يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
الفشل الإعلامي العربي.. إلى متى؟!
تحدثت في مقال قبل أيام عن الخطة التي وضعها الكيان الإسرائيلي وأطلق عليها «كونسيرت» لمواجهة الحملة الإعلامية والسياسية في أمريكا وأوروبا المنددة بجرائمه في غزة والمطالبة بمقاطعته ومحاسبته. هذه الخطة تضمنت 80 برنامجا بدأ تنفيذها بالفعل منذ فترة وباتباع أقذر الطرق والأساليب.
هذا التحرك الإعلامي الصهيوني على الساحة الأمريكية والأوروبية لا بد أن يثير بالمقابل التساؤل عن التحرك الإعلامي العربي في الخارج دفاعا عن القضية الفلسطينية والقضايا العربية عموما وفي مواجهة الحملات الصهيونية.
بداية، لم يحدث في أي وقت في تاريخ الصراع العربي الصهيوني أن كان المناخ العام على الساحة الدولية مواتيا للتحرك الإعلامي العربي والدفاع عن قضايا الأمة مثلما هو الحال اليوم.
كما نعلم فإن حرب الإبادة الصهيونية لغزة أحدثت انقلابا بكل معنى الكلمة في المواقف الدولية وبالأخص على مستوى الرأي العام.
هذا الانقلاب حدث من زوايا كثيرة في مقدمتها أمران:
الأول: إن حقيقة الكيان الإسرائيلي تكشفت أمام العالم كله ككيان إرهابي لا يتردد في ارتكاب أشنع جرائم الإبادة التي لم يشهد العالم مثلها.
في الحقيقة إن أكثر ما أرعب الكيان الإسرائيلي هو أن كل الدعاية الصهيونية التي حرص على ترسيخها في الغرب عبر عقود طويلة سقطت فجأة واكتشف الرأي العام العالمي زيفها.
والثاني: إنه لم يحدث من قبل أن كان التأييد الشعبي العالمي بما في ذلك في الغرب للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني مثلما هو اليوم.
وكما نعلم التأييد الشعبي العالمي للقضية الفلسطينية وإدانته للكيان الإسرائيلي اتخذ صورا ومظاهر كثيرة جدا كالمظاهرات في الشوارع، واحتجاجات طلاب الجامعات، ومواقف المنظمات المدنية المختلفة.. إلخ إلخ.
ومن أهم وأكبر هذه المظاهر المنظمات الحقوقية الدولية التي حاصرت الكيان الإسرائيلي وتسعى إلى محاسبته وإدانة قادته كمجرمي حرب وإبادة.
هذا الانقلاب الذي حدث على الساحة العالمية لصالح العرب وقع دون أي جهد إعلامي أو سياسي عربي مباشر. كان نتيجة مباشرة للفظائع وجرائم الإبادة الوحشية في غزة.
كما ذكرت هذا المناخ يوفر أوضاعا مثالية للتحرك الإعلامي والسياسي العربي الفاعل على الساحة الدولية.
السؤال هو: هل من الوارد أن يستغل العرب هذا المناخ إعلاميا وسياسيا للدفاع عن الحقوق العربية عموما ولترسيخ صور إيجابية عن العرب في الخارج؟
في الحقيقة ليس هناك ما يدعو إلى التفاؤل على الأقل بحكم السوابق العربية في هذا الخصوص.
التحرك الإعلامي العربي الفاعل على الساحة الدولية يتطلب بداهة وجود خطة تفصيلية لهذا التحرك تتضمن أهدافا محددة ومراحل عملية للتنفيذ، والشروع في تنفيذها فعلا. هذا ما يفعله الكيان الإسرائيلي كما ذكرنا.
ببساطة لا توجد خطة إعلامية عربية بهذه المعايير، وإذا وجدت فتبقى مجرد حبر على ورق لا ترى النور في التنفيذ العملي.
منذ سنوات طويلة جدا وفي كل مرة يجتمع فيها وزراء الإعلام العرب، وهم المعنيون بوضع وتنفيذ مثل هذا التحرك، نسمع عن وجود خطة إعلامية عربية للدفاع عن القضية الفلسطينية والقضايا العربية في الخارج.
عبر هذه السنين الطويلة لم نسمع أبدا ولا مرة واحدة عن اتخاذ أي خطوة عملية من أي نوع لتنفيذ مثل هذه الخطط. والنتيجة فشل إعلامي عربي في الدفاع عن قضايا الأمة في الخارج.
إذا استمر الوضع هكذا اليوم فالذي سيحدث أن كل المكاسب الإعلامية والسياسية التي تحققت للعرب نتيجة الانقلاب الذي حدث على الساحة العالمية ضد الكيان الإسرائيلي سوف تتآكل وتتلاشى تدريجيا وخصوصا مع وجود الخطط لصهيونية التي يجري تنفيذها بكل الحسم.
اليوم تتولى البحرين قيادة العمل العربي المشترك. الأمل معقود على أن تنجح في كسر دائرة هذا الفشل الإعلامي العربي في الخارج وأن تقوم بتفعيل خطة للتحرك الإعلامي العربي ونقلها من عالم الورق إلى أرض الواقع.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك