عالم يتغير
فوزية رشيد
الحج والحاجة إلى الطاقة النورانية!
{ العالم مليء اليوم بالطاقة الظلامية الشيطانية وفي ذلك حدث ولا حرج! تلك الطاقة السلبية التي تنثال على العالم من الحروب والصراعات والأزمات والأوبئة والتطرف إلى جانب كل القيم الفوضوية من إباحية ومخدرات وشذوذ وإلحاد، وتغيير الفطرة الإنسانية والجنس البشري، وانعدام القيم الإنسانية والأخلاقية وتهافت العالم قانونيا وحقوقيا، في ظل نظام دولي جائر! كل ذلك وغيره من طغيان النظرة المادية وسلوكياتها على مستوى الدول والأفراد وانتشار الأمراض النفسية والسيكولوجية والتباعد الإنساني والاجتماعي بين البشر في ظل هيمنة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، كل ذلك يولد الطاقة السلبية التي تتغذى عليها الكائنات الشيطانية ومنهم شياطين البشر! وخاصة أن الابتعاد عن مستلزمات التطور الروحي الديني كما وضعه الله قد أسهم بدوره في كل ما وصلت إليه البشرية من جفاف روحي وانقلاب في المفاهيم والقيم الأخلاقية حتى أصبح أغلب الناس يعانون الوحدة والكآبة والسوداوية وهم يرون انقلاب كل شيء حولهم وفي داخلهم وخاصة بالنسبة إلى غير المؤمنين بمن خلقهم!
{ ونحن في هذه الأيام المباركة نعيش موسم الحج ومناسكه وحيث التنوع البشري من مسلمي كل دول العالم يتوحد في رحلته إلى الحج وفي طقوسه وعباداته ومناسكه ولباسه، ندرك كم أن الطاقة النورانية التي يعيش في أجوائها وتمتلئ بها أرواح الحجاج من كل فوج عميق مثلما تمتلئ بنورها نفوس المسلمين ككل ليحتفلوا بعدها بالعيد، هي أجواء كما كل العبادات في الإسلام من توحيد وصوم وصلاة وزكاة ومعها هنا الحج، هي الملاذ والخلاص من الطاقة السلبية والشيطانية التي تملأ أرجاء العالم حتى أصبح مشهد قتل الإنسان الذي كرمه الله كما يدور في الحروب كلها واليوم في غزة من مستلزمات استمرار الطاقة الشيطانية تلك! واستمرار هدر قيمة الإنسان والإنسانية!
{ إن وحدة المسلمين رغم تنوع جنسياتهم وأعراقهم وألوانهم في موسم سنوي لفريضة الحج يغتسلون فيها قبل الاغتسال من ذنوبهم من كل ما يحيط بأرواحهم وعقولهم من الطاقة الاستلابية ويعيدون عبر الطواف ومناسك الحج برمجة خلاياهم وأرواحهم لهي ظاهرة يحتاج إليها العالم كله وشعوبه لو كانوا مسلمين! ففي هذه الفريضة التي يتوجه فيها هذا التنوع البشري في العالم إلى الخالق وحده وطلب العون منه والتوكل القلبي الواثق من كل ما عرف عنه من صفات القدرة والكمال والعلم، هو وحده الذي يعيد ليس إلى المسلمين وحدتهم وإنما للإنسان عبوديته الفطرية لمن خلقه بدلا من أن يوجه تلك العبودية إلى الأمور الدنيوية من مال وجاه وأنانية وأطماع وغيرها! مثلما يعيد إلى العالم كله توازنه المفقود وهو يرى كل عام ملايين البشر من كل الأجناس يتوجهون إلى الحج أو العمرة ويمارسون طقوس اللجوء إلى الله وحده وإلى الطاقة الإلهية النورانية وإلى الدعاء والتخلص من الذنوب والخطايا! ليعودوا كما ولدتهم أماتهم، أحرارا متخلصين بإيمانهم وبالحج الذي هو مرة واحدة في العمر من كل زيف الدنيا وغرورها، مستعيدين إنسانيتهم كما فطرها الله أن يحافظوا على نقائهم الذي خرجوا به بعد عودتهم من رحلة الحج وأدائهم لمناسكها!
{ لا فرق بين عرق وعرق أو أبيض أو أسود أو غني وفقير إلا بالتقوى، هذا ما يتجاوز به الإسلام وبكل فرائضه، على كل ما سطره الإنسان بيده من اختلافات وتفوق جنس على جنس آخر، ووضع الأعراف لها مثلما وضع القيم التي حرفت الإنسان عن دينه وفطرته وهويته الإنسانية!
{ وكما يلتزم الإنسان في الحياة بقوانين وتشريعات ليحافظ على نظام المجتمع والدول فإن الله وضع قوانين وتكاليف وفروضا للإنسان لكي يلتزم بها لصلاح نظامه الروحي والإنساني وللحفاظ على نفسه وعلى مجتمعه وبلده ولصلاح النظام الكوني الذي سخره للإنسان وأكرمه بالسيادة عليه! ولكنه الإنسان الذي يلتزم بالتكاليف الدنيوية باسم القانون لا يريد الالتزام بتكاليف الخالق له وهو الأعرف والأعلم بما يحتاج إليه لأنه خلقه! والإنسان يلتزم حين يشتري أي جهاز بتعاليم صانعه (كاتالوج) للاستفادة منه ولكنه لا يلتزم بتعاليم الله جل جلاله ليصلح حاله ويستفيد منه!
{ فرائض الإسلام المعروفة وأركانه ومنها الحج إلى بيت الله والعمرة هي وحدها التي تعيد للإنسان إنسانيته إن التزم بها! وتعيد له حريته حين تكون عبادته وعبوديته لله وحده وهو الذي خلقه بدلا من أن تكون عبوديته لما سواه! وتعيد إلى الجنس البشري كرامته الإنسانية وحيث حبل الصلة بينه وبين الله هو وحده الحبل الوثيق الذي يربط كل أجناس وأعراق البشر في عبادات توحدهم! وفي أخلاقيات تسمو بهم وفي سلوكيات تترجم حقيقة الدين والإسلام! ولذلك فإن مشهد الحجاج وهم يؤدون مناسكهم يوم عرفة هو أكبر دخول إلى محيط الطاقة الإلهية النورانية لو عرفها كل البشر على حقيقتها لأسلموا جميعا! ولتوحدت البشرية كلها وتخلصت من الطاقات الظلامية والشيطانية التي تحاصرها!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك