يكثف الديمقراطيون استعدادتهم لعقد مؤتمرهم لعام 2024 وهم يدركون أهمية العديد من القضايا الحاسمة المطروحة على المحك في هذه الانتخابات. هناك أيضا قلق عميق يساور الكثيرين بشأن ما قد تعنيه إدارة ترامب الثانية بالنسبة إلى حقوق المرأة، والحقوق المدنية، وحماية البيئة، وسياسة الهجرة، والخطاب المدني، وأساس النظام الديمقراطي في الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد تمت مناقشة هذه القضايا وغيرها من المسائل الهامة الأخرى بإسهاب وبشكل مطول في برنامج الحزب الديمقراطي لعام 2024، على أن يتناولها المتحدثون في مؤتمر الحزب الديمقراطي الذي بات قريبا.
وبالمقابل، فإن مؤتمر الحزب الديمقراطي لن يناقش قضايا ومسائل أخرى ملحة مثل الإبادة الجماعية التي تتجلى صورها المروعة في قطاع غزة، والتآكل المستمر لحقوق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، والدور الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية في دعم انتهاكات إسرائيل الصارخة للقانون الدولي وتشريعات حقوق الإنسان الأمريكية.
ولأن هذه المواضيع الملحة لن يتم تناولها أو التطرق إليها في مؤتمر الحزب الديمقراطي، يستضيف المعهد العربي الأمريكي، وبالتعاون مع منظمة RainbowPUSH التابعة للقس جيسي جاكسون وغيرها من المجموعات التقدمية البارزة، على مدى ثلاثة أيام هذه البرامج قبل بدء الإجراءات الرسمية للمؤتمر، حيث سيتم التركيز أساسا على عدة مسالة جوهرية نذكر منها ما يلي:
دور المال المظلم في السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية
سيتم التركيز على مناقشة الكيفية التي أنفقت بها الجماعات المؤيدة لإسرائيل مبالغ مالية كبيرة تفوق خمسة وثلاثين مليون دولار هذا العام لتشويه وهزيمة اثنين من أعضاء الكونجرس التقدميين السود الذين دافعوا عن الحقوق الفلسطينية.
لقد كانت الأموال المظلمة مصدر قلق متزايد خلال الدورات الانتخابية الثلاث الماضية. لقد حاولنا مرتين، في اجتماعات الحزب الديمقراطي، تمرير قرارات تحظر استخدام هذه الأموال المظلمة في الانتخابات التمهيدية، لكن قادة الحزب رفضوا حتى السماح بمناقشة هذه القضية.
إذا تُركت مشكلة الأموال المظلمة دون رادع، فسوف تنمو، وسرعان ما لن يقتصر الأمر على المؤيدين لإسرائيل فحسب، بل ستحاول أيضًا مجموعات المصالح الخاصة الأخرى (مثل شركات الأدوية الكبرى والبنوك والتأمين الصحي وما إلى ذلك) الاستفادة من الثغرة التي تسمح لها بضخ وتوظيف أموال ضخمة لإغراق الانتخابات الأمريكية.
دور الكونجرس في دعم التشريعات التي تلجم حرية التعبير
ومع احتدام الجدل السياسي الأمريكي حول الصراع بين إسرائيل والشعب الفلسطيني عملت الجماعات المؤيدة لإسرائيل مع بعض أعضاء الكونجرس والمشرعين في مختلف الولايات الأمريكية لإسكات الأصوات ومعاقبة الأفعال المنتقدة لإسرائيل.
ومن خلال توسيع نطاق تعريف معاداة السامية ليشمل معظم الانتقادات الموجهة لإسرائيل، ومن خلال حرمان الأمريكيين من حق المقاطعة أو الدعوة إلى فرض عقوبات ضد أي دولة لأي سبب من الأسباب، يتم تقييد حرية التعبير أو الحرمان منها تمامًا.
لقد أقرت أكثر من ثلاثين ولاية أمريكية حتى الآن هذه القوانين التي تقيد حرية التعبير، كما أن الكونجرس بصدد مناقشة تشريع يخلط بين انتقاد إسرائيل ومعاداة السامية ويطلب من الجامعات والمؤسسات الأخرى التي تتلقى أموالا فيدرالية إنشاء آليات إنفاذ.
أصوات الفلسطينيين التي يجب أن تُسمع
وبعد مقتل 40 ألف فلسطيني في الحرب الإسرائيلية على غزة، وتدمير معظم القطاع، والمجاعة المتفاقمة التي تلوح في الأفق، يحتاج الديمقراطيون إلى الاستماع إلى الفلسطينيين والإصغاء إليهم. إذا لم مؤتمر الحزب الديمقراطي الدعوة لهؤلاء الفلسطينيين، فإن الفعالية التي يعتزم المعهد العربي الأمريكي إقامتها ستتيح لهم الفرضة للحضور ورواية قصتهم.
دراسة لما لم يتضمنه برنامج الحزب الديمقراطي
يخوض العرب الأمريكيون والمهتمون الآخرون بتكريس مبدأ العدالة في منطقة الشرق الأوسط عدة معارك لتشكيل مواقف الأحزاب السياسية تجاه الصراع بين إسرائيل والشعب الفلسطيني. لذلك، سيتم التركيز في هذه الفعالية على تغير فعليا وما لم يتغير خلال العقود الأربعة الماضية.
قبل أربعين عاماً، لم نتمكن من إدراج كلمة «الفلسطينيون» في البرنامج الانتخابي للحزب الديمقراطي. أما اليوم فقد أصبحت هذه الكلمة مدرجة في برنامج الديمقراطيين، ولكن لن يدرج أي من الطرفين كلمة احتلال أو أي انتقاد للسياسات الإسرائيلية. ذلك ما يجب أن يتغير.
الدور الذي تلعبه حرب غزة في تغيير الرأي العام وأثره على مستقبل الحزب الديمقراطي
لقد أصبحت حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل في غزة مركزية في أجندة التقدميين في الحزب الديمقراطي. وتظهر استطلاعات الرأي أن غالبية الديمقراطيين يعارضون الانتهاكات التي ترتكيها إسرائيل في الحرب التي تشنها في قطاع غزة، وهم يريدون وقف إطلاق النار وفرض شروط على المساعدات الأمريكية لإسرائيل، كما أنهم يدعمون العدالة والحقوق للفلسطينيين.
ولا شك أن هذه الأرقام المتزايدة إنما هي مدفوعة في الحقيقة إلى حد كبير بالناخبين الشباب، والجماعات اليهودية التقدمية، إلى جانب الأمريكيين السود واللاتينيين والآسيويين والعرب، وجميعهم مهمون لتحقيق الانتصارات الديمقراطية في المواعيد الانتخابية.
بالإضافة إلى الفعالية التي يعتزم المعهد العربي الأمريكي عقدها على مدى ثلاثة أيام، ستستضيف مجموعات أخرى ستقيم أيضا عدة فعاليات من خلالها تسعى إلى الضغط على مؤسسة الحزب الديمقراطي لتغيير الاتجاه بشأن عدة القضايا ملحة، إلا أن المعهد العربي الأمريكي هو الوحيد الذي سيتحدى الحزب الديمقراطي من خلال القضايا التي ستتم مناقشتها ودفعه لمواجهة «الفيل الموجود في الغرفة»، أعني هذا الدعم اللامشروط الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل في حرب الإبادة الجماعية التي تشنها بلا هوادة ضد الفلسطينيين. إنها قضية ملحة يريد أغلب الديمقراطيين أن يناقشها الحزب، وهي سياسة يريدون من الإدارة تغييرها.
{ رئيس المعهد العربي الأمريكي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك