عالم يتغير
فوزية رشيد
كيان خارج العالم والتاريخ!
{ من الملاحظ أنه ومنذ بدايات القرن العشرين، التي أفرزت الحرب العالمية الأولى، ثم تقسيم المنطقة العربية وصولا إلى الحرب العالمية الثانية، وتأسيس الكيان الصهيوني!، لتتوالى الحروب في إطار الصراع العربي الصهيوني إلا أنه رغم الانعطافة العربية الكبرى بعد ذلك نحو السلام والاعتراف بوجود هذا الكيان الغاصب لأرض عربية هي فلسطين، إلا أن الحروب والأزمات والصراعات لم تنته قط! بل جاءت جميعها في إطار إضعاف الدول العربية (لحفظ أمن الكيان الصهيوني وتقويته في إطار استعماري استنزافي! وضع أمن الكيان مقابل إضعاف العرب من أجل الاستحواذ على الموقع الاستراتيجي والثروات العربية النفطية والطاقية الأخرى كالغاز، وتحويل الدول العربية بالضغوط إلى دول استهلاكية بالدرجة الأولى بعيدًا عن أن تكون دولاً منتجة!
{ رغم الاتفاقيات العربية – «الإسرائيلية» مثل (كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو) ورغم طرح (المبادرة السعودية العربية للسلام 2002) إلا أن هذا الكيان العنصري بقي رافضًا لحلّ القضية الفلسطينية حلاّ عادلاً، ومصرًا على أن يبقى شوكة في خاصرة العرب والعالم كله، وخارج التاريخ، من خلال ممارساته اللاإنسانية والعنصرية وجرائم الحرب ضدّ الشعب الذي اغتصب أرضه!
{ 76 عامًا ونطاق الجرائم والإبادة يتسعّ كل يوم، وهدف تصفية القضية والمقاومة الفلسطينية، قد وجّه «الكيان» إليه بوصلته طوال العقود الماضية، حتى وصل إلى أبشع حرب إبادة وتدمير منذ أكتوبر الماضي إلى الآن! رافضًا القانون الدولي، ورافضًا مطالب شعوب العالم بوقف حرب الإبادة هذه والتطهير العرِقي، ورافضًا صراخ الضمير الإنساني، الذي لم يعد يحتمل المزيد من القتل اليومي والوحشية والإبادة!، ليسجلّ هذا الكيان سابقة في التاريخ البشري وفي العالم منذ نشوئه الاستعماري والاستيطاني وحتى اليوم متفوقًا في ذلك على كل أساليب الوحشيات الاستعمارية!
{ التاريخ سجل الأساطير والخرافات وتزوير الوثائق التي ينشأ على أساسها هذا الكيان الاستيطاني، (باختراع صهيوني حوّل اليهودية كما نعرف كدين إلى قومية عِرقية، ثم حوّل العِرقية إلى عنصرية صهيونية)! لتستمر معاناة الشعب الفلسطيني والمنطقة العربية، ولتتحوّل المعاناة إلى معاناة إنسانية عامة تجوب شوارع العالم كلها اليوم نابذة للخلفية الصهيونية التي يقوم على أساسها هذا الكيان، ونابذة للدعم الاستعماري الغربي لجرائم الحرب والإبادة التي قام ويقوم بها، ولتتجلىّ لكل شعوب العالم حقيقة هذا الكيان الاستلابي، وحقيقة «الصهيونية العالمية» التي تستلب أيضًا كل شعوب الغرب والعالم!، ولتفاجأ الشعوب والبشرية، بأن هذا (الكيان شاذ عن قوانين العالم والإنسانية والسياسة العالمية المرتجاة، وشاذ عن الحضارة الإنسانية والمدنية رغم ادعاءات تطوّره العلمي والديموقراطي)!
{ لم يشهد التاريخ البشري في كل مراحل تطوّره إلا بعض الحوادث الجيوستراتيجية النادرة مثل (قيام الولايات المتحدة ونشوئها) على جماجم السكان الأصليين من الهنود الحمر!، ثم ما حدث في أستراليا من سطوة البيض على السكان المحليين استعماريًا، حتى تحوّلت السطوة إلى أمر واقع! وما حدث في جنوب إفريقيا من هيمنة استعمارية للجنس الأبيض وفصل عنصري!، وكانت تلك الأحداث تدور وغيرها من الاستلابات الاستعمارية للدول والشعوب في قارات العالم كله فيما الوعي الشعبي العالمي لم يكن متواصلاً كما هو اليوم في ظل الثورة التكنولوجية، حتى جاء هذا الكيان العنصري، ليختزل في نفسه كل الممارسات السابقة من وحشية عنصرية واستيطانية، وقتل وإبادة، ولتنكشف كل أوراقه اللاحضارية واللاإنسانية واللاأخلاقية خلال الشهور الماضية من العدوان الهمجي على غزة، في ظل ثورة وعي شعبية عالمية ضدّه بدأت في الغرب نفسه!، وفي مدن العالم الأخرى، وليرتفع شعار مخيف بالنسبة إلى الكيان والصهيونية وأنظمة الغرب وهو شعار (فلسطين من النهر إلى البحر) تعبيرًا عن الرفض الشعبي العالمي لوجود هذا الكيان (باعتباره نشاز عالمي وإنساني وتاريخي) ولتصعد أوراق القضية الفلسطينية للمرة الأولى منذ اغتصاب فلسطين، فتتحول إلى قضية شعوب العالم كلها، بعد أن تخاذل العرب والمسلمون في نُصرة غزة وما تواجهه من حرب إبادة وتطهير عِرقي!
{ هذا الكيان الغريب ليس فقط غريب عن المنطقة العربية، بل عن العالم كله، ولن يعود أبدًا كما كان قبل 7 أكتوبر والعدوان على غزة! لأن وجوده أصبح مؤرقًا لكل العالم وقوانينه وما يطمح إليه من مبادئ وقيم إنسانية، فقد سجل لنفسه رغم كل ادعاءاته الزائفة، والمظلومية التي لبسها طوال عقود طويلة، أنه منبوذ هذه المرة من شعوب العالم الحرّة، وليس فقط من الدول التي طردت اليهود من جغرافيتها في الغرب عبر القرون الماضية! (العالم لن يكون حرّاً، إلا إذا تحرّر من الخلفية الأيديولوجية للصهيونية التي أنشأت هذا الكيان)، حتى أصبحت حرية غزة وفلسطين أيقونة لحرية العالم كله، لتتخلص من الأساطير والخرافات والعِرقية العنصرية (اليهود والأغيار) والتي جعلت البشرية كلها (أغيار) لخدمة الصهاينة!
ولكأن لعبة السيّد والعبيد قد تحولت إلى (لعبة عالمية) حيث «السيّد الصهيوني اليهودي» وبقية العالم كله هم العبيد!
ولهذا فإن وعي الشعوب خاصة في الغرب بفحوى تلك العبودية يتصاعد، ويرفضها، ويعمل على التحرر منها، بدءًا من كيان أثبت أنه خارج كل شيء عرفته البشرية، وأنه غير قابل للتعايش والسلام!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك