العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

قمة الناتو إعلان حرب على روسيا والصين

بقلم: د. نبيل العسومي

السبت ٢٠ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

استضافت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مؤخرا‭ ‬قمة‭ ‬الناتو‭ ‬لعام‭ ‬2024‭ ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬جدول‭ ‬أعمالها‭ ‬الذي‭ ‬في‭ ‬مقدمته‭ ‬دعم‭ ‬جمهورية‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الاجتماع‭ ‬مثل‭ ‬احتفالا‭ ‬بمرور‭ ‬75‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬إقامة‭ ‬هذا‭ ‬الحلف‭ ‬الأطلسي،‭ ‬وجمعت‭ ‬قمة‭ ‬الناتو‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدورة‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬الأعضاء‭ ‬الـ32‭ ‬بعد‭ ‬انضمام‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬فلندا‭ ‬والسويد‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحلف‭. ‬وعندما‭ ‬نطالع‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬مجريات‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬وبيانها‭ ‬الختامي‭ ‬الذي‭ ‬خرجت‭ ‬به‭ ‬نجد‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬المواضيع‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬شغلت‭ ‬بال‭ ‬قادة‭ ‬الناتو‭ ‬هي‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬4‭ ‬قضايا‭ ‬حظيت‭ ‬بالأولوية‭:‬

الأولى‭: ‬محاولة‭ ‬إظهار‭ ‬قوة‭ ‬الناتو‭ ‬ووحدته‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وجمهورية‭ ‬الصين‭ ‬الشعبية،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬البيان‭ ‬ركز‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التحدي‭ ‬الذي‭ ‬يوصف‭ ‬بكونه‭ ‬تحديا‭ ‬خطيرا‭ ‬ومؤثرا‭ ‬في‭ ‬توجهات‭ ‬الناتو‭ ‬الحالية‭ ‬والمستقبلية،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬وحدة‭ ‬أعضاء‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬منها‭ ‬قضية‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬حيث‭ ‬توجد‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬ثلاث‭ ‬دول‭ ‬ضد‭ ‬توجهات‭ ‬الناتو‭ ‬العسكرية‭ ‬بتأجيج‭ ‬الحرب‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬والغرب‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬هنغاريا‭ ‬وهنالك‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬مع‭ ‬الذهاب‭ ‬بهذا‭ ‬التأجيج‭ ‬إلى‭ ‬حدوده‭ ‬القصوى‭ ‬مثل‭ ‬فرنسا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬وبولندا‭ ‬وهنالك‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬مع‭ ‬الوقوف‭ ‬مع‭ ‬أوكرانيا‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬أراضيها،‭ ‬ولكن‭ ‬دون‭ ‬التطور‭ ‬في‭ ‬المواجهة‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬‮«‬وحدة‭ ‬الناتو‭ ‬وقوته‮»‬‭ ‬لم‭ ‬يتحقق‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬تتمناه‭ ‬رياح‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭.‬

الثانية‭: ‬التهديد‭ ‬المباشر‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬والتحذير‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬تنافي‭ ‬القوة‭ ‬الصينية‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التحذير‭ ‬اعتبر‭ ‬في‭ ‬موسكو‭ ‬بمثابة‭ ‬إعلان‭ ‬حرب‭ ‬واعتبرته‭ ‬بكين‭ ‬تهديدا‭ ‬لا‭ ‬مبرر‭ ‬له‭.‬

والحقيقة‭ ‬ان‭ ‬صياغة‭ ‬هذه‭ ‬النقطة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البيان‭ ‬تذكرنا‭ ‬بأوج‭ ‬المواجهة‭ ‬أثناء‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬فهو‭ ‬بيان‭ ‬مخيف‭ ‬بهذا‭ ‬المعنى‭ ‬وينذر‭ ‬باحتمالات‭ ‬قيام‭ ‬حروب‭ ‬قادمة‭ ‬وتوسيع‭ ‬الحرب‭ ‬القائمة‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬الخطير‭ ‬خطورة‭ ‬هو‭ ‬ربط‭ ‬هذا‭ ‬التهديد‭ ‬بالتنفيذ‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سماع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الناتو‭ ‬باستخدام‭ ‬أسلحتها‭ ‬بضرب‭ ‬العمق‭ ‬الروسي‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬كان‭ ‬مرفوضا‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬خاصة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وبريطانيا‭ ‬العظمى‭ ‬وألمانيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وجمهورية‭ ‬فرنسا‭ ‬وبولندا‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬استخدام‭ ‬أسلحة‭ ‬الناتو‭ ‬لضرب‭ ‬موسكو‭ ‬أو‭ ‬سانت‭ ‬بيترسبورغ‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬الروسية‭ ‬وهذا‭ ‬يؤدي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬شاملة‭ ‬بين‭ ‬الناتو‭ ‬وبين‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وهذا‭ ‬التهديد‭ ‬الذي‭ ‬احتفل‭ ‬به‭ ‬الرئيس‭ ‬الأوكراني‭ ‬فلاديمير‭ ‬زلينسكي‭ ‬واعتبر‭ ‬نفسه‭ ‬بطل‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬والقى‭ ‬فيها‭ ‬عدة‭ ‬خطب‭ ‬فهي‭ ‬وثيقة‭ ‬تمهد‭ ‬لحرب‭ ‬عالمية‭ ‬مؤكدة‭ ‬وراءها‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬الناتو‭ ‬بلا‭ ‬شك‭.‬

الثالثة‭: ‬التحول‭ ‬السريع‭ ‬نحو‭ ‬توسيع‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬الذي‭ ‬في‭ ‬أساسه‭ ‬هو‭ ‬حلف‭ ‬لدول‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬ليتحول‭ ‬إلى‭ ‬حلف‭ ‬تمتد‭ ‬سيطرته‭ ‬وتأثيره‭ ‬إلى‭ ‬بحر‭ ‬الصين‭ ‬وماليزيا‭ ‬واليابان‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬وغيرها،‭ ‬وذلك‭ ‬لبسط‭ ‬نفوذه‭ ‬وتأثيره‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬هذه‭ ‬المساحة‭ ‬الحيوية‭ ‬من‭ ‬العالم،‭ ‬وهذا‭ ‬توجه‭ ‬خطير‭ ‬خاصة‭ ‬انه‭ ‬يقدم‭ ‬بعنوان‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وتعزيز‭ ‬القوة‭ ‬الدفاعية‭ ‬للدول‭ ‬في‭ ‬حين،‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬معلوم،‭ ‬ان‭ ‬توسيع‭ ‬الناتو‭ ‬هو‭ ‬توسيع‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬السيطرة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والأمنية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬فخطة‭ ‬الناتو‭ ‬سبقتها‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬تحركات‭ ‬وأحلاف‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭ ‬والتحرش‭ ‬بالصين،‭ ‬خاصة‭ ‬بحر‭ ‬الصين‭ ‬الجنوبي‭ ‬ليتحول‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬تهديد‭ ‬مباشر‭ ‬للصين‭ ‬الشعبية‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬التهديد‭ ‬الفعلي‭ ‬المتزايد‭ ‬لروسيا‭ ‬الاتحادية،‭ ‬وهذا‭ ‬التوجه‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬هيكليا‭ ‬وقانونيا‭ ‬فإنه‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬الحروب‭ ‬والمواجهات‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬وسوف‭ ‬يؤثر‭ ‬ذلك‭ ‬عمليا‭ ‬على‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭ ‬وعلى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭.‬

رابعا‭: ‬إصرار‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي،‭ ‬غير‭ ‬المبرر‭ ‬وغير‭ ‬المفهوم،‭ ‬على‭ ‬جر‭ ‬أوكرانيا‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬القتال‭ ‬والحرب‭ ‬ورفض‭ ‬جميع‭ ‬أشكال‭ ‬المفاوضات‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬مصلحة‭ ‬أوكرانيا‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬التفاوض‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬والدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬من‭ ‬الناتو‭ ‬الذي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬استفزاز‭ ‬روسيا‭ ‬وغلق‭ ‬أي‭ ‬منفذ‭ ‬أو‭ ‬باب‭ ‬للحوار‭ ‬أو‭ ‬السلام،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬قد‭ ‬قرر‭ ‬رسميا‭ ‬تعيين‭ ‬ممثل‭ ‬رفيع‭ ‬المستوى‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وهذا‭ ‬الممثل‭ ‬سوف‭ ‬يكون‭ ‬مقر‭ ‬إقامته‭ ‬في‭ ‬كييف‭ ‬لتعزيز‭ ‬العلاقة‭ ‬المؤسسية‭ ‬بين‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وحلف‭ ‬الناتو‭ ‬وسوف‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬تنسيق‭ ‬وتكييف‭ ‬المؤسسات‭ ‬العسكرية‭ ‬والأمنية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬مع‭ ‬أسلحته،‭ ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬الناتو‭ ‬في‭ ‬بيانه‭ ‬الأخير‭ ‬حتمية‭ ‬دخول‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ضمن‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬وهي‭ ‬المنطقة‭ ‬الحاسمة‭ ‬والجوهرية‭ ‬في‭ ‬الخلاف‭ ‬بين‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وروسيا‭. ‬وقد‭ ‬اندلعت‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬بسبب‭ ‬إصرار‭ ‬القيادة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الناتو‭ ‬على‭ ‬انضمام‭ ‬أوكرانيا‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحلف‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬اقتراب‭ ‬التهديد‭ ‬الأمني‭ ‬من‭ ‬حدود‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وهو‭ ‬تهديد‭ ‬وجودي‭ ‬يمكن‭ ‬لروسيا‭ ‬أن‭ ‬تقبل‭ ‬به،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬التي‭ ‬احتضنتها‭ ‬واشنطن‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬جوهرها‭ ‬موجهة‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬مباشرة‭ ‬ومهددة‭ ‬للأمن‭ ‬والسلم‭ ‬العالميين‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا