أكاديمي وخبير اقتصادي
على هامش انعقاد منتدى فينتك الثالث لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، الذي عقد في مملكة البحرين بتاريخ 21 فبراير 2019، صرح الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك ABC، بأن البنك يخضع للتحول الرقمي عبر تحديث منصاته وفتح فرص عمل جديدة في آن واحد، عادا التحول الرقمي والابتكار التقني والذكاء الاصطناعي للبنك ركائز استراتيجية لتحقيق النمو في المستقبل. ولم تمض أشهر قليلة حتى أطلق البنك في شهر سبتمبر 2019 الروبوت «فاطمة»، كأول موظف رقمي مدعم بالذكاء العاطفي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو أول تجسيد للذكاء الاصطناعي المطوَّر باستخدام الحمض النووي الرقمي Digital DNATM في القطاع المالي والمصرفي.
ويعبر ذلك عن التزام البنك بالارتقاء بالتحول الرقمي وفقا لأحدث المستجدات التقنية في العالم، وبما ينسجم مع رؤية البحرين الاقتصادية 2030. كما أطلق بنك البحرين الإسلامي أول موظف افتراضي، فيما استخدم بيت التمويل الكويتي أول مساعد آلي لطلبات القروض.
وفي عام 2019 ايضا تم إطلاق أكاديمية الذكاء الاصطناعي، بالتعاون بين صندوق العمل تمكين وكلية البحرين للتقنية وشركة مايكروسوفت، وهي أول أكاديمية من نوعها في دول مجلس التعاون الخليجي، بهدف إكساب الطلاب خبرات عملية في مجالات الذكاء الاصطناعي وعلم البيانات.
وفي اواخر شهر يوليو 2024 أطلق معهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية (BIBF) الروبوت «نورة» كشخصية رقمية تعتمد أحدث مستجدات الذكاء الاصطناعي، وهي أول روبوت ذكاء اصطناعي يعتمد في مؤسسة تعليمية في دول المنطقة. وتم تصميم الروبوت «نورة» لتوفير معلومات شاملة حول مجموعة واسعة من البرامج والعروض في المعهد، بما ييسر للطلاب والموظفين والضيوف الوصول الى المعلومات التي يحتاجون اليها.
وسيتم مستقبلا استخدام الروبوت في محاضرات وورش عمل بتقنية (الهولوجرام) الامر الذي يعني اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي في التعليم. كما اوضح ذلك سعادة الدكتور أحمد الشيخ الرئيس التنفيذي لمعهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية.
ومما ينبغي الاشارة إليه أن التعليم باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الحقبة الاخيرة من الثورة الصناعية الرابعة ومطلع الثورة الصناعية الخامسة، حقيقة واقعة لا يمكن تجاهلها، وان كبرى الجامعات في العالم تسعى إلى تحقيقها، وقد اظهر استطلاع حديث نشرت خلاصته في بحث منشور في المجلة العربية للمعلوماتية وامن المعلومات في عددها الصادر في يوليو 2024 ان 89% من قادة مؤسسات التعليم العالي يوافقون على ان تصبح مؤسساتهم اكثر اعتمادا على التكنولوجيا الرقمية، وان نسبة 79% منهم يعتقدون ان التحول الرقمي اصبح ضروريا للبقاء والاستمرار. وان 68% منهم صرحوا بوجود استراتيجية للتحول الرقمي في مؤسساتهم. وعلى الصعيد العربي اكدت البحوث التي عرضت في المؤتمر الدولي السادس الذي اقامته الجمعية المصرية للتنمية التكنولوجية في المدة 29-30 يوليو 2024 تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي ومستقبل التعليم والبحث العلمي وسوق العمل في الوطن العربي» على ان الذكاء الاصطناعي لم يعد خيارا تقنيا بين خيارات عديدة يمكن اعتماده او تجاوزه، وانما حقيقة واقعة لا يمكن التغافل عنها، فقد تم تطويره بالشكل الذي يمكن استخدامه في جميع المجالات والقطاعات الاقتصادية والاجتماعية مثل التعليم، والصحة، والخدمات الفنية الدفاعية، والأعمال التجارية، النقل واللوجستيات، والزراعة والصناعة، ووسائل الإعلام وغيرها، وان الجامعات في دول العالم تسارع الخطى في التنافس نحو المزيد من الانفتاح على الذكاء الاصطناعي.
وقد لعبت مؤسسات التعليم العالي ومراكز ابحاثها وعلاقاتها بالمؤسسات الصناعية الكبرى في الدول المتقدمة دور محوري في نشأة وتبلور ودعم تطور الذكاء الاصطناعي. كما ان مؤسسات التعليم العالي تعزز ثقافة وممارسة الذكاء الاصطناعي عبر ما تقدمه من مناهج وبرامج دراسية، وما تدعمه من مشروعات بحثية، الامر الذي يؤدي الى رفع معدل الابتكار والمهارات والإبداع وبراءات الاختراع، ويعزز التفكير النقدي لدى اساتذتها وباحثيها وطلابها، بما يؤهلهم للتعامل مع التقنيات القائمة وتطويرها نحو الافضل، وبالشكل الذي يجعلهم أكثر انسجاما مع وظائف المستقبل التي تعتمد الذكاء الاصطناعي والتقنيات المرتبطة به.
وتشهد دول مجلس التعاون الخليجي اهتماما واسع النطاق بالذكاء الاصطناعي وتقنياته المتعددة وأصبح واحدًا من أحدث التخصصات التي يتم تدريسها في العديد من الجامعات في دول المجلس، وواحدا من المشروعات التي يتم تبنيها في مؤسسات البحث العلمي الحكومية المستقلة، بالإضافة الى حرصها على تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاع الاعمال. وتسعى الى بناء القدرات وجذب المواهب في هذا المجال وذلك في إطار استراتيجياتها الوطنية للذكاء الاصطناعي.
وفي ضوء ذلك نجد ان مملكة البحرين الدولة الاكثر ريادية في مجال تبني واعتماد الذكاء الاصطناعي في قطاعي المصارف، والتعليم، والقطاعات الاخرى. وهي تسير بخطى مدروسة لتحقيق المزيد من الانجازات في هذا الميدان التقني المتطور.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك