اختار الإيرانيون رئيسا جديدا بعد رحيل الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي بعد مقتله في حادث سقوط طائرته، وكان واضحا ان الاتجاه الأكبر للرأي العام في إيران يتجه نحو الإصلاح والتجديد، فالرئيس الجديد مسعود بزشكيان يعتبر من التيار الإصلاحي الإيراني، حيث صوت له حوالي 17 مليون إيراني في الجولة الثانية من الانتخابات المبكرة التي بلغت نسبة المشاركة فيها حوالي 50%. وهذا الأمر بحد ذاته يعد جانبا إيجابيا، حيث إن اختيار رئيس إصلاحي هو موقف شعبي واضح نحو نظام سياسي أكثر مرونة وبراغماتية، وخاصة أن الرئيس الجديد قد رفع خلال الحملة الانتخابية العديد من الشعارات الإيجابية، وخصوصا ما يتعلق بالحاجة إلى بناء علاقات جديدة مع المحيط الإقليمي ومع العالم كسبيل من سبل تحسين أوضاع إيران الاقتصادية، ومن المفترض ان يؤدي هذا التوجه عند ترجمته إلى تحسين علاقات إيران بمحيطها الخليجي بالدرجة الأولى.
تبقى التحديات التي سوف تواجه الرئيس الإيراني الجديد وهي كبيرة جدا
وأولها تحديات الداخل الإيراني الناجم عن العديد من التوترات داخل بعض المناطق وبين أوساط العديد من الأقليات التي كانت خلال السنوات تعاني من شدة التعامل معها بالقوة، ويستذكر الرأي العام العالمي العديد من الأزمات من هذا القبيل، التي على الرئيس الإيراني المنتخب أن يواجهها بمنطق قائم على التسامح وإشراك هذه الأقليات في منظومة الحكم حتى لا تشعر بالتهميش.
التحدي الثاني الذي سوف يواجه الرئيس الإيراني الجديد هو التحدي الاقتصادي، حيث لا يخفى أن الشعب الإيراني يعاني منذ سنوات طويلة من أزمات اقتصادية مستحكمة فالاقتصاد يعاني من أزمات مختلفة ومن الركود والتضخم وكذلك من انخفاض قيمة العملة الإيرانية، ويصحب هذه الازمة الاقتصادية أزمة اجتماعية متفاقمة تتمثل في ارتفاع نسبة البطالة بشكل خطير، إضافة إلى شح بعض المواد في الأسواق وهذا أمر في منتهى الخطورة بالنسبة للمجتمع الإيراني، ولذلك فإن أمام الرئيس الجديد مهمة صعبة وثقيلة يرتبط فيها الاقتصادي بالاجتماعي بالسياسي بما يعني أنه لا حل لهذه الازمات إلا في ترابطها، فالانفتاح السياسي الإيراني من شأنه أن يساعد في حل القضايا الاقتصادية وحلها سوف يسهم في حل الأزمات الاجتماعية.
أما التحدي الثالث الذي يواجه الرئيس بزشكيان فهو الملف النووي الإيراني الذي أدى بشكل واضح إلى تفاقم أزمات إيران ومواجهتها مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية ومعظم الدول الأوروبية الغربية، ما أدى إلى استمرار الحصار والعقوبات التي أُثرت ولا تزال تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الإيراني. فهذا الملف النووي يحتاج إلى رؤية براغماتية تحل مشكلته من الأساس خاصة أن استمرار إيران في هذا الاتجاه يثير مخاوف العالم والإقليم بوجه خاص كيف سيتعامل الرئيس الجديد مع هذا الملف وهل يتجه إلى تجديد الاتفاقيات المتعلقة بهذا الملف أو تجميده والمضي قدما في تحدي الولايات المتحدة الأمريكية والاستمرار في بناء القوة النووية كما هو جار منذ 2018.
إن هذه القضايا الملحة لا تزال قائمة منذ عدة سنوات، ولكن العالم ينتظر التغيير في اتجاه الانفتاح والتسامح، كما أن الداخل الإيراني ينتظر من الرئيس الجديد حل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية لتجاوز الوضع الحالي الصعب خصوصا بعد التفاؤل الذي ساد أوساط الشباب تحديدا بعد فوز الرئيس في الجولة الثانية.
وبالنسبة إلينا في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية يهمنا بوجه خاص أن تكون إيران دولة مستقرة آمنة فهي جار أساسي بعيدا عن التوترات التي لا تخدم أحدا لتكون علاقاتنا قائمة على الاحترام المتبادل للمحافظة على أمن المنطقة لبناء جسور من التعاون الاقتصادي والأمني والسياسي يساعد على حشد جهود الجميع لتطوير مجتمعاتنا في سياق من التعاون والثقة المتبادلة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك