عالم يتغير
فوزية رشيد
الكويت: حلّ البرلمان لإنقاذ البلاد!
{ حين تتحوّل الديمقراطية إلى عامل تأزيم وإعاقة للتنمية، بدلا من أن تكون عامل تطوير ونضج سياسي وتغليب لمصالح الدولة والوطن والشعب حينها تكون تلك الديمقراطية «عامل تدمير» يتم استغلالها بشكل يسيئ للوطن إساءة بالغة ويعطل المصالح الحقيقية للشعب، وهو الأمر الذي حدث مع الممارسات الديمقراطية في الكويت! مما جعل أمير البلاد الشيخ «مشعل الأحمد» يعلن مساء الجمعة الماضي 10 مايو (حلّ مجلس الأمة) لتلافي الانعكاسات السلبية على الواقع العام للكويت! وحيث أكد الأمير (صفة التمادي التي لا يمكن القبول بها، وزيادة المصاعب والعراقيل من مجلس الأمة، إلى جانب التعدي على صلاحيات حاكم البلاد في اختيار «ولي العهد»، وحيث كان بعض النواب يظهرون سلوكيات وتصرفات على خلاف الدستور، إلى جانب التفريط بمصادر الثروة الوطنية أو استخدامها للاستنزاف مما يستدعي اتخاذ قرار حلّ البرلمان إنقاذًا للبلاد)!
{ كل ذلك وغيره جاء في (الخطاب الصريح) للأمير «مشعل الأحمد» أمير الكويت، وهو يراقب اضطراب المشهد السياسي، حتى تحولت مؤسسات الديمقراطية إلى مسرح لدى البعض من النواب! وعدم احترام رجال الأمن ورجال الحكم والمساس بهيبتهم، كما جاء في خطابه وهو يُلقي بيان حلّ البرلمان! معلنًا ضبط من أُدين بالخيانة واستغلال البرلمان والديمقراطية لأهداف تقع في خانة تدمير الوطن! مؤكدًا أيضًا أن (لا أحد فوق القانون) ومن نال من المال العام فسينال عقابه أيًا كان موقعه أو صفته!
{ هذا الخطاب الأميري المفعم بالأسى والقلق من استخدام الديمقراطية لضرب المصالح الوطنية، إلى جانب تغلغل الفساد في أغلب مرافق الدولة وحتى المؤسسات الأمنية كما جاء أيضًا في بيان الأمير! ليجعل الوقوف أمام إشكالية تعطيل البلاد تنمويا واقتصاديًا، بما استدعى استياء حاكم البلاد والاستياء الشعبي في الكويت من أداء البرلمان والبرلمانيين! ليفتح الباب أمام أسئلة إشكالية كبرى حول قيمة وأهمية الديمقراطية، ليس فقط في الكويت وحدها وإنما في أية دولة خليجية أخرى، خاصة حين تكون بوابة الديمقراطية مفتوحة على التأزيم وصناعة الأزمات، وفتح الساحة لأصوات ترتهن في أهدافها وغاياتها لتوجهات غير وطنية! وبما يجعل الفشل ملاحقًا للعديد من الدورات البرلمانية في الكويت عبر سنوات طويلة من الممارسة الديمقراطية، التي وضع «النواب» أنفسهم كالعربة أمام الحصان! لتتراكم المشاكل وسط ضجيج الصراخ غير المجدي، من دون التفكير السياسي والوطني الناضج، الذي يعمل على إخراج البلاد من أزماتها، فيتحول بذلك البرلمان نفسه إلى مشكلة!
{ إن مؤسسات الحكم سواء في الكويت أو في دول الخليج الأخرى، تمتاز بخصوصيتها وحيث العامل الأساس فيها هو ضمان الأمن والاستقرار، في وسط عالمي يمتاز منذ عقود طويلة بعوامل التوتر والصراع والحروب والأطماع الإقليمية والدولية في دول الخليج! ولعل استغلال الديمقراطية لغير أهدافها الوطنية، هي أيضًا من التجارب المؤلمة التي مرّت بها البحرين في أحداث 2011 وما أعقبها! حتى كادت البلاد أن تضيع تمامًا، وحتى أن تخرج من أطر هويتها وانتمائها العربي! لولا حفظ الله لها وحنكة الدولة وتدخل درع الجزيرة، لإعادة البوصلة إلى مكانها! والكويت وطوال السنوات الماضية شهدت العديد من الاستهدافات الأمنية والخيانات لصالح دولة إقليمية توسعية، وضبط خلايا إرهابية منها «خلية العبدلي» مما كان يوجب على مجلس الأمة أن يكون على مستوى الأحداث والاستهداف، ولكن كما يبدو من بيان أمير الكويت الصريح، أن البرلمانيين أغلبهم أو بعضهم لم يكونوا عند مستوى المسؤولية!
وإنما عرضوا بدورهم بلدهم لمخاطر داخلية وخارجية، وتمادوا في الفساد والاستهتار بهيبة الأمن والدولة! فأصبحوا هم أكبر مشكلة! وعامل تأزيم وتعطيل للمصالح الوطنية والتنموية، وبما استوجب حّل «البرلمان» لإنقاذ البلاد!
{ إن النضج الديموقراطي وحده هو الذي يتطلع إليه أي شعب، يريد ممارسة النموذج الديمقراطي، على مقاس القيم الديمقراطية الغربية! من دون هذا النضج يتحوّل الأمر إلى مجرد بحث عن الوجاهة والمصالح الشخصية، لكل من يدخل البرلمان وينقصه الوعي السياسي والوعي الوطني، والإلمام بالتحديات والتهديدات الداخلية والخارجية، حتى اعتبر البعض نفسه، كما قال أمير الكويت فوق القانون، وفوق المساءلة وفوق المحاسبة!
{ شعوب الخليج بهمّها كما الشعوب العربية الأخرى وكل شعوب العالم، تحقيق طموحاتها وتطلعاتها المعيشية التنموية والمشاركة السياسية البناءة، وليس البرلمان كغاية خاصة حين يتحوّل إلى عامل تأزيم وتعطيل! حينها لا يهمها أن يبقى ويستمر مثل هذا البرلمان بل هي تتمنى زواله، بسبب الأداء البرلماني الفاشل في تمثيل الغايات الشعبية والغايات الوطنية، والحفاظ على أمن واستقرار البلاد، كعامل أساس لاستمرار النهضة على كل المستويات!
ولقد أثبتت أنماط الحكم الملكية كمثال أنها أكثر استقرارًا وقدرة على احتواء الأزمات من الأنماط الجمهورية، التي كثيرًا ما تعرضها أساليب الديمقراطية الفاشلة إلى الاهتزاز، خاصة حين يكون ممثلو تلك الديمقراطية لا يتمتعون بالنضج أو الوعي الوطني والوعي السياسي!
حفظ الله الكويت من كل شرّ وحفظ كل بلدان الخليج والعرب من الاستهدافات الشريرة سواء من خارجها أو من داخلها!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك