‬في‭ ‬الوظائف‭ ‬الحكومية‭ ‬العامة‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬في‭ ‬إشعال‭ ‬فتيل‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬حيث‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬يلاقي‭ ‬معارضة‭ ‬شديدة‭ ‬من‭ ‬الأغلبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬يعاني‭ ‬أصلا‭ ‬من‭ ‬البطالة‭ ‬باعتباره‭ ‬نظاما‭ ‬غير‭ ‬منصف‭ ‬يميز‭ ‬بين‭ ‬المواطنين،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬ان‭ ‬الوظيفة‭ ‬الحكومية‭ ‬أكثر‭ ‬استقرارا‭ ‬وأعلى‭ ‬راتبا‭ ‬مقارنة‭ ‬برواتب‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭.‬

كما‭ ‬ان‭ ‬تصريحات‭ ‬رئيسة‭ ‬الوزراء‭ ‬الشيخة‭ ‬حسينة‭ ‬التي‭ ‬ادلت‭ ‬بها،‭ ‬التي‭ ‬اعتبرت‭ ‬بمثابة‭ ‬موافقة‭ ‬حكومية‭ ‬على‭ ‬النظام،‭ ‬والتي‭ ‬قالت‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬لماذا‭ ‬يشعر‭ ‬المحتجون‭ ‬بهذا‭ ‬القدر‭ ‬من‭ ‬الاستياء‭ ‬تجاه‭ ‬مقاتلين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحرية؟‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬وصفت‭ ‬المحتجين‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬بأنهم‭ ‬احفاد‭ ‬‮«‬رضا‭ ‬كار‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬وصف‭ ‬يستخدم‭ ‬لوصف‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬تعاونوا‭ ‬مع‭ ‬الجيش‭ ‬الباكستاني‭ ‬فكانت‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬زادت‭ ‬من‭ ‬غضب‭ ‬الشارع‭ ‬والاستياء‭ ‬بمثابة‭ ‬تحول‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬والحشد‭ ‬ضد‭ ‬رئيسة‭ ‬الوزراء‭ ‬الشيخة‭ ‬حسينة‭ ‬انتهت‭ ‬بفرارها‭ ‬إلى‭ ‬الهند‭.‬

والآن‭ ‬بعد‭ ‬فرار‭ ‬رئيسة‭ ‬الوزراء‭ ‬وحل‭ ‬البرلمان‭ ‬واختيار‭ ‬محمد‭ ‬يونس‭ ‬لرئاسة‭ ‬الحكومة‭ ‬الانتقالية‭ ‬هل‭ ‬بإمكان‭ ‬هذا‭ ‬الخبير‭ ‬الاقتصادي‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬84‭ ‬عاما‭ ‬والحائز‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬للسلام‭ ‬والمعروف‭ ‬بمواقفه‭ ‬الإنسانية‭ ‬والمبدئية‭ ‬إخراج‭ ‬بنغلاديش‭ ‬من‭ ‬أزمتها‭ ‬مثلما‭ ‬استطاع‭ ‬اخراج‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬البنغلاديشيين‭ ‬من‭ ‬الفقر‭ ‬بفضل‭ ‬بنكه‭ ‬الإنساني‭ ‬‮«‬بنك‭ ‬الفقراء‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬مول‭ ‬المشاريع‭ ‬الصغيرة؟‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬بإلحاح‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬وهي‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬أهمها‭:‬

1-‭ ‬التحدي‭ ‬الأمني‭ ‬وكيفية‭ ‬استعادة‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬إلى‭ ‬البلاد‭ ‬خصوصا‭ ‬بعد‭ ‬الاشتباكات‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬بين‭ ‬الأقلية‭ ‬الهندوسية‭ ‬التي‭ ‬ساندت‭ ‬رئيسة‭ ‬الوزراء‭ ‬السابقة‭ ‬الشيخة‭ ‬حسينة‭ ‬والأغلبية‭ ‬المسلمة‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬صراع‭ ‬ديني‭ ‬يهدد‭ ‬أمن‭ ‬البلاد‭ ‬واستقرارها‭.‬

2-‭ ‬دور‭ ‬الجيش‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الانتقالية‭ ‬هل‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬القادمة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬اخذنا‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬إزاحة‭ ‬الشيخة‭ ‬حسينة‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬رفض‭ ‬قمع‭ ‬المحتجين‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬حكومة‭ ‬مدنية‭.‬

3-‭ ‬التحدي‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬رغم‭ ‬تحقيق‭ ‬بنغلاديش‭ ‬نموا‭ ‬قدره‭ ‬6%‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬فإن‭ ‬موجة‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬ادت‭ ‬إلى‭ ‬اغلاق‭ ‬اعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المصانع،‭ ‬وخصوصا‭ ‬مصانع‭ ‬الألبسة‭ ‬التي‭ ‬تشتهر‭ ‬بها‭ ‬بنغلاديش‭.‬

4-‭ ‬البطالة‭ ‬خصوصا‭ ‬بين‭ ‬الشباب‭ ‬والتي‭ ‬وصلت‭ ‬الى‭ ‬نسب‭ ‬عالية‭ ‬جدا‭ ‬30% مما‭ ‬يتطلب‭ ‬تنفيذ‭ ‬مشاريع‭ ‬جديدة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬الشباب‭ ‬لان‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭ ‬مهما‭ ‬وظف‭ ‬فلن‭ ‬يستوعب‭ ‬كل‭ ‬العاطلين‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا