العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

أهمية الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية

بقلم: رامي رشيد{

السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬17‭ ‬يوليو‭ ‬2024‭ ‬م‭ ‬اجتمع‭ ‬الكنيست‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬واتخذ‭ ‬قرارا‭ ‬صبيحة‭ ‬الخميس‭ ‬18‭ ‬يوليو‭ ‬2024م‭ ‬برفض‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬غرب‭ ‬النهر،‭ ‬وصدح‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الصهيوني‭ ‬نتنياهو‭ ‬متنكرا‭ ‬للوجود‭ ‬الفلسطيني‭ ‬قائلا‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬ليست‭ ‬دولة‭ ‬محتلة‭ ‬لأرضها‭ ‬وقدسها‭ ‬وتراث‭ ‬وتاريخ‭ ‬أجداد‭ ‬الشعب‭ ‬اليهودي‮»‬،‭ ‬ويؤكد‭ ‬أن‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬خطر‭ ‬وجودي‭ ‬يهدد‭ ‬السلم‭ ‬العالمي،‭ ‬صوت‭ ‬لصالح‭ ‬القرار‭ ‬68‭ ‬نائبا‭ ‬وعارض‭ ‬القرار‭ ‬8‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬العرب‭ ‬وتهرب‭ ‬من‭ ‬التصويت‭ ‬باقي‭ ‬أعضاء‭ ‬الكنيسيت‭ ‬الـ‭ ‬44‭ ‬بحجج‭ ‬مختلفة‭!‬

ويذكرني‭ ‬تصريح‭ ‬نتنياهو‭ ‬بتصريح‭ ‬صقر‭ ‬من‭ ‬صقور‭ ‬الليكود‭ ‬مناحيم‭ ‬بيجين‭ ‬في‭ ‬صيف‭ ‬عام‭ ‬1982م‭ ‬والمعارك‭ ‬محتدمة‭ ‬وعلى‭ ‬أشدها‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬بين‭ ‬الجيش‭ ‬الصهيوني‭ ‬وقوات‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ومعها‭ ‬الحركة‭ ‬الوطنية‭ ‬اللبنانية‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬فلسطينيون،‭ ‬أين‭ ‬هم؟‭ ‬يومها‭ ‬قال‭ ‬العالم‭ ‬له‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬فلسطينيون،‭ ‬إذن‭ ‬أنت‭ ‬تقاتل‭ ‬من؟

وحتى‭ ‬نضع‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬نصابها‭ ‬السليم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬لبس،‭ ‬فقد‭ ‬تبنت‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة‭ ‬بالأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وهي‭ ‬اللجنة‭ ‬الخاصة‭ ‬بالمسائل‭ ‬السياسية‭ ‬وإنهاء‭ ‬الاستعمار‭ ‬يوم‭ ‬11‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022م‭ ‬الطلب‭ ‬الذي‭ ‬قدمته‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬فتوى‭ ‬قانونية‭ ‬ورأي‭ ‬استشاري‭ ‬من‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬حول‭ ‬الآثار‭ ‬القانونية‭ ‬الناشئة‭ ‬عن‭ ‬انتهاك‭ ‬إسرائيل‭ ‬المستمر‭ ‬لحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بتقرير‭ ‬المصير‭ ‬وعن‭ ‬احتلالها‭ ‬الطويل‭ ‬الأمد‭ ‬واستيطانها‭ ‬وضمها‭ ‬وتدابيرها‭ ‬الإلزامية،‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬التكوين‭ ‬الديمغرافي‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬وصادقت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬الطلب‭ ‬يوم‭ ‬30‭ ‬ديسمبر‭ ‬2022م‭.‬

سيحفر‭ ‬يوم‭ ‬19‭ ‬يوليو‭ ‬2024‭ ‬م‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬يوما‭ ‬تاريخيا‭ ‬خالدا،‭ ‬أتى‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬قرار‭ ‬الكنيسيت‭ ‬برفض‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭ ‬لا‭ ‬اليوم‭ ‬ولا‭ ‬غدا،‭ ‬صدر‭ ‬الرأي‭ ‬الاستشاري‭ ‬بعد‭ ‬سماع‭ ‬مرافعات‭ ‬49‭ ‬دولة‭ ‬وفلسطين‭ ‬الدولة‭ ‬الخمسين،‭ ‬وتعتبر‭ ‬المرافعات‭ ‬القانونية‭ ‬الخمسين‭ ‬الأهم‭ ‬منذ‭ ‬النكبة‭ ‬عام‭ ‬1948‭ ‬م،‭ ‬وجاءت‭ ‬جميعها‭ ‬منصفة‭ ‬للشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وعادلة‭ ‬في‭ ‬رؤيتها،‭ ‬رسخت‭ ‬المشروع‭ ‬الوطني‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ودعمت‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬المشروع‭ ‬التهويدي‭ ‬للأرض‭ ‬الفلسطينية‭.‬

الرأي‭ ‬الاستشاري‭ ‬لمحكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬وهي‭ ‬أعلى‭ ‬محكمة‭ ‬تابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬جاء‭ ‬به‭ ‬أن‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬وأن‭ ‬المستوطنات‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭ ‬والنظام‭ ‬المرتبط‭ ‬بها‭ ‬أنشئت‭ ‬ويجري‭ ‬الإبقاء‭ ‬عليها‭ ‬بالمخالفة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭.‬

وجاء‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬توسيع‭ ‬المستوطنات‭ ‬وإبقاء‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬جدار‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭ ‬المحيط‭ ‬بمعظم‭ ‬أراضي‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬وهذا‭ ‬الفعل‭ ‬يرقى‭ ‬إلى‭ ‬ضم‭ ‬أجزاء‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬وعلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬دفع‭ ‬تعويضات‭ ‬عن‭ ‬الضرر‭ ‬وإجلاء‭ ‬جميع‭ ‬المستوطنين‭ ‬من‭ ‬المستوطنات‭ ‬القائمة‭.‬

طالب‭ ‬الرأي‭ ‬الاستشاري‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬بدفع‭ ‬تعويضات‭ ‬للشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬حل‭ ‬به‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬الاحتلال‭ ‬ودول‭ ‬العالم‭ ‬والجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬مطالبة‭ ‬وبشكل‭ ‬ملزم‭ ‬بعدم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأي‭ ‬شرعية‭ ‬للاحتلال،‭ ‬وعدم‭ ‬تجريم‭ ‬الاحتلال‭ ‬يعتبر‭ ‬ارتكاب‭ ‬جريمة‭ ‬بحق‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬

وطالب‭ ‬الرأي‭ ‬الاستشاري‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بهيئاتها‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬وكياناتها‭ ‬وشركاتها‭ ‬ألا‭ ‬تساعد‭ ‬الاحتلال‭ ‬ولا‭ ‬تدعمه‭ ‬لأن‭ ‬الدعم‭ ‬والمساعدة‭ ‬تشكل‭ ‬جريمة‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬نزع‭ ‬لكل‭ ‬شرعية‭ ‬عن‭ ‬الاحتلال‭ ‬والاستيطان‭.‬

وأكد‭ ‬الرأي‭ ‬الاستشاري‭ ‬أن‭ ‬أراضي‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭ ‬هي‭ ‬وحدة‭ ‬جغرافية‭ ‬وسياسية‭ ‬وإدارية‭ ‬واحدة‭ ‬وهي‭ ‬خاضعة‭ ‬للاحتلال‭ ‬ولم‭ ‬يغادر‭ ‬الرأي‭ ‬الاستشاري‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬دولة‭ ‬فصل‭ ‬وتمييز‭ ‬عنصري‭.‬

واعتبر‭ ‬الرأي‭ ‬الاستشاري‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬احتفظت‭ ‬بممارسة‭ ‬سلطتها‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬خاصة‭ ‬مراقبة‭ ‬حدوده‭ ‬الجوية‭ ‬والبحرية‭ ‬والبرية‭ ‬وواجبات‭ ‬إسرائيل‭ ‬تخضع‭ ‬لمعاهدة‭ ‬عام‭ ‬1955م‭ ‬بشأن‭ ‬معاملة‭ ‬المدنيين‭ ‬زمن‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬تخلت‭ ‬عنها،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬انتهكت‭ ‬بنود‭ ‬تلك‭ ‬الاتفاقية‭ ‬ولم‭ ‬تلتزم‭ ‬بها‭.‬

ستحال‭ ‬الفتوى‭ ‬إلى‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لتقرر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الإجراءات‭ ‬المطلوب‭ ‬تنفيذها‭ ‬وفق‭ ‬المقتضى‭ ‬القانوني،‭ ‬ويمكن‭ ‬استثمار‭ ‬القرارات‭ ‬حال‭ ‬مصادقة‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬الرأي‭ ‬الاستشاري،‭ ‬فالجمعية‭ ‬العامة‭ ‬تضم‭ ‬193‭ ‬دولة‭ ‬منها‭ ‬149‭ ‬دولة‭ ‬تساند‭ ‬فلسطين‭ ‬وتعترف‭ ‬بها،‭ ‬وأعرب‭ ‬منسق‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬جوزيب‭ ‬بوريل‭ ‬أن‭ ‬الرأي‭ ‬الاستشاري‭ ‬لمحكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بعدم‭ ‬قانونية‭ ‬احتلال‭ ‬إسرائيل‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستمر‭ ‬منذ‭ ‬57‭ ‬عاما‭ ‬ينسجم‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬مع‭ ‬مواقف‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭.‬

لنفعل‭ ‬قرارات‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬انعقدت‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬البحرينية‭ ‬المنامة‭ ‬والتي‭ ‬أدرجت‭ ‬مؤسسات‭ ‬استيطانية‭ ‬وشخصيات‭ ‬إسرائيلية‭ ‬على‭ ‬قوائم‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وطالب‭ ‬مؤتمر‭ ‬القمة‭ ‬باتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬قانونية‭ ‬ضد‭ ‬بعض‭ ‬الشخصيات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬تحرض‭ ‬على‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬المحاكم‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وحث‭ ‬المؤتمر‭ ‬على‭ ‬مقاطعة‭ ‬الشركات‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬المستوطنات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والمدرجة‭ ‬ضمن‭ ‬اللائحة‭ ‬السوداء‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬مجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬واتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬قانونية‭ ‬بحقها‭.‬

هذا‭ ‬سلاح‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬يدنا‭ ‬نحن‭ ‬العرب‭ ‬يضاف‭ ‬إلى‭ ‬سلاح‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬والمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬هذه‭ ‬الكيانات‭ ‬القانونية‭ ‬الدولية‭ ‬أنصفتنا‭ ‬وتضيق‭ ‬الخناق‭ ‬حول‭ ‬عنق‭ ‬الاحتلال‭ ‬والاستيطان،‭ ‬علينا‭ ‬كعرب‭ ‬موحدين‭ ‬المواجهة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والقانونية‭ ‬لإجبار‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬كل‭ ‬قرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬الخاصة‭ ‬بفلسطين‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا