يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
الجانب الصحيح من التاريخ
أعجبتني جدا الكلمة التي القاها الرئيس الصيني شي جينبينج في اجتماع القمة لمنظمة شنغهاي للتعاون الذي عقد مؤخرا في كازاخستان. كلمته مهمة ليس بالنسبة للصين او أعضاء المنظمة فقط وانما بالنسبة للعالم كله.
الرئيس الصيني دعا منظمة شنغهاي واعضاءها الى «الوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ». والجانب الصحيح في التاريخ هو جانب العدالة والانصاف والنزاهة فيما يخص دول العالم وفيما يخص النظام العالمي.
في كلمته وتصريحاته اثناء القمة، حدد الرئيس الصيني عددا من الجوانب التي يجب ان تتوافر لضمان الوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ بهذا المعنى، في مقدمتها ما يلي:
1 - ضرورة قيام نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب وبناء نمط جديد للعلاقات الدولية لمواجهة الهيمنة الأمريكية الغربية على النظام العالمي منذ نهاية الحرب الباردة.
2 - رفض ومقاومة التدخلات الخارجية في شئون الدول.
بالطبع هذا واحد من اهم الجوانب على الاطلاق على ضوء ما شهده العالم في العقود الماضية من تدخلات غربية سافرة في شئون الدول ومحاولة فرض سياسات وحتى صيغ سياسية عليها، وعلى ضوء ما حل بكثير من دول العالم، في مقدمتها دول عربية من خراب ودمار نتاجا لهذه التدخلات.
3 - الالتزام بحسن الجوار والاحترام المتبادل في العلاقات بين الدول.
4 - حماية الحق في التنمية وفقا لخصوصيات كل دولة ومجتمع من دون املاء او تدخل من الخارج.
هذه جوانب أساسية طرحها الرئيس الصيني يراها ضرورية لما أسماه الوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ وتحقيق العدالة والانصاف في العالم.
وهذه الجوانب تمثل بالفعل ركائز تحقق ما تريده شعوب العالم بعد الخبرة التاريخية المريرة المؤلمة مع النظام العالمي الذي يهيمن عليه الغرب.
في اعقاب الحرب الباردة، وقيام النظام العالمي الأحادي في ظل الهيمنة الغربية، احتجز الغرب العالم كله رهينة بمعنى الكلمة.. سعى لفرض ارادته وحده ومصادرة إرادة الآخرين.. أراد فرض نظامه السياسي على العالم بالإكراه والابتزاز والتهديد.. اغرق العالم في العدوان والظلم والاضطهاد، ودفع الملايين ارواحهم نتيجة العدوان الغربي.. تدمرت دول بمعنى الكلمة بيد الدول الغربية.. وهكذا.
هذا هو حال العالم في ظل الهيمنة الغربية.
وجاءت حرب ابادة غزة وموقف أمريكا والدول الغربية منها لتجسد الوحشية والهمجية التي وصل اليها النظام العالمي والهوة السحيقة التي انحدر اليها من انعدام الأخلاق والانسانية والاحتقار لكل القيم والمبادئ والقوانين الدولية.
الدول الغربية دعمت بكل السبل اللاأخلاقية واللاإنسانية الإبادة الصهيونية الهمجية لغزة بلا تردد وهي التي تمكنه من مواصلة الحرب حتى اليوم. ولم تكتف بهذا بل مارست إرهابا ضد الأمم المتحدة والمنظمات الدولية كي تحمي الكيان الإسرائيلي وتمنع محاسبته.
حرب إبادة غزة ايقظت شعوب العالم على حقيقة همجية الغرب ونظامه العالمي، وكرست في وعي الشعوب قناعة بأن هذا النظام يجب أن ينتهي ويسقط وان يحل محله نظام تعددي عادل ومنصف وانساني.
في هذا السياق تأتي أهمية ما قاله الرئيس الصيني ودعا اليه في اطار ما اسماه الوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ.
الرئيس الصيني قال ان المجتمع البشري كله يقف اليوم في مفترق طرق. وهذا صحيح. يقف العالم في لحظة اختيار بين نظام عالمي همجي قائم ونظام جديد يجب ان يحل محله.
قيام نظام عالمي جديد معركة طويلة ليست سهلة، ولن يتحقق هذا من دون إصرار وعمل وجهد كل دول العالم غير الغربي.
ونحن في الدول العربية علينا مسئولية كبرى يجب ان نقوم بها. نحن مؤهلون لأن نكون قوة كبرى دافعة لقيام نظام عالمي جديد. مؤهلون بإمكانياتنا وقدراتنا في كل المجالات وبشبكة علاقاتنا مع العالم كله.
الدول العربية مدعوة ايضا لأن تكون في الجانب الصحيح من التاريخ، والا تتردد في استخدام كل قدراتها من اجل بناء نظام عالمي جديد عادل ومنصف وانساني.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك