انتهت مفاوضات الدوحة بين إسرائيل وكل من مصر وقطر والولايات المتحدة، وأعلن الوسطاء أنه حدث تقدم في مسار المفاوضات، وأن الجميع سيجتمعون مرة أخرى، هذا الأسبوع، في القاهرة، لاستكمال الترتيبات الفنية الخاصة بالهدنة أو «الهدوء المستدام»، (التعبير الذي فرضته إسرائيل على الإدارة الأمريكية بدلًا من تعبير وقف إطلاق نار)، بما يعنى أن هناك توافقًا بين إسرائيل وحماس على الإطار الحاكم للهدنة، وأن الاجتماع القادم سيناقش التفاصيل الفنية.
ويبدو أن هذا التصور غير دقيق، وفق التصريحات الإسرائيلية، التي أشارت إلى وجود نقاط خلافية، وأيضًا بعض تصريحات قادة حماس التي أكدت ذلك.
إن التعقيدات التي وضعها رئيس الوزراء الإسرائيلي على مقترح الرئيس بايدن – والذي في جوهره مقترح إسرائيلي، ونال في نفس الوقت موافقة من مجلس الأمن – لا تزال تعرقل التوقيع على اتفاق هدنة، خاصة بعد أن اتضح أن هدف الحرب الأساسي ليس القضاء على حركة حماس، كما تقول إسرائيل، إنما قتل وتهجير وتجويع الشعب الفلسطيني.
لم تعد الحرب الحالية بين جيش نظامي مدجج بالسلاح والتكنولوجيا وتنظيم مقاوم مسلح كما كان الحال في الأشهر الثمانية الأولى، إنما هي حرب إبادة مكتملة الأركان لأن إسرائيل لم تعد تحقق أي تقدم عسكري على الأرض، بعد أن نجحت في إضعاف قدراتها العسكرية، وبالتالي لم يعد هناك مبرر واحد لإطالة أمد الحرب إلا قتل الشعب الفلسطيني.
إن عرقلة الهدنة المرتقبة بوضع عراقيل جديدة، منها تجاهل التأكيد على انسحاب إسرائيل من محور «فلاديلفيا» ومن معبر رفح، كما أن تمسك إسرائيل بفصل مسارات المراحل الثلاث من الهدنة عن بعضها البعض يعنى أن المرحلة الأولى ستؤدى إلى الإفراج عن بعض الأسرى الفلسطينيين مقابل 33 أسيرًا إسرائيليًّا، وترغب بعدها دولة الاحتلال أن تتفاوض مرة أخرى على إطار جديد لاستمرار الهدنة، وتدخل في مرحلة ثانية، وهكذا، وهو موقف يهدم أي أساس للصفقة، بمعنى أن إسرائيل تريد في كل مرة أن تفرض شروطها في مقابل وقف مؤقت لإطلاق النار يستمر أسابيع تأخذ في أعقابه أسراها، ثم تستأنف القتال.
وحتى هذه اللحظة، لم تعلن إسرائيل موافقتها القاطعة على المقترح الأمريكي، بل ارتكبت أكثر من مجزرة راح ضحيتها مئات المدنيين العزل.
ستبقى الهدنة غير مؤكدة وغير مستحيلة مادامت إسرائيل تعتبرها مؤقتة، وترفض حتى اللحظة القبول بوقف كامل لإطلاق النار. صحيح أن حماس أبدت مرونة، وقبلت تعبير «الهدوء المستدام» بدلًا من وقف إطلاق النار، بحيث تعمل من أجل أن تؤدى المرحلة الثالثة إلى وقف القتال بشكل نهائي، حتى لو لم يُستخدم هذا التعبير.
ستبقى الهدنة معلقة مادامت إسرائيل أصرت على النظر إلى أي اتفاق هدنة على أنه مجرد صفقة تحصل فيها على أسراها، ثم تستأنف الحرب وجرائم الإبادة الجماعية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك