عندما ندرك في فهم كيفية عمل العملات الرقمية للبنك المركزي المترقب قدومها قريبا كجزء من مخطط «بنك التسوية الدولي» للنظام النقدي المستقبلي، وفكرة الأموال القابلة للبرمجة، والتهديدات المختلفة التي تشكلها، فإن ردة الفعل الأولى ستكون الذعر والتفكير في أنه سيتم فرضها بحيث أن البنك المركزي سيصدر لك حسابا مباشرة عن طريق محفظتك الخاصة بك. ربما سيكون هذا السيناريو هو الكابوس الأكثر بؤساً، لأن البنك المركزي يمكنه فعليا التتبع والتحكم في كل قرش تكسبه أو تدخره أو تنفقه ورؤية كل معاملة تشارك فيها في الوقت الفعلي وربما إيقافها والتلاعب بها. فهي أداة قوية يستخدمها السياسيون لمصادرة الثروة وإعادة توزيعها على النحو الذي يرونه مناسبا.
لكن هذه ليست بالضرورة الطريقة التي ستسير بها الأمور، وخاصة في الدول الغربية المتقدمة. قد يبدو الأمر في شكل حصول البنوك والمؤسسات المالية على حصة في هذه الصفقة ربما كوسيط بينك وبين البنك المركزي. ستعمل هذه العملات الرقمية للبنك المركزي على تمكين الهندسة الاجتماعية من خلال السماح للسلطة بمعاقبة الأشخاص أو مكافأتهم بطرق لم تكن ممكنة من قبل.
تتمثل عمليات التسويق والترويج في إقناع الجمهور بقبول هذا النظام الرقمي الجديد تحت هيمنة البنك المركزي وإلا فسيتعين على الجمهور التفكير مرتين بخصوص قبول هذا الموضوع. يمكن أن يصل العرض إلى الحد الذي يمكنهم من خلاله تعريف الأشخاص بأنه شيء مألوف لديك وأن استخدامه سيكون سهلاً من خلال تطبيقات الدفع الرقمية المختلفة والمتوفرة في الأسواق، لكن الأمر ليس كذلك حقاً.
لا توجد خصوصية في استخدام العملات الرقمية للبنوك المركزية لأنه يتم تتبع المعاملة الرقمية مقارنة بالدفع نقداً. يمكنك مشاهدة أجوستين كارستينز «المدير التنفيذي لبنك التسويات الدولية BIS» وهو يروج لهذا النظام بحجة أنه لا توجد طرق في الوقت الحالي يمكن للبنوك المركزية تتبع أموالها. بالنسبة إلى أولئك الذين لا يعرفون ما يعنيه BIS، فهو البنك المركزي لجميع البنوك المركزية حول العالم. يعد تتبع المعاملة النقدية في حد ذاته مشكلة. إذا تم تتبع كل معاملة، فيمكنك أيضاً إنشاء قواعد بشأن متى وكيف يُسمح لك باستخدام الأموال.
أحد أمثلة إنشاء قواعد أو برمجة أموالك في عالم العملات الرقمية للبنك المركزي CBDC هو أنه يمكنهم برمجة أموالك بحيث يسمح أو لا يسمح تطبيق الدفع على هاتفك الذكي بإجراء أي معاملة بناءً على موقعك. لذلك لن تتمكن من شراء أي شيء لأن محفظتك الرقمية لن تعمل. قد يتساءل البعض عن الصلة بين تطبيق الدفع والموقع الذي أنت فيه. لنتذكر أظلم أيام جائحة «الإنفلونزا الموسمية» والجنون الذي كان يحدث في أستراليا في فترة عمليات الإغلاق، حيث لم يتمكن المواطن الأسترالي من السفر لمسافة تزيد على 5 كيلومترات من منزله. فهل سيسمح تطبيق الدفع بإجراء هذه العملية خارج نطاق الـ5 كيلومترات؟ أو لو تم ربطه بإلزامية أخذ آخر تحديث من هذه اللقاحات المزيفة والمسوقة من شركات الصيدلة الكبرى؟ أو في حال تجاوزك بدل استهلاك اللحوم الشهري أو البصمة الكربونية المخصصة لك لهذا الشهر؟ أو لأي سبب ما! هذه أمثلة بسيطة يمكن استخدامها لبرمجة أموالك من خلال هذا النظام المصرفي الجديد المتوقع قدومه.
أتخيل أن كل دولة لديها نكهتها الخاصة في التعاملات الرقمية للبنك المركزي وربما تحتاج إلى الذهاب إلى مؤسسة بنكية وسيطة لإجراء المعاملات، ولكن الهدف على المدى الطويل هو جمع كل هذا معا في دفتر حسابات عملاق واحد وجذب الناس تدريجيا إلى نظام الدخل الأساسي الشامل «UBI» وهو حلم النخبة العالمية الشيطانية في تكوين حكومة عالمية واحدة!
لن تصبح مجموعة البريكس منقذاً للعالم ضد النظام العالمي الجديد أيضاً، حيث تعمل كل دولة على إنشاء عملتها الرقمية الوطنية الخاصة بها. تقود الصين العالم في تنفيذ العملات الرقمية المرتبطة بالفعل بنظام الهوية الرقمية الذي يقوم بمسح وجهك. على سبيل المثال، إذا كنت مخالفاً للسير على الأقدام في الشارع في أحد ضواحي الصين، فسيتعرف الذكاء الاصطناعي عن طريق كاميرات تقنية التعرف على الوجه من أنت، وسوف يدخل إلى حسابك مما سيفرض عليك غرامة في الوقت الفعلي.
من الواضح تماماً أن دول البريكس تشارك في هذه الأجندة لأن كل مركز قوة وسياسي متعطش للسلطة في العالم يرغب في نوع السيطرة التي ستوفرها هذه التكنولوجيا لمواطنيها. لا شك أن العملات الرقمية للبنوك المركزية هي أداة للاستعباد. إنها تمثل قفزة نوعية إلى الوراء في حرية الإنسان. ولنا أن نتصور أنه حتى لو كان هناك وسطاء مصرفيون بيننا وبين البنك المركزي، ألا تعتقد أنه بالإمكان برمجة أموالنا بأي طريقة يريدونها؟
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك