يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
السنة في إيران ووهم الرئيس الإصلاحي
الخبر الذي نشرناه قبل أيام في «أخبار الخليج» يقول إن هناك انتقادات واسعة للرئيس الإيراني الجديد بزشكيان بسبب تجاهله التام لأهل السنة في إيران وأبناء كل الأقليات في تشكيل حكومته الجديدة التي أعلن أسماء الوزراء المرشحين لها مؤخرا، إذ لم تتضمن التشكيلة ولو وزيرا واحدا من الأقليات.
ليس في الأمر مفاجأة ولا أي جديد. منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران وحكم رجال الدين لم يحدث أن تم اختيار أي وزير في أي حكومة من أهل السنة، ولا في أي من المناصب العليا في الدولة. حدث هذا مع كل الحكومات المحافظة أو الإصلاحية.
هذا التهميش والتجاهل هو جزء من الاضطهاد الطائفي الذي يعاني منه السنة في إيران، ومن التمييز واسع النطاق ضدهم في كل المجالات. السنة محرومون من بناء المساجد ويعانون من الاضطهاد والتمييز في كل مجالات التوظيف والبرامج الاجتماعية والحقوق السياسية.. الخ. هذا على الرغم من أن السنة يمثلون 20% من سكان إيران.
لا جديد إذن فيما فعله الرئيس الإيراني الجديد، فهو يسير على نهج أسلافه ولم يفعل إلا تنفيذ سياسة النظام تجاه أهل السنة والأقليات الأخرى.
كل ما في الأمر أن أهل السنة في إيران وأبناء الأقليات كانوا قد علقوا بعضا من الآمال على بزشكيان على اعتبار أنه تم تقديمه للشعب الإيراني على أنه مرشح الإصلاحيين، وعلى اعتبار أنه في فترة ما قبل الانتخابات كان بعض المرشحين ومن بينهم بزشكيان قد قدموا وعودا بإصلاحات كثيرة من بينها إنصاف أبناء الأقليات والعمل على حل أزماتهم الكثيرة.
والمشكلة مع الرئيس الإيراني الجديد لا تتعلق على أي حال بالسنة وأبناء الأقليات وحدهم، وإنما بالشعب الإيراني كله.
قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة كانت كل المؤشرات تدل على أن الشعب الإيراني يعتزم مقاطعة الانتخابات مقاطعة واسعة احتجاجا على أوضاعه المعيشية المتردية والقمع السياسي. ومع هذا، شارك قطاع لا بأس به من الشعب في الدورة الثانية من الانتخابات ومنح أصواته لبزشكيان. كان المغزى الأساسي لهذا أن الشعب لديه إرادة عارمة في التغيير.
الشعب تعلق بهذا الأمل البسيط لأنه كما ذكرت تم تقديم بزشكيان على اعتبار أنه إصلاحي يتبنى برنامجا للتغيير. ولم يكن هذا صحيحا بشكل عام. كل تاريخ بزشكيان وأفكاره عبر السنين الطويلة التي قضاها في العمل العام تؤكد أن علاقته بالإصلاح محدودة، وأنه أحد الأبناء الأوفياء للمرشد وللنظام الديني.
اتضح بعد ذلك أنه تمت المبالغة عن عمد في تصوير بزشكيان كإصلاحي بارز، وبتوجيه من المرشد الإيراني نفسه، لإعطاء الشعب بصيصا من الأمل وإنقاذ النظام من أزمة سياسية خانقة كانت ستتفجر لو قاطع الشعب الانتخابات مقاطعة واسعة.
وهم الإصلاح والتغيير مع الرئيس الجديد سقط بأسرع مما يتصور الكثيرون. سقط قبل أن تبدأ حكومته في ممارسة مهامها وقبل أن يمارس السلطة فعليا.
لا يتعلق الأمر هنا بالانتقادات التي وجهها السنة وأبناء الأقليات فقط، لكنه تجسد أيضا في الخطوة المفاجئة التي اتخذها جواد ظريف. بزشكيان كان قد عيّن جواد ظريف مستشارا للشؤون الاستراتيجية وكان من بين مهامه اختيار وزراء الحكومة الجديدة. وبمجرد أن أعلن الرئيس أسماء وزراء حكومته أعلن ظريف اسقالته علنا. لم يكتف بتقديم استقالته بل حرص على أن يشرح أسبابها تفصيلا، والتي تتلخص في خيبة الأمل من الحكومة والتي لم تأت معبرة لا عن الرغبة في الإصلاح ولا عن الوفاء بالوعود التي سبق تقديمها. ظريف قال في معرض تبرير استقالته: «أشعر بالخجل لأنني لم أتمكن من تنفيذ رأي الخبراء للجان المسؤولة عن اختيار المرشحين بشكل لائق، وتحقيق إشراك النساء والشباب والمجموعات العرقية كما وعدت».
باختصار إذن، وهم الإصلاح والتغيير مع بزشكيان سقط بسرعة البرق، واتضح أنه، وكما هي العادة، لا كلمة إلا للمرشد والحرس الثوري.
هذا فيما يتعلق بالقضايا الداخلية في إيران. أما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية وما يخصنا نحن في الدول العربية فهذا موضوع آخر يستحق التوقف عنده مطولا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك