العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

إيران وبعد أن حدث ما حدث!

{‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬يخرج‭ ‬عن‭ ‬القضاء‭ ‬والقدر‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬شبهات‭ ‬جنائية‭ ‬في‭ ‬الحدث‭! ‬وهنا‭ ‬سقوط‭ ‬مروحية‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬ووفاته‭ ‬والذي‭ ‬تعددت‭ ‬السيناريوهات‭ ‬حوله‭! ‬بل‭ ‬أدخل‭ ‬البعض‭ ‬إلى‭ ‬حيز‭ ‬التداول‭ ‬على‭ ‬السوشال‭ ‬ميديا‭ ‬ما‭ ‬قالته‭ ‬العرافة‭ ‬ليلى‭ ‬عبداللطيف‭ ‬التي‭ ‬وصفت‭ ‬حادث‭ ‬الطائرة‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬بدقة‭ ‬مما‭ ‬ربط‭ ‬البعض‭ ‬وهي‭ ‬المتهمة‭ ‬بأن‭ ‬دقة‭ ‬تنبؤاتها‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬تلقيها‭ ‬معلومات‭ ‬استخباراتية‭ ‬مسبقة‭ ‬تصف‭ ‬فيه‭ ‬الحوادث‭ ‬القادمة‭! ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬لدى‭ ‬أصحاب‭ ‬سيناريو‭ ‬ربط‭ ‬الحادث‭ ‬بشبهة‭ ‬جنائية،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬أمر‭ ‬مدبر‭ ‬سيناريوها‭ ‬رائجا‭! ‬والتدبير‭ ‬فيه‭ ‬يعود‭ ‬إما‭ ‬إلى‭ ‬جهة‭ ‬خارجية‭ ‬وإما‭ ‬جهة‭ ‬داخل‭ ‬إيران‭ ‬نفسها‭! ‬وحول‭ ‬ذلك‭ ‬تتلاحق‭ ‬الأسئلة‭ ‬التشكيكية‭ ‬حول‭ ‬حقيقة‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬لمروحية‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬ووزير‭ ‬خارجيته‭ ‬ومن‭ ‬كان‭ ‬يرافقهما‭!‬

{‭ ‬الآن‭ ‬وقد‭ ‬حدث‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬وتسلم‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬الراحل‭ ‬محمد‭ ‬مخبر‭ ‬حقيبة‭ ‬الرئاسة‭ ‬مدة‭ ‬خمسين‭ ‬يوما‭ ‬حتى‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الانتخابات‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬28‭/‬6‭/‬2024‭ ‬ومع‭ ‬طمأنة‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬البلاد‭ ‬ستسير‭ ‬بشكل‭ ‬قانوني‭ ‬وسلس،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التكهنات‭ ‬عادت‭ ‬لتتصاعد‭ ‬حول‭ ‬الصراع‭ ‬الداخلي‭ ‬بين‭ ‬المحافظين‭ ‬والإصلاحيين‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الحدث‭ ‬الذي‭ ‬أعاد‭ ‬للواجهة‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬سيخلف‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬خامنئي‭! ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬رئيسي‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬المرشحين‭ ‬لهذا‭ ‬المنصب‭ ‬المهم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬قربه‭ ‬الشديد‭ ‬من‭ ‬خامنئي‭ ‬وباعتباره‭ ‬أي‭ ‬الراحل‭ ‬رئيسي‭ ‬أحد‭ ‬الأيادي‭ ‬التنفيذية‭ ‬القاسية‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬أثير‭ ‬حول‭ ‬لجنة‭ ‬الموت‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يرأسها‭ ‬وبسببها‭ ‬تم‭ ‬قتل‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬38‭ ‬ألف‭ ‬معارض‭ ‬معتقل‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬محاكمة‭! ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الثمانينيات‭ ‬واستمر‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬سلوكياته‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬وصوله‭ ‬إلى‭ ‬منصب‭ ‬رئاسة‭ ‬البلاد‭!‬

{‭ ‬الحديث‭ ‬يدور‭ ‬مطولا‭ ‬الآن‭ ‬حول‭ ‬طموح‭ ‬ابن‭ ‬خامنئي‭ (‬مجتبى‭ ‬خامنئي‭) ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬منصب‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬بعد‭ ‬توقعات‭ ‬حول‭ ‬رحيل‭ ‬والده‭ ‬المريض‭ ‬قريبا،‭ ‬رغم‭ ‬عدم‭ ‬أهليته‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء‭ ‬الإيرانيين‭ ‬لهذا‭ ‬المنصب‭! ‬ولكن‭ ‬السياسة‭ ‬يحكمها‭ ‬صاحب‭ ‬القبضة‭ ‬وليس‭ ‬صاحب‭ ‬الكفاءة‭ ‬المناسبة‭ ‬كما‭ ‬عودتنا‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭! ‬بل‭ ‬إن‭ ‬أصابع‭ ‬الاتهام‭ ‬تحوم‭ ‬حوله‭ ‬كمستفيد‭ ‬من‭ ‬غياب‭ ‬رئيسي‭!‬

{‭ ‬الآن‭ ‬وقد‭ ‬دخل‭ ‬حكم‭ ‬الملالي‭ ‬عامه‭ ‬الـ‭(‬45‭) ‬أي‭ ‬منذ‭ ‬1979‭ ‬فإن‭ ‬المتغيرات‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬ذاتها‭ ‬غير‭ ‬متوقعة‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬أدخلت‭ ‬أصابعها‭ ‬السياسةَ‭ ‬في‭ ‬لباس‭ ‬الدين‭! ‬وأسست‭ (‬نظاما‭ ‬ثيوقراطيا‭ ‬استبداديا‭ ‬بديكور‭ ‬ديمقراطي‭)‬،‭ ‬كان‭ ‬اعتماده‭ ‬على‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬أي‭ ‬على‭ ‬اليد‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تأسيسها‭ ‬لحماية‭ ‬النظام‭ ‬ولنشر‭ ‬أيديولوجيته‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬مرسومة‭ ‬في‭ ‬الدستور‭ ‬الإيراني،‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬حول‭ ‬تصدير‭ ‬الثورة‭ ‬أي‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للدول‭ ‬الأخرى‭ ‬وخاصة‭ ‬العربية‭! ‬وحيث‭ ‬عواصم‭ ‬مثل‭ ‬بغداد‭ ‬ودمشق‭ ‬وبيروت‭ ‬وصنعاء‭ ‬باتت‭ ‬تغتسل‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬الدماء‭ ‬والفوضى‭ ‬بسبب‭ ‬الوكلاء‭ ‬والعملاء‭ ‬واليد‭ ‬الإيرانية‭ ‬القابضة‭ ‬ليتحول‭ ‬الوجه‭ ‬العسكري‭ ‬بالتدريج‭ ‬أو‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬إلى‭ ‬التسلط‭ ‬حتى‭ ‬داخل‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬آليات‭ ‬عمل‭ ‬النظام‭ ‬الثيوقراطي‭ ‬وليصبح‭ ‬النظام‭ ‬بوجه‭ ‬عسكري‭ ‬بدلا‭ ‬من‭  ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬بوجه‭ ‬ديني‭ ‬بحسب‭ ‬الهوية‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني‭! ‬فتم‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬دينية‭ ‬العسكر‭ ‬إلى‭ ‬عسكرة‭ ‬الدين‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬القائم‭!‬

{‭ ‬ما‭ ‬يهم‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭ ‬خاصة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإقليمي‭ ‬القريب‭ ‬من‭ ‬تأثيرات‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬هو‭ ‬معرفة‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬الـ«نصف‭ ‬قرن‮»‬‭ ‬أحدث‭ ‬فيه‭ ‬ما‭ ‬أحدث‭ ‬من‭ ‬تأثيرات‭ ‬ومتغيرات‭ ‬جيوسياسية‭ ‬ودعم‭ ‬للمليشيات‭ ‬التابعة‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬واقتراب‭ ‬إعلان‭ ‬وجهه‭ ‬النووي‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬القمع‭ ‬المستفيض‭ ‬لكل‭ ‬الانتفاضات‭ ‬والحراكات‭ ‬السياسية‭ ‬الرافضة‭ ‬لممارساته‭ ‬داخليا‭ ‬وخارجيا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬معاناة‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬كثيرة‭ ‬منها‭ ‬الأحوال‭ ‬المعيشية‭ ‬والفقر‭ ‬والبطالة‭ ‬والعنصرية‭ ‬تجاه‭ ‬القوميات‭ ‬الأخرى‭ ‬نقول‭ ‬ما‭ ‬يهم‭ ‬هو‭ ‬هل‭ ‬ستحظى‭ ‬إيران‭ ‬بتوجهات‭ ‬جديدة‭ ‬بعد‭ ‬حادث‭ ‬مقتل‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬ووزير‭ ‬خارجيته‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬كما‭ ‬يرى‭ ‬كثيرون‭ ‬أن‭ ‬سياستها‭ ‬ستستمر‭ ‬على‭ ‬ذات‭ ‬النهج‭ ‬السابق‭ ‬لنظامها‭ ‬وأن‭ ‬حتى‭ ‬صراع‭ ‬العروش‭ ‬بين‭ ‬المحافظين‭ ‬والإصلاحيين‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬في‭ ‬قبضة‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬والذي‭ ‬مع‭ ‬وجوده‭ ‬لن‭ ‬يحدث‭ ‬أي‭ ‬متغير‭ ‬استراتيجي‭ ‬في‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬نظامه‭!‬

{‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬الوجوه‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬ستأتي‭ ‬لواجهته‭ ‬السياسية‭ ‬الإيرانية‭ ‬كمنصب‭ ‬الرئيس‭ ‬ومنصب‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬ورئاسة‭ ‬مجلس‭ ‬الخبراء‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬المناصب‭ ‬فإن‭ ‬العمق‭ ‬الأبعد‭ ‬لتلك‭ ‬الواجهات‭ ‬هو‭ ‬استمرار‭ ‬سطوة‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬وسطوة‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭! ‬بما‭ ‬يجعل‭ ‬أرضية‭ ‬النظام‭ ‬الثيوقراطي‭ ‬العسكري‭ ‬هو‭ ‬المتحكم‭ ‬في‭ ‬توجهات‭ ‬الواجهة‭ ‬السياسية‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬وجوهها‭! ‬ومعه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬توقعات‭ ‬مهمة‭ ‬حول‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬النظام‭ ‬مع‭ ‬شعبه‭ ‬أو‭ ‬مع‭ ‬محيطه‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭! ‬وسواء‭ ‬بما‭ ‬يخص‭ ‬مطالب‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬أو‭ ‬بما‭ ‬يخص‭ ‬المليشيات‭ ‬والأذرع‭ ‬التابعة‭ ‬والموالية‭ ‬أو‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬فإن‭ ‬سلطة‭ ‬من‭ ‬يحكمها‭ ‬ويديرها‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬مستمرة‭ ‬بوجود‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬ومهما‭ ‬قيل‭ ‬عن‭ ‬الصراع‭ ‬الداخلي‭ ‬بين‭ ‬المحافظين‭ ‬والإصلاحيين‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬خامنئي‭ ‬بنفسه‭ ‬بعد‭ ‬حادث‭ ‬مقتل‭ ‬رئيس‭ ‬البلاد‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا