عالم يتغير
فوزية رشيد
إيران وبعد أن حدث ما حدث!
{ لا شيء في النهاية يخرج عن القضاء والقدر حتى لو كانت هناك شبهات جنائية في الحدث! وهنا سقوط مروحية الرئيس الإيراني ووفاته والذي تعددت السيناريوهات حوله! بل أدخل البعض إلى حيز التداول على السوشال ميديا ما قالته العرافة ليلى عبداللطيف التي وصفت حادث الطائرة في بداية عام 2024 بدقة مما ربط البعض وهي المتهمة بأن دقة تنبؤاتها تعود إلى تلقيها معلومات استخباراتية مسبقة تصف فيه الحوادث القادمة! مما يؤكد لدى أصحاب سيناريو ربط الحادث بشبهة جنائية، أي أنه أمر مدبر سيناريوها رائجا! والتدبير فيه يعود إما إلى جهة خارجية وإما جهة داخل إيران نفسها! وحول ذلك تتلاحق الأسئلة التشكيكية حول حقيقة ما حدث لمروحية الرئيس الإيراني ووزير خارجيته ومن كان يرافقهما!
{ الآن وقد حدث ما حدث وتسلم نائب الرئيس الإيراني الراحل محمد مخبر حقيبة الرئاسة مدة خمسين يوما حتى البدء في مرحلة الانتخابات الإيرانية في 28/6/2024 ومع طمأنة المرشد الأعلى أن إدارة البلاد ستسير بشكل قانوني وسلس، إلا أن التكهنات عادت لتتصاعد حول الصراع الداخلي بين المحافظين والإصلاحيين في ظل الحدث الذي أعاد للواجهة أيضا من سيخلف المرشد الأعلى خامنئي! وقد كان رئيسي هو أكثر المرشحين لهذا المنصب المهم في ظل قربه الشديد من خامنئي وباعتباره أي الراحل رئيسي أحد الأيادي التنفيذية القاسية وخاصة بعد ما أثير حول لجنة الموت التي كان يرأسها وبسببها تم قتل ما يقارب 38 ألف معارض معتقل من دون محاكمة! وكان ذلك في الثمانينيات واستمر في أداء دوره في كل سلوكياته حتى بعد وصوله إلى منصب رئاسة البلاد!
{ الحديث يدور مطولا الآن حول طموح ابن خامنئي (مجتبى خامنئي) في الحصول على منصب المرشد الأعلى بعد توقعات حول رحيل والده المريض قريبا، رغم عدم أهليته في نظر بعض الخبراء الإيرانيين لهذا المنصب! ولكن السياسة يحكمها صاحب القبضة وليس صاحب الكفاءة المناسبة كما عودتنا الحياة السياسية في أغلب بلدان العالم! بل إن أصابع الاتهام تحوم حوله كمستفيد من غياب رئيسي!
{ الآن وقد دخل حكم الملالي عامه الـ(45) أي منذ 1979 فإن المتغيرات في السلطة ذاتها غير متوقعة وهي التي أدخلت أصابعها السياسةَ في لباس الدين! وأسست (نظاما ثيوقراطيا استبداديا بديكور ديمقراطي)، كان اعتماده على الحرس الثوري أي على اليد العسكرية التي تم تأسيسها لحماية النظام ولنشر أيديولوجيته كما هي مرسومة في الدستور الإيراني، ومنها ما هو معروف حول تصدير الثورة أي التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وخاصة العربية! وحيث عواصم مثل بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء باتت تغتسل في بحر الدماء والفوضى بسبب الوكلاء والعملاء واليد الإيرانية القابضة ليتحول الوجه العسكري بالتدريج أو الحرس الثوري إلى التسلط حتى داخل إيران على آليات عمل النظام الثيوقراطي وليصبح النظام بوجه عسكري بدلا من أن يكون الحرس الثوري بوجه ديني بحسب الهوية الأيديولوجية للنظام الإيراني! فتم الانتقال من دينية العسكر إلى عسكرة الدين في النظام القائم!
{ ما يهم الدول والشعوب خاصة على المستوى الإقليمي القريب من تأثيرات نظام الملالي هو معرفة إن كان هذا النظام بعد ما يقارب الـ«نصف قرن» أحدث فيه ما أحدث من تأثيرات ومتغيرات جيوسياسية ودعم للمليشيات التابعة له في عديد من دول المنطقة واقتراب إعلان وجهه النووي إلى جانب القمع المستفيض لكل الانتفاضات والحراكات السياسية الرافضة لممارساته داخليا وخارجيا في ظل معاناة الشعب الإيراني في مجالات كثيرة منها الأحوال المعيشية والفقر والبطالة والعنصرية تجاه القوميات الأخرى نقول ما يهم هو هل ستحظى إيران بتوجهات جديدة بعد حادث مقتل الرئيس الإيراني ووزير خارجيته أم أنها كما يرى كثيرون أن سياستها ستستمر على ذات النهج السابق لنظامها وأن حتى صراع العروش بين المحافظين والإصلاحيين هو في النهاية في قبضة المرشد الأعلى والذي مع وجوده لن يحدث أي متغير استراتيجي في خطة عمل نظامه!
{ أيا كانت الوجوه الجديدة التي ستأتي لواجهته السياسية الإيرانية كمنصب الرئيس ومنصب وزير الخارجية ورئاسة مجلس الخبراء وغيره من المناصب فإن العمق الأبعد لتلك الواجهات هو استمرار سطوة المرشد الأعلى وسطوة الحرس الثوري! بما يجعل أرضية النظام الثيوقراطي العسكري هو المتحكم في توجهات الواجهة السياسية أيا كانت وجوهها! ومعه لا توجد توقعات مهمة حول أي تغيير كبير في سياسة النظام مع شعبه أو مع محيطه الإقليمي والدولي! وسواء بما يخص مطالب الشعب الإيراني أو بما يخص المليشيات والأذرع التابعة والموالية أو السياسة الخارجية فإن سلطة من يحكمها ويديرها لا تزال مستمرة بوجود المرشد الأعلى ومهما قيل عن الصراع الداخلي بين المحافظين والإصلاحيين وهذا ما أشار إليه خامنئي بنفسه بعد حادث مقتل رئيس البلاد!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك