نظمت جمعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة البحرينية بالمشاركة وجمعية الأعمال والصداقة البحرينية الصينية، المؤتمر السنوي الثاني عشر لليوم العالمي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة 2024، في 27 يونيو المنصرم تحت شعار «الفرص الاستثمارية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البحرين والصين». جاء هذا المؤتمر بعد زيارة جلالة الملك للصين، والتي سعت إلى توطيد العلاقة بين البلدين وفتح آفاق استثمارية وتنموية في مجال التصنيع وزيادة التبادل التجاري بين البلدين، فسوف يقام العام المقبل مبادرة للتوظيف والتدريب لقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وأكد عدم انفصال هذه المؤسسات عن تنمية وتطوير بيئة ريادة الأعمال.
تشكل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة جزءا مهما وأساسيا لأي اقتصاد، فمؤسسات اليوم هي كبرى شركات المستقبل بحصولها على الدعم اللازم والبيئة المناسبة لكي تنمو وتزدهر. هذا لا يعني أنها لا تتعرض لإخفاقات، فكثير منها لا تتمكن من المواصلة وتخفق وسط الطريق لأسباب عدة منها اعتماد استراتيجيات وخيارات خاطئة، ومنها أسباب إدارية أو تمويلية. لكن الأهم ما يتعلق بالبيئة التشريعية والمؤثرات من التحولات التي تحدث في المجتمع أو في التكنولوجيا أو السوق الذي تعمل فيه أو في طبيعة التنافسية في الصناعة نفسها. هذه المؤسسات وجهود دعمها يرتبط ارتباطا وثيقا بتنمية وخلق بيئة محفزة وداعمة لريادة الأعمال والابتكار سواء من الناحية التمويلية أو الثقافية/الفكرية أو إدارة الرعاية والضمان الاجتماعي.
خلق البيئة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكذلك الناشئة والمتناهية الصغر لا يتوقف عند مؤسسة «تمكين» أو وزارة التجارة، هناك أيضا وزارة التنمية المستدامة، ومجلس تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك مجلس التنمية الاقتصادية الذي وضع خطة تهدف إلى زيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي إلى 45% عام 2026. هذه الجهات الحكومية تعطي هذه المؤسسات دورا محوريا في التنويع الاقتصادي، ورفد الاستدامة الاقتصادية وخلق فرص عمل في السوق المحلية. ترجمة ذلك جاء على لسان أمين عام مجلس المناقصات الذي أفاد بارتفاع حصتها من المناقصات بنسبة 84.8%. كذلك تحصل هذه المؤسسات على دعم من بنك البحرين للتنمية وصادرات البحرين.
يقول رئيس جمعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة «إن هناك 30 جهة حكومية وغير حكومية تعمل من أجل دعم قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى العوامل الخارجية التي تؤثر في البيئة الاقتصادية والاستثمارية، أي أن التأثير لا يأتي من جهة معينة أو سياسة أو قرار بعينه، ولكن من تفاعل مجموعة من العوامل والقرارات والسياسات التي قد لا يتضح تأثيرها حين وضعها، لذلك من السهل حدوث تضارب بين بعض القرارات والسياسات مما يضعف البيئة المناسبة، ويحتم الحاجة إلى جهة تتولى مسؤولية التنسيق بين مختلف الجهات ووضع المؤشرات الواجب مراقبتها لضمان ازدهار هذه المؤسسات. قد تكون الجهة المستفيدة مثل جمعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وغرفة التجارة والصناعة بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة هي الأقدر للنظر إلى هذه البيئة بكليتها كمنظومة وتحديد تأثير هذه البيئة في المؤسسات وليس تأثير كل عنصر من البيئة على حدة.
الأمر الآخر هو أن ما يؤثر بشكل كبير في منظومة ريادة الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ما تحصل عليه من دعم من مراكز الأبحاث، سواء كان ذلك من خلال بروز مشاريع وأفكار ريادية أو من خلال دراسة البيئة الاستثمارية والريادية وتفاعل القرارات وتأثيرها لرفع فاعليتها وقدرتها على احتضان المشاريع والرياديين.
في هذا الجانب يتطلب الأمر إبراز وتعزيز ورفع مستوى ما تقدمه هذه الجهات المتعددة من دعم للبحث والتطوير أو ربط مراكز الأبحاث (الجامعات) مع رواد الأعمال ومع الجمعيات التي تمثل القطاع وغرفة التجارة.
تضع الدولة سياساتها التنموية والاقتصادية وتحدد فيها أهدافا عليا، ليست مالية فقط وإنما اجتماعية وثقافية وفكرية تسعى للتنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية كذلك وهي الأهم، وعلى الجهات الأخرى التناغم مع هذه السياسات فيما تتخذه من توجهات وقرارات وما تضع من مشاريع وبرامج.
لذلك ينبغي أن يُطرح السؤال هل هذه البرامج والتوجهات متناغمة في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والسوق بشكل عام؟ وماذا عن سياسات سوق العمل، وما تأثيرها وتأثير قرارات الجهات الأخرى على خطط تمكين؟ الجواب لا يمكن أن يأتي من جهة محددة، وإنما يحتاج إلى دراسة مستفيضة تقوم بها الجهة المستفيدة من الخدمات (مثلا جمعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أو غرفة التجارة أو وزارة الصناعة) وتحويل ما تتوصل إليه الدراسة إلى رافد لتعزيز البيئة المناسبة والمشجعة، ليس فقط للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والناشئة، لكن كذلك لمنظومة الريادة والابتكار والتنمية المستدامة بشكل عام.
drmekuwaiti@gmail.com.bh
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك