يمكن المقارنة بين إطلاق النار على دونالد ترامب ومحاولة اغتيال الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت في مطلع القرن العشرين. في عام 1912، عند محاولة اغتياله، كان روزفلت رئيساً جمهورياً سابقاً يسعى للعودة إلى السلطة، وأطلق عليه الرصاص في ميلووكي، المدينة التي أُعلن فيها ترشيح ترامب هذا الأسبوع؛ فأصابته رصاصة دون أن تقتله.
ربما يكون هذا هو الجانب الوحيد الذي يمكن من خلاله مقارنة ترامب بروزفلت؛ حيث كان روزفلت أصغر رئيس للولايات المتحدة على الإطلاق، وكان رجلا مثقفاً ومهتماً بالأدب وملتزماً بالمبادرات البيئية، ومدافعاً عن القتال من أجل الحلفاء الغربيين في أوروبا عندما بدأت الحرب العالمية الأولى. ويعتبره معظم المؤرخين واحداً من أعظم الرؤساء على الإطلاق.
إن حادث إطلاق النار السبت (13 يوليو) كان أكثر مأساوية وأكثر إثارة للقلق من محاولة عام 1912، وتكمن المأساوية في أن «المارة قتلوا وجرحوا، وهو أمر مثير للقلق حيث أظهر استطلاع للرأي العام الماضي أن نسبة الأمريكيين الذين يعتقدون أن العنف السياسي قد يكون مبرراً «لإنقاذ» البلاد ارتفعت إلى 23 في المائة، مقارنة بـ15 في المائة عام 2021».
وعلى الرغم من كل التغطية الإخبارية اللاهثة والادعاءات بأن أحداث السبت «غيّرت كل شيء»، أو «غيّرت الانتخابات» أو «قلبت السباق رأساً على عقب»، فمن المرجح أن ما قام به توماس ماثيو كروكس حين أطلق الرصاص على ترامب «عزز اتجاهين سائدين في انتخابات هذا العام، وهما أن جو بايدن يتشبث بترشيحه في أغسطس وأن ترامب في طريقه للتغلب عليه في نوفمبر». إن محاولة الاغتيال لم تغيّر كل شيء، ولكن تأثيرها أنها جعلت ما كان متوقعاً أكثر احتمالاً للحدوث.
إن إطلاق النار على ترامب أعطاه زخماً انتخابياً و«جعل من الضروري أن يفسح بايدن المجال لمرشح أصغر سنا»، لكن «هذا المنطق ليس سائداً حالياً، وبدلاً من ذلك، أدّى الاهتمام الهائل بترامب إلى تحويل التركيز عن زلات بايدن الصادمة في قمة الناتو».
في الانتخابات في شتى أنحاء العالم هذا العام واجه القادة الذين كانوا يحاولون البقاء في مناصبهم صدمات كبيرة، مثل ما حدث في بريطانيا أو فرنسا، ولكن على الرغم من ذلك، لا يزال بايدن يرفض الرحيل.
إن بايدن وترامب «مدمنان» على السلطة والرئاسة؛ فترامب عمل على تأجيج التمرد بدلاً من التنازل عن السلطة، وبايدن أمضى 12 عاماً من الأعوام الستة عشر الماضية كرئيس أو نائب للرئيس، بعد عقود من العمل كعضو في مجلس الشيوخ الأمريكي. إن بايدن لا يعرف أي حياة أخرى ولن يتخلى عن السلطة بسهولة.
يتعيّن على الحزب الديمقراطي أن يقنع بايدن بالتنحي لصالح مرشح آخر، لكنه سيجد هذه المهمة أكثر صعوبة حتى يتغير السرد الإعلامي مرة أخرى، وعندها قد يكون الأوان قد فات.
بالنسبة إلى ترامب، فإن «التغلب على بايدن في نوفمبر أصبح أسهل قليلاً، وأصبحت مهاجمته أكثر صعوبة، من دون أن يضطر إلى تغيير رسالته التي مفادها أن الولايات المتحدة في انحدار وأنه وحده القادر على إنقاذها».
{ وزير الخارجية البريطاني السابق
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك