هذه هي الكويت التي نعرفها ويعرفها العالم أجمع، دولة عربية إسلامية ديمقراطية بلد القانون والمؤسسات الدستورية بلد يحكمها القانون الأساسي للبلاد وهو الدستور الكويتي الذي أقرته الدولة الشقيقة مباشرة بعد نيلها الاستقلال في بداية الستينيات من القرن الماضي وتحديدا في 11 من نوفمبر عام 1962، والذي بموجبه تحولت الكويت إلى دولة دستورية بسلطاتها الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية في إطار تقسيم السلطات، فالسلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة المنتخب بطريقة مباشرة من قبل الشعب الكويتي في إطار المشاركة الشعبية في إدارة البلاد والسلطة التنفيذية يرأسها رئيس الوزراء والسلطة القضائية.
ومنذ ذلك الحين لم تحد دولة الكويت الشقيقة قيد أنملة عن هذا النهج الذي سارعت عليه، وذلك إيمانا من القيادة الكويتية بأهمية التمسك بالنهج الديمقراطي الذي انتهجته منذ البداية كثابت من ثوابت السياسة الكويتية رغم الإشكالات والخلافات والتحديات التي واجهتها البلاد على مدار ستة عقود من الزمان، فكلما تتعرض الدولة الشقيقة لأي إشكال تلجأ إلى دستور البلاد باعتباره القانون الأساسي للبلاد للاحتكام إليه، وخصوصا نصوص المواد الدستورية المتعلقة بعمل السلطة التشريعية.
شاهدنا ذلك في العديد من المناسبات منها في صيف عام 1976 عندما وصلت العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى طريق مسدود لجأ صاحب السمو الشيخ صباح السالم الصباح أمير دولة الكويت آنذاك، طيب الله ثراه، إلى الدستور واستخدم صلاحياته الدستورية التي تخوله حل البرلمان فترة معينة حددها دستور الكويت بشهرين بعدها يتم تنظيم انتخابات جديدة لانتخاب برلمان جديد وهكذا هو الأمر، حيث تلجأ الكويت الى الدستور كلما حدث خلاف بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
إلا أنه خلال السنوات الأخيرة شهدت الدولة الخليجية الشقيقة خلافات أثرت على العمل الوطني، حيث بلغت تجاوزات بعض أعضاء مجلس الأمة الخطوط الحمراء، إن صح التعبير، وبرزت صراعات شعر بها كل مواطن كويتي وكل من يقيم في البلاد وكل المهتمين بالشأن الكويتي، ما أدى إلى عرقلة عمل الحكومة ومجلس الأمة على حد سواء، وجرى تعطيل المشاريع التنموية في البلاد وعرقلة أداء الوزارات والوزراء في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد الى تضافر الجهود لتحقيق آمال وتطلعات الشعب الكويتي في حياة مستقرة، إذ تكررت استقالة الحكومة الكويتية وتكرر حل مجلس الأمة رغم تحذيرات صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، حفظه الله ورعاه، خلال خطابه بمجلس الأمة بعد توليه مقاليد الحكم في الدولة الشقيقة من خطورة الخلافات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وآثرها على استقرار البلاد لدرجة أن مجلس الأمة الأخير تم حله بعد أيام قليلة من تشكيله بعد تدخلاته غير المبررة في تشكيل الحكومة، والذي وصل إلى حد التدخل في صلاحيات الأمير خصوصا فيما يتعلق بتسمية ولي العهد، ما يعني المس بسلطات وصلاحيات الأمير بموجب الدستور.
إن الخطوات التي أقدم عليها صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، حفظه ورعاه، خطوات ضرورية وملحة في الاتجاه الصحيح لتعديل مسار قطار الديمقراطية الكويتية وأول هذه الخطوات تسمية ولي العهد من خلال ترشيح الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح وليا للعهد تبعها تشكيل الحكومة الكويتية الجديدة برئاسة الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح بعد وقف العمل ببعض مواد الدستور مدة أربع سنوات، التي نعتقد ان من المفترض تعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة لوضع حد لتجاوزات بعض النواب وتدخلاتهم غير المبررة في صلاحيات سمو الأمير والسلطة التنفيذية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك