العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هل ينجح محمد يونس في مهمته الصعبة في بنجلاديش؟

بقلم: حلمي النمنم

الثلاثاء ١٣ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

أتيح‭ ‬لي‭ ‬قضاء‭ ‬عدة‭ ‬جلسات‭ ‬مع‭ ‬‮«‬البروفيسور‭ ‬محمد‭ ‬يونس‮»‬،‭ ‬عبر‭ ‬يومين‭ ‬متتاليين،‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬بدايات‭ ‬سنة‭ ‬2019،‭ ‬حيث‭ ‬أقامت‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬بالمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ندوة‭ ‬موسعة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬‮«‬العلا‮»‬،‭ ‬

دُعي‭ ‬إلى‭ ‬الندوة‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المشاركين‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬كان‭ ‬بينهم‭ ‬اثنان‭ ‬من‭ ‬الرؤساء‭ ‬السابقين‭ ‬هما‭ ‬الفرنسي‭ ‬نيكولا‭ ‬ساركوزى‭ ‬والبولندي‭ ‬ليخ‭ ‬فاليسا،‭ ‬واثنان‭ ‬من‭ ‬وزراء‭ ‬الثقافة‭ ‬السابقين،‭ ‬كنت‭ ‬أحدهما‭ ‬والثاني‭ ‬كان‭ ‬وزير‭ ‬الثقافة‭ ‬الفرنسي‭ ‬أيام‭ ‬الرئيس‭ ‬جاك‭ ‬شيراك،‭ ‬وكان‭ ‬محمد‭ ‬يونس‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬المشاركين‭ ‬وكان‭ ‬موضع‭ ‬احتفاء‭ ‬وتقدير‭ ‬الجميع‭.‬

افتتحت‭ ‬الندوة‭ ‬مديرة‭ ‬اليونسكو‭ ‬السيدة‭ ‬أوزولاي‭. ‬وفوجئت‭ ‬أن‭ ‬المقر‭ ‬المخصص‭ ‬لإقامتي‭ ‬بحوار‭ ‬مقر‭ ‬محمد‭ ‬يونس‭ ‬والرئيس‭ ‬البولندي‭ ‬السابق‭ ‬ليخ‭ ‬فاليسا‭.‬

في‭ ‬الجلسة‭ ‬الرسمية‭ ‬تحدث‭ ‬الرئيس‭ ‬البولندي‭ ‬السابق‭ ‬عن‭ ‬تجربته‭ ‬هو‭ ‬وزملاؤه‭ ‬من‭ ‬نقابة‭ ‬عمال‭ ‬السفن‭ ‬والموانئ‭ ‬في‭ ‬التمرد‭ ‬على‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬زمن‭ ‬جورباتشوف،‭ ‬كانت‭ ‬تجربته‭ ‬مسمارا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬نعش‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬والمعسكر‭ ‬الاشتراكي‭ ‬كله؛‭ ‬أن‭ ‬يصدر‭ ‬التمرد‭ ‬من‭ ‬وارسو‭ ‬مقر‭ ‬الحلف‭ ‬الاشتراكي،‭ ‬فهذا‭ ‬مؤشر‭ ‬على‭ ‬الانهيار‭ ‬من‭ ‬الداخل،‭ ‬جورباتشوف‭ ‬لم‭ ‬يتعامل‭ ‬كما‭ ‬تعامل‭ ‬سلفاه،‭ ‬خروتشوف‭ ‬سنة‭ ‬1956‭ ‬في‭ ‬المجر‭ ‬وبريجنيف‭ ‬سنة‭ ‬1968‭ ‬مع‭ ‬انتفاضة‭ ‬براج،‭ ‬تفهم‭ ‬جورباتشوف‭ ‬المطالب،‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬انهار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬تفتت‭ ‬من‭ ‬داخله‭. ‬ونالت‭ ‬بولندا‭ ‬استقلالها‭ ‬وسيادتها‭ ‬التامة،‭ ‬واعتبر‭ ‬زعيما‭ ‬وطنيا‭ ‬وليس‭ ‬قائد‭ ‬حركة‭ ‬عمالية‭ ‬وصار‭ ‬رئيسا‭ ‬للبلاد،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تجربته‭ ‬ناجحة‭.‬

في‭ ‬الجلسة‭ ‬الرسمية‭ ‬تمسك‭ ‬بمقولة‭ ‬إن‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬وانفراد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بالعالم‭ ‬لم‭ ‬يخطر‭ ‬بباله‭ ‬هو‭ ‬وزملاؤه،‭ ‬لو‭ ‬أنهم‭ ‬أدركوا‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬أقدموا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬قاموا‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬احتجاجات‭.‬

في‭ ‬أحاديثنا‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الندوة‭ ‬لم‭ ‬يخرج‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬المقولة،‭ ‬راح‭ ‬يلح‭ ‬عليها‭ ‬وكأنه‭ ‬متهم‭ ‬بشيء‭ ‬يود‭ ‬أن‭ ‬ينفيه‭ ‬عن‭ ‬نفسه،‭ ‬بدا‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬روح‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي،‭ ‬لم‭ ‬تغادره‭ ‬وأنه‭ ‬كان‭ ‬يضج‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬قيادات‭ ‬الحزب‭ ‬وليس‭ ‬الحزب‭ ‬والفكرة‭ ‬ذاتها،‭ ‬كان‭ ‬متبرما‭ ‬بكل‭ ‬شيء،‭ ‬إحساس‭ ‬مخيف‭ ‬أن‭ ‬تشعر‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الطريق‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬قمت‭ ‬به‭ ‬وناضلت‭ ‬من‭ ‬أجله،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬صوابًا،‭ ‬وأنك‭ ‬أسأت‭ ‬التقدير‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمجتمع‭ ‬كله،‭ ‬ليس‭ ‬شعورا‭ ‬بالندم،‭ ‬لكنها‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الحسرة،‭ ‬ربما‭ ‬الشعور‭ ‬بالذنب‭ ‬والإحساس‭ ‬باللا‭ ‬جدوى‭.‬

على‭ ‬النقيض‭ ‬منه‭ ‬كان‭ ‬جارى‭ ‬الآخر‭ ‬د‭. ‬يونس،‭ ‬كان‭ ‬راضيا‭ ‬تماما‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به،‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬تجربته‭ ‬بسعادة‭ ‬واعتزاز‭ ‬وتواضع‭ ‬أيضا،‭ ‬لا‭ ‬غرور‭ ‬ولا‭ ‬مبالغة‭ ‬حول‭ ‬الذات،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬دافعي‭ ‬للتحدث‭ ‬معه‭ ‬الفضول‭ ‬وحده‭ ‬ولا‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬الاستفادة‭ ‬بهكذا‭ ‬مصادفة‭ ‬للخروج‭ ‬بحوار‭ ‬ينشر‭.‬

كنت‭ ‬أعرف‭ ‬جيدا‭ ‬تجربته‭ ‬في‭ ‬بنك‭ ‬الفقراء‭ ‬وجائزة‭ ‬نوبل‭ ‬في‭ ‬السلام،‭ ‬وفي‭ ‬مسيرته‭ ‬الكثير‭ ‬مما‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬الإعجاب،‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬بلاده‭ ‬حاملا‭ ‬الدكتوراه‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬دكتوراه‭ ‬بجد،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬‮«‬يتدكتر‮»‬‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬ومجتمعه‭ ‬ولا‭ ‬انشغل‭ ‬بالوجاهة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والانتهازية‭ ‬البيروقراطية‭ ‬للفوز‭ ‬بوظيفة‭ ‬مريحة‭ ‬أو‭ ‬منصب‭ ‬متميز‭.‬

نزل‭ ‬إلى‭ ‬الشارع‭ ‬واحتك‭ ‬بعموم‭ ‬المواطنين‭ ‬وراح‭ ‬يمد‭ ‬يده‭ ‬إليهم‭ ‬ويغوص‭ ‬في‭ ‬مشاكلهم‭ ‬باحثا‭ ‬عن‭ ‬حل،‭ ‬ليس‭ ‬بروح‭ ‬المن‭ ‬والتعطف‭ ‬المشوب‭ ‬بقدر‭ ‬من‭ ‬الاستعلاء،‭ ‬ولكن‭ ‬تحرك‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬أو‭ ‬حلول‭ ‬تفيد‭ ‬الجميع،‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان،‭ ‬حقق‭ ‬قدرًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬النجاح‭ ‬وصارت‭ ‬تجربته‭ ‬تحتذى،‭ ‬لم‭ ‬يمنع‭ ‬ذلك‭ ‬وجود‭ ‬خصوم‭ ‬له‭ ‬ولتجربته‭ ‬داخل‭ ‬بلاده،‭ ‬سواء‭ ‬لدى‭ ‬بعض‭ ‬الأحزاب‭ ‬وبعض‭ ‬النخب‭ ‬الحاكمة‭.‬

في‭ ‬الجلسة‭ ‬الرسمية‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬تجربته،‭ ‬كان‭ ‬فكره‭ ‬متجهًا‭ ‬إلى‭ ‬المستقبل‭ ‬وليس‭ ‬متوقفا‭ ‬عند‭ ‬الماضي،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬جيدا‭.‬

لكن‭ ‬كانت‭ ‬لدى‭ ‬تساؤلات‭ ‬عديدة‭ ‬حول‭ ‬تجربته‭ ‬هو‭ ‬وحول‭ ‬بلاده‭ ‬‮«‬بنجلاديش‮»‬،‭ ‬ذات‭ ‬الموقع‭ ‬الحساس‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة‭.‬

انشغلت‭ ‬بهذا‭ ‬البلد‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬التسعينيات،‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬صراع‭ ‬سياسي‭ ‬طرفاه‭ ‬الشيخة‭ ‬حسينة‭ ‬ابنة‭ ‬مؤسس‭ ‬الدولة،‭ ‬حين‭ ‬انفصالها‭ ‬عن‭ ‬باكستان،‭ ‬مجيب‭ ‬الرحمن،‭ ‬والطرف‭ ‬الآخر‭ ‬السيدة‭ ‬خالدة‭ ‬ضياء،‭ ‬بلد‭ ‬به‭ ‬جماعة‭ ‬إسلامية‭ ‬قوية،‭ ‬ولا‭ ‬غضاضة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التنافس‭ ‬السياسي‭ ‬بين‭ ‬سيدتين،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬كانت‭ ‬الراحلة‭ ‬‮«‬بنازير‭ ‬بوتو‮»‬‭ ‬تتألق‭ ‬في‭ ‬باكستان،‭ ‬الإسلام‭ ‬الآسيوي‭ ‬يقبل‭ ‬هذه‭ ‬النماذج،‭ ‬بينما‭ ‬نحن‭ ‬هنا‭ ‬كنا‭ ‬نتعارك‭ ‬حول‭ ‬صوت‭ ‬المرأة‭ ‬وخروجها‭ ‬من‭ ‬البيت،‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬اغتيلت‭ ‬في‭ ‬باكستان‭ ‬السيدة‭ ‬بوتو،‭ ‬وجاء‭ ‬جيل‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬البنغال‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬الشيخة‭ ‬حسينة‭ ‬ملهمة‭ ‬ولا‭ ‬زعيمة،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يراهن‭ ‬ولا‭ ‬يريد‭ ‬غريمتها‭ ‬خالدة‭ ‬ضياء‭.‬

كنت‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أستمع‭ ‬منه‭ ‬حول‭ ‬تجربة‭ ‬بلاده‭ ‬وهذه‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬آسيا‭ ‬عموما‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬إلينا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أصدائها‭ ‬ورذاذها‭ ‬كذلك‭.‬

أما‭ ‬تجربته،‭ ‬أقصد‭ ‬محمد‭ ‬يونس،‭ ‬فقد‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬حدودها،‭ ‬الاهتمام‭ ‬بمن‭ ‬يطلق‭ ‬عليهم‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬‮«‬أفقر‭ ‬الفقراء‮»‬،‭ ‬كنت‭ ‬أريد‭ ‬الوقوف‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬ولماذا‭ ‬قرر‭ ‬أن‭ ‬يمنحهم‭ ‬قروضا،‭ ‬وكان‭ ‬بإمكانه‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬لهم‭ ‬صدقات‭ ‬أو‭ ‬يجمع‭ ‬الزكاة‭ ‬ويقدم‭ ‬منها‭ ‬لهم‭ ‬أو‭ ‬يجمع‭ ‬تبرعات‭ ‬وهبات‭ ‬لحسابهم،‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬واضحا‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬قدم‭ ‬لهم‭ ‬تبرعات‭ ‬وصدقات‭ ‬لا‭ ‬تُرد،‭ ‬فقد‭ ‬يعتادون‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬ولن‭ ‬يصبحوا‭ ‬فاعلين‭ ‬ومنتجين،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬لن‭ ‬يخرجوا‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬الفقر‭ ‬المدقع‭.‬

وكانت‭ ‬ملاحظتي‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬تجربته‭ ‬تضمن‭ ‬إنقاذ‭ ‬بعض‭ ‬الفقراء،‭ ‬وليس‭ ‬كلهم،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬ظهور‭ ‬فقراء‭ ‬جدد،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أزمات‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬عالمية،‭ ‬تمتد‭ ‬آثارها‭ ‬حتما‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة‭.‬

الآن‭ ‬يواجه‭ ‬الرجل‭ ‬مسؤولية‭ ‬كبيرة،‭ ‬وقع‭ ‬اختبار‭ ‬الطلاب‭ ‬المحتجين‭ ‬عليه‭ ‬هو،‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ (‬84‭) ‬عامًا‭ ‬ليكون‭ ‬رئيسا‭ ‬للوزراء،‭ ‬خلفًا‭ ‬للشيخة‭ ‬حسينة،‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬جو‭ ‬من‭ ‬الاضطراب‭ ‬والفوضى،‭ ‬الآمال‭ ‬معقودة‭ ‬عليه،‭ ‬لكن‭ ‬المعوقات‭ ‬ستكون‭ ‬كثيرة،‭ ‬خصوم‭ ‬سياسيون،‭ ‬جمهور‭ ‬غاضب‭ ‬ومتعجل‭ ‬النتائج،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬بعضهم‭ ‬دخل‭ ‬مرحلة‭ ‬التظاهر‭ ‬للتظاهر‭ ‬وهؤلاء‭ ‬خطر‭ ‬مدمر‭ ‬وقاتل‭ ‬لأى‭ ‬تجربة‭ ‬بناء،‭ ‬أما‭ ‬جهاز‭ ‬الدولة‭ ‬فله‭ ‬شأن‭ ‬آخر،‭ ‬هو‭ ‬فرض‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬المتظاهرين‭ ‬هل‭ ‬يقفون‭ ‬إلى‭ ‬جواره‭ ‬لتجاوز‭ ‬الأزمة‭ ‬الضخمة‭ ‬أم‭ ‬يحدث‭ ‬العكس؟‭ ‬وهناك‭ ‬الضغوط‭ ‬الخارجية‭ ‬بحكم‭ ‬الموقع‭ ‬والتوازنات‭ ‬الاستراتيجية‭.‬

لدى‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬يونس‮»‬‭ ‬تجربة‭ ‬اقتصادية‭ ‬ناجحة،‭ ‬أنقذ‭ ‬كثيرين‭ ‬من‭ ‬الفقر‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬للشباب،‭ ‬ورغم‭ ‬الأهمية‭ ‬الكبيرة‭ ‬للتنمية‭ ‬والتطور‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬تثبت‭ ‬الخبرة‭ ‬العملية‭ ‬أن‭ ‬النجاح‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وحده‭ ‬ليس‭ ‬كافيا،‭ ‬الشيخة‭ ‬حسينة‭ ‬حققت‭ ‬نجاحا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والتنمية،‭ ‬ارتفع‭ ‬متوسط‭ ‬دخل‭ ‬الفرد‭ ‬في‭ ‬بلادها،‭ ‬أخرجت‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬الفقر،‭ ‬وضعت‭ ‬بلادها‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬نحو‭ ‬عالم‭ ‬النمور‭ ‬الآسيوية،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬إخفاقات‭ ‬سياسية،‭ ‬مؤخرا‭ ‬قامت‭ ‬بحل‭ ‬حزب‭ ‬الجماعة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وهكذا‭ ‬التقى‭ ‬الخصوم‭ ‬جميعا‭ ‬ضدها،‭ ‬كان‭ ‬طلاب‭ ‬الجامعة‭ ‬هم‭ ‬عنصر‭ ‬الاشتعال‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭.‬

التنمية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬عدالة‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬عوائدها‭ ‬تخلق‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الغضب‭ ‬المصحوب‭ ‬بالحقد‭ ‬فيقع‭ ‬الانفجار،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬هناك‭.‬

تجربة‭ ‬يونس‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬فئة‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬السكان،‭ ‬المطلوب‭ ‬منه‭ ‬الآن‭ ‬تجربة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الشعب‭ ‬كله،‭ ‬احتياجات‭ ‬أفقر‭ ‬الفقراء‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬مطالب‭ ‬وتطلعات‭ ‬أبناء‭ ‬الطبقة‭ ‬الوسطى،‭ ‬وما‭ ‬يرضى‭ ‬هؤلاء‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬أهواء‭ ‬الأثرياء‭ ‬وأصحاب‭ ‬المصالح‭ ‬الكبرى‭ ‬والنافذين،‭ ‬كيف‭ ‬سيتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الفسيفساء؟

ارتفاع‭ ‬مستوى‭ ‬التعليم‭ ‬يصاحبه‭ ‬ازدياد‭ ‬الوعي‭ ‬بالحقوق‭ ‬السياسية‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬اتساع‭ ‬مساحة‭ ‬الحريات‭ ‬العامة،‭ ‬قد‭ ‬تصبح‭ ‬سابقة‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬والروح‭ ‬الوطنية‭ ‬ذاتها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تفطن‭ ‬إليه‭ ‬الشيخة‭ ‬حسينة،‭ ‬بل‭ ‬سارت‭ ‬عكسه‭ ‬تماما‭.‬

هذه‭ ‬بعض‭ ‬التحديات‭ ‬أمام‭ ‬صاحب‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬للسلام،‭ ‬هل‭ ‬ينجح‭ ‬ويكون‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬الرهان‭ ‬عليه‭ ‬والمتوقع‭ ‬منه،‭ ‬ويقدم‭ ‬لنا‭ ‬تجربة‭ ‬أخرى‭ ‬جديدة،‭ ‬تضاف‭ ‬إلى‭ ‬تجربته‭ ‬السابقة‭ ‬أم‭ ‬يكون‭ ‬مثل‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬دفعت‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬والغضب‭ ‬بهم‭ ‬إلى‭ ‬الصدارة‭ ‬فعجزوا‭ ‬عن‭ ‬مواجهة‭ ‬الأزمات،‭ ‬النماذج‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬منطقتنا‭ ‬وخارجها،‭ ‬ليخ‭ ‬فاليسا‭ ‬في‭ ‬بولندا،‭ ‬هافيل‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬التشيك‭ ‬و‭.. ‬و‭.. ‬و‭.. ‬و‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا