الزعيم جمال عبدالناصر ضابط عسكري محترف باقتدار وممتاز ورائع ممتلئ بالوطنية الصادقة والأمانة والشرف حولت مهاراته التي تعلمها من حرب 1948 في فلسطين والقصص المؤلمة التي استمع إليها من عامة الشعب المصري المستعبد 7000 عام وحالات القهر والفساد وانتهازية المستعمر الطامع في ثروات مصر التي سلمها حكام تواردوا على مصر وهم غير مصريين لمن استفادوا من ثروات مصر بغير حق وتحكموا في الشعب ومصيره ولأرضه بمساندة أقلية لا تتجاوز 3 في المائة إلى مارد التحرير واستقلال الشعوب.
لقد استغلوا مصر وشعبها الذي كان يعامل بمثابة الأجير الغريب عن أرضه ووطنه بينما يتم توزيع ألقاب الباشوية والأراضي والأوسمة والهبات على شلة مقربة من الحاكم تدين له بولاء المنافقين، منهم من أصبح رئيسًا للحكومة ورئيسًا للديوان في علاقات غير سوية امتدّت وطالت والدة الحاكم نفسه، وأصبح كهربائي إيطالي عاش في القصر له الكلمة الأولى في أمور سياسية واقتصادية ونسائية وخُصصت له غرفة بالقصر بجانب غرفة الحاكم! فجاءت الثورة لتنهي تلك المرحلة بما حملته من عفن سياسي وأخلاقي وألغت الطبقات بين الشعب المصري وقضت على كون العمال المصريين سلعًا تُباع وتُشترى وحررت الفلاحين ونهضت بحالهم وأصدرت قوانين الإصلاح الزراعي وأعادت توزيع الأراضي وقضت على سيطرة الرأسمالية الاستعمارية سواء في الزراعة أو الصناعة.
جاء عبدالناصر محررًا وصاحب فكر قومي هو وزملاؤه الضباط الأحرار لمواجهة الاستعمار وتكريس الكرامة وإعادة الحقوق للشعب المصري والشعب العربي والإفريقي، وحمل مشعل استقلال الشعوب وحريتها ما أزعج الغرب المستعمر وعملاءه من الرجعية العربية الحاكمة والمعينة من قبل الاستعمار التي تدور في فلك زبانية الاستعمار لخدمة مصالح الغرب متعدية على مصر. ومن أهم ما قامت به الثورة مشروع مصانع الحديد والصلب ومشروع السد العالي الذي رفع نصيب مصر من المياه وأسهم في زيادة الرقعة المزروعة بنحو 1.4 مليون فدان وتوليد 1.4 مليون كيلووات/ساعة من محطات كهرباء وحمى مصر من الفيضانات ودورات الجفاف التي كانت تحدث مع الفيضانات المنخفضة.
لقد سمح عبدالناصر للعالم العربي والإفريقي وكثير من دول العالم الثالث بأن تستيقظ وتثور ضد الاستعمار وأن تتحدث عن نفسها وحقوق شعوبها. وكانت الثورة المصرية البيضاء دون إراقة دماء إيجابية لها إنجازات لا تُنسى، ثورة يوليو المجيدة التي دفعت بمصر إلى مسار سياسي واقتصادي جديد، أفضل بالنسبة إلى مصر مما كانت عليه من ملكية مدعومة من الغرب وسمحت للمصريين لأول مرة بأن يحكموا أنفسهم ما يعني إقرار الديمقراطية.
النتيجة الإجمالية لتحرك عبدالناصر وزملائه من الضباط الأحرار هي نشر وعي كبير بالأهمية السياسية والثقافية، وبعد 72 عامًا نجحت الثورة المصرية في تجريد المحتلين والمستعمرين الغربيين من أجزاء ودول تغيرت وانتصرت لحقوقها وأوجدت الثورة قاعدة لمناضل يستحق التكريم لفهمه ورؤيته المستقبلية أن العالم يحتضر ويُسرق ويُقسّم بيد مستعمر شرس طامع في ثروات الأمة وله تابعون زرعهم في خاصرة العالم العربي ليكونوا مساندين للصهيونية وكيانًا مصطنعًا مدعومًا بحكام كشفتهم أحداث غزة الأخيرة ومعاهدات استسلام مسكونة فترة طويلة تحت ادعاء بطولات كاذبة.
فهم عبدالناصر واكتشف مبكرًا الروايات المأساوية لاستعمار الشعوب وأسلوب الغرب في زعزعة الاستقرار وسرقة ثروات الأوطان فتم التآمر عليه لكسر صورته الجماهيرية فكانت حربًا مفتعلة أمريكية بريطانية فرنسية إسرائيلية متكررة في 1956 و1967 وبدعم من رجعية عربية مكروهة شعبيًا ومضطربة تخشى على نفسها من اقتلاع الشعوب العربية لها والثورة عليها.
ثورة يوليو 1952 محفورة في أذهان الشعب المصري والعربي وأصداؤها إلى اليوم تضيء الأوطان، فقد فجرت براكين الغضب ضد الاستعمار وحررت النفس من قيود الوهن والذل وأنارت الطريق إلى الحق في وطن حر مستقل ذي كرامة واحترام يرفع فيه الإنسان رأسه، كما قال الزعيم جمال عبدالناصر «فقد مضى عهد الاستعمار».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك