يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
مصيرهم مصير الصليبيين
كتبت من قبل عن الجدل الدائر في أوساط المفكرين والمحللين في الغرب، والإسرائيليين أنفسهم، حول مسألة زوال الكيان الإسرائيلي ومصيره الحتمي.
هذا الجدل اتسع نطاقه جدا في الأشهر القليلة الماضية. احتفظ بعشرات التحليلات حول هذه القضية لمفكرين وباحثين غربيين تحمل أسماء مثل «نهاية إسرائيل» و«بداية النهاية لإسرائيل» و«نهاية الصهيونية» و«سقوط المشروع الصهيوني».. وهكذا.
كل هذه التحليلات ليست تحليلات إنشائية بل هي قائمة على رؤى فكرية وسياسية عميقة، وعلى دراسات تاريخية مقارنة، تصل إلى نتيجة نهائية
هي أن الكيان الإسرائيلي والمشروع الصهيوني الذي بني على أساسه لا يمكن أن يستمر في الوجود، وأن نهايته قد بدأت بالفعل مع كل ما كشفت عنه حرب إبادة غزة وما رافقها من تحولات جذرية في الرؤى والمواقف العالمية من الصهيونية والكيان الإسرائيلي.
عرض ما تتضمنه مثل هذه التحليلات يتطلب سلسلة من المقالات، لكن سأتوقف اليوم عند واحد من اهم هذه التحليلات وهو تحليل كتبه الكاتب والمفكر البريطاني ديفيد هيرست.
الفكرة الجوهرية في التحليل أن هناك أوجه تشابه كثيرة جدا بين الصليبيين والصهاينة، وأن الصهاينة ينتظرهم مصير هو نفس مصير الصليبيين.
التحليل مطول ولكن يمكن تلخيص أهم الأفكار التي يطرحها فيما يلي:
أولا: أن من أكبر أوجه التشابه بين الصليبيين والصهاينة، الاعتماد أساسا على الدعم العسكري من القوى الأجنبية.
في حالة الصليبيين، كان الدعم يأتيهم بشكل رئيسي من الصليبيين الجدد والملوك والأمراء والنبلاء في أوروبا الإقطاعية. أما في حالة الإسرائيليين، فإن الدعم يأتي على شكل مساعدات عسكرية سنوية ودبلوماسية من الولايات المتحدة.
ويقول الكاتب إن التراجع في الدعم الخارجي هو ما أدى في نهاية المطاف إلى سقوط الصليبيين، ويمكن أن يحدث الشيء نفسه مع الإسرائيليين. وإذا حدث فستكون هذه هي بداية النهاية.
ثانيا: أن أفعال الصليبيين تتشابه مع أفعال الصهاينة من حيث الإجرام والدموية والوحشية.
يقول الكاتب: «يجب أن نأخذ في الاعتبار أن أفعال إسرائيل في مرحلتها التكوينية الأولى تشابهت بشكل كبير مع أفعال الصليبيين، وكانت مماثلة في مدى الدمار والوحشية التي تسببت فيها. ويمكن أن نعتبر هذه الأفعال «الخطيئة الأصلية» لإسرائيل، والتي يعود الفضل في وجودها اليوم إليها».
يقول: «إنه في عام 1099، تأسست مملكة القدس المسيحية على أنقاض مذبحة واحدة من «أعظم الجرائم في التاريخ»، حيث ارتكبت هذه المذبحة ضد جميع سكان المدينة المقدسة، بمن في ذلك المسلمين واليهود. وبعد ثمانية قرون ونصف، في الفترة بين عامي 1947 و1948، تم إنشاء إسرائيل من خلال «جريمة ضد الإنسانية» تشبه تلك المذبحة من حيث الجسامة والوحشية، فالنكبة الفلسطينية والتطهير العرقي والطرد، باستخدام القوة والإرهاب والعديد من الفظائع التي مورست ضد تلك «المجتمعات غير اليهودية»، تعتبر جريمة ضد الإنسانية بالفعل».
ثالثا: ان الإسرائيليين مثلهم مثل الصليبيين لا يعرفون العيش إلا بالحروب والعدوان والغزو والتوسع.
يقول هيرست في تحليله: «أثبت الإسرائيليون أنهم مثل الصليبيين تمامًا، حيث قضى فرسان القرون الوسطى 192 سنة يحاربون بلا هوادة هذه المملكة أو تلك السلطنة في الشرق الأوسط العربي المسلم، والذي كان في ذلك الوقت يعاني من التمزق والانقسام الداخلي، وبالمثل، لا يعرف الإسرائيليون منذ قيام إسرائيل حتى اليوم سوى الحروب والعدوان والغزو والتوسع.
هذه بعض الجوانب التي يتضمنها تحليل الكاتب والمفكر ديفيد هيرست كي يثبت فكرته الرئيسية وهي أن الإسرائيليين ينتظرهم نفس مصير الصليبيين، أي الزوال.
للتحليل جوانب مهمة أخرى سنعرض لها في المقال القادم بإذن الله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك