قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان له خلال عطلة نهاية الأسبوع إنه لن يوافق على أي اتفاق ينص على إنهاء الحرب في غزة. قال نتنياهو ذلك الكلام بعد أقل من شهر من إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن ما زعم أنه اقتراح إسرائيلي لإنهاء الهجوم العسكري في قطاع غزة.
لقد كشف بيان رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي جاء بعد رد مماثل بعد فترة وجيزة من إعلان بايدن، عن التحرك الأكثر إرباكًا لواشنطن في سياق الحرب.
وفي الشهر الماضي، أعلن بايدن، في خطاب متلفز للأمة، «اتفاق سلام» من ثلاث مراحل قال إنه سيؤدي إلى إنهاء الصراع، وأضاف أن إسرائيل وافقت بالفعل على الخطة وأن العبء يقع الآن على عاتق حماس لقبول شروطها.
تتضمن المرحلة الأولى وقفاً كاملاً لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان في غزة، إطلاق سراح بعض الرهائن وبعض جثث الرهائن، عودة المدنيين الفلسطينيين إلى منازلهم، وزيادة في المساعدات الإنسانية.
أما المرحلة الثانية فستتضمن وقفاً دائماً للأعمال العدائية؛ وتبادل إطلاق سراح الرهائن الأحياء المتبقين؛ وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، فيما تركز المرحلة الثالثة على خطة إعادة إعمار كبرى في غزة؛ وإعادة الجثث النهائية للرهائن إلى ذويهم.
وبعد ذلك بوقت قصير، أصدر نتنياهو بيانا رفض فيه الخطة بشكل أساسي. وفي منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي، أشار إلى أن الخطة «الفعلية» التي وافق عليها تنص على عدم إنهاء الصراع حتى يتم القضاء على حماس؛ لا وقف إطلاق نار دائم حتى يتم تحرير جميع الرهائن وتحقيق النصر؛ رافضا أي نهاية للدور الأمني الإسرائيلي في غزة.
وقد تمت الإشارة إلى بعض هذه التفاصيل في بيان أصدره مكتب رئيس الوزراء في الأول من يونيو، وجاء فيه: «إن شروط إسرائيل لإنهاء الحرب لم تتغير: تدمير قدرات حماس العسكرية والسلطوية، وإطلاق سراح جميع الرهائن وضمان ألا تشكل أي تهديد لإسرائيل».
وبموجب الاقتراح الذي أعلنه الرئيس بايدن، ستواصل إسرائيل الإصرار على استيفاء هذه الشروط قبل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار. بالنسبة إلى إسرائيل فإن الموافقة على وقف دائم لإطلاق النار قبل استيفاء هذه الشروط هي فكرة غير مقبولة.
وعندما طُلب منهم توضيحا حول التناقض بين ما يقوله بايدن ونتنياهو، بدا أن المتحدثين باسم البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية يقبلان شروط الأخير أي رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وعلى شاشة التلفزيون الوطني، وصف مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان اقتراح بايدن بأنه «وقف إطلاق النار الإسرائيلي واتفاق بشأن الرهائن». وقال: «إنه اقتراح إسرائيلي... وقد أكدت الحكومة الإسرائيلية مراراً وتكراراً، حتى اليوم، أن هذا الاقتراح لا يزال مطروحاً على الطاولة، والأمر متروك الآن لحماس لقبوله، وعلى العالم أجمع أن يدعو حماس إلى القبول به».
وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمر بشكل أكبر، مشيراً إلى أنه إذا كانت حماس ملتزمة حقاً بإنقاذ حياة شعبها بدلاً من مجرد إنقاذ موقفها، فعليها قبول «الصفقة».
ولجعل الأمور أكثر إرباكاً، تمكنت الولايات المتحدة في يوم 10 يونيو الماضي من تأمين تمرير قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي أشار إلى اقتراح وقف إطلاق النار في 31 مايو الماضي باعتباره اقتراحاً «قبلته إسرائيل» و«يدعو حماس إلى قبوله أيضاً ويحث الطرفين على ذلك.. على الأطراف تنفيذ شروطه من دون تأخير ومن دون شروط». ومضى القرار في تفصيل المراحل الثلاث لاقتراح وقف إطلاق النار بمزيد من التفصيل.
إسرائيل ليست عضوا في مجلس الأمن ولا يمكنها التصويت، لكن سفيرها أكد أن إسرائيل رفضت هذا القرار، مشيرا إلى أنه يتعارض مع أهداف حكومته، فيما استمر نتنياهو في إصراره علناً على هدف إسرائيل المتمثل في تحقيق «النصر الكامل» في غزة.
ومما زاد من الارتباك قيام الولايات المتحدة بتسريب ما قالت إنه رد إسرائيل المفصل على المقترحات التي قدمها الوسطاء الأمريكيون والعرب. لقد اختلفت بشكل أساسي من حيث إنها عرضت فقط انسحابًا محدودًا في المرحلة الأولى وأن الانسحاب الكامل لقواتها لن يحدث إلا في المرحلة الثانية بشرط إجراء مفاوضات - لم يكن أي من هذا مدرجًا في خطة بايدن أو في قرار الأمم المتحدة.
من جانبها، قبلت حماس إلى حد كبير بخطة بايدن وقرار الأمم المتحدة مع بعض التحفظات. على سبيل المثال، أصرت حماس على أن إنهاء وقف إطلاق النار كما ورد في كلا الأمرين يؤدي إلى سلام دائم، وأن يكون هناك انسحاب كامل لجميع القوات الإسرائيلية من غزة.
وفي حين أن الفجوات ربما كانت موضوعًا لمزيد من المفاوضات، فقد كان من المربك سماع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يقول إن «إسرائيل قبلت الاقتراح كما كان»، قبل أن يضيف أنه «كان بإمكان حماس الرد بكلمة واحدة: نعم».
ومع مضاعفة نتنياهو تصريحاته السابقة في نهاية الأسبوع الماضي، تبقى أمامنا أسئلة جدية تحتاج إلى إجابات. فماذا كانت «الصفقة» بالضبط؟ هل كان هذا ما أعلنه البيت الأبيض، أم أن ما قال نتنياهو إنه «الاقتراح الفعلي»؟
وإذا كانت الولايات المتحدة تعرف خلافات إسرائيل مع الخطة، فلماذا طُلب من أعضاء مجلس الأمن التصويت على قرار ادعى أنه حظي بقبول إسرائيل؟ وإذا كان الهدف هو الضغط على كل من إسرائيل وحماس، فلماذا لا يتم طرح الصفقة كخطة للمفاوضين الأمريكيين والعرب ومطالبة كل من إسرائيل وحماس بقبولها؟
يحق لنا في الختام أن نتساءل: لماذا كل هذا الارتباك؟ هل الأمر مجرد خداع متعمد؟
{ رئيس المعهد العربي الأمريكي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك