العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مؤشرات على أزمة تاريخية في الكيان الصهيوني

بقلم: د. مصطفى البرغوثي {

السبت ٢٩ يونيو ٢٠٢٤ - 02:00

بعد‭ ‬76‭ ‬عاماً‭ ‬من‭ ‬إنشائها‭ ‬على‭ ‬أنقاض‭ ‬حقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وأراضيه،‭ ‬تواصل‭ ‬إسرائيل‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى،‭ ‬وتعالج‭ ‬تناقضاتها‭ ‬الداخلية‭ ‬العميقة‭ ‬بمزيدٍ‭ ‬من‭ ‬الاعتداءات،‭ ‬والنهج‭ ‬العدائي‭ ‬تجاه‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وشعوب‭ ‬المنطقة،‭ ‬بل‭ ‬كل‭ ‬قوى‭ ‬العدالة‭ ‬الإنسانية‭ ‬والحرية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بأسره،‭ ‬كما‭ ‬رأينا‭ ‬في‭ ‬صدام‭ ‬قادتها‭ ‬العنيف‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬والحركات‭ ‬المتضامنة‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬الثلاث‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزّة‭ ‬منذ‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ (‬2023‭)‬،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬جريمة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬وقتلها‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬تسعة‭ ‬أشهر‭ ‬ما‭ ‬يقترب‭ ‬من‭ ‬خمسين‭ ‬ألفاً‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وهو‭ ‬عدد‭ ‬يتجاوز‭ ‬50%‭ ‬ممن‭ ‬قتلتهم‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬76‭ ‬عاماً،‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬تدلّ‭ ‬على‭ ‬شيء‭ ‬فهو‭ ‬أن‭ ‬عمق‭ ‬الأزمة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬هذه‭ ‬المرّة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الأزمات‭ ‬التي‭ ‬عاشتها‭ ‬سابقاً‭. ‬وليست‭ ‬العدوانية‭ ‬الإجرامية‭ ‬المؤشّر‭ ‬الوحيد‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فاضطرار‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬تخوض‭ ‬حرباً‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬256‭ ‬يوماً،‭ ‬ومازالت‭ ‬مستمرّة،‭ ‬ضد‭ ‬قوة‭ ‬مقاومة‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬بقعة‭ ‬جغرافية‭ ‬صغيرة‭ ‬كقطاع‭ ‬غزّة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬قهرها،‭ ‬مقارنة‭ ‬بإلحاقها‭ ‬الهزيمة‭ ‬بثلاثة‭ ‬جيوش‭ ‬عربية‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬بضعة‭ ‬أيام‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬هو‭ ‬دليل‭ ‬أقوى‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الانحدار‭ ‬الذي‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬نظرية‭ ‬الجبروت‭ ‬والتفوّق‭ ‬العسكري‭ ‬الحاسم‭ ‬لإسرائيل‭.. ‬وتمثل‭ ‬إدارة‭ ‬إسرائيل‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزّة‭ ‬دليلاً‭ ‬آخر‭ ‬قاطعاً‭ ‬على‭ ‬عمق‭ ‬الأزمة‭ ‬التي‭ ‬تعصف‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬بالجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬بل‭ ‬بمجمل‭ ‬المنظومة‭ ‬الصهيونية‭ ‬الحاكمة‭.‬

ومقابل‭ ‬أسلوب‭ ‬الإدارة‭ ‬المحكم‭ ‬والتخطيط‭ ‬الدقيق،‭ ‬وسرعة‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬الأحداث‭ ‬المفاجئة‭ ‬الذي‭ ‬شهدناه‭ ‬في‭ ‬حربي‭ ‬1967‭ ‬و1973،‭ ‬تتخبّط‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬إدارتها‭ ‬الحرب‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬بفعل‭ ‬أربعة‭ ‬عوامل‭:‬

أولاً،‭ ‬عدم‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬الصدمة‭ ‬التي‭ ‬أوقعها‭ ‬حدث‭ ‬‮«‬7‭ ‬أكتوبر‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬كشف‭ ‬ضعف‭ ‬التخطيط‭ ‬وسوء‭ ‬التقدير‭ ‬والإدارة،‭ ‬والأهم‭ ‬سوء‭ (‬وضعف‭) ‬الإدارة‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬غارقة‭ ‬في‭ ‬أوهامها‭. ‬وبدل‭ ‬أن‭ ‬يتكرّر‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ (‬1973‭) ‬بتخلّص‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬القيادات‭ ‬الفاشلة‭ ‬واستبدالها،‭ ‬نشهد‭ ‬اليوم‭ ‬ترسيخاً‭ ‬للقيادات‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬التي‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭.‬

ثانياً‭: ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تدير‭ ‬المعركة‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزّة‭ ‬بدوافع‭ ‬الانتقام‭ ‬والحقد‭ ‬الأعمى،‭ ‬ومردّ‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬منه‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬إحساسها‭ ‬العميق‭ ‬بالفشل،‭ ‬وتشهد‭ ‬تراجع‭ ‬الدهاء‭ ‬والدقة‭ ‬الذي‭ ‬ميز‭ ‬حروبها‭ ‬السابقة‭ ‬لمصلحة‭ ‬مشاعر‭ ‬الانتقام‭ ‬البهيمية‭ ‬التي‭ ‬كلفت‭ ‬إسرائيل‭ ‬وتكلفها‭ ‬خسائر‭ ‬أخلاقية‭ ‬ومعنوية،‭ ‬وسياسية‭ ‬لا‭ ‬سابق‭ ‬لها‭.‬

ثالثاً‭: ‬صعود‭ ‬الفاشية‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬وقاعدتها‭ ‬المستوطنون‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وتغلغلها‭ ‬في‭ ‬قيادات‭ ‬الجيش‭ ‬والمنظومة‭ ‬الأمنية،‭ ‬بحيث‭ ‬أصبحت‭ ‬أشدّ‭ ‬تحكّما‭ ‬في‭ ‬القرارات‭ ‬المتهوّرة‭ ‬التي‭ ‬تتوالى‭ ‬لتصبح‭ ‬الصيغة‭ ‬المهيمنة‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

رابعاً‭: ‬استبدال‭ ‬نمط‭ ‬القيادة‭ ‬المنطلق‭ ‬من‭ ‬المصلحة‭ ‬الجماعية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بقيادة‭ ‬الفرد‭ ‬نتنياهو،‭ ‬المطارَد‭ ‬بقضايا‭ ‬الفساد،‭ ‬والمهدّد‭ ‬بالسقوط‭ ‬بسبب‭ ‬فشله‭ ‬الماحق‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬وفشله‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزّة‭. ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬المصالح‭ ‬الشخصية‭ ‬المحرك‭ ‬الرئيس‭ ‬لقراراته،‭ ‬وذلك‭ ‬سبب‭ ‬إصراره‭ ‬على‭ ‬إطالة‭ ‬أمد‭ ‬الحرب‭ ‬الفاشلة‭ ‬استراتيجياً؛‭ ‬لأنه‭ ‬يعرف‭ ‬أن‭ ‬انتهاءها‭ ‬يعني‭ ‬نهاية‭ ‬حياته‭ ‬السياسية‭. ‬والمفارقة‭ ‬هنا‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬سلوك‭ ‬نتنياهو‭ ‬نفسه،‭ ‬فذلك‭ ‬متوقّعٌ‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬نرجسي‭ ‬أرعن،‭ ‬متعصّب،‭ ‬ومتطرّف،‭ ‬كان‭ ‬مسؤولاً‭ ‬شخصياً‭ ‬عن‭ ‬إفشال‭ ‬كل‭ ‬محاولة‭ ‬أو‭ ‬اتفاق‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬حلول‭ ‬سياسية،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬غير‭ ‬عادلة‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬النظر‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وأصبح‭ ‬أشد‭ ‬تطرّفاً‭ ‬من‭ ‬رمز‭ ‬التطرّف‭ ‬والعدوانية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أرييل‭ ‬شارون‭.‬

المفارقة‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬المنظومة‭ ‬الصهيونية‭ ‬التي‭ ‬تميّزت‭ ‬سابقاً‭ ‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬تصحيح‭ ‬مسارها،‭ ‬وأخطائها‭ ‬وفشل‭ ‬قادتها،‭ ‬والتضحية‭ ‬بهم‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانوا‭ ‬رموزاً‭ ‬تاريخية،‭ ‬مثل‭ ‬موشيه‭ ‬ديان،‭ ‬وجولدا‭ ‬مائير،‭ ‬ولو‭ ‬بالقتل‭ ‬كما‭ ‬فعلوا‭ ‬مع‭ ‬إسحاق‭ ‬رابين،‭ ‬تبدو‭ ‬عاجزةً‭ ‬عن‭ ‬تصحيح‭ ‬مسار‭ ‬نتنياهو‭ ‬المدمّر‭ ‬وإيقافه،‭ ‬وربما‭ ‬كان‭ ‬تفسير‭ ‬ذلك‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬أمريْن‭: ‬

أولهما‭ ‬ضعف‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬ذاتها‭ ‬بتفاقم‭ ‬الخلافات‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬صفوفها‭ ‬وبداية‭ ‬شيخوختها‭. ‬وثانياً،‭ ‬وهذا‭ ‬الأهم،‭ ‬التحوّل‭ ‬الشديد‭ ‬نحو‭ ‬العنصرية‭ ‬الفاشية‭ ‬صراحة‭ ‬وعلناً،‭ ‬على‭ ‬مرأى‭ ‬العالم‭ ‬بأسره،‭ ‬تعبيراً‭ ‬عن‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬السياسية‭ ‬بالوسائل‭ ‬القديمة،‭ ‬والخداع‭ ‬الذي‭ ‬طالما‭ ‬ميّز‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬بادّعاءاتها‭ ‬أنها‭ ‬وإسرائيل‭ ‬الضحية‭ ‬الأبدية‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬الدائر‭.‬

ويمثّل‭ ‬التحوّل‭ ‬نحو‭ ‬الفاشية،‭ ‬وسيادة‭ ‬نظرية‭ ‬حسم‭ ‬الصراع‭ ‬بالقوة‭ ‬المدمّرة‭ ‬والإجرامية،‭ ‬الذي‭ ‬تتبنّاه‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬الأحزاب‭ ‬الصهيونية‭ ‬الحاكمة،‭ ‬بل‭ ‬المعارضة‭ ‬أيضأ،‭ ‬يمثّل‭ ‬دليلاً‭ ‬قاطعاً‭ ‬على‭ ‬أزمةٍ‭ ‬لا‭ ‬شفاء‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬التفكير‭ ‬السياسي،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الجذر‭ ‬العميق‭ ‬لكل‭ ‬مظاهر‭ ‬الأزمة‭ ‬هذه‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬الفشل‭ ‬الأعظم‭ ‬للحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬التي‭ ‬استندت‭ ‬أيدولوجيتها‭ ‬وتنظيمها‭ ‬وحروبها‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬‮«‬شعب‭ ‬بلا‭ ‬أرض‭ ‬لأرض‭ ‬بلا‭ ‬شعب‮»‬‭.‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬معضلة‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬يوماً‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬أو‭ ‬مصر‭ ‬أو‭ ‬العراق‭ ‬أو‭ ‬سوريا‭ ‬أو‭ ‬إيران،‭ ‬بل‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الأصيل‭ ‬والعنيد‭ ‬الذي‭ ‬رفض‭ ‬الفَنَاء‭ ‬أو‭ ‬الاستسلام‭ ‬أو‭ ‬الخضوع،‭ ‬مكرّراً‭ ‬تجربة‭ ‬شعوبٍ‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬الاستعمار‭ ‬كسرها‭ ‬أو‭ ‬منعها‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬حرّيتها،‭ ‬وبداية‭ ‬أزمتهم‭ ‬الحقيقية‭ ‬كانت‭ ‬عندما‭ ‬فشلوا‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬عدوان‭ ‬1967‭ ‬في‭ ‬تكرار‭ ‬عملية‭ ‬التهجير‭ ‬والنفي‭ ‬التي‭ ‬نفذوها‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬عندما‭ ‬نجحوا،‭ ‬بالمجازر،‭ ‬في‭ ‬تهجير‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

ورغم‭ ‬ترحيل‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬سكّان‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬تعلّمت‭ ‬الغالبية‭ ‬الساحقة‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬1948‭ ‬وأصرت‭ ‬على‭ ‬البقاء‭. ‬واليوم‭ ‬يقدّم‭ ‬سكان‭ ‬قطاع‭ ‬غزّة‭ ‬البواسل‭ ‬نموذجاً‭ ‬خارقاً‭ ‬في‭ ‬الصمود‭ ‬والبقاء،‭ ‬رغم‭ ‬بشاعة‭ ‬المجازر‭ ‬التي‭ ‬تُرتكب‭ ‬ضدّهم،‭ ‬والدمار‭ ‬الهائل‭ ‬الذي‭ ‬تعرّضت‭ ‬له‭ ‬بيوتهم‭ ‬وممتلكاتهم‭ ‬ومؤسّساتهم‭. ‬ويمثل‭ ‬فشل‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬الهدف‭ ‬الرئيسي‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزّة،‭ ‬وتطهيره‭ ‬عرقياً،‭ ‬التعبير‭ ‬الأدقّ‭ ‬عن‭ ‬الفشل‭ ‬التاريخي‭ ‬للحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬برمّتها‭.‬

صحيحٌ‭ ‬أنها‭ ‬استولت‭ ‬بالقوة‭ ‬العسكرية‭ ‬والمذابح‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬لكنها‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬الخلاص‭ ‬من‭ ‬شعب‭ ‬هذه‭ ‬الأرض،‭ ‬الذي‭ ‬رغم‭ ‬وجود‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬سبعة‭ ‬ملايين‭ ‬لاجئ‭ ‬من‭ ‬أبنائه‭ ‬في‭ ‬الشتات‭ ‬محرومون‭ ‬من‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬وطنهم،‭ ‬أصبح‭ ‬عدده‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين‭ ‬التاريخية‭ ‬أكبر‭ ‬بقليل‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬اليهود‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬حتى‭ ‬صارت‭ ‬إسرائيل‭ ‬تستجدي‭ ‬جلب‭ ‬مرتزقة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬وتعدهم‭ ‬بالجنسية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬فوراً،‭ ‬لمواجهة‭ ‬النقص‭ ‬العددي‭ ‬في‭ ‬جيشها‭ ‬ولمعالجة‭ ‬المعضلة‭ ‬الديموغرافية‭.‬

ومن‭ ‬مفارقات‭ ‬القدر‭ ‬أن‭ ‬ميثاق‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الذي‭ ‬صيغ‭ ‬بدعم‭ ‬أميركي‭ ‬وصهيوني‭ ‬رداً‭ ‬على‭ ‬جريمة‭ ‬الهولوكوست‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬النازية‭ ‬ضد‭ ‬اليهود،‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬يحاكم‭ ‬إسرائيل‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬ارتكاب‭ ‬جريمة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزّة‭. ‬ومن‭ ‬مفارقات‭ ‬القدر‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو‭ ‬وحكومته‭ ‬يجدون‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬تحالفٍ‭ ‬مع‭ ‬أشد‭ ‬القوَى‭ ‬الفاشية،‭ ‬والعنصرية‭ ‬والنازية،‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

ستواصل‭ ‬المنظومة‭ ‬الصهيونية،‭ ‬ومن‭ ‬يدعمونها،‭ ‬ومن‭ ‬يتواطؤون‭ ‬معها،‭ ‬المماحكة،‭ ‬بل‭ ‬ارتكاب‭ ‬الجرائم،‭ ‬لمحاولة‭ ‬إخفاء‭ ‬أزمتها،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬علاج‭ ‬لها،‭ ‬مثل‭ ‬كل‭ ‬نظام‭ ‬قمعي‭ ‬ظالم‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬البشري‭.‬

{ الأمين‭ ‬العام‭ ‬لحركة‭ ‬

المبادرة‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا