العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الصعود الخليجي في قياس القوة الناعمة

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الخميس ١٨ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

يشير‭ ‬مفهوم‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬التأثير‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إكراه،‭ ‬أو‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬الخشنة،‭ ‬كالمسلحة‭ ‬أو‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وإلى‭ ‬هذا‭ ‬صارت‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أدوات‭ ‬التفاعل‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬الاتجاه‭ ‬العالمي‭ ‬إلى‭ ‬نبذ‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات،‭ ‬حيث‭ ‬تبحث‭ ‬الدول‭ ‬عن‭ ‬مقومات‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬لديها،‭ ‬وتوظفها‭ ‬لخدمة‭ ‬أهداف‭ ‬مشروعها‭ ‬التنموي‭ ‬وسياساتها‭ ‬الخارجية‭.‬

ولعل‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أهم‭ ‬مقومات‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬التي‭ ‬تعزز‭ ‬مكانة‭ ‬الدولة،‭ ‬هو‭ ‬‮«‬موقعها‭ ‬الجغرافي‮»‬،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬استطاعت‭ ‬‮«‬سنغافورة‮»‬،‭ ‬الجزيرة‭ ‬الصخرية‭ ‬التي‭ ‬تستورد‭ ‬احتياجاتها‭ ‬من‭ ‬الماء‭ ‬العذب‭ ‬أن‭ ‬توظف‭ ‬موقعها‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية،‭ ‬ما‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬نهوضها‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وأدى‭ ‬إلى‭ ‬اعتبارها‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬النمور‭ ‬الآسيوية‭ ‬البارزة‭. ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬يلعب‭ ‬‮«‬التقدم‭ ‬التكنولوجي‮»‬‭ ‬دورًا‭ ‬حاسمًا،‭ ‬كما‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬أمثلة‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬و«ألمانيا‮»‬،‭ ‬و«اليابان‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬يُعد‭ ‬‮«‬الإرث‭ ‬الحضاري‮»‬‭ ‬أيضًا‭ ‬عاملًا‭ ‬مهمًا،‭ ‬كما‭ ‬نرى‭ ‬في‭ ‬‮«‬الصين‮»‬،‭ ‬و«الهند‮»‬،‭ ‬و«مصر‮»‬‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬تستغل‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬مواردها‭ ‬لتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬أساسية‭ ‬للبشرية،‭ ‬مثل‭ ‬دور‭ ‬‮«‬دول‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬في‭ ‬‮«‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي‮»‬،‭ ‬وتخصيص‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬عوائد‭ ‬تصديرها‭ ‬لدعم‭ ‬التنمية‭ ‬العالمية‭. ‬فيما‭ ‬تلعب‭ ‬قوة‭ ‬‮«‬التأثير‭ ‬الثقافي‮»‬،‭ ‬‮«‬دورًا‭ ‬بارزًا‮»‬‭ ‬كذلك،‭ ‬مثل‭ ‬احتضان‭ ‬السعودية‭ ‬للأماكن‭ ‬المقدسة‭ ‬التي‭ ‬تهفو‭ ‬إليها‭ ‬قلوب‭ ‬المسلمين،‭ ‬وتأثير‭ ‬السينما‭ ‬والدراما‭ ‬والأغنية‭ ‬المصرية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬وتأثير‭ ‬السينما‭ ‬الأمريكية‭ ‬والإيطالية‭ ‬والهندية‭ ‬عالميًا‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬التميز‭ ‬التجاري‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬الهند‭ ‬للشاي،‭ ‬والبرازيل‭ ‬للبن،‭ ‬و«التميز‭ ‬الرياضي‮»‬،‭ ‬مثل‭ ‬براعة‭ ‬البرازيل‭ ‬في‭ ‬كرة‭ ‬القدم،‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬كرة‭ ‬السلة‭. ‬وعليه،‭ ‬تتنوع‭ ‬مقومات‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬وتشمل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العوامل،‭ ‬ويعتبر‭ ‬الاستثمار‭ ‬فيها‭ ‬وتوظيفها‭ ‬أمرًا‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنه‭ ‬لخدمة‭ ‬الأهداف‭ ‬الوطنية‭ ‬لكل‭ ‬دولة‭.‬

وبالتوازي‭ ‬مع‭ ‬أهميتها‭ ‬المتزايدة‭ ‬بدأت‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬بإصدار‭ ‬تقارير‭ ‬سنوية‭ ‬تضع‭ ‬مؤشرات‭ ‬لقياس‭ ‬قوتها،‭ ‬وتحديد‭ ‬الممارسات‭ ‬التي‭ ‬تسلكها‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تعزيزها‭. ‬ويبرز‭ ‬التقرير‭ ‬الذي‭ ‬تصدره‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮«‬براند‭ ‬فايينانس‮»‬،‭ ‬كأحد‭ ‬أشهر‭ ‬تلك‭ ‬التقارير؛‭ ‬نظرًا‭ ‬لأنه‭ ‬يغطي‭ ‬قاعدة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬وضخامة‭ ‬العينة‭ ‬التي‭ ‬تشملها‭ ‬الاستطلاعات‭ ‬والاستبيانات‭. ‬وتصدر‭ ‬المؤسسة‭ -‬البريطانية‭ ‬التي‭ ‬تأسست‭ ‬عام‭ ‬1996-‭ ‬مؤشرها‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬أوكسفورد‮»‬‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2020‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬غطى‭ ‬المؤشر‭ ‬87‭ ‬دولة،‭ ‬واحتلت‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى‭ ‬فيه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬تلتها‭ ‬ألمانيا،‭ ‬ثم‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬ثم‭ ‬اليابان،‭ ‬فالصين،‭ ‬ثم‭ ‬فرنسا‭ ‬فكندا،‭ ‬ثم‭ ‬سويسرا،‭ ‬فالسويد‭ ‬ثم‭ ‬روسيا‭. ‬وحلت‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬18‭ ‬عالميًا‭ ‬في‭ ‬التصنيف‭ ‬الإجمالي،‭ ‬والـ11‭ ‬عالميًا‭ ‬في‭ ‬معيار‭ ‬التأثير‭ ‬العالمي،‭ ‬فيما‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬شكلت‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2017،‭ ‬مجلس‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة،‭ ‬الذي‭ ‬يتبع‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬لرسم‭ ‬استراتيجية‭ ‬عامة‭ ‬للقوة‭ ‬الناعمة،‭ ‬وترسيخ‭ ‬الصورة‭ ‬الإيجابية‭ ‬للدولة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭.‬

ويتكون‭ ‬مؤشر‭ ‬‮«‬فايينانس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬عنصرين‭ ‬أساسيين؛‭ ‬هما‭ (‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التأثير،‭ ‬ومجموعة‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬مرتكزات‭ ‬هي‭: ‬التجارة‭ ‬والأعمال،‭ ‬الحوكمة،‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية،‭ ‬التراث‭ ‬والثقافة،‭ ‬التواصل‭ ‬والإعلام،‭ ‬التعليم‭ ‬والعلوم،‭ ‬الناس‭ ‬والقيم‭ ‬وثلاثة‭ ‬عناصر‭ ‬مساعدة‭)‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ثلاثة‭ ‬عناصر‭ ‬داعمة‭ ‬هي‭: (‬سمعة‭ ‬الدولة،‭ ‬ومدى‭ ‬معرفة‭ ‬الجمهور‭ ‬بها،‭ ‬ومدى‭ ‬نجاح‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭). ‬وضمن‭ ‬محاولتها‭ ‬لوضع‭ ‬نفسها‭ ‬كمرجعية‭ ‬لمفهوم‭ ‬وممارسات‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة؛‭ ‬تبنت‭ ‬تعريفا‭ ‬خاصا‭ ‬بها،‭ ‬يواكب‭ ‬مستجدات‭ ‬العصر‭ ‬وتطورات‭ ‬الممارسات‭ ‬والأهداف‭ ‬والنماذج،‭ ‬يتلخص‭ ‬في‭ (‬مدى‭ ‬قدرة‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬تفضيلات‭ ‬وسلوك‭ ‬مختلف‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬ومنظمات‭ ‬وشركات‭ ‬وشعوب،‭ ‬عبر‭ ‬الجذب‭ ‬والإقناع،‭ ‬وليس‭ ‬الإرغام‭ ‬بالقوة‭).‬

وكانت‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬قد‭ ‬صعدت‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬في‭ ‬إصدار‭ ‬2023،‭ ‬الذي‭ ‬شمل‭ ‬121‭ ‬دولة‭ ‬وتصدرت‭ ‬فيه‭ ‬الإمارات‭ ‬قائمة‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬ونجحت‭ ‬في‭ ‬دخول‭ ‬نادي‭ ‬الدول‭ ‬العشر‭ ‬الأولى‭ ‬الأكثر‭ ‬قدرة‭ ‬بهذا‭ ‬المعنى‭ ‬في‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭. ‬وجاءت‭ ‬‮«‬السعودية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الثانية‭ ‬عربيًا،‭ ‬والـ19‭ ‬عالميًا،‭ ‬تليها‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬24‭ ‬عالميًا،‭ ‬والكويت‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬34،‭ ‬وحلت‭ ‬سلطنة‭ ‬عُمان‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬46،‭ ‬والبحرين‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الـ50‭. ‬

وفي‭ ‬إصدار‭ ‬2024،‭ ‬الذي‭ ‬شمل‭ ‬193‭ ‬دولة،‭ ‬جاءت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى،‭ ‬تليها‭ ‬بريطانيا،‭ ‬ثم‭ ‬الصين،‭ ‬واحتلت‭ ‬الإمارات‭ ‬المركز‭ ‬العاشر‭ ‬عالميًا،‭ ‬وتقدمت‭ ‬السعودية‭ ‬ثمانية‭ ‬مراكز‭ ‬منذ‭ ‬أول‭ ‬إصدار‭ ‬لتحتل‭ ‬المرتبة‭ ‬18‭ ‬عالميًا،‭ ‬وقطر‭ ‬10‭ ‬مراكز،‭ ‬منذ‭ ‬أول‭ ‬إصدار‭ ‬لتحتل‭ ‬المركز‭ ‬21‭ ‬عالميًا،‭ ‬فيما‭ ‬احتلت‭ ‬البحرين‭ ‬المرتبة‭ ‬51‭ ‬عالميًا،‭ ‬والكويت‭ ‬الـ37،‭ ‬وسلطنة‭ ‬عُمان‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬49‭ ‬عالميًا‭ ‬في‭ ‬2022،‭ ‬غدت‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬46‭ ‬عالميًا‭ ‬في‭ ‬2023‭ ‬والـ49‭ ‬في‭ ‬2024‭.‬

ومكنت‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬تبذلها‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬توسيع‭ ‬علاقاتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬والثقافية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بشكل‭ ‬متوازن،‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تحظى‭ ‬بقبول‭ ‬واسع‭ ‬كوسيط‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬النزاعات‭ ‬الدولية‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬حضورها‭ ‬البارز‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية،‭ ‬والاستثمار‭ ‬العالمي،‭ ‬وحركة‭ ‬السياحة،‭ ‬قد‭ ‬ساهم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬صعودها‭ ‬على‭ ‬مؤشر‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة؛‭ ‬فكانت‭ ‬‮«‬الرياض‮»‬،‭ ‬قبلة‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬القمم‭ ‬الكبرى،‭ ‬كـ«القمة‭ ‬العربية‭ ‬الصينية‮»‬،‭ ‬و«القمة‭ ‬العربية‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬و«القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‮»‬،‭ ‬وفازت‭ ‬بعرض‭ ‬استضافة‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬2034،‭ ‬وتنظيم‭ ‬أكسبو2030،‭ ‬كما‭ ‬تعد‭ ‬لاعبًا‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬موقعها‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أوبك‭ ‬بلس‮»‬،‭ ‬وقيادتها‭ ‬وضع‭ ‬عرض‭ ‬النفط‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬حالة‭ ‬السوق،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعلها‭ ‬عضوا‭ ‬أساسيا‭ ‬في‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬العشرين‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬قدمت‭ ‬فيها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬لخدمة‭ ‬العالم‭ ‬النامي،‭ ‬من‭ ‬أبرزها‭ ‬تأجيل‭ ‬سداد‭ ‬فوائد‭ ‬الديون‭ ‬المستحقة‭ ‬أثناء‭ ‬كوفيد‭-‬19،‭ ‬كما‭ ‬أهلها‭ ‬ذلك‭ ‬لأن‭ ‬تكون‭ ‬لاعبًا‭ ‬قويًا‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬البريكس‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬توجد‭ ‬خمس‭ ‬شركات‭ ‬سعودية‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬أعلى‭ ‬الشركات‭ ‬قوة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وهي‭: (‬أرامكو،‭ ‬إس‭ ‬تي‭ ‬سي،‭ ‬مصرف‭ ‬الراجحي،‭ ‬سابك،‭ ‬البنك‭ ‬الأهلي‭). ‬وتعد‭ ‬رؤية‭ ‬السعودية‭ ‬2030،‭ ‬محركا‭ ‬قويا‭ ‬لعناصر‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬للمملكة،‭ ‬وفي‭ ‬الربع‭ ‬الأول‭ ‬لعام‭ ‬2024‭ ‬نقلت‭ ‬127‭ ‬شركة‭ ‬عالمية‭ ‬مقراتها‭ ‬الإقليمية‭ ‬إليها‭ ‬بزيادة‭ ‬بنسبة‭ ‬477%‭ ‬عن‭ ‬2023‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬بدت‭ ‬السعودية‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬بمفاهيمها‭ ‬الثقافية‭ ‬المميزة‭ ‬لها،‭ ‬وأدائها‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والسياسي،‭ ‬مؤهلة‭ ‬لدور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬‮«‬مبادرات‭ ‬السلام‭ ‬والأمن‮»‬،‭ ‬ونشير‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬وساطة‭ ‬قطر‭ ‬الناجحة‭ ‬في‭ ‬الأزمة‭ ‬اللبنانية‭ ‬2008،‭ ‬واستضافتها‭ ‬محادثات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وطالبان،‭ ‬ووساطة‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬أزمة‭ ‬البيت‭ ‬الخليجي‭ ‬2017‭ - ‬2021،‭ ‬ووساطة‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬النزاع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الفلسطيني‭ (‬اتفاق‭ ‬مكة‭)‬،‭ ‬ومحادثات‭ ‬جدة‭ ‬بين‭ ‬الفصائل‭ ‬السودانية‭ ‬المتحاربة،‭ ‬ووساطة‭ ‬الإمارات‭ ‬لعقد‭ ‬اتفاق‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬أثيوبيا‭ ‬واريتريا،‭ ‬وتبادل‭ ‬الأسرى‭ ‬بين‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وروسيا،‭ ‬فيما‭ ‬تسعى‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬جهود‭ ‬الوساطة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬توافق‭ ‬إقليمي‭ ‬يخدم‭ ‬حماية‭ ‬مصالحها‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وخطوط‭ ‬الإمداد،‭ ‬ونجاح‭ ‬استراتيجيات‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭.‬

وفيما‭ ‬تعد‭ ‬مساعدات‭ ‬التنمية‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬مقومات‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة،‭ ‬فإن‭ ‬نسبة‭ ‬مساعدات‭ ‬التنمية‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬تبلغ‭ ‬97%،‭ ‬حيث‭ ‬بلغت‭ ‬قيمة‭ ‬المساعدات‭ ‬الخارجية‭ ‬المقدمة‭ ‬من‭ ‬الإمارات‭ ‬نحو‭ ‬9‭.‬3‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬3‭ ‬سنوات‭ (‬2020-‭ ‬2022‭)‬،‭ ‬وحتى‭ ‬أبريل‭ ‬الماضي‭ ‬بلغ‭ ‬إجمالي‭ ‬مساعدات‭ ‬السعودية‭ ‬المقدمة‭ ‬عبر‭ ‬جهاتها‭ ‬المانحة‭ ‬للدول‭ ‬الأشد‭ ‬احتياجًا‭ ‬نحو‭ ‬129‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬وبلغ‭ ‬عدد‭ ‬المشاريع‭ ‬الإنمائية‭ ‬والإنسانية‭ ‬التي‭ ‬مولتها‭ ‬6856‭ ‬مشروعا،‭ ‬وعدد‭ ‬الدول‭ ‬المستفيدة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات‭ ‬والمشروعات‭ ‬169‭ ‬دولة،‭ ‬فيما‭ ‬تعد‭ ‬أيضًا‭ ‬مساعدات‭ ‬التنمية‭ ‬نهجًا‭ ‬ثابتًا‭ ‬لدى‭ ‬الكويت‭ ‬وقطر‭.‬

وعلى‭ ‬مسار‭ ‬صعود‭ ‬قوتها‭ ‬الناعمة‭ ‬تنظم‭ ‬‮«‬البحرين‮»‬،‭ ‬سنويًا‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2004‭ ‬‮«‬حوار‭ ‬المنامة‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الفعاليات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬كقمة‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي،‭ ‬تناقش‭ ‬وتحلل‭ ‬أبرز‭ ‬القضايا‭ ‬والتطورات‭ ‬السياسية‭ ‬والدفاعية‭ ‬والأمنية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والعالم،‭ ‬فيما‭ ‬كان‭ ‬الحضور‭ ‬في‭ ‬نسخة‭ ‬2023‭ ‬نحو‭ ‬450‭ ‬شخصية،‭ ‬عبر‭ ‬وفود‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬دولة‭ ‬تضم‭ ‬قادة‭ ‬سياسيين‭ ‬وعسكريين‭ ‬وأمنيين‭ ‬وأكاديميين‭ ‬وشخصيات‭ ‬رسمية‭ ‬وإعلاميين‭.‬

وفي‭ ‬سياق‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬أيضًا‭ ‬استضافت‭ ‬الإمارات‭ ‬‮«‬قمة‭ ‬المناخ‭ ‬28‮»‬،‭ ‬قبل‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬المنصرم،‭ ‬كما‭ ‬استضافت‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬الماضي‭ ‬‮«‬المنتدى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي‮»‬،‭ ‬بمشاركة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1000‭ ‬شخص‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬الدول‭ ‬وكبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬والخبراء،‭ ‬والذي‭ ‬يعد‭ ‬منبرًا‭ ‬مهمًا‭ ‬للحوار‭ ‬العالمي‭ ‬وتشجيع‭ ‬التعاون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التنمية‭. ‬وفيما‭ ‬ارتبط‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬الدوحة‮»‬،‭ ‬بواحدة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬جولات‭ ‬منظمة‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية،‭ ‬فقد‭ ‬استضافت‭ ‬بطولة‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬2022،‭ ‬واكسبو‭ ‬الدوحة‭ ‬2023،‭ ‬والبطولة‭ ‬العالمية‭ ‬للألعاب‭ ‬المائية‭ ‬2024‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬يعزز‭ ‬الصعود‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬عناصر‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة؛‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬والقوى‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الكبرى،‭ ‬مثل‭ ‬الصين،‭ ‬والهند،‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬وتركيا‭ ‬لعقد‭ ‬اتفاقات‭ ‬تجارة‭ ‬حرة‭ ‬مع‭ ‬المنظومة‭ ‬الخليجية،‭ ‬فيما‭ ‬نجحت‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬مؤخرًا‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقات؛‭ ‬ما‭ ‬يخدم‭ ‬سياسات‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬التي‭ ‬تنتهجها‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬ويعزز‭ ‬مناخ‭ ‬الاستثمار‭ ‬ويرفع‭ ‬تصنيفها‭ ‬الائتماني،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التنسيق‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المجموعة‭ ‬الخليجية،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬بإطلاق‭ ‬التأشيرة‭ ‬الموحدة‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬المنافع‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقات‭ ‬فيما‭ ‬بينها،‭ ‬وقد‭ ‬دفعت‭ ‬عناصر‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬مثل‭ ‬الإمارات،‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬استراتيجيات‭ ‬لدعم‭ ‬هذه‭ ‬العناصر،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬رؤاها‭ ‬المستقبلية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬نتائج‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬ذات‭ ‬قيمة‭ ‬عالية،‭ ‬فإنها‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭ ‬وحدها‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬فيه‭ ‬القوة‭ ‬الخشنة‭ ‬لها‭ ‬الصوت‭ ‬والتأثير‭ ‬الأكبر‭. ‬وعليه،‭ ‬يكمن‭ ‬أساس‭ ‬الأمن‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬تكامل‭ ‬القوتين‭ ‬معا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا