تواجهُ مُؤَسَّسَاتُ التَّعْلِيمِ الْعَالِيِ الْحُكُومِيَّةُ فِي جَمِيعِ أَنْحَاءِ الْعَالَمِ تَحَدِّيَاتٍ مَالِيَّةٍ مُتَزَايِدَةٍ، مَا يَسْتَدْعِي اتِّخَاذَ خُطْوَاتٍ اسْتِبَاقِيَّةٍ لِضَمَانِ اسْتِدَامَتِهَا الْمَالِيَّةِ وَتَخْفِيفَ الْعَبْءِ عَنِ الْحُكُومَاتِ عَلَى الْمَدَى الطَّوِيلِ. تُعَدُّ اسْتِرَاتِيَجِيَّاتُ تَنْوِيعِ مَصَادِرِ الدَّخْلِ وَتَحْسِينِ كَفَاءَةِ اسْتِخْدَامِ الْمَوَارِدِ ضَرُورِيَّةً لِتَحْقِيقِ هَذَا الْهَدَفِ.
وَمِنْ أَهَمِّ اسْتِرَاتِيَجِيَّاتِ تَنْوِيعِ مَصَادِرِ الدَّخْلِ الْفَعَّالَةِ زِيَادَةُ رُسُومِ الطُّلَابِ بِشَكْلٍ مُدَرَّسٍ، شَرِطَةَ أَنْ يَتِمَّ رَبْطُ أَيِّ زِيَادَةٍ فِي رُسُومِ الطُّلَابِ بِجُودَةِ التَّعْلِيمِ الْمُقَدَّمِ، وَتَحْسِينِ مَرافِقِ الْمُؤَسَّسَةِ وَخِدْمَاتِهَا، وَتَقْدِيمِ بَرَامِجِ مَسَاعَدَاتٍ مَالِيَّةٍ وَخِطَطِ تَقْسِيطٍ لِلْطُّلَابِ مِنْ ذَوِي الدَّخْلِ الْمُحَدَّدِ. كَمَا يَنْبَغِي إِجْرَاءُ دَرَاسَاتٍ اسْتِقْصَائِيَّةٍ لِفَهْمِ قُدْرَةِ الطُّلَابِ عَلَى تَحَمُّلِ تَكَالِيفِ التَّعْلِيمِ.
بِالْإضَافَةِ إِلَى تَنْوِيعِ مُصَادَرِ الدَّخْلِ، مِنَ الْمُهِمِّ أَيْضًا أَنَّ تُحْسِنَ مُؤَسَّسَاتُ التَّعْلِيمِ الْعَالِي الْحُكُومِيَّةِ كَفَاءةَ اِسْتِخْدَامِ مَوَارِدِهَا. وَهَذَا يَعْنِي اِسْتِخْدَامَ الْمَوَارِدِ الْمُتَاحَةِ بِأفْضَلِ طَرِيقَةٍ مُمْكِنَةٍ لِتَحْقِيقِ أقْصَى اِسْتِفَادَةٍ مِنْهَا. وَمِنِ الْخَطْوَاتِ الَّتِي يُمْكِنُ اِتِّخَاذُهَا لِتَحْسِينِ كَفَاءةِ اِسْتِخْدَامِ الْمَوَارِدِ مُرَاجَعَةُ الْعَمَلِيَّاتِ الْإِدَارِيَّةِ وَتَقْليلُ النَّفَقَاتِ غَيْرِ الضَّرُورِيَّةِ. حَيْثُ يَجِبُ مُرَاجَعَةُ جَمِيعِ الْعَمَلِيَّاتِ الْإِدَارِيَّةِ فِي الْمُؤَسَّسَةِ بِشَكْلٍ دَوْرِيٍّ لِتَحْدِيدِ أَيِّ أَوْجُهِ هَدْرٍ أَوْ عَدَمِ كَفَاءةٍ. وَيَجِبُ تَحْدِيدُ النَّفَقَاتِ غَيْرِ الضَّرُورِيَّةِ وَالْقَضَاءُ عَلَيْهَا أَوْ تَقْليلُهَا قَدْرَ الْإِمْكَانِ. وَيَجِبُ وَضْعُ خُطَطٍ وَمِيزَانِيَّاتٍ مُحْكَمَةٍ لِضَمَانِ الْاِسْتِخْدَامِ الْأَمْثَلِ لِلْمَوَارِدِ. وَالْجَدِيرُ بِالذِّكْرِ هُنَا، أَنَّهُ بِالْإضَافَةِ إِلَى الْمَكَاسِبِ الْمَالِيَّةِ، يُوَفِّرُ الْاِسْتِثْمَارُ فِي مَشَارِيعَ تِجَارِيَّةٍ مُبْتَكَرَةٍ الْعَدِيدَ مِنَ الْفَوَائِدِ لِمُؤَسَّسَاتِ التَّعْلِيمِ الْعَالِي الْحُكُومِيَّةِ، مِثْلُ تَعْزِيزِ السُّمْعَةِ، وَنَقَلَ الْمَعْرِفَةَ مِنَ الْمَجَالِ الْأكَادِيمِيِّ إِلَى الْقِطَاعِ الصِّنَاعِيِّ. وَيَنْبَغِي الْوَعْي أَنَّهُ عَلَى الرَّغْمِ مِنَ الْفَوَائِدِ الْكَبِيرَةِ الْمُحْتَمَلَةِ، فَإِنَّ الدُّخُولَ فِي مَشَارِيعَ تِجَارِيَّةٍ يَطْرَحُ أَيْضًا تَحَدِّيَاتٍ تَتَطَلَّبُ اِمْتِلَاَكَ الْمُؤَسَّسَةِ لِلْخَبَرَةِ وَالْمَوَارِدِ وَالْبِنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ اللَّازِمَةِ لِإِدَارَةِ وَتَنْفِيذِ الْمَشَارِيعِ التُّجَّارِيَّةِ بِنُجَّاحٍ، وَتَتَطَلَّبُ أَيْضًا دِرَاسَاتٍ مُتَأَنِّيَةً لِتَقْيِيمِ وَإِدَارَةِ الْمَخَاطِرِ الْمُرْتَبِطَةِ بِالْمَشَارِيعِ التُّجَّارِيَّةِ، بِمَا فِي ذَلِكَ تَقَلُّبَاتُ السُّوقِ وَالْمُنَافَسَةِ وَالْخَسَائِرِ الْمَالِيَّةِ الْمُحْتَمَلَةِ. مَعَ أهَمِّيَّةِ مُرَاعَاةِ تَوَافُقِ الْمَسَاعِي التُّجَّارِيَّةِ مَعَ جَوْهَرِ الرِّسَالَةِ الْأكَادِيمِيّةِ وَقَيِّمِ الْمُؤَسَّسَةِ، مَعَ ضَمَانِ عَدَمِ تَأْثِيرِ السَعِيِّ للرِّبْحِ عَلَى جَوْدَةِ التَّعْلِيمِ أَوْ نَزَاهَةِ الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ.
وَمِنْ أَهَمِّ الْأَمْثِلَةِ الْمُلْمُوسَةِ الْأُخْرَى ضَرُورَةُ مُرَاجَعَةُ عَمَلِيَّةِ شِرَاءِ اللَّوَازِمِ وَالْمُعَدَّاتِ لِلتَّأَكُّدِ مِنْ الْحُصُولِ عَلَى أَفْضَلِ الْأَسْعَارِ وَتَجَنُّبِ الْهَدَرِ، وَاسْتِخْدَامُ تِقْنِيَّاتِ إِنَارَةٍ مُوَفِّرَةٍ لِلْطَّاقَةِ فِي مَبَانِي الْمُؤَسَّسَةِ، وَتَنْظِيمُ حَمَلَاتِ تَوَعِيَّةٍ حَوْلَ أَهَمِّيَّةِ إِعَادَةِ التَّدْوِيرِ. وَمِنْ الْمُهِمِّ أَيْضًا تَعْزِيزُ ثَقَافَةِ تَرْشِيدِ اسْتِهْلَاكِ الْمَوَارِدِ بَيْنَ الطُّلَابِ وَأَعْضَاءِ هَيْئَةِ التَّدْرِيسِ وَالْمُوَظَّفِينَ، حَيْثُ يَجِبُ تَوْعِيَةُ الطُّلَابِ وَأَعْضَاءِ هَيْئَةِ التَّدْرِيسِ وَالْمُوَظَّفِينَ بِأَهَمِّيَّةِ تَرْشِيدِ اسْتِهْلَاكِ الْمَوَارِدِ مِثْلَ الْمَاءِ وَالْكَهْرِبَاءِ. يَجِبُ تَشْجِيعُهُمْ عَلَى تَبَنِّي سَلُوكِيَّاتٍ صَدِيقَةٍ لِلْبِيئَةِ وَالتَّأْكِيدِ عَلَى أَنَّ تَحْسِينَ كَفَاءَةِ اسْتِخْدَامِ الْمَوَارِدِ لَيْسَ مُجَرَّدَ مَسْأَلَةٍ اقْتِصَادِيَّةٍ، بَلْ هُوَ أَيْضًا مَسْأَلَةٌ بِيئِيَّةٌ وَأَخْلَاقِيَّةٌ تُسَاهِمُ فِي حِمَايَةِ الْبِيئَةِ وَتَعْزِيزِ الْاسْتِدَامَةِ. وَفِي هَذَا السِّيَاقِ، يَمْكِنُ تَقْدِيمُ حَوَافِزَ لِلْمُوَظَّفِينَ وَالْطَّلَبَةِ الَّذِينَ يُقَدِّمُونَ أَفْضَلَ مَسَاهَمَاتٍ فِي تَرْشِيدِ اسْتِهْلَاكِ الْمَوَارِدِ. مِنْ خَلَالِ تَنْفِيذِ هَذِهِ الْخُطْوَاتِ، يَمْكِنُ لِمُؤَسَّسَاتِ التَّعْلِيمِ الْعَالِيِ الْحُكُومِيَّةِ تَحْسِينَ كَفَاءَةِ اسْتِخْدَامِ مَوَارِدِهَا بِشَكْلٍ كَبِيرٍ. وَهَذَا سَيُؤَدِّي بِدَوْرِهِ إِلَى خَفْضِ التَّكَالِيفِ.
وَيَجِبُ أَيْضًا اِسْتِخْدَامَ التِّكْنُولُوجِيَا لِتَحْسِينِ كَفَاءةِ الْعَمَلِيَّاتِ التَّعْلِيمِيَّةِ فِي الْمُؤَسَّسَةِ. فَعَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، يُمْكِنَ التَّوَسُّعُ فِي التَّعْلِيمِ الْإلِكْتُرونِيِّ وَالتَّعْلِيمِ عَنْ بُعْدٍ. فلقدْ قَدَّمَتْ جَائِحَةً (كوفيدْ-19) دَليلًا وَاضِحًا عَلَى أهَمِّيَّةِ وَقُدْرَةِ التَّعْلِيمِ الْإلِكْتُرونِيِّ عَلَى تَوْسِيعِ نِطَاقِ التَّعْلِيمِ وَتَحْقِيقِ إيرَادَاتٍ إِضَافِيَةٍ. وَلِذَلِكَ يُمْكِنُ أَيْضًا لِمُؤَسَّسَاتِ التَّعْلِيمِ الْعَالِي الْحُكُومِيَّةِ تَقْديمَ بَرَامِجَ تَعْلِيمِيَّةٍ وَدَوْرَاتِ تَدْرِيبِيَّةٍ وَبَرَامِجِ دِرَاسَاتٍ عُلِيَا عَبْرِ الإنترنت تَسْتَهْدِفُ الطُّلَاَّبَ مِنْ جَمِيعِ أَنْحَاءِ الْعَالَمِ، مِمَّا يَفْتَحُ أَبَوَّابًا جَدِيدَةً لِلْإيرَادَاتِ وَيُعَزِّزُ سُمْعَةَ المُؤَسَّسَةِ عَلَى الصَّعِيدِ الدَّوْلِيِّ.
وَمِنْ أَهَمِّ الاستراتيجياتِ الْفَعَّالَةِ الْأُخْرَى تَشْجِيعُ أَعْضَاءِ هَيْئَةِ التَّدْرِيسِ عَلَى التَّقَدُّمِ بِطَلَبَاتٍ لِلْحُصُولِ عَلَى مَنْحٍ بَحْثِيَّةٍ مِنْ جِهَاتٍ حُكُومِيَّةٍ وَخَاصَّةٍ، وَالْعَمَلُ بَجَدَ لِإِنْشَاءِ مَرَاكِزِ أبْحَاثٍ مُتَخَصِّصَةٍ وَاقِعِيَّةٍ وَفَاعِلَةٍ تَجْذُبُ التَّمْوِيلَ مِنَ الْقِطَاعِ الخاصِ، وَتَقْديمَ بَرَامِجَ تَعْلِيمِيَّةٍ وَمِهْنِيَّةٍ مَدْفُوعَةٍ تَسْتَهْدِفُ مُخْتَلِفَ فِئَاتِ الْمُجْتَمَعِ، وَتَطْوِيرَ بَرَامِجَ تَعْلِيمِيَّةٍ وَمِهْنِيَّةٍ قَصِيرَةٍ الْمُدَى تُلَبِّي اِحْتِيَاجَاتِ سُوقِ الْعَمَلِ، وَالتَّعَاوُنُ مَعَ مُؤَسَّسَاتِ الْقِطَاعِ الخاصِ لِتَقْديمِ بَرَامِجِ مُشْتَرَكَةٍ.
وَمِنْ بَيْنِ الاستراتيجياتِ الْعَمَلِيَّةِ الْأُخْرَى اِسْتِغْلَاَلُ مَرَافِقِ الْمُؤَسَّسَةِ لِتوْلِيدِ دَخْلٍ إضَافِيٍّ، حَيْثُ يُمْكِنُ أنْ تُؤَجِّرَ الْمُؤَسَّسَةُ مُرَافِقُهَا مِثْلُ الْمُلَاعِبِ وَالْقَاعَاتِ وَالْمَكْتَبَاتِ لِإقَامَةِ فَعَالِيَاتِ وَمُؤْتَمَرَاتِ خَارِجِيَّةٍ، وَيُمْكِنَ لَهَا أَيْضًا أنْ تُنْشِئَ مُتَاجِرَ ومقاهي وَمَطَاعِمَ تُقَدِّمُ خِدْمَاتٍ لِلطُّلَاَّبِ وَأَعْضَاءِ هَيْئَةِ التَّدْرِيسِ، بِالْإضَافَةِ إِلَى تَقْديمِ الْعَدِيدِ مِنْ الْخِدْمَاتِ مُقَابِلَ رُسُومٍ، مِثْلٌ خِدْمَاتِ الإنترنت وَطِبَاعَةِ الْمُسْتَنَدَاتِ وَاِسْتِخْدَامِ قَاعَاتِ الدِّرَاسَةِ.
وَلَكِنْ، مِنْ اُلْمُهُمْ عِنْدَ تَطْبِيقِ هَذِهِ الاستراتيجياتِ مُرَاعَاةَ أَلَا تُؤَثِّرَ هَذِهِ الاستراتيجياتِ عَلَى جَوْدَةِ التَّعْلِيمِ أَوْ تُعِيقُ وُصُولَ الطُّلَاَّبِ إِلَى الْمُرَافِقِ الَّتِي يَحْتَاجُونَ إِلَيْهَا، وَكَذَلِكَ يَجِبُ اِخْتِيَارَ الْأَنْشِطَةِ وَالْفَعَّالِيَّاتِ الَّتِي تُقَامُ فِي مُرَافِقِ الْمُؤَسَّسَةِ بِعِنَايَةٍ لِضَمَانِ الْحِفَاظِ عَلَى سُمْعَةِ الْمُؤَسَّسَةِ، وَيَجِبَ إِشْرَاكُ جَمِيعِ أَصْحَابِ الْمَصْلَحَةِ فِي عَمَلِيَّةِ اِتِّخَاذِ الْقَرَارَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِتَطْبِيقِ هَذِهِ الاستراتيجياتِ، بِمَا فِي ذَلِكَ الطُّلَاَّبِ وَأَعْضَاءِ هَيْئَةِ التَّدْرِيسِ وَالْمُوَظَّفَيْنِ.
وَعِلَاَوَةً عَلَى ذَلِكَ، يُمْكِنَ لِمُؤَسَّسَاتِ التَّعْلِيمِ الْعَالِي الْحُكُومِيَّةِ تَبْنِي مَجْمُوعَةً مُتَنَوِّعَةً مِنَ الْمَشَارِيعِ التُّجَّارِيَّةِ الْمُبْتَكَرَةِ الَّتِي تَتَنَاسَبُ مَعَ نِقَاطِ قُوَّتِهَا وَقَدْرَاتِهَا، مِثْلٌ إِنْشَاءِ شَرِكَاتٍ نَاشِئَةٍ تَعْمَلُ عَلَى تَسْوِيقِ أبْحَاثٍ وَاِخْتِرَاعَاتِ وَاِبْتِكَارَاتِ مَنْسُوبِيهَا مِنْ أَعْضَاءِ هَيْئَةِ التَّدْرِيسِ وَالطُّلَاَّبِ.
وَيَمُكَّنَّ لَهَا أَيْضًا أنْ تَسْتَثْمِرَ فِي صَنَادِيقِ رَأْسِ الْمَالِ الْاِسْتِثْمَارِيِّ، وَالدُّخُولُ فِي مَشَارِيعِ شَرِكَاتٍ نَاشِئَةٍ وَاعِدَةٍ وَتِكْنُولُوجِيَّاتِ نَاشِئَةٍ، وَمِنْ خِلَاَلِ التَّعَاوُنِ مَعَ شُرَكَاءَ مِنَ الْقِطَاعِ الخاصِ، يُمْكِنَ أَيْضًا الدُّخُولَ فِي مَشَارِيعَ مُشْتَرَكَةٍ أَوْ شِرَاكَاتٍ بَحْثِيَّةٍ أَوِ اِتِّفَاقِيَّاتِ تَرْخِيصِ التِّكْنُولُوجِيَا لِتَطْوِيرِ مُنْتِجَاتِ وَخِدْمَاتِ قَابِلَةٍ لِلتَّسْوِيقِ.
الْجَدِيرُ بِالذِّكْرِ هُنَا، أَنَّهُ بِالإِضَافَةِ إِلَى الْمَكَاسِبِ الْمَالِيَّةِ، يُوَفِّرُ الاسْتِثْمَارُ فِي مَشَارِيعَ تِجَارِيَّةٍ مُبْتَكِرَةٍ الْعَدِيدَ مِنْ الْفَوَائِدِ لِمُؤَسَّسَاتِ التَّعْلِيمِ الْعَالِيِ الْحُكُومِيَّةِ، مِثْلُ تَعْزِيزِ السَّمْعَةِ، وَنَقْلَ الْمَعْرِفَةِ مِنْ الْمَجَالِ الأَكَادِيمِيِّ إِلَى الْقِطَاعِ الصِّنَاعِيِّ. وَيَنْبَغِي الْوَعْيُ أَنَّهُ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ الْفَوَائِدِ الْكَبِيرَةِ الْمُحْتَمَلَةِ، فَإِنَّ الدُّخُولَ فِي مَشَارِيعَ تِجَارِيَّةٍ يَطْرَحُ أَيْضًا تَحَدِّياتٍ تَتَطَلَّبُ امْتِلاَكَ الْمُؤَسَّسَةِ لِلْخِبْرَةِ وَالْمَوَارِدِ وَالْبِنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ اللاَّزِمَةِ لِإِدَارَةِ وَتَنْفِيذِ الْمَشَارِيعِ التِّجَارِيَّةِ بِنَجَاحٍ، وَتَتَطَلَّبُ أَيْضًا دَرَاسَاتٍ مُتَأَنِّيَةً لِتَقْيِيمِ وَإِدَارَةِ الْمَخَاطِرِ الْمُرْتَبِطَةِ بِالْمَشَارِيعِ التِّجَارِيَّةِ، بِمَا فِي ذَلِكَ تَقَلُّبَاتِ السُّوْقِ وَالْمُنَافَسَةِ وَالْخُسَائِرِ الْمَالِيَّةِ الْمُحْتَمَلَةِ. مَعَ أَهَمِّيَّةِ مُرَاعَاةِ تَوَافُقِ الْمَسَاعِيِ التِّجَارِيَّةِ مَعَ جَوْهَرِ الرِّسَالَةِ الأَكَادِيمِيَّةِ وَقِيَمِ الْمُؤَسَّسَةِ، مَعَ ضَمَانِ عَدَمِ تَأْثِيرِ سَعْيِ الرِّبْحِ عَلَى جَوْدَةِ التَّعْلِيمِ أَوْ نَزَاهَةِ الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ.
إِنَّ هَذِهِ الاستراتيجياتِ لَيْسَتْ مَجَرَّدَ أَفْكَارٍ نَظَرِيَّةٍ أَوْ أَحْلَامٍ بَعِيدَةِ الْمَنَالِ، بَلْ هِيَ خُطْوَاتٌ عَمَلِيَّةٌ قَابِلَةٌ لِلتَّطْبِيقِ لِتَحْقِيقِ الاسْتِدَامَةِ الْمَالِيَّةِ لِمُؤَسَّسَاتِ التَّعْلِيمِ الْعَالِيِ الْحُكُومِيَّةِ وَتَقْلِيلِ اعْتِمَادِهَا عَلَى التَّمْوِيلِ الْحُكُومِيِّ، فَهِيَ لَيْسَتْ مَجَرَّدَ حِبْرٍ عَلَى وَرَقٍ، فَمِنْ خَلَالِ النَّظَرِ فِي التَّجَارِبِ السَّابِقَةِ لِمُؤَسَّسَاتِ تَعْلِيمٍ عَالٍ عَرِيقَةٍ حَوْلَ الْعَالَمِ، نَجِدُ أَمْثِلَةً بَارِزَةً عَلَى نَجَاحِ هَذِهِ الاستراتيجياتِ.
عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، نَجَحَتْ جَامِعَةُ تورنتو الكنديةَ فِي تَنْوِيعِ مَصَادِرِ دَخْلِهَا مِنْ خَلَالِ زِيَادَةِ رُسُومِ الطُّلَابِ وَتَعْزِيزِ التَّعَاوُنِ مَعَ الشَّرِكَاتِ الْمَحَلِّيَّةِ، مَا سَمَحَ لَهَا بِتَحْسِينِ جَوْدَةِ التَّعْلِيمِ وَالْبِنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ. كَذَلِكَ، اسْتَطَاعَتْ جَامِعَةُ ملبورن الأستراليةَ تَقْلِيلَ التَّكَالِيفِ التشغيليةِ مِنْ خَلَالِ تَحْسِينِ كَفَاءَةِ اسْتِخْدَامِ الْمَوَارِدِ وَتَبَنِّي تِكْنُولُوجِيَا حَدِيثَةٍ، مَا دَفَعَهَا لِتَوْجِيهِ الْمَزِيدِ مِنْ الْأَمْوَالِ إِلَى الْبَرَامِجِ الأَكَادِيمِيَّةِ وَالْبَحْثِيَّةِ.
وَفَضْلًا عَلَى ذَلِكَ، اعْتَمَدَتْ جَامِعَةُ كَالِيفُورْنِيَا (بِرْكْلِي) الأَمْرِيكِيَّةُ عَلَى تَطْوِيرِ بَرَامِجَ أَكَادِيمِيَّةٍ جَدِيدَةٍ تَتَنَاسَبُ مَعَ احْتِيَاجَاتِ سُوقِ الْعَمَلِ، مَا جَعَلَهَا وَجْهَةً مُفَضَّلَةً لِلْطُّلَابِ الدَّوَلِيِّينَ وَسَاهَمَ فِي تَحْسِينِ سَمْعَتِهَا وَزِيَادَةِ دَخْلِهَا الْخَاصِّ. وَإِضَافَةً إِلَى ذَلِكَ، نَجَحَتْ جَامِعَةُ سِنْغَافُورَةِ الْوَطَنِيَّةُ فِي بِنَاءِ عَلَاقَاتٍ اسْتِرَاتِيجِيَّةٍ مَعَ الْحُكُومَةِ وَالشَّرِكَاتِ الْمَحَلِّيَّةِ، مَا سَاهَمَ فِي جَعْلِهَا مَرْكَزًا لِلِابْتِكَارِ وَالْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ فِي أَسْيَا وَتَعْزِيزِ الاقْتِصَادِ الْوَطَنِيِّ. وَأَخِيرًا، اسْتَثْمَرَتْ جَامِعَةُ أَمْسْتِرْدَامِ الهُولَنْدِيَّةُ فِي مَشَارِيعَ تِجَارِيَّةٍ وَابْتِكَارَاتٍ، مَا سَمَحَ لَهَا بِتَوْلِيدِ دَخْلٍ كَبِيرٍ مِنْ خَلَالِ مَشَارِيعِهَا التِّجَارِيَّةِ وَدَعْمِ بَرَامِجِهَا الأَكَادِيمِيَّةِ وَالْبَحْثِيَّةِ.
وَبِاخْتِصَارٍ، تُوَضِّحُ هَذِهِ النَّمَاذِجُ الْعَالَمِيَّةُ كَيْفَ يُمْكِنُ لِمُؤَسَّسَاتِ التَّعْلِيمِ الْعَالِيِ الْحُكُومِيَّةِ اسْتِخْدَامَ اسْتِرَاتِيَجِيَّاتِ الاعْتِمَادِ عَلَى النَّفْسِ لِتَحْقِيقِ اسْتِدَامَةِ الْمَالِيَّةِ، وَتَقْلِيلِ الاعْتِمَادِ عَلَى التَّمْوِيلِ الْحُكُومِيِّ، وَتَحْسِينِ جَوْدَةِ التَّعْلِيمِ وَالْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ، وَتَعْزِيزِ دَوْرِهَا كَمُحَرِّكٍ لِلْتَّنْمِيَةِ الاقْتِصَادِيَّةِ وَالاجْتِمَاعِيَّةِ وَالابْتِكَارِ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الَّتِي تَخْدِمُهَا.
{ أستاذ اللغويات – وزميل أكاديمية
التعليم العالي البريطانية
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك