مكة المكرمة - (أ ف ب): توافد مئات الآلاف من المؤمنين إلى مدينة مكة المكرمة، في غرب السعودية، لأداء فريضة الحج الذي يحلّ موسمه هذا العام في ظل توتر إقليمي تسيطر عليه الحرب الدائرة في قطاع غزة المحاصر. وحط المؤمنون في المدينة المقدسة لدى المسلمين في انتظار بدء المناسك يوم غد الجمعة، تحت شمس حارقة ومتوسط حرارة يبلغ حوالي 44 درجة مئوية، بحسب توقعات رسمية.
وفي المسجد الحرام، الأكبر في العالم، بدأ الحجاج الذين يرتدون لباس الإحرام الأبيض، بالطواف حول الكعبة التي تعدّ قبلة المسلمين في صلواتهم. وبحسب السلطات السعودية، فقد وصل 1.2 مليون شخص الخميس، من دون احتساب المتواجدين من داخل المملكة. وشارك في عام 2023 أكثر من 1.8 مليون شخص، جاء نحو 90 في المائة منهم من خارج المملكة، معظمهم من الدول الآسيوية والعالم العربي.
ويصادف موسم الحج هذا العام احتدام الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس). ويعتبر الخبير في الشأن السعودي بجامعة برمنغهام البريطانية عمر كريم أن استمرار هذه الحرب الضروس التي اندلعت إثر هجوم غير مسبوق لحماس على إسرائيل في 7 أكتوبر «يثير الكثير من الغضب في العالم الإسلامي»، ويمكن أن يؤدي إلى ظهور تعبيرات عن التضامن لا تناسب البلد المضيف.
وأعلنت السعودية هذا الأسبوع استقبال ألفي حاج من الأراضي الفلسطينية بينهم ألف من قطاع غزة المحاصر الذي يشهد حملة عسكرية إسرائيلية منذ أكثر من ثمانية أشهر. لكنها حذرت، على لسان وزير الحج توفيق الربيعة، من أنه لن يتم التسامح مع «أي شعارات سياسية»، مع تخصيص الحج للعبادة فقط.
وإضافة إلى ذلك، يُمثل الحج إلى مكة مكاسب مالية للمملكة، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، والتي تسعى إلى تقليل اعتمادها على النفط من خلال تطوير السياحة الدينية خصوصاً. وإلى جانب الحج، هناك أيضاً مناسك العمرة التي تكون بقصد الزيارة ويمكن أداؤها على مدار العام، وقد جمعت 13.5 مليون معتمر في العام الماضي، مع سعي السلطات للوصول إلى 30 مليون معتمر بحلول عام 2030.
ورغم ذلك، فإن استقبال هذا العدد من المؤمنين في مساحات صغيرة يعدّ «إنجازاً لوجستياً»، كما يؤكد البروفيسور في جامعة برينستون الأمريكية برنارد هيكل. وشهد الحج مآسي عدة في الماضي، ولا سيما في عام 2015 عندما خلّف تدافع هائل 2300 قتيل. لكن السلطات أجرت منذ ذلك الحين تعديلات كبيرة ووضعت أنظمة لتبسيط تحركات الحشود. كما اعتمدت إجراءات لإدارة المخاطر الصحية، حيث كانت مكة «تاريخياً مكاناً لانتقال الأمراض بين الأشخاص الوافدين من مختلف أنحاء العالم»، بحسب هيكل.
وفي عامي 2020 و2021، أجبرت جائحة كوفيد-19 المملكة على تقييد عدد الحجاج ببضعة آلاف، مقارنة بـ2.5 مليون في 2019، وبالعدد القياسي المسجل عام 2012 والبالغ أكثر من 3.1 ملايين. لكن أحد المخاطر الرئيسية التي يواجهها المؤمنون الذين يجب عليهم أداء معظم شعائرهم في الهواء الطلق داخل مكة وما حولها، يأتي من درجات الحرارة المرتفعة خلال الصيف في منطقة الخليج، وهي واحدة من أكثر المناطق حرّا في العالم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك