يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
جلالة الملك ومبادرات إعادة التأسيس الحضاري
الكلمة التي ألقاها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في افتتاح القمة العربية وضعت أسس عهد جديد من العمل العربي المشترك، وبمعنى أدق وضعت أسسا لإعادة تأسيس البناء العربي ومسيرة الدول العربية.
هذا ما ذكره جلالة الملك في ختام كلمته حين دعا جلالته إلى أن تكون القمة إسهاما في «إعادة التأسيس لحاضر مزدهر ومستقبل مشرق تستحقه أجيالنا القادمة ومنعطفا تاريخيا بنّاء لدولنا وعالمنا».
لكن ماذا يقصد جلالة الملك بأننا بحاجة الى إعادة تأسيس لمسيرة دولنا العربية وتجربتها الحضارية؟
جلالته يقصد أننا بحاجة إلى انطلاقة جديدة وعهد جديد للبناء العربي يقوم على أسس ومقومات جديدة.
كلمة جلالة الملك تضمنت تحديدا لدواعي وأسباب إعادة التأسيس هذه، وعلى أي أسس ومقومات يجب أن تقوم.
حرص جلالة الملك بداية على التنبيه إلى أن الأمن القومي العربي يتعرض لمخاطر جسيمة، وأن الأمة العربية تتعرض «لتهديدات تمس هويتها وأمنها وسيادة ووحدة وسلامة أراضيها».
كما نرى، الأخطار والتهديدات التي تعصف بالأمة شاملة وجسيمة جدا وتهدد هوية الأمة ووجود دولها ذاته.
ويعني هذا أن المسؤولية الملقاة على عاتق الدول العربية في مواجهة هذه الأخطار والتهديدات وحماية مسيرة الدول العربية مسؤولية كبيرة جدا، كما أكد جلالته.
ويعني ان الحاجة ملحة إلى رؤية جديدة لإعادة تأسيس وبناء المسيرة العربية.
جلالة الملك في كلمته وضع شرطين كبيرين لإعادة التأسيس والبناء العربي، ولكي نحقق ما نتطلع إليه من أن نكون قوة حضارية قادرة وتساير العصر.
الشرطان هما، الاستقرار، والتنمية الشاملة.
أما عن الاستقرار في المنطقة فلا يمكن أن يتحقق من دون حل القضية الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وسيادة السلام في المنطقة.
وأما عن التنمية الشاملة، فقد حدد جلالة الملك في كلمته المقومات التي تقوم عليها في «العدالة والمساواة وتعزيز حقوق الإنسان وحماية حرياته».
هذه إذن أبعاد الرؤية المتقدمة التي طرحها جلالة الملك لإعادة التأسيس والبناء الحضاري العربي، والتي تعتبر معيارا لنجاح العرب في التقدم والبناء للحاضر والمستقبل.
من منطلق هذه الفلسفة والرؤية التي طرحها جلالة الملك جاءت المبادرات الرائدة التي طرحها جلالة الملك باسم مملكة البحرين على القمة العربية، وتبنتها القمة بالكامل، وكانت في الحقيقة أهم ما خرج عن القمة من نتائج.
هذه المبادرات تتمثل كما نعلم في: إقامة مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط تستضيفه البحرين ودعم الاعتراف الكامل بدولة فلسطين وقبول عضويتها في الأمم المتحدة – توفير الخدمات التعليمية والصحية للمتأثرين من الصراعات والنزاعات في المنطقة _ تطوير التعاون العربي في مجال التكنولوجيا المالية والتحول الرقمي.
مبادرات البحرين مبادرات حضارية متقدمة تنطلق من وعي دقيق بخطورة الأوضاع التي وصلت اليها الأمة العربية، وبحتمية العمل فورا نحو تدشين مرحلة جديدة من العمل والبناء إذا كان للأمة العربية أن تضمن حاضرا ومستقبلا أفضل للأجيال الحالية والقادمة، كما قال جلالة الملك.
جوهر هذه المبادرات هو أنه ليس هناك من بديل أمام الدول العربية سوى بناء الدول القوية أولا، وسوى دفع التضامن العربي والعمل العربي المشترك خطوات نوعية إلى الأمام على كل المستويات السياسية والتنموية.
بطبيعة الحال، التحدي الأكبر هو أن تدخل هذه المبادرات حيز التنفيذ الفعلي بإرادة عربية جماعية.
لهذا تتحمل البحرين مسؤولية كبيرة في تنفيذ هذه المبادرات وقرارات القمة عموما وفي قيادة العمل العربي المشترك إذ ستتولى رئاسة القمة العربية على امتداد عام كامل. وكلنا ثقة في قدرة قيادات ومسؤولي المملكة على تحمل هذا العبء العربي بكفاءة واقتدار.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك