باتت الاشتباكات التي تشهدها الساحة اللبنانية بين إسرائيل وحزب الله شبه يومية، وبات سقوط الضحايا من المقاتلين والمدنيين اللبنانيين مشهدًا متكررًا منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وحتى الآن.
إن الخوف على لبنان لن يكون بسبب اندلاع حرب بين حزب الله والجيش الإسرائيلي في صحراء نائية أو منطقة عازلة أو وسط سكان بلد محتل يجمع الشعب على ضرورة مواجهة الاحتلال، إنما ستجري في مناطق مأهولة بالسكان، ولن تكتفي فيها إسرائيل باستهداف حزب الله كما فعلت وتفعل وستفعل، إنما ستستبيح مناطق وأحياء مدنية كثيرة، وستضرب بقسوة مناطق شيعية تمثل حاضنة شعبية لحزب الله.
معركة إسرائيل في لبنان إذا حدثت فستكون في أعقاب عجز كل المحاولات الشعبية والرسمية ومؤسسات الشرعية الدولية في منع إسرائيل من استهداف المدنيين في غزة، وثبت بالصوت والصورة أنها دولة محصنة فوق القانون والشرعية الدولية، فلا قرارات محكمة العدل الدولية أسفرت عن منعها من ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في حق الشعب الفلسطيني، ولا قرار مجلس الأمن اليتيم بوقف إنساني مؤقت لإطلاق النار احترمته، ولا المجتمع الدولي والولايات المتحدة ضغطت على إسرائيل حقًّا لوقف عدوانها.
صحيح أن الوضع في لبنان سيختلف عن غزة، وأن أمريكا وفرنسا ستحرصان على عدم تكرار مشاهد القتل الجماعي مرة أخرى في لبنان، ولكنهما في كل الأحوال لن يستطيعا منع إسرائيل من استهداف المدنيين تحت حجج مختلفة في الجنوب أو في الضاحية أو في مناطق أخرى خارج حاضنة الحزب الشعبية.
المبدأ الذي كرسته إسرائيل في حرب غزة يمكن أن تكرره بصورة مخففة في لبنان، فلا حصانة لمستشفى، ولا لدُور عبادة، ولا لمدني.. وإسرائيل ستنتقم منهم بنسب، وهي تعلم أنها فوق أي محاسبة أو ردع دولي.
إسرائيل ستستهدف المدنيين في المناطق الداعمة لحزب الله بغرض دفعهم إلى التخلي عن هذا الدعم، وهي تنسى أو تتناسى أن هذا الاستهداف قد يخلق حالة غضب ضد حزب الله وسيحمّله الكثيرون مسؤولية ويلات أي حرب، ولكنهم سيعودون في دورة جديدة مع جيل جديد لكي ينخرطوا في تنظيمات الثأر من إسرائيل؛ لأن نتائج هذا النوع من جرائم استهداف المدنيين معروفة، والعنف فيها يولد بعد فترة قصيرة دورة جديدة من العنف، ومع ذلك قد تكررها إسرائيل لأنها أصبحت في وضع استثنائي لا يردعه أحد.
الخوف على لبنان حقيقي وعلى المدنيين من كل الطوائف كبير.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك