حسنا فعلت الحكومة الموقرة بإبداء تحفظها على قانون مشروع بقانون مقدم من مجلس النواب يهدف إلى ضم النواب والشوريين إلى حساب التأمين ضد التعطل بما يؤدي إلى صرف إعانة التعطل للنواب والشوريين الذين لا يتم تجديد عضويتهم في السلطة التشريعية.
وبغض النظر عن المبررات المقنعة التي أوردتها الحكومة في ردها وخاصة أن الموافقة على مشروع القانون سوف يترتب عليها زيادة كبيرة في مصروفات صندوق التأمين الاجتماعي ضد التعطل بإضافة فئة جديدة من المستفيدين، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة الأعباء وسوء الأوضاع المالية لهذا الصندوق بغض النظر عن الرد الحكومي الذي اتخذ طابعا تقنيا ومحاسبيا، فإن هنالك ثلاث نقاط نرى من المهم التوقف عندها في هذا السياق:
الأولى: إن النواب والشوريين ليسوا موظفين في السلطة التشريعية وعندما تنتهي دوراتهم التشريعية لا يعني أنهم فصلوا من الوظيفة، فالسلطة التشريعية هي سلطة اعتبارية، والذي يصلها سواء بالانتخاب أو التعيين يؤدي مهمة ورسالة تشريعية في خدمة المجتمع وتمنح له مجموعة من المكافآت مقابل ما بذله من جهد وعمل لصالح المجتمع، ولذلك فإن النظرة التوظيفية التشريعية بهذه الصورة يقلل من شأنها، كما أن النظر إلى النائب بهذه الصورة يقلل من صفته، فالعمل في المؤسسة التشريعية هو عمل سياسي بالدرجة الأولى وتطوعي، وإذا كان النائب يحصل على مكافاة مالية مجزية فلا يجب النظر إليها على انها مهمة في شركة أو مؤسسة ولا يجب النظر اليها على انها راتب، مما يؤدي إلى مثل هذه المطالبات غير المنطقية.
ثانيا: إن النائب هو موظف عادي مثله مثل سائر الموظفين عندما يغادر مكانه في السلطة التشريعية يصبح خاضعا للقوانين السارية بما في ذلك الاستفادة من قانون التعطل فلا حاجة لأن يتم إصدار قانون خاص بالنواب والشوريين، فلا يعقل أن كل فئة من الفئات تطالب بإصدار قانون خاص بها مع العلم أن النائب أو الشوري إذا ما أصبح عاطلا عن العمل، وهو نادر جدا، فإن القوانين السارية يستطيع الاستفادة منها لأن الأسس الفنية التي نظمت نظام التأمين الاجتماعي الذي يندرج تحت نظام التأمين ضد التعطل يقوم على الدراسة الاكتوارية التي تحدد درجة الخطر، ومن هنا فإن المخاطر تهدد هذا الصندوق إذا اضفنا إليه فئة كهذه جديدة بشكل غير منطقي وغير ضروري.
الثالث: إننا لو فرضنا أن نائبا أو شوريا وجد نفسه متعطلا بعد خروجه من الهيئة التشريعية، فإنه يستفيد بالضرورة من نظام التعطل، لكنه يجب أن يخضع بالضرورة لقواعده المعلومة لأنه لا يمكن تمييزه عن سائر المواطنين في الاستفادة من هذه المنظومة أو تعرض عليه الوظائف، فإذا لم تعجبه فإنه يصبح غير مستفيد من هذا النظام فضلا عن أن المنظومة عبارة عن تعويض مؤقت للعمال العاطلين عن العمل أو الذين فقدوا أعمالهم أو وظائفهم. ولمساعدة العاطلين عن العمل من الشباب الذين ينتظرون الحصول على الوظيفة المناسبة وخصوصا ان فلسفة هذا النظام قائمة على نوع من الدعم المؤقت لضمان الاستقرار وتوفير حد أدنى من الدعم المالي، وهي بذلك ليست معونة ثابتة تصرف للمتعطل.
يضاف إلى هذا النقاط الثلاث السابقة، إن هذا المشروع لم يكن موفقا لأنه في حالة الموافقة عليه يجب أن تضم إليه فئات أخرى من نوع أعضاء المجالس البلدية الذين سيطالبون بالضرورة بنفس هذا الاعتبار، وعليه ما كان يجب أن يتم تقديم مثل هذا المشروع في هذه الظروف التي يتطلع فيها المواطن إلى دور مهم وبارز للسلطة التشريعية سواء على صعيد التشريع أو الرقابة، فمن الواضح أن هذا المشروع ينظر إليه كونه مشروعا ذاتيا من دون النظر إلى المصلحة العامة، ولذلك فإن الحكومة حسنا فعلت عندما تحفظت عليه خصوصا في ظل المعاناة السابقة لميزانية الدولة بسبب تقاعد النواب والشوريين السابقين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك