استشهد في مجزرة حي المواصي بخان يونس أكثر من 100 مدني فلسطيني، والحجة الإسرائيلية تقول إن الهدف كان قتل قائد كتائب القسام محمد الضيف، وقال جيش الاحتلال إنه أصيب وأعلنت حماس أنه لم يصب «ويقود عمليات المقاومة».
والحقيقة أن إسرائيل باتت يوميا تستهدف المدنيين في ظل صمت عربي ودولي، أو على الأقل في ظل فشل الجميع في وقف المجازر الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، فلا جهود جنوب إفريقيا الكبيرة والمقدّرة في محكمة العدل الدولية نجحت في وقف الإبادة الجماعية، ولا قرار مجلس الأمن اليتيم بهدنة إنسانية مؤقتة احترمته إسرائيل يوما واحدا.
وقد طالب بعض الداعمين للشعب الفلسطيني ولقضيته، حركة حماس بأن تقبل بالشروط الحالية للهدنة المؤقتة في ظل غياب أي ضمانات أن تصبح هدنة مستمرة؛ أي تصل لوقف كامل لإطلاق النار. والحقيقة أن مطلوب من حماس أن تقبل بالهدنة وبالأمر الواقع؛ لكى تقول الحكومة العبرية المتطرفة للعالم إنها هزمتها في حرب غزة، ثم تستهدف «على مهلها» قادة حماس، صحيح أن الحركة صمدت 9 أشهر، لكنها لم تعد قادرة حاليا أن توجه ضربات قوية إلى جيش الاحتلال كما فعلت من قبل، وبات السؤال: هل لو قبلت بالهدنة وتخلت عن شرط وقف كامل لإطلاق النار، هل سيعنى ذلك أن إسرائيل ستوقف قتل المدنيين؟ هل ستوقف جرائم الإبادة الجماعية وتتخلى عن مشروع تهجير الفلسطينيين والتطهير العرقي؟ الحقيقة أن معضلة الوضع الحالي أن المعركة لم تعد أساسا مع حماس، ولا مع كتائب القسام التي أضعفت قدرتها العسكرية بشكل كبير وصارت تعاني من مشاكل كبيرة في الذخيرة والسلاح وقلة أعداد المقاتلين، إنما أصبحت مع كل الشعب الفلسطيني، وهنا لو قبلت حماس الهدنة وضمنت وقف المجازر بحق المدنيين فعليها أن تقبلها بدون تردد لكن للأسف لا توجد أي ضمانة لذلك.
مسلسل الجرائم التي ترتكبها دولة الاحتلال ضد المدنيين غير مسبوق في تاريخ الحروب المعاصرة، وحان الوقت أن يكون تحرك العالم أولا من أجل وقف هذه الجرائم، بعدها يمكن الضغط على حماس لقبول وقف إطلاق النار.
الأزمة الحالية لا علاقة لها بتعنت حماس في المفاوضات؛ لأنها حتى لو رفعت الراية البيضاء وقالت خلاص لقد حاربنا لأشهر وصمدنا وقدمنا نماذج في الشجاعة والمقاومة ولكننا نستسلم الآن من أجل حقن دماء الشعب الفلسطيني، فإن هذا لن يضمن حقن دماء الشعب الفلسطيني.
هدف إسرائيل حاليا هو التخلص من هذا الشعب إما قتلا أو تهجيرا، فهي لم تعط السلطة الفلسطينية «المعتدلة» في الضفة الغربية دولة يعيش عليها الشعب، إنما قطع أرض متناثرة لا رابط بينها، ولذا أصبح لأول مرة في تاريخ الحروب أن الاستسلام لن يجلب الأمن للمدنيين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك