أتعجب عندما يأتي التحذير من تصديق أن الولايات المتحدة تقف موقفا محايدا بين إسرائيل والفلسطينيين؛ والحقيقة هي أنهما يشكلان أمرا واحدا. وببساطة فإن واشنطن تعطي إسرائيل السلاح وهذه تقوم بالقتل. ما هو غائب، واستكمالا لوجه العجب، أنه لا يوجد رئيس أو قائد أمريكي مسؤول قال بغير ذلك؛ أو حتى يستطيع قول ذلك وإلا كان نصيبه خسران منصبه أو رئاسته أو مقعده في الكونجرس، ولكن المسألة ليست بهذه البساطة في التقدير، فالولايات المتحدة دولة عظمى «ناتجها المحلي الإجمالي 28 تريليون دولار ولديها 19 حاملة طائرات تجوب البحار والمحيطات، ولديها مركبات فضائية وصلت إلى المريخ، والعظماء التسعة في الشركات العالمية أمريكيون» أما إسرائيل فهي بالكاد دولة متوسطة القدرة والقوة. هذا «التمايز»، ولا نقول الخلاف، يجعل مصالحهم غير متطابقة، أو غير متطابقة في كل الأحوال؛ ولم تكن هناك مصادفة أنه في عام 1956 أجبرت واشنطن إسرائيل على الانسحاب من سيناء لأن الأوان جاء لحلول واشنطن محل لندن وباريس في السيطرة على الشرق الأوسط. وكما نعلم أن إسرائيل عند احتلالها سيناء قامت فيها بما تقوم به في الضفة الغربية وغزة، تقيم القواعد العسكرية، ومعها المستوطنات، وتستنزف ما فيها من احتياطات البترول. حرب أكتوبر جعلت استمرار الحرب مكلفة؛ وقدرة الولايات المتحدة بمصالحها الكثيرة في الشرق الأوسط، بترولا وأمنا، دفعت إسرائيل إلى الجلاء.
في أي من هذه المواقف، لم تكن واشنطن بعيدة عن تل أبيب، ولكنها وهي الأخ الأكبر أدرى بمصالح إسرائيل من قادتها، أو هكذا تدعي أو يمكنها الادعاء! ما يهم واشنطن دائما مصالحها التي يمكن اتساعها بالسلام الإقليمي، بينما تضيق في ظل الحرب الإقليمية؛ ولكل منهما ثمن كما هو حال جميع المصالح. معضلة المتعجبين هي أنهم يرون في علاقات الدول الأبيض والأسود، إما معنا وإما علينا، ويجدون صعوبة في فهم أن تجمع أمريكا بين إنشاء الأمم المتحدة ونقض كل عهودها!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك