العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

وطنيون لا مكان لهم

هالة‭ ‬راريت‭ ‬دبلوماسية‭ ‬أمريكية‭ ‬استقالت‭ ‬مؤخرا‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬احتجاجا‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬بشأن‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

قناة‭ ‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‭ ‬الأمريكية‭ ‬أجرت‭ ‬معها‭ ‬حوارا‭ ‬حول‭ ‬أسباب‭ ‬استقالتها‭. ‬وما‭ ‬قالته‭ ‬مهم‭ ‬يستحق‭ ‬التوقف‭ ‬عنده‭.‬

تقول‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬إن‭ ‬اعتراضاتها‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬بايدن‭ ‬تجاه‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬خبرتها‭ ‬الطويلة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬ودراستها‭ ‬لتاريخها‭ ‬وبحكم‭ ‬متابعاتها‭ ‬اليومية‭ ‬للتطورات‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬ومعرفتها‭ ‬بالأثر‭ ‬المدمر‭ ‬لسياسات‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬على‭ ‬المصلحة‭ ‬الأمريكية‭.‬

‭ ‬تقول‭: ‬‮«‬لم‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬برأيي‭ ‬الشخصي‭ ‬أبدا‭. ‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬آرائي‭ ‬مبنية‭ ‬دائمًا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬أرصده‭ ‬بصفتي‭ ‬دبلوماسية،‭ ‬وعلى‭ ‬خبرتي‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬المنطقة‭. ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬أرصده‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬العربية‭ ‬مثيراً‭ ‬للقلق‭ ‬الشديد‭. ‬لقد‭ ‬كنت‭ ‬أقوم‭ ‬بتوثيق‭ ‬وتسجيل‭ ‬المشاعر‭ ‬المعادية‭ ‬للأمريكيين‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬أشهد‭ ‬لها‭ ‬مثيلا‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أثناء‭ ‬حرب‭ ‬العراق‭. ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المقبول‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلي‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬تقويض‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬المنطقة،‭ ‬ولقد‭ ‬كنت‭ ‬أدق‭ ‬ناقوس‭ ‬الخطر‭. ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬يشكل‭ ‬خطرًا‭ ‬علينا‭. ‬إنه‭ ‬يقوض‭ ‬أمننا‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نغير‭ ‬مسارنا‮»‬‭.‬

الدبلوماسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬رفضها‭ ‬لسياسات‭ ‬بايدن‭ ‬ودعمها‭ ‬الأعمى‭ ‬لإسرائيل‭ ‬سببه‭ ‬الأساسي‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬تدمر‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وتقوِّض‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‭. ‬أي‭ ‬هي‭ ‬أسباب‭ ‬وطنية‭ ‬بحتة‭.‬

ولهذا‭ ‬كانت‭ ‬حريصة‭ ‬كما‭ ‬تقول‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬النصائح‭ ‬في‭ ‬تقاريرها‭ ‬وتعبر‭ ‬عن‭ ‬مخاوفها‭ ‬وتدق‭ ‬ناقوس‭ ‬الخطر،‭ ‬وتقدم‭ ‬صورة‭ ‬كاملة‭ ‬عن‭ ‬موقف‭ ‬الإعلام‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬أمريكا،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬يستمع‭ ‬المسئولون‭ ‬إليها‭ ‬ويأخذوا‭ ‬آراءها‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭. ‬لكن‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬أنه‭ ‬جرى‭ ‬تهميشها‭ ‬وإسكاتها‭ ‬وإبعادها‭ ‬عن‭ ‬الاجتماعات‭ ‬وطلب‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬تلتزم‭ ‬الصمت‭. ‬ولهذا‭ ‬استقالت‭ ‬في‭ ‬النهاية‭.‬

هذه‭ ‬الآراء‭ ‬التي‭ ‬طرحتها‭ ‬في‭ ‬حديثها‭ ‬طرحتها‭ ‬في‭ ‬أحاديث‭ ‬أخرى‭ ‬لصحف‭ ‬وأجهزة‭ ‬إعلام‭ ‬أمريكية‭.‬

الحقيقة‭ ‬إن‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬تثيرها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬مثارة‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬لا‭ ‬يستهان‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬اليوم‭. ‬نعني‭ ‬قضية‭: ‬هل‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬المطلق‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬تخدم‭ ‬مصالح‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬المنطقة؟‭.. ‬هل‭ ‬تخدم‭ ‬سياسات‭ ‬بايدن‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي؟‭.‬

هناك‭ ‬عشرات‭ ‬التحليلات‭ ‬والتقارير‭ ‬اليوم‭ ‬التي‭ ‬تناقش‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭. ‬وأغلب‭ ‬المحللين‭ ‬الذين‭ ‬ناقشوا‭ ‬القضية‭ ‬يجمعون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الإجابة‭ ‬هي‭ ‬بالنفي‭. ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬سياسات‭ ‬بايدن‭ ‬ودعمها‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬يدمر‭ ‬مصلحة‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬ولا‭ ‬يخدم‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‭.‬

بالطبع‭ ‬أسباب‭ ‬هذه‭ ‬المفارقة‭ ‬معروفة‭ ‬سواء‭ ‬تعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالنفوذ‭ ‬الطاغي‭ ‬للوبي‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬أو‭ ‬بالمسئولين‭ ‬الكبار‭ ‬الذين‭ ‬يتفاخرون‭ ‬بأنهم‭ ‬‮«‬صهاينة‮»‬‭ ‬أو‭ ‬بأي‭ ‬أسباب‭ ‬أخرى‭.‬

المهم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬مطروحة‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬اليوم‭ ‬ولن‭ ‬ينتهي‭ ‬الجدل‭ ‬حولها‭ ‬قريبا‭.‬

الدبلوماسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬قالت‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬حديثها‭ ‬مع‭ ‬السي‭ ‬إن‭ ‬إن‭ ‬كلاما‭ ‬مهمًّا‭ ‬يلخص‭ ‬القضية‭ ‬كلها‭. ‬قالت‭ ‬إنها‭ ‬ومعها‭ ‬المسئولون‭ ‬الآخرون‭ ‬الذين‭ ‬استقالوا‭ ‬يعتبرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬‮«‬وطنيون‮»‬،‭ ‬وأضافت‭ ‬‮«‬نحن‭ ‬نفعل‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بلدنا‮»‬‭. ‬وأعربت‭ ‬عن‭ ‬أملها‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬استقالاتهم‭ ‬دافعا‭ ‬للإدارة‭ ‬كي‭ ‬تستمع‭ ‬وتغير‭ ‬سياساتها‭ ‬ومواقفها‭. ‬

هؤلاء‭ ‬الوطنيون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الرسمية‭ ‬الذين‭ ‬استقالوا‭ ‬أو‭ ‬الذين‭ ‬كتبوا‭ ‬العرائض‭ ‬احتجاجا‭ ‬على‭ ‬سياسات‭ ‬بايدن‭ ‬وللمطالبة‭ ‬بوقف‭ ‬المشاركة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة،‭ ‬لا‭ ‬مكان‭ ‬لهم‭ ‬ويجري‭ ‬تهميشهم‭ ‬وإسكاتهم‭ ‬ومحاولة‭ ‬إجبارهم‭ ‬على‭ ‬الصمت‭ ‬كما‭ ‬قالت‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأمريكية‭.‬

هناك‭ ‬اليوم‭ ‬تيار‭ ‬وطني‭ ‬أمريكي‭ ‬يتشكل‭ ‬يطالب‭ ‬باستقلالية‭ ‬السياسة‭ ‬والقرار‭ ‬الأمريكي‭ ‬ويطالب‭ ‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬المصلحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لا‭ ‬المصلحة‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬وهذا‭ ‬التيار‭ ‬أصبح‭ ‬يحظى‭ ‬بتأييد‭ ‬شعبي‭ ‬متزايد‭ ‬بدليل‭ ‬حركة‭ ‬الطلبة‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية‭ ‬مثلا‭.‬

أغلب‭ ‬الظن‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التيار‭ ‬سوف‭ ‬يزداد‭ ‬عددا‭ ‬ونفوذا‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة‭. ‬مصدر‭ ‬قوة‭ ‬هذا‭ ‬التيار‭ ‬أنه‭ ‬يدافع‭ ‬أولا‭ ‬وأخيرا‭ ‬عن‭ ‬المصلحة‭ ‬الأمريكية‭. ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬حد‭ ‬سوف‭ ‬يؤثر‭ ‬فعلا‭ ‬على‭ ‬سياسات‭ ‬أمريكا‭ ‬ومواقفها؟‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬علينا‭ ‬متابعته‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا