يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
رسالة بايدن وترامب إلى العرب
المناظرة بين مرشحي الرئاسة الأمريكية الرئيس بايدن والرئيس السابق ترامب أطلق عليها مناظرة تاريخية، وهي بالفعل كذلك على الأقل على اعتبار أنها أول مناظرة من نوعها في تاريخ أمريكا بين رئيسين، حالي وسابق.
المناظرة على النحو الذي جرت به وتابعها العالم تستحق التوقف عندها مطولا من جوانب عدة تتعلق بالحال الذي وصلت إليه الحياة السياسية في أمريكا، لكن قبل هذا لا بد أن نتوقف عند الجانب الذي يهمنا نحن في الوطن العربي، أي موقف المرشحين من القضايا العربية وتحديدا من حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة على اعتبار أنها الجانب الوحيد الذي تطرق إليه المرشحان.
لنتأمل ماذا قالا.
الرئيس بايدن حدد موقفه في نقاط واضحة أولها، أن «الطرف الوحيد الذي يريد استمرار الحرب هو حماس»، أي أن حماس في رأيه هي المسؤولة عن استمرار الحرب. وأكد بايدن أنه «لا يمكن السماح باستمرار حماس، ويجب القضاء عليها».
الأمر الثاني تأكيده أن الولايات المتحدة «أكبر مصدر لدعم إسرائيل في العالم»، مضيفاً: «نواصل إرسال خبرائنا ورجال استخباراتنا لمعرفة كيف يمكنهم القضاء على حماس كما فعلنا مع بن لادن». وقال بايدن إن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل «ثابت كالصخر»، وأضاف «نحن نزود إسرائيل بكل الأسلحة التي تحتاجها ومتى تحتاجها».
دونالد ترامب، من جانبه اعتبر أنه يجب «ترك إسرائيل لتكمل مهمتها» أي لتكمل حرب الإبادة التي تشنها في غزوة على النحو الذي تريد، وانتقد بايدن على اعتبار أنه لا يترك الحرية لإسرائيل لتكمل المهمة.
وردا على سؤال ما إذا كان يؤيد إنشاء دولة فلسطينية مستقلة من أجل دعم السلام في المنطقة؟ قال ترامب: «يجب أن أرى».
ماذا يعني ما قاله بايدن وترامب عن حرب إبادة غزة؟
لنلاحظ أنهما لم يذكرا كلمة واحدة عن مئات الآلاف من الفلسطينيين ضحايا حرب الإبادة وعن التدمير الكامل تقريبا لغزة. والمعنى واضح. هذا أمر لا يعنيهما في شيء. لا يعني بايدن ولا ترامب في شيء أن يباد كل الفلسطينيين أو أن تتدمر غزة تماما. المهم أن يحقق الكيان الإسرائيلي ما يريد.
الأمر الثاني الذي أجمع عليه الاثنان أن أمريكا ستدعم الكيان الإسرائيلي بكل أنواع السلاح والدعم السياسي أيا كانت شناعة العدوان الذي يشنه على غزة أو في أي عدوان آخر يشنه في المنطقة العربية.
الأمر الثالث، أن الحديث عن دولة فلسطينية مستقلة هو بالنسبة إليهما مجرد كلام لا معنى له. بمعنى أنه لا يعنيهما كثيرا أو قليلا أن تقوم هذه الدولة، المهم ما يريده الكيان الإسرائيلي.
كما رأينا، رغم أن بايدن وترامب قالا تعبيرات قليلة عن حرب إبادة غزة، فإنهما تنافسا على من يكون منهما أكثر صهيونية من الآخر، ومن يكون منهما أكثر احتقارا لمشاعر ومعاناة الفلسطينيين والعرب عموما.
المحللون الذين تابعوا المناظرة أجمعوا على أنه فيما قاله المرشحان عن القضايا الأخرى كان هناك الكثير من الأكاذيب والأمور غير الصحيحة والمضللة، لكن في هذه القضية بالذات، قضية الموقف من حرب إبادة غزة، كانا صادقين تماما.
ما قالاه يعبر بالفعل عن الموقف الأمريكي. وأيًّا كان من سيفوز سواء كان ديمقراطيا أو جمهوريا ستكون هذه المواقف هي التي ستحكم سياسة أمريكا.
إذا تأملنا ما قاله بايدن وترامب فسنجد أنهما يوجهان رسالة مباشرة وواضحة إلى العرب. رسالة مؤداها أن كل قضاياكم ومصالحكم وحتى مشاعركم لا تعنينا أبدا، وليست جزءا من تفكيرنا أو اهتماماتنا أصلا.. رسالة مؤداها أنه حين يتعلق الأمر بإسرائيل فهي في العقيدة الأمريكية يجب أن تكون لها اليد العليا عليكم ولها أن تفعل ما تشاء ونحن معها في كل الأحوال.
هذه هي الرسالة التي حملتها مناظرة الرئاسة الأمريكية للعرب. للعرب أن يستخلصوا منها دروسا إن شاءوا وإن كانوا معنيين باستخلاص الدروس أصلا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك