العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مستقبل أزمة غزة ومخاطر فرض الأمر الواقع

بقلم: د. نبيل فهمي {

الأربعاء ٢٤ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

لا‭ ‬تزال‭ ‬أزمة‭ ‬غزة‭ ‬مستمرة‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬دامٍ‭ ‬ومدمر‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تسعة‭ ‬أشهر،‭ ‬وبُذلت‭ ‬جهود‭ ‬مكثفة‭ ‬بهدف‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذه‭ ‬على‭ ‬ثلاث‭ ‬مراحل‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬المستمر،‭ ‬والتبادل‭ ‬التدريجي‭ ‬للرهائن‭ ‬والسجناء،‭ ‬وتقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬بوفرة‭ ‬وإعادة‭ ‬إعمار‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

لقد‭ ‬اعتمد‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬القرار‭ ‬رقم‭ ‬2735،‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬يُعد‭ ‬مثاليا،‭ ‬بسبب‭ ‬استخدامه‭ ‬المتكرر‭ ‬لعبارات‭ ‬غير‭ ‬حاسمة‭ ‬ومفتوحة‭ ‬للتفسيرات‭ ‬والتأويلات‭ ‬المختلفة،‭ ‬ولغياب‭ ‬الروابط‭ ‬القوية‭ ‬بين‭ ‬مراحله‭ ‬الثلاث‭. ‬أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬لا‭ ‬يتضمن‭ ‬أي‭ ‬مساءلة‭ ‬عن‭ ‬الدمار‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬الفشل‭ ‬اللاحق‭ ‬في‭ ‬الوفاء‭ ‬بالالتزامات‭ ‬التي‭ ‬ينص‭ ‬عليها،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يثير‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬القلق،‭ ‬وخاصةً‭ ‬أن‭ ‬الممثل‭ ‬الدائم‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ - ‬خلال‭ ‬جلسة‭ ‬سابقة‭ ‬لمجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬متعلقة‭ ‬بغزة‭ (‬والتي‭ ‬امتنعت‭ ‬واشنطن‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭ ‬فيها‭) - ‬قد‭ ‬أكد‭ ‬بشكل‭ ‬غريب‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬غير‭ ‬ملزم‭.‬

هناك‭ ‬شكوك‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬خطوات‭ ‬يُتفق‭ ‬عليها‭ ‬بموجب‭ ‬اقتراح‭ ‬السلام‭ ‬المُقدم‭ ‬هذا،‭ ‬سيتم‭ ‬تنفيذها‭ ‬بأمانة‭. ‬وأنا‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬المتشككين‭ ‬وأشاطرهم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مخاوفهم‭. ‬لقد‭ ‬أكدت‭ ‬في‭ ‬كتاباتي‭ ‬سابقا‭ ‬أن‭ ‬حل‭ ‬الأزمة‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬مرتبط‭ ‬بمعالجة‭ ‬القضية‭ ‬الأساسية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬السبيل‭ ‬الوحيد‭ ‬لإنهاء‭ ‬دائرة‭ ‬العنف‭.‬

ولكن‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬رقم‭ ‬2735‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مفيداً،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬استكماله‭ ‬وتنفيذه‭. ‬وما‭ ‬أجده‭ ‬مهما‭ ‬في‭ ‬المرحلتين‭ ‬الأولى‭ ‬والثانية‭ ‬لتنفيذ‭ ‬القرار‭ ‬هو‭ ‬الدعوات‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الوقف‭ ‬الفوري‭ ‬والتام‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‮»‬،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الوقف‭ ‬الكامل‭ ‬للأعمال‭ ‬العدائية‮»‬،‭ ‬و«الانسحاب‭ ‬الكامل‭ ‬للقوات‭ ‬الإسرائيلية‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تمت‭ ‬الدعوة‭ ‬إليه‭ ‬بالفعل‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عبارات‭ ‬غير‭ ‬حاسمة،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬باتفاق‭ ‬من‭ ‬الطرفين‮»‬‭.‬

من‭ ‬الأمور‭ ‬المهمة‭ ‬أيضا،‭ ‬والتي‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬تجاهلها،‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬ذاته‭ ‬الذي‭ ‬أقره‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬10‭ ‬يونيو‭ ‬الماضي،‭ ‬يؤكد‭ ‬رفض‭ ‬المجلس‭ ‬التام‭ ‬لأي‭ ‬محاولات‭ ‬لإحداث‭ ‬تغييرات‭ ‬ديموغرافية‭ ‬أو‭ ‬إقليمية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أي‭ ‬إجراءات‭ ‬تُقلص‭ ‬مساحة‭ ‬أراضي‭ ‬القطاع‭. ‬وتشكل‭ ‬هذه‭ ‬التأكيدات‭ ‬الديموغرافية‭ ‬والإقليمية‭ ‬أهمية‭ ‬بالغة،‭ ‬وخاصةً‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬قيام‭ ‬إسرائيل‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مشروع‭ ‬بإنشاء‭ ‬مناطق‭ ‬أمنية‭ ‬داخل‭ ‬محيط‭ ‬غزة،‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬محور‭ ‬فيلادلفيا،‭ ‬وإنشاء‭ ‬ممرات‭ ‬أمنية‭ ‬تقسم‭ ‬وتمزق‭ ‬أراضي‭ ‬القطاع‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الالتزام‭ ‬الذي‭ ‬كرر‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬تأكيده‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القرار‭ ‬المشار‭ ‬إليه،‭ ‬له‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة،‭ ‬إذ‭ ‬أكد‭ ‬المجلس‭ ‬رؤيته‭ ‬الخاصة‭ ‬بحل‭ ‬الدولتين،‭ ‬الذي‭ ‬تعيش‭ ‬بموجبه‭ ‬دولتان‭ ‬ديمقراطيتان‭ (‬إسرائيل‭ ‬وفلسطين‭) ‬جنبا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬في‭ ‬سلام‭ ‬وضمن‭ ‬حدود‭ ‬آمنة‭ ‬ومُعترف‭ ‬بها‭.‬

يتعين‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬والعالم‭ ‬العربي‭ ‬أن‭ ‬يتذكروا‭ ‬ويدركوا‭ ‬جيدا‭ ‬أن‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬استمر‭ ‬كوضع‭ ‬قائم‭ ‬ممتد‭ ‬لما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬ثمانية‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬وبصفة‭ ‬خاصة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1967‭. ‬وغالبا‭ ‬ما‭ ‬تتطور‭ ‬الأوضاع‭ ‬القائمة‭ ‬وغير‭ ‬الخاضعة‭ ‬للرقابة‭ ‬إلى‭ ‬حقائق‭ ‬بحكم‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع‭. ‬ولطالما‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬تجربة‭ ‬مؤلمة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وهكذا‭ ‬فإنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬مخاوف‭ ‬عسكرية‭ ‬وإنسانية‭ ‬مُلحة‭ ‬وبالغة‭ ‬الأهمية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬ضمان‭ ‬عدم‭ ‬تحول‭ ‬الأزمة‭ ‬هناك‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬قائم‭ ‬دائم‭ ‬آخر‭ ‬بحكم‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع،‭ ‬سواء‭ ‬أكان‭ ‬عنيفا‭ ‬أم‭ ‬غيره‭.‬

وأشعر‭ ‬بقلق‭ ‬بالغ‭ ‬من‭ ‬أننا‭ ‬نسير‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬خطر‭ ‬للغاية،‭ ‬إذ‭ ‬تقوم‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالاستحواذ‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬بالقوة‭ ‬والفصل‭ ‬بوضوح‭ ‬بين‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬واللذين‭ ‬طالما‭ ‬كانا‭ ‬يشكلان‭ ‬معا‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬هو‭ ‬الوضع‭ ‬القائم‭ ‬الجديد،‭ ‬وربما‭ ‬واقعا‭ ‬ممتدا،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬بين‭ ‬حماس‭ ‬وإسرائيل‭.‬

إن‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬بين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬لا‭ ‬يبشر‭ ‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬جوهرية،‭ ‬خاصةً‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحرب‭ ‬والسلام‭. ‬وتشكل‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬ستجرى‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2024،‭ ‬عاملا‭ ‬مقيدا‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬صُنع‭ ‬القرار‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الحاسم،‭ ‬مما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬تشويه‭ ‬المنظور‭ ‬المتحيز‭ ‬بالفعل‭. ‬وسوف‭ ‬يكون‭ ‬للقرارات‭ ‬غير‭ ‬المسؤولة‭ ‬عواقب‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬علينا‭ ‬جميعا‭.‬

يجب‭ ‬ألا‭ ‬نسمح‭ ‬للأحداث‭ ‬أو‭ ‬الظروف‭ ‬أيًّا‭ ‬كانت،‭ ‬بتحويل‭ ‬انتباهنا‭ ‬عن‭ ‬القضايا‭ ‬الأساسية‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬نتجاهل‭ ‬الواقع‭ ‬الفعلي‭ ‬غير‭ ‬الشرعي،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬بدى‭ ‬سلميا‭.‬

وحتى‭ ‬إذا‭ ‬وافقت‭ ‬حماس‭ ‬أو‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬خطة‭ ‬السلام‭ ‬ذات‭ ‬المراحل‭ ‬الثلاث‭ (‬مع‭ ‬بعض‭ ‬التعديلات‭ ‬المُحتملة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬جعل‭ ‬الخطة‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحاً‭)‬،‭ ‬فيتعين‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬أن‭ ‬يراقب‭ ‬عن‭ ‬كثب‭ ‬ويصر‭ ‬بلا‭ ‬تردد‭ ‬على‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬قبول‭ ‬أي‭ ‬تغييرات‭ ‬ديموغرافية‭ ‬أو‭ ‬إقليمية‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬في‭ ‬التأكيد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭: ‬إسرائيل‭ ‬وفلسطين‮»‬‭. ‬إن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬تركيز‭ ‬واضح‭ ‬وإشراف‭ ‬نشط‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬النقاط‭ ‬الثلاث‭ ‬أمر‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‭ ‬لمنع‭ ‬تطور‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬إلى‭ ‬واقع‭ ‬غير‭ ‬شرعي‭.‬

من‭ ‬المهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحماس‭ ‬أن‭ ‬تلتزما‭ ‬علنا‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بحل‭ ‬الدولتين،‭ ‬بل‭ ‬أيضا‭ ‬بالامتناع‭ ‬عن‭ ‬إجراء‭ ‬أي‭ ‬تغييرات‭ ‬ديموغرافية‭ ‬أو‭ ‬إقليمية‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

ويجب‭ ‬على‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬هيئات‭ ‬ووكالات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬مثل‭: ‬المجلس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬ومنظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية،‭ ‬وبرنامج‭ ‬الأغذية‭ ‬العالمي،‭ ‬ووكالة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لإغاثة‭ ‬وتشغيل‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ (‬أونروا‭)‬،‭ ‬ومفوضية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لشؤون‭ ‬اللاجئين،‭ ‬والممثلين‭ ‬المختصين‭ ‬الذين‭ ‬يعينهم‭ ‬الأمين‭ ‬العام،‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬وتقديم‭ ‬تقارير‭ ‬منتظمة‭ ‬وشفافة‭ ‬إلى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومجلس‭ ‬الأمن‭ ‬والكيانات‭ ‬الأخرى‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭. ‬ومن‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬التقارير‭ ‬جزءا‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬المراجعة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬القرار‭.‬

رحبت‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬بقرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬رقم‭ ‬2735،‭ ‬ووافقت‭ ‬ضمنا‭ ‬على‭ ‬نقاطه‭ ‬الثلاث‭ ‬الأساسية،‭ ‬ولكن‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الوضوح‭ ‬والتفصيل‭ ‬بشأن‭ ‬التزامها‭ ‬بنقاط‭ ‬القرار‭ ‬سيكون‭ ‬مفيدا‭. ‬أما‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر،‭ ‬فقد‭ ‬التزمت‭ ‬إسرائيل‭ ‬الصمت‭ ‬بشأن‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬رفع‭ ‬مستوى‭ ‬الغموض‭ ‬بشأن‭ ‬نياتها،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬إعلان‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬التزامها‭ ‬الواضح‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬لبس‭ ‬فيه‭ ‬بجميع‭ ‬نقاط‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬المشار‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‭.‬

الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أنه‭ ‬عند‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أوسلو،‭ ‬اعترف‭ ‬ياسر‭ ‬عرفات،‭ ‬بصفته‭ ‬رئيس‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬بدولة‭ ‬إسرائيل‭. ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬خطوات‭ ‬إضافية‭ ‬مطلوبة‭ ‬من‭ ‬محمود‭ ‬عباس‭ ‬‮«‬أبومازن‮»‬‭. ‬وردت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالمثل‭ ‬بالاعتراف‭ ‬بمنظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬باعتبارها‭ ‬الممثل‭ ‬الشرعي‭ ‬الوحيد‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التأكيدات‭ ‬ضرورية‭. ‬إن‭ ‬المعارضة‭ ‬الشديدة‭ ‬التي‭ ‬تبديها‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الحالية‭ ‬لحل‭ ‬الدولتين،‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تمنع‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬من‭ ‬التمسك‭ ‬بدعم‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬الأساسية‭.‬

ومن‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬أن‭ ‬نتعلم‭ ‬من‭ ‬دروس‭ ‬التاريخ‭ ‬المؤلمة،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬إخضاع‭ ‬الشعوب‭ ‬واحتلالها‭ ‬يُولد‭ ‬غضبا‭ ‬وانعداما‭ ‬للأمن‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أي‭ ‬ترسانة‭ ‬أسلحة‭ ‬إيقافه‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬القوة‭ ‬غير‭ ‬المتكافئة‭ ‬وعدم‭ ‬المساواة‭ ‬في‭ ‬الحقوق‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬الصراعات‭ ‬بين‭ ‬الشعوب،‭ ‬والتي‭ ‬ستمتد‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬نطاق‭ ‬المقاتلين‭ ‬أو‭ ‬قوات‭ ‬الأمن،‭ ‬وستهدد‭ ‬المدنيين‭ ‬والاستقرار‭ ‬المجتمعي‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬التصريحات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬وكذلك‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬يتخذونها‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬رؤية‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬بل‭ ‬تتحداها،‭ ‬لأنها‭ ‬تمثل‭ ‬تغييرات‭ ‬إقليمية‭ ‬وديموغرافية‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭ ‬ومحظورة‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭. ‬وهكذا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ولا‭ ‬ينبغي‭ ‬التغاضي‭ ‬عن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التصرفات‭. ‬إن‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬رقم‭ ‬2735‭ ‬ليس‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬قائمة‭ ‬من‭ ‬التدابير‭ ‬المستقلة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬الاختيار‭ ‬من‭ ‬بينها،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬كلُ‭ ‬شامل‭ ‬يجب‭ ‬اعتماده‭ ‬في‭ ‬مجمله‭ ‬وتنفيذه‭ ‬بأمانة‭. ‬وهذا‭ ‬يشمل‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والأهداف‭ ‬العامة‭ ‬للسلام‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

وأخيرا،‭ ‬آمل‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬قد‭ ‬تعلمنا‭ ‬جميعا‭ ‬من‭ ‬دروس‭ ‬التاريخ‭ ‬المؤلمة،‭ ‬وأن‭ ‬نمتنع‭ ‬عن‭ ‬السماح‭ ‬للوضع‭ ‬الراهن‭ ‬بأن‭ ‬يُملي‭ ‬علينا‭ ‬مسارات‭ ‬محفوفة‭ ‬بالمخاطر‭ ‬لمستقبلنا‭.‬

 

{‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬المصري‭ ‬الأسبق‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا